صنعاء- بقلم غمدان الدقيمي:
تلاحظ أستاذة علم الاجتماع بجامعة صنعاء عفاف الحيمي أن معظم target="_blank">الطلاب المستجدّين في الجامعة اليمنية العريقة “لا يجيدون لغة التخاطب بهدوء”، لكنها تفسر ذلك بـ “غياب التربية الأسرية السليمة”.
“نحن نفتقر إلى لغة التخاطب مع بعضنا البعض وهذا ينعكس فيما بعد على علاقاتنا وحياتنا”، تقول الحيمي في حديث لموقع (إرفع صوتك) عن العنف الأسري في المجتمع اليمني ودوره في إنتاج جيل متطرف وعنيف.
الأكاديمية اليمنية، حذرت من عواقب كارثية على مستقبل اليمن، جراء تفاقم العنف الأسري التي تقول إنّه يشكل ظاهرة اجتماعية إلى مدى كبير، لكنها أكدت عدم توفر إحصائيات رسمية حول حجم هذه الظاهرة.
المستفيد الأكبر
وحسب الدكتورة الحيمي، فإن غالبية الأسر اليمنية "خلّفت أولاداً وبناتاً معنفين ومعنفات”.
وفوق ذلك ترى أن الحرب الدائرة في اليمن، منذ نهاية آذار/مارس 2015، فاقمت مشكلة العنف الأسري، “إذ أن كثيراً من الأسر التي تشهد عنفاً مستمراً دفعت بأطفالها، خاصة من لم ينجحوا في الدراسة بينهم، لترك التعليم والالتحاق بصفوف القوى المتحاربة”.
وأضافت أن الأطراف السياسية المتصارعة وتنظيم القاعدة وغيرها من جماعات العنف هي المستفيد الأكبر من هذه الظاهرة.
أشكال العنف
وتتعدد أشكال العنف الأسري المجتمع اليمني، بدءاً بضرب الزوج لزوجته، وضرب رجال العائلة للنساء، وزواج الصغيرات، وصولاً إلى اقتتال الأخوة فيما بينهم. لكن “ضرب الأطفال، الطلاق، التفكك الأسري”، هي أكثر المظاهر شيوعا في المجتمع اليمني، وفقا للدكتورة عفاف الحيمي.
وعبرت الأكاديمية اليمنية عن أسفها لعدم رغبة الناس الحديث عن مظاهر العنف تلك بشكل علني لأسباب كثيرة تتعلق بالعادات والتقاليد.
مؤسسة الزواج
وتتحدث الحيمي عن كثير من الإشكاليات داخل مؤسسة الزواج في اليمن، قائلة إن العلاقة بين الزوج وزوجته تفتقر للمودة. "بداية الزواج نشهد مظاهر غريزية أكثر منها إنسانية، بعد ذلك تختفي الإنسانية في علاقة الرجل بالمرأة".
وتفيد دراسات متداولة أعدتها منظمات مدنية بتعرض أكثر من 46 في المئة من النساء في مدينة عدن الجنوبية للضرب من أزواجهن أو أحد أقاربهن.
وهذا ينعكس بالمحصلة النهائية على الأولاد، و“يخلق جيلاً من الأطفال والشباب المعنفين، ويظهر هذا جلياً في علاقاتنا المختلفة”، على حد قول الحيمي.
تمييز وضعف
وعلاوة على تلك الإشكاليات فان الأسوأ، كما تقول الحيمي، يتمثل في التمييز الاجتماعي الذي تمارسه غالبية الأسر اليمنية، "حيث يتم تشجيع الشاب الذكور على حساب الإناث، وبالتالي هذا يخلق جيلاً ضعيفاً”.
وتُشكل النساء حوالى نصف إجمالي سكان اليمن البالغ قرابة 26.5 مليون نسمة.
سيدخلون الجنة
وتُرجع الدكتورة عفاف الحيمي ممارسة العنف الأسري في اليمن بدرجة رئيسة إلى "تفشي الجهل والأمية والفقر في المجتمع".
وتقول إن التربية الخاطئة في المنزل والمؤسسات المختلفة في المجتمع كالمسجد والمؤسسات التعليمية وغيرها لعبت دوراً كبيراً في تنشئة جيل عنيف بشكل قوي جدا.
وتضرب الحيمي أمثلة على ذلك، أولئك الشباب الذين يفجرون أنفسهم بينما يعتقدون أنهم سيدخلون الجنة.
“هذا كلام لا أستطيع استيعابه ويؤرقني فعلاً”، تقول الأكاديمية اليمنية، بمرارة.
القوانين.. ومصحات نفسية
غير أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فهي تعتقد أن هناك إشكاليات أخرى تتمثل في تخلف القوانين المتعلقة بالأسرة، وتدني الوضع القانوني أو تضارب القوانين الخاصة بالمرأة والطفل في اليمن، فضلاً عن عدم تضمينها نصوصاً رادعة ضد مرتكبي العنف الأسري.
وتؤكد الحيمي أن معظم القوانين في اليمن لا تنفذ أساساً، كما أن العادات والتقاليد تجيز غالباً ممارسة العنف.
وبنبرة تحمل قدراً من التهكم والشعور بالحزن، اختتمت حديثها قائلة “اليمنيون بشكل عام رجالاً ونساء يحتاجون الآن إلى مصحات نفسية، كونهم يعيشون عنفاً نازلاً من السماء وعنفاً في الأرض”، في إشارة إلى القصف الجوي لمقاتلات التحالف العربي الذي تقوده السعودية، والعمليات القتالية البرية المستمرة في البلاد قرابة عام ونصف.
*الصورة: أطفال يمنيون يرفعون مصادر رزقهم (مَوَازِين) عاليا، في شارع وسط العاصمة صنعاء/إرفع صوتك
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659