الأردن – بقلم صالح قشطة:

كان أكثر ما لفت نظر الصحافية والناشطة الحقوقية ومؤلفة كتاب "القتل باسم الشرف" رنا الحسيني خلال عملها تجاه قضية "جرائم الشرف"، حكاية قاصر اسمها "كفاية"، وقعت ضحية زنا المحارم واغتصاب شقيقها لها أكثر من مرة تحت تأثير المنوم، وهددها بقتلها لو أخبرت والداهما.

كانت كفاية في الـ16 من عمرها فقط آنذاك، وقد اضطرت أن تخبر عائلتها بالاغتصاب في نهاية المطاف بعدما حملت من أخيها. قامت كفاية بعدها بإجهاض سري، وبعد ذلك زوّجها أهلها لرجل يكبرها بأكثر من 34 عاما، وبعد عدة أشهر قام بتطليقها. ثم قتلوها وحملوها مسؤولية اغتصاب شقيقها لها، على حد ما تروي الحسيني لموقع (إرفع صوتك).

اقرأ أيضاً:

متشرد مغربي: الشارع أرحم من جحيم بيتنا

10 أرقام وحقائق مفزعة عن العنف الأسري في الدول العربية

كانت هذه الحادثة ما دفع الناشطة إلى تكثيف نشاطها في إطار التصدي لقضايا "جرائم الشرف"، وهي التسمية التي ترفضها الحسيني التي تقول "أفضل أن أسميها (ما يسمى بجرائم الشرف)، لأننا بقولنا "جريمة شرف" نبدو كأننا نبرر الجريمة".

كما تشير الناشطة إلى قصة أخرى واجهتها خلال عملها حول شقيقتين خرجتا من المنزل وتزوجتا شابين ترفض عائلتهما تزويجهما بهما رغم رغبتهما بذلك، ورآهما أحد الأشخاص في الشارع وأخبر أشقاءهما الذين ذهبوا وقتلوهما بالفؤوس فوراً.

"الحفاظ على الشرف"

لا تزال المرأة تعاني مما تتعرض له من اضطهاد وعنف قد يصل في بعض الأحيان إلى القتل، والذي غالباً ما يكون بداعي "الحفاظ على الشرف". وهو ما بات يعرف بمصطلح "جرائم الشرف"، حيث يقدّر صندوق الأمم المتحدة للسكان عددها بنحو 5000 حالة قتل يشهدها العالم سنوياً، تتمركز معظمها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا. وتشير بعض الدراسات إلى وقوع 15 حالة منها في الأردن كل عام.

ومن إحدى الحالات التي تنقلها منظمة هيومن رايتس ووتش من الأردن سجن فتاة كانت ضحية لما يعرف بجرائم الشرف. وتشير المنظمة إلى أن ر. أحمد (اسم مستعار) كانت في الـ28 من عمرها عندما أجريت المقابلة معها عام 2004، وكانت في السجن منذ عام 1994 (لمدة 10 سنوات).

عندما كانت في الـ18، أجبرتها أسرتها على الزواج من أحد أبناء عمومتها. وبعد ذلك وقعت في حب جار لبناني، واتفقا على الهروب إلى سورية. كشف بعدها أعمامها أمرهما وأطلقوا عليها عدة أعيرة نارية، وظنوا أنها لقيت حتفها.

بقيت ر. أحمد في المستشفى لمدة خمسة أشهر تعالج من الجروح. وكان بعض الحراس يتولون حمايتها، ولم يسمح لأعمامها برؤيتها. ورغم ذلك، فقد تمكنوا من إقناعها - عبر إحدى عماتها - بعدم تقديم بلاغ رسمي ضدهم.

وكانت ر. أحمد تظن أنها إن قررت عدم تقديم بلاغ رسمي ضده أعمامها، فسوف تلين قناتهم. لكن عندما تماثلت للشفاء، وأرسلت لمقابلة المحافظ الإداري للسلط، وهي المنطقة التي تعيش فيها، وجدت أعمامها هناك. وكانوا لا يزالون يتوعدون بقتلها. ورأى المحافظ أن الخيار الوحيد المتاح أمامها هو إيداعها السجن، أما عشيقها فقد تم ترحيله فيما بعد إلى لبنان.

وفي حديثه إلى موقع (إرفع صوتك) يوضح د. عاكف المعايطة، المحامي والناشط في مجال حقوق الإنسان، أنّ الناشطين في مجال حقوق الإنسان يرفضون مسمى "جرائم الشرف"، لأنها جريمة قتل في واقع الأمر، ومن ينفذ هذه الجريمة هو الذي يشخص ويحلل ويرسم الطريق إلى جريمته ويسنّ قوانينه لها ويذهب ويقوم بالقتل، ليندرج فعله تحت مسمى جريمة شرف، وقد تكون القصة في الواقع غير صحيحة وملفقة.

وينوه المحامي إلى أن معظم القضايا التي تم تحويلها إلى القضاء كانت نتيجتها أنها ليست "جرائم شرف"، بل كانت جرائم قتل عادية قد تكون لأي أسباب أخرى كالإرث مثلاً، وأنه يتم التلاعب بالشكل العام للقضية لتظهر كقضية شرف.

"العذر المخفف"

وتعالج جرائم الشرف في الأردن بموجب قانون العقوبات النافذ، الذي عُدلت مادته حول العذر المُحِل. وكانت المادة (340) من القانون المذكور تعذر الأفراد الذكور الذين يقدمون على قتل قريباتهم. وبعد ثبوت براءة بعض النساء المقتولات بموجب التقارير الطبية الشرعية المترتبة على تشريح جثثهن، وخيانة بعض الأزواج لزوجاتهم، فقد عدل نص المادة (340) سنة 2001 على نحو يسمح بالعذر المخفف لكلا الجنسين (الذكور والإناث) إذا أمسك أحدهم بالآخر في حالة تلبس بالزنى مع شخص آخر، بحسب ملخص حول الجرائم المرتكبة ضد النساء باسم الشرف في الأردن.

ويثمّن المعايطة دور الناشطين في تعديل القوانين التي قد تسهل ارتكاب هذا النوع من الجرائم، ويوضح تعديل أن "العذر المُحِل" كان يعني المُحل من العقاب، وتم استبداله بقانون "العذر المُخفِّف"، بمعنى أن كل من يرتكب جريمة ويدعي ويزعم بنفسه -وليس القضاء- أنها "جريمة شرف" فهي تذهب تحت "العذر المُخفف".

وفي هذا الشأن يوضح المحامي أنّهم كناشطين حصلوا على جزء مما سعوا له، لكن طموحهم أكبر من ذلك، "فنحن نطالب بإلغاء نص المادة كلياً، وألا تكون تحت أي مسمى آخر".

ويتضمن قانون العقوبات الأردني ما يسمى بـ"ثورة الغضب" (المادة 98)، فلو ارتكب أحدهم جريمة تحت تأثير غضب معين، فستقوم المحكمة بتقدير ذلك وظروف ارتكاب الجريمة، وقد يستفيد من تخفيف العقوبة، حسب المحامي، "لكن ليس علينا ربطها بالشرف".

وقد دعت منظمة هيومن رايتس ووتش الأردن مجدداً، في أيلول/سبتمبر 2015، إلى إصلاح قانون العقوبات ومن ضمنه المادتين 98 و340.

وتقترح الناشطة الحسيني في حديثها إلى موقع (إرفع صوتك) تقترح تغليظ العقوبات لكل من يرتكب هذا النوع من الجرائم. وتقول "لو كنت صانعة قرار فأول ما سأعمل عليه هو إلغاء إسقاط العقوبة عن المتهم، لأنه في معظم الجرائم يتم إسقاط الحق من قبل العائلة، وليس من العدل أن يخفف الحكم الصادر بحقه بسبب إسقاط عائلته لحقها الشخصي، وسأطالب بتشديد التحقيقات في هذه الأمور".

كما تشير إلى ضرورة تغيير المناهج المدرسية التي تراها لا تزال تكرس نظرة غير مناسبة للمرأة في المجتمع، ولا تحوي أياً من مبادئ حقوق الإنسان.

المجتمع الأردني

وكانت دراسة بريطانية أجرتها جامعة كامبردج عام 2013 قد أظهرت أن حوالي ثلث الشباب الذين شملهم الاستطلاع يرون مبررا لارتكاب جرائم الشرف.

وأجريت الدراسة على عينة شملت 856 طالبا وطالبة قاربت أعمارهم 15 عاما وكشفت أن 33.4 في المئة من الشباب يؤيد جرائم الشرف بينما أيّدها 22.1 في المئة من الفتيات.

وقالت الدراسة إن "نصف الأولاد تقريبا وواحدة من كل خمس بنات يعتقدون أن قتل الابنة أو الأخت أو الزوجة التي ألحقت العار بالعائلة هو عمل مبرر".

*الصورة الأولى: "أردني يرف سكينة وقد رسمه على يده علم بلاده"/وكالة الصحافة الفرنسية

*الصورة الثانية: مظاهرة ضد جرائم الشرف في الأردن/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات:

مواضيع ذات صلة:

من تظاهرة احتجاجية في العاصمة العراقية بغداد حول تعديلات مقترحة على قانون الأحوال الشخصية
من تظاهرة احتجاجية في العاصمة العراقية بغداد حول تعديلات مقترحة على قانون الأحوال الشخصية- تعبيرية

 في مكتبها وسط العاصمة العراقية بغداد، تجتمع المحامية مروة عبد الرضا مع موكلها الشاب العشريني وزوجته (ابنة خالته)، اللذين يسعيان لتوثيق زواجهما المنعقد خارج المحكمة لصغر سن الزوجة (13 عاما)، وهي طالبة في السادس الابتدائي بمنطقة المدائن على أطراف العاصمة بغداد.

تقول عبد الرضا لـ"ارفع صوتك": "لا يمكن الحديث عن الزواج المبكر من دون أن يتم ربطه بشكل مباشر بالزواج خارج المحاكم لأنهما مرتبطان ببعضهما البعض".

بعد اكتشاف حمل الفتاة، قررت العائلة توكيل محام لتقديم طلب توثيق العقد. تضيف عبد الرضا "الإجراءات الحكومية بسيطة وغير معقدة في مثل هذه الحالات، فالقاضي يجد نفسه أمام الأمر الواقع بسبب حمل الفتاة، فيتم تصديق العقد وفرض غرامة أقصاها 250 ألف دينار على الزوج (نحو 150 دولاراً)".

الزيجة التي تشير إليها المحامية "ليست الأولى ولن تكون الأخيرة" على حدّ تعبيرها، "بل هي حالة اجتماعية متوارثة لاعتقاد سائد أن الرجل يرتبط بفتاة صغيرة ليقوم بتربيتها على ما يحب ويكره، لكن النتيجة كثيرا ما تكون سلبية بحسب القضايا التي تشغل أروقة المحاكم ونراها بشكل يومي. فالفتاة التي تتزوج بعمر الطفولة غير قادرة على استيعاب العلاقة الزوجية، وفي كثير من الحالات يكون الأمر أشبه بالاغتصاب".

تتحدث عبد الرضا عن ارتفاع كبير بنسب الطلاق في المحاكم العراقية: "كثير منها يكون نتيجة الزواج المبكر وتدخّل الأهل بسبب صغر أعمار الطرفين وهو ما يؤثر بشكل كبير على العلاقة الزوجية".

وتشير إلى أنه كثيرا ما يتم التزويج "لعدم وجود فتيات في منزل العائلة للرعاية والعمل المنزلي، فيكون مطلوب منها القيام بأعمال الكبار وهي بعمر الطفولة، وهذا أكبر من قدرة أي فتاة صغيرة".

ما تكشف عنه عبد الرضا تؤيده إحصاءات مجلس القضاء الأعلى، ففي شهر يوليو الماضي كان هناك 2760 عقد زواج خارج المحكمة، و1782 حالة طلاق خارج المحاكم و4562 حالة بتّ فيها، بعد رفع دعاوى قضائية.

وينقل المجلس الأعلى في أحد تقاريره عن القاضي عماد عبد الله قوله إن المحاكم العراقية "شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في حالات الطلاق. وأهم الأسباب ترجع إلى حالات الزواج المبكر التي تفتقر لمتابعة الأهل، وعدم توفر الاستقرار المالي الذي يسمح بإنشاء أسرة بالإضافة إلى التأثر بالسوشيال ميديا".

"خارج السرب".. رجال دين يعارضون تعديلات "الأحوال الشخصية"
مع أن طرح التعديلات على قانون الأحوال الشخصية العراقي لعام 1959، يحظى بدعم كبير من غالبية رجال الدين الشيعة والسنة في العراق، إلا أن بعض رجال الدين من الطائفتين، غردّوا خارج السرب وسجّلوا مواقف معارضة للتعديلات على القانون.

تداعيات الزواج خارج المحاكم

تتحدث شابة فضّلت عدم الكشف عن اسمها لـ"ارفع صوتك" عن سنوات طويلة حُرمت فيها من أبسط حقوقها، فلم تتعلم القراءة والكتابة، ولم تنل رعاية صحية لائقة، فقط لأن زواج أمها المبكر وإنجابها لها وهي في عمر صغير، جعلها من دون أوراق ثبوتية.

"تزوجت والدتي بعقد خارج المحكمة بعمر صغير، وانفصلت بعد أشهر قليلة عن والدي لعدم انسجامهما معاً، لتكتشف حملها بي"، تروي الشابة.

وضعت الأم حملها وتزوجت مرة ثانية، ورزقت بالمزيد من الذرية. تبين: "لم يتم إصدار أوراق ثبوتية لي، فحُرمت من التعليم ومن الرعاية الصحية، وكنت أحياناً استعين ببطاقة شقيقتي الأصغر للحصول على العلاج في المستشفيات".

توفيت والدتها التي قابلناها لصالح تقرير سابق قبل ثلاث سنوات، وفي أوائل العام الحالي وهي بعمر 23 عاماً تزوجت الشابة بعقد خارج المحكمة، واليوم تسعى لاستخراج هوية الأحوال المدنية لتوثيق زواجها "لا أريد أن تتكرر مأساتي مع أطفالي أيضاً".

من جهته، يقول المحامي خالد الأسدي لـ"ارفع صوتك" إن قضايا الزواج والطلاق خارج المحكمة في أغلبها تكون "بسبب صغر عمر الزوجة أو للزواج الثاني، كون القضاء يطلب موافقة الزوجة الأولى، ونتيجة لذلك أصبح لدينا جيش صغير من الأطفال غير الموثقين رسمياً والمحرومين من أبسط الحقوق".

الزواج المبكر كما يشرح الأسدي "لا يقتصر على الإناث فقط بل يشمل الذكور أيضاً، فقانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 اعتبر سن الثامنة عشرة هو سن الأهلية القانونية لإجراء عقد الزواج".

القانون ذاته وضع استثناءات، يفنّدها الأسدي "فقد منح القاضي صلاحيات تزويج من أكمل الخامسة عشرة من العمر وقدم طلباً بالزواج، وفق شروط تتعلق بالأهلية والقابلية البدنية التي تتحقق بتقارير طبية وموافقة ولي الأمر". 

ستابع الأسدي "هذا الاستثناء لا يشجع زواج القاصرين قدر تعلق الأمر بمعالجة حالة اجتماعية بطريقة قانونية تتيح فيه القرار للسلطة القضائية".

مع ذلك، فما كان مقبولاً في الفترة التي تم تشريع القانون بها، لم يعد مقبولاً في الوقت الحالي؛ كون المسالة تتعلق برؤية اجتماعية جديدة فيها جوانب اقتصادية وتغيرات اجتماعية كبيرة شهدها العراق خلال العقود الستة الأخيرة، بحسب الأسدي.

 

قصص

لم تكن أم علي تتجاوز 14 عاماً حين تم تزويجها إلى ابن عمها، كان ذلك أواخر تسعينيات القرن الماضي. واليوم تواجه "مشكلة"، إذ تم الاتفاق - دون رغبة الأم- على تزويج ابنتها البالغة من العُمر 14 سنة.

عدم رغبة الأم هي نتيجة مباشرة لما تعرضت له خلال رحلة زواجها الطويلة. تقول أم علي لـ"ارفع صوتك": "صحيح أنني أمتلك عائلة وأبناء وبنات أصبح بعضهم بعمر الزواج. لكن، لا أحد يتحدث عن مرارة الرحلة".

وتوضح "أنا وزوجي كنا بعمر متقارب ومن عائلتين فقيرتين. بعد زواجي بشهر واحد حملت بطفلي الأول.. كنا مجرد طفلين نعتمد على مصروف يوفره والده، أو أعمال متقطعة في مجال البناء، ولم يأت الاستقرار إلا بعد عشر سنوات حين تطوع في الجيش، وأصبح لديه راتب ثابت وبات قادراً على الإنفاق".

على الرغم من عدم رغبتها بخضوع ابنتها للتجربة ذاتها، تقول أم علي "التقاليد والأعراف لا تسمح لنا بذلك، لا أريد لابنتي أن تواجه المصير ذاته ولكن ليس بيدي حيلة وليس لنا رأي".

على عكس حكايتها، تقول أم نور  إن أحداً لم يجبرها على الزواج حين كانت بعمر السادسة عشرة، مردفة "كل فكرتي عن الزواج كانت ترتبط برغبتي بارتداء فستان أبيض، وأن الجميع سيرقصون من حولي، لكن سرعان ما اكتشفت أنّي لم أكن مؤهلة لتكوين عائلة".

في العراق كما تشرح أم نور وهي على أعتاب الستين " كثيراً ما يكون الزواج مبكراً، ودون أن تكون هناك فكرة حقيقية عن المسؤولية ومدى قدرتنا على تحملها، أو تربية أطفال والتعامل مع بيئة جديدة مختلفة عن التي تربينا فيها بعد الانتقال إلى منزل الزوجية".

أفكار نمطية                       

الموروث الثقافي كما يرى أستاذ الاجتماع رؤوف رحمان يلعب دوراً كبيراً فيما يتعلق بالزواج المبكر للإناث والذكور بشكل عام في العراق.

يقول لـ"ارفع صوتك" إن البيئة العراقي التقليدية "تربّي الفتاة على أنها غير مؤهلة لإدارة شؤونها، فيكون مصيرها مرهوناً بقرار العائلة التي تفضّل تزويجها مبكرا لأنها مرغوبة اجتماعياً ومطلوبة للزواج ما دامت صغيرة في السن، وتقل حظوظها كلما تقدمت في العُمر".

في حالات كثيرة يذكرها رحمان "تسعى الفتيات للارتباط حين تفتقد الأسرة إلى الانسجام، أو للتخلص من العنف الأسري والفقر، خصوصاً ضمن العائلات الممتدة والريفية أو في أحيان أخرى للحصول على مهرها".

ويرى أن الزواج المبكر في العراق يرتبط أيضاً "بالعنف والصراعات والحروب المستمرة، فعدم الاستقرار الأمني يدفع العوائل لتزويج الفتيات بعمر مبكر للتخلص من مسؤوليتهن".

أما في ما يتعلق بالزواج المبكر للذكور، فيشير رحمان إلى وجود "فكرة خاطئة مفادها أن تزويج الذكر بعمر صغير يقيه من الانحراف أو الوقوع في المشاكل عندما يكون مسؤولاً عن زوجة وأطفال بعمر مبكر".

كل هذه التقاليد والأعراف النمطية المتوارثة تشكّل بحسب رحمن "مواطن الخلل في المجتمع، فنحن اليوم بحاجة إلى ثقافة مختلفة تماماً، في زمن تغيرت طبيعة الحياة فيه من ريفية بسيطة إلى مدنية معقدة، غزتها وسائل التواصل وغيرت الكثير من أساليب العيش وسط أزمة اقتصادية خانقة وزيادة مرعبة بأعداد السكان".

جزء من الحل كما ترى المحامية مروة عبد الرضا، يكمن في "تثقيف الشباب من الإناث والذكور عن الحياة الزوجية والمسؤولية المترتبة عن إنشاء أسرة عبر دروس ضمن مناهج وزارة التربية، ومحاضرات من الباحثين الاجتماعيين ضمن المحاكم العراقية قبل عقد القران، لتأهيل وتوعية المقدمين على الزواج".