بقلم إلسي مِلكونيان:
شهد عيد الفطر الماضي والذي بدأت أولى أيامه في 6 تموز/يوليو في مصر أمراً ملفتاً. فقد دعا المجلس القومي للمرأة إلى أن يكون العيد "آمناً وخالياً من التحرش". وأعلن في بيان أن مكتب شكاوى المرأة في المجلس سوف يخصص غرفة عمليات، مهمتها تلقي شكاوى التحرش خلال العيد بالتعاون مع وحدة مكافحة العنف ضد المرأة في وزارة الداخلية للتصدي لها.
ويمكن أن تكون قصص التحرش في مصر قد تواردتها الصحف المحلية وتبادلتها أحاديث الناس، لكن دلت نتائج دراسة أجرتها هيئة الأمم المتحدة عام 2013 على انتشار ظاهرة التحرش بالنساء بشكل كبير، إذ تفيد إجابة النساء اللواتي شملتهن الدراسة على أن 99 في المئة منهن قد تعرضن للتحرش بأشكاله المختلفة (لفظي، جسدي، الخ..).
أسباب التحرش
تعتبر الأحداث السياسية الأخيرة التي مرت بها مصر وتبعاتها الاقتصادية من أهم العوامل المساعدة على تفاقم الظاهرة. وتشرح هالة يسري المختصة في علم الاجتماع في حديث لموقع (إرفع صوتك) أن "الثورات والمظاهرات ولدت حالة من عدم التنظيم في المجتمع. والشباب اليافع يعتقد أنه يستطيع أن يثور ضد كل شيء، بما في ذلك من قواعد وقيم وثوابت مجتمعية ومن ضمن ذلك معاكسة البنات ومضايقتهن في الشارع".
موضوعات متعلقة:
لاعبة يمنية: الرجال لم يتركوا لنا المجال لنثبت قدراتنا
أبناء الأردنيات: نريد حقوقنا المدنية وليس بعض المزايا
وتضيف أنه مع تأخر سن الزواج، تعتبر بعض النساء أن التحرش بالكلام مثل "يا جميلة... يا حلوة" هو نوع من الإطراء، إن كانت في حدود الأدب. لكن بدأ المجتمع يصحو إلى أن هذا المعاكسة ليست في حدود الإطراء. وأغلبها يأتي من الشباب اللذين تتراوح أعمارهم بين 14- 16 عاماً وهي مرحلة يتم من خلالها تشكيل فكر وعقل المراهقين حتى الوصول إلى الرجولة".
مبادرات...ولكن!
تضمن قانون العقوبات المصري قوانين تجرم التحرش الجنسي وذلك في مادتي (306 أ) و(306 ب) وتحاكم مرتكبي التحرش "سواء كان لفظيا، أو بالفعل، أو سلوكيا، أو عن طريق الهاتف أو الإنترنت- بالسجن لمدة تترواح ما بين ستة أشهر إلى خمس سنوات بالإضافة إلى غرامة قد تصل إلى 50 ألف جنيه مصري (حوالي 5000 دولار أميركي)"، وفق موقع خريطة التحرش، وهي مبادرة تطوعية تعمل على إنهاء التقبل المجتمعي للتحرش الجنسي في مصر.
لكن تبقى المشكلة أن هاتين المادتين تفتقران إلى آلية نفاذ وفيهما محدودية "في وصف الجرائم التي تختصان بالفصل فيها"، بحسب الموقع. لذا تقوم المنظمات النسوية بدور كبير للحد من المشكلة.
وتشرح عزة كامل، مديرة مركز وسائل الاتصال من أجل الملائمة "أكت" وهو يعنى بقضايا المرأة، لموقع (إرفع صوتك) إن المنظمات النسوية تقوم برفع الوعي حيال جميع القضايا التي تمس المرأة وبخاصة التحرش وتقدم مساعدات تأهيل نفسي وصحي وتبني قدرة النساء المعنفات على مواجهة العنف. كما تناقش سياسات واسترتيجيات العنف ضد النساء.
وتعتقد كامل أن من أكثر الحلول فاعلية هي إشراك الرجال في المبادرات والحملات التي تنظم في هذا الصدد، قائلة "من المهم إشراك الرجل بحيث يصبح جزءاً من الحل وليس المشكلة. وكلما زاد عدد الرجال ليتحدثوا عن مشكلة ما، يكونون قد أصبحوا شركاء ويساهم ذلك في تغيير العقلية الذكورية في مجمل قطاعات المجتمع ومثال على ذلك مبادرة "شفت تحرش" (التي انطلقت في تشرين الأول/أكتوبر 2012)" وهي مستمرة بنشاطاتها حتى الآن.
وتقول إن من مخرجات أعمال المنظمات النسوية هي أن النساء الآن يتشجعن على الكلام ومهاجمة المتحرشين والإبلاغ عنهم. كما تم إنشاء وحدة في أجهزة الشرطة لمتابعة هذه القضايا.
وتواجه مبادرات المنظمات النسوية تحديات عدة منها قضية إيجاد تشريعات نافذة لمناهضة العنف ضد النساء إضافة إلى انتشار الأفكار السلفية في بعض شرائح المجتمع والمناهج التعليمية في المدارس التي تحتاج إلى تغيير.
وتمرداً على واقع التحرش الذي تتضايق منه النساء، تقوم بعضهن بقيادة الدراجة في الشوارع، وفيها يحاولن كسر الصورة النمطية لهن في المجتمع المصري حاليا، مع إن ذلك كانت مارسته المرأة المصرية منذ خمسينيات القرن الماضي. وعن ذلك تقول هالة يسري، إنه "حتى لو كان المجتمع غير مهيأ، سيتعود على الصورة الجديدة (نساء على الدراجات)، تماماً كما تعود المجتمع على ظاهرة وصورة وجود المنقبات (وهن بائعات متجولات) قرب جسر 6 أكتوبر".
وتضيف أن الحد من التحرش يحتاج إلى مجتمع داعم ووسائل إعلامية لتسلط الضوء على حجم المشكلة وتبعاتها والمزيد من المبادرات لترفع من وعي المجتمع.
*الصورة: تعتبر الأحداث السياسية والاقتصادية الأخيرة مساعدة على تفاقم ظاهرة التحرش/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659