بقلم إلسي مِلكونيان:
عُرفت المملكة العربية السعودية أنها من الدول الأكثر فرضا للقيود الشديدة على النساء. ويعني هذا أن لكل امرأة ولي أمر، يكون عادة أحد أفراد أسرتها يبت في عدة مواضيع حساسة تتعلق بحياتها. فإن كانت ترغب بالحصول على جواز سفر أو العمل أو السفر إلى الخارج، يجب أن يأذن لها ولي الأمر بذلك.
وعلى الرغم من التغييرات التي طرأت في السنوات الأخيرة من قبل المملكة لدعم مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية، يرى البعض أن موضوع الولاية ما زال يحد من قدراتها.
وانطلقت حملات عدة لمطالبة السلطات منح المرأة المزيد من الحقوق، كان آخرها في 16 تموز/يوليو 2016، من قبل "منظمة هيومن رايتس واتش" والتي وثقت بحثها في هذا الموضوع ومقابلات أجرتها مع 61 امرأة سعودية ورجلاً سعودياً في تقرير بعنوان "كمن يعيش في صندوق: المرأة ونظام ولاية الرجل في السعودية" .
المطالبة بفاعلية تطبيق الإصلاحات
للتقرير الذي أصدرته منظمة "هيومن رايتس ووتش" أسباب ونتائج، تشرحها كريستين بيكيرل، الباحثة والكاتبة الرئيسية لهذا التقرير، في لقاء مع موقع (إرفع صوتك) قائلة إن "فكرة كتابة هذا التقرير انبثقت من تقرير سابق في 2008، حيث أننا كنا نستلم أسئلة بشكل متكرر من الصحافيين والباحثين. فوجدنا أن المعلومات فيه أصبحت قديمة، حيث أن السعودية أقدمت على بعض الإصلاحات لصالح المرأة، ففكرنا أن ندرس هذه الإصلاحات وأن نجري مقابلات في الفترة، بين أيلول/سبتمبر 2015 وحزيران/يونيو 2016، لنرى كم غيرت من حياة النساء السعوديات في الواقع".
موضوعات متعلقة:
إعلامية عراقية: أتمنى أن أعطي رشوة بدل المساومة على أنوثتي
خمسة أحداث تشرح كيف يدمّر التطرّف حياة النساء
وتضيف "نتيجة بحثنا هو ضرورة إنهاء نظام الولاية وهذا لا يتعلق برأي "هيومن رايتس ووتش"، وإنما هو صوت النساء السعوديات والناشطات اللواتي طالبن بهذا لسنوات عدة، وما أردنا فعله هو دعمهن ومساندتهن".
وتضمن التقرير اقتباسات من المقابلات التي أجرتها المنظمة مع النساء. تقول زهرة (25 سنة) "كلنا نعيش في مساحة صغيرة يرسم حدودها آباؤنا وأزواجنا". وتقول تالا (في آواخر العشرينيات) "نظام ولاية الرجل كابوس دائم. أنا لا أرغب في الزواج لأنني لا أريد أن أكون تحت سيطرة غريب... هذا النظام شبيه بالعبودية".
وتضيف بيكيرل أن هذا التقرير يعتبر بمثابة نداء لولي ولي العهد محمد بن سلمان ليزيد من فاعلية تطبيق ما ورد في خطة "رؤية السعودية 2030" والذي تضمن تعزيز مكانة المرأة وذلك برفع نسبة مشاركتها في سوق العمل من 22 إلى 30 في المئة، لأنه ينعكس إيجاباً على سوق العمل ككل.
الصورة ليست سوداء
إلى جانب خطة "رؤية السعودية 2030"، كانت هناك بعض الإصلاحات في السنوات الأخيرة لتحسين وضع المرأة. ففي عام 2015، منحت السعودية المرأة حصة نسبتها 20 في المئة في مجلس الشورى، وسمح لها بالترشح لانتخابات المجالس البلدية لأول مرة، وخففت القيود على سفرها دون مرافق في حال تعسف ولي الأمر، إن أحيل الموضوع إلى قاضي الأمور المستعجلة للبت في أمر سفرها. وفي عام 2013 صدر قانون "الحماية من الإيذاء" لحماية النساء والأطفال والخادمات من العنف المنزلي. وفي عام 2008 سمحت وزارة الصناعة والتجارة للمرأة بالإقامة دون ولي أمر في فنادق المملكة، إن كانت تملك هوية شخصية.
من جهة أخرى، وجدت دراسة "هيومن رايتس ووتش" أنه ليس كل النساء السعوديات معنفات. فقد أظهرت المقابلات التي أجراها باحثو التقرير، صورة أخرى وهي أن "بعض النساء يمتلكن ولي أمر يدعمهن ولا يسيء معاملتهن" حسب بيكيرل. وتضيف "قلن لي إنهن محظوظات لأن ولي أمرهن شخص جيد".
وأيضاً من تقرير المنظمة سيدة تدعى خديجة (42 عاما) تقول "من المذهل كم حققنا رغم كل العراقيل التي تواجهنا... الآن، وقد ارتفع عدد النساء العاملات، ستكون هناك تغييرات حتمية أخرى".
وتؤكد الكاتبة السعودية ياسمين باقر، المقيمة حالياً في ولاية نيويورك، في مقال لها بـ مجلة "تايم" الأميركية هذا الأمر، فتشير إلى أنها من بين النساء اللواتي لديهن ولي أمر متفهم.
وتقول باقر في حديث لموقع (إرفع صوتك) "أعتبر نفسي محظوظة جداً، كان لدي ولي أمر ساعدني على تحقيق طموحي وهو والدي. لكنني كنت محاطة بنساء قويات مثل جدتي وهي أيضاً سعودية والتي علمتني أن أعتمد على نفسي كأن أراجع النقود التي أملكها دون الاعتماد على ولي أمري".
وتنصح باقر أقرانها السعوديات أن تسعى كل منهن إلى الحصول على النصح والإرشاد (علمياً أو مهنياً) من أخريات برزن في مجالهن، كما فعلت هي نفسها، ما ساعدها على تطوير قدراتها وتضيف "يسعدني بدوري أن أقدم الإرشاد لغيري من الفتيات وحتى الشباب اللذين يرغبون بدراسة الإعلام أيضاً".
*الصورة: هل يمكن للمرأة السعودية الخروج من ولاية الرجل؟/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659