بقلم علي قيس:
يرى مراقبون أن ظاهرة التحرش بالنساء في العراق بدأت تتفاقم لترن جرس الإنذار بالخطر.
وكشفت دراسة أجراها منتدى الاعلاميات العراقيات سنة 2015 وبحثت في 200 عينة من بغداد والمدن المحيطة بها، أن "77 في المئة من النساء المعنيات بالبحث تعرضن للتحرش، و12 في المئة منهن أشرن إلى أنهن تعرضن للتحرش أحيانا".
وأضافت الدراسة أن "65 في المئة من العينات التي أجريت عليهن الدراسة تعرضن للتحرش اللفظي، بينما تعرضت 20 في المئة منهن إلى التحرش باللمس".
موضوعات متعلقة:
خمسة أحداث تشرح كيف يدمّر التطرّف حياة النساء
المرأة السعودية: هل يمكنها الخروج من ولاية الرجل؟
وتابعت الدراسة أن "أعلى نسبة للنساء اللاتي تعرضن للتحرش تراوحت أعمارهن بين 31-40 عام، وأغلبهن من الموظفات والطالبات"، موضحة أن "أماكن التحرش كانت 55 في المئة في الشارع أو السوق، وخمسة في المئة في البيت وسبعة في المئة على مواقع التواصل الاجتماعي و48 في المئة تعرضن للضغوط من قبل رؤساء عملهن".
واختتمت الدراسة نتائجها بالإشارة إلى أن "عدم وجود دور للباحثة الاجتماعية في أماكن العمل والدراسة أثر في عدم إفصاح الضحية عن التحرش، وهو ما أكدته 84 في المئة من النساء العينة".
وتشير أرقام الجهاز المركزي للإحصاء في العراق إلى أن نسبة النساء اللاتي تعرضن إلى عنف لفظي أو جسدي أو جنسي في الشارع بلغت 19.5 في المئة وأن نسبة النساء اللاتي تعرضن إلى عنف لفظي أو جسدي أو جنسي في أماكن التسوق بلغت 18.9 في المئة.
أتمنى أن أعطي رشوة بدل المساومة على أنوثتي
"أنا واحدة من آلاف النساء، ومن دون مبالغة في الرقم، من اللواتي يتعرضن للتحرش بشكل مستمر"، تقول الإعلامية ضحى المفتي إحدى المساهمات في عمل الدراسة أعلاه. وتضيف في حديث لموقع (إرفع صوتك) "في العمل تعرضت إلى تحرش لفظي تبعه إيحاءات جريئة، رفضت هذا الأمر لكني خسرت بالمقابل مكاسب كان من الممكن أن أحصل عليها، وهذا دفعني لتسليط الضوء على هذا الموضوع لعلنا نصل إلى رادع لهذه الظاهرة".
"أتمنى عند مراجعتي لدائرة أن يساوموني على مبلغ مالي، وإن كانت الرشوة أمر مرفوض لكنها أقل خسائر وفيها احترام لنفسي"، تؤكد المفتي، موضحة "أصبحت المساومة حول كل شيء يتعلق بالفتاة: الدراسة، الوظيفة والترقية، وتصل أحيانا إلى الطرد من الوظيفة، كذلك إذا راجعت الفتاة دائرة حكومية ستتعرض للمساومة مقابل إنهاء معاملتها".
وتشير المفتي إلى أن "نسبة النساء اللواتي يستجبن للمساومة قليلة لكنها أسهمت أيضا في زيادة هذه الظاهرة"، مختتمة حديثها بالقول "يجب وضع ضوابط وعقوبات مشددة تتناسب وحجم الخطر الذي تسير نحوه هذه الظاهرة".
زواج المتعة كارثة كبيرة
"المشكلة الأكبر أنه أصبح هناك غطاء ديني لبعض مظاهر التحرش الجنسي ولعل هذا إحدى الكوارث التي تسمى زواج المتعة"، يقول أستاذ أنثروبولوجيا الدين في الجامعة المستنصرية الدكتور جعفر نجم لموقع (إرفع صوتك) موضحا "زواج المتعة صيغة انتشرت بشدة بعد عام 2003 لأن معظم الأحزاب الحاكمة وزعاماتها.. دينية، بالتالي هم يبحثون عن ذريعة يغطون بها تحرشاتهم الجنسية، أو ليسكتوا الفتاة في حال حصول التحرش".
ويتابع نجم "نحن مجتمع يدعي لنفسه أنه يمتلك درجة من التدين، وكلما ازداد الالتزام الديني كلما كان المجتمع أكثر تحرشا بالنساء"، مشيرا إلى أن "إعلان جميع مؤسسات الدولة عن إسلامها ومذهبها من خلال الصور والرايات عزز التحرش، لأن المرأة أصبحت تحت أنظار سلطتهم الدينية".
ويرى أستاذ أنثروبولوجيا الدين أن "عملية الفصل بين الأطفال منذ مراحل الدراسة الأولى، جعل مجتمعنا يعيش فترة من الحرمان، فهو لا يتحمل وجود أنثى بقربه سواء في العمل أو الجامعة، لذلك تكون الفتاة عرضة لنزعته الذكورية وميوله الجنسية، خصوصا لدى المتنفذين وأصحاب الإدارات".
ويختتم الدكتور جعفر نجم حديثه بالقول "اليوم هناك مشاكل كبيرة في الجامعة، ساهمت بتفاقمها وجود وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإباحية التي قدمت المرأة على أنها سلعة، فيما تقل تلك المشاكل في المناطق الريفية لتأثير الجانب العشائري على الذكور الذين قد يتخوفون من عواقب التحرش وتبعاته المعروفة بالفصل العشائري".
*الصورة:"أنا واحدة من آلاف النساء، ومن دون مبالغة في الرقم، من اللواتي يتعرضن للتحرش بشكل مستمر"/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659