مصر – بقلم الجندي داع الإنصاف:

يحاور موقع (إرفع صوتك) الدكتور إسلام النواوي، وهو من علماء الأزهر وعضو لجنة تجديد الخطاب الديني، حول الأسرة ومكانتها في الدين.

كيف ينظر الإسلام للأسرة؟

الدكتور إسلام النواوي: الأسرة من أعظم المفاهيم التي اعتنى بها الإسلام وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) حريصا على أن يعلم أصحابه كيفية بناء الأسرة الصحيحة فيقول لهم تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس؛ فلا بد أن يعطي الوالدان لأبنائهما حقوقهما حتى من قبل أن يولدوا بأن يختار الزوج زوجته على أساس صحيح والعكس.

اقرأ أيضاً:

عراقيات يروين تجاربهن مع الخوف والاستغلال

هل استفادت المرأة الجزائرية من قانون تجريم العنف ضدها؟

وقد ضرب لنا القرآن نموذجين للأسرة؛ نموذج أسرة سيدنا إبراهيم الذي ذهب لذبح ابنه فاستجاب الابن إسماعيل وأطاع أباه فكان له الفداء؛ أما النموذج الثاني فكان لأسرة سيدنا نوح الذي طلب من الابن أن يركب معه السفينة ولكنه رفض فكان غريقا.

وماذا عن العنف الأسري؟

النواوي: لقد قاوم الإسلام العنف الأسري بكل أشكاله وقد يظن البعض أن علماء الدين يجاملون بهذا الرأي، ويذكرون ما أخبر به القرآن "فاضربوهن" ويتساءلون كيف تقولون إن الإسلام  قاوم العنف الأسري وأنتم تجيزون للزوج ضرب الزوجة كما جاء في القرآن؟ والحقيقة أن الناس تفهم هذا الكلام وتُفسر الآية خطأ. قبل فاضربوهن كان الكلام أنه لا بد أن يقدم الموعظة والهجر في المضجع ثم الضرب؛ هذه مراحل لا تسري على امرأة بعينها فهناك امرأة يكفيها النظرة والموعظة وهنا يقف الزوج عند هذا الحد. وهناك امرأة تحتاج إلى عقاب معنوي وهو أن يهجرها زوجها في المضجع وهذا أمر عظيم.

وإذا لجأ الزوج إلى الضرب فيكون بقدره، فلسنا في حلبة مصارعة بل هو لمجرد إظهار الغضب كأن يوخزها وخزة واحدة. لذلك نقول إن الرجل الذي يضرب زوجته أو الزوجة التي تقبل الإهانة على نفسها تكسر حواجز الاحترام بينها وبين زوجها. فعندما تُضرب المرأة أول مرة فتكون أصعب مرة، بعد ذلك يصير الأمر عاديا وربما يفسد لغة التحاور بينهما وستكون الغاية أنك ستضرب ثم ينتهي الأمر بأن تفعل المرأة ما تريد.

أما بالنسبة للقسوة على الأبناء، فالله تبارك وتعالى كفل للآباء كل حدود الاحترام ومنع الابن أن يقف ندا لأبيه وهذا حفاظا على التوازن. هذا لا يعني ألا يعاقب الأب، لكن عقابه وحسابه وعتابه ليس على الابن. ورسول الله قال (كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول)، بمعنى أن الأب الذي يقسو على أبنائه ولا ينفق عليهم فهو معاقب وهو في النار لأنه ضيع من يعول بمصدوق كلام رسول الله.

هل يمكن أن يدفع الفقر للعنف الأسري أو أن يكون مبرراً له؟

النواوي: الفقر أو الظروف الاجتماعية لا تبرر العنف الأسري، فهذا أمر يعود إلى الأخلاق والإيمان. فكم رأينا أطباء ومهندسين من أسر فقيرة، كذلك فقد كان مجتمع الصحابة قاسيا جدا لكن وجدنا سيدنا عمر ابن الخطاب وهو أمير المؤمنين يربي ابنه على التواضع والقيم والأخلاق وكان يبني بيته بنفسه .

وعن الحلول، يقول النواوي إنه لا بد من وجود القدوة الحسنة فغيابها له تأثير بالغ الخطورة على الأسرة. وكذلك فعلى الأب والأم معالجة مشكلاتهم بعيدا عن أبنائهم. ويشير إلى مشكلة خطيرة في موضوع العنف الأسري وهي الانفصال بين الزوجين فهو ليس بداية مشكلة في كل الأحوال كما يظن البعض بل قد يكون بداية الحل. وعلى الأم والأب في هذه الحالة ألا يجعلوا الأبناء طرفا في المشكلة بل يجب عليهم اظهار الاحترام المتبادل أمام الأبناء.

وما هي الحلول؟

النواوي: الوعظ الديني أحد الحلول، لكن ليس كل الحل. فما يفعله الداعية في خطبة جمعة أو في درس ديني من الممكن أن يضيع أثره مشهد في مسلسل أو فيلم في لحظة واحدة. ولذلك أصبحنا نتحدث عن أهمية الإعلام لأنه لم يعد لونا من ألوان الترف بل أصبح أساسا في حل كل المشكلات. وقد التفتنا لذلك في عملية تجديد الخطاب الديني فأصبحنا حريصين جدا أن يكون عندنا في كل شهر خطبة عن الإدمان وخطبة عن التطرف وأخرى عن السلوكيات العامة كما نراعي البعد الأسري في كل الخطب ونتكلم عن موضوعات مجتمعية كقيمة ومعنى الأسرة وعن الإبداع والسلوك وهذه كلها تؤثر لكن ليس كل التأثير، وكل هذا في إطار السعي لاستعادة تماسك الأسرة التي تمثل حجر الزاوية للحفاظ على المجتمع.

*الصورة: الدكتور إسلام النواوي/تنشر بإذن خاص لموقع (إرفع صوتك)

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات:

مواضيع ذات صلة:

The name of 22-year-old woman Mahsa Amini who died in the September 2022, while in the custody of the country's morality police…
اسم مهسا (جينا) أميني على حائط في طهران- تعبيرية

لم تكن سياسة منع الكرد في إيران من تسمية أطفالهم بأسمائهم القومية وليدة اليوم، بل كانت موجودة في عهد الشاه وواظب نظام الخميني منذ توليه الحكم بعد الثورة الإيرانية على تنفيذها بشدة، ضمن سياسة القومية الواحدة التي يسعى النظام إلى فرضها على المكونات العرقية والثقافية والدينية في إيران.

وكشف مقتل الفتاة الكردية، جينا(مهسا) أميني، على يد شرطة الآداب الإيرانية العام الماضي بحجة عدم التزامها بالحجاب عن تنفيذ النظام الإيراني لسياسة منع تسمية الاكراد بأسمائهم في بطاقات الهوية، وكانت عائلة جينا إحدى العائلات الكردية التي لم تتمكن من تسمية ابنتها باسمها الكردي "جينا" في الوثائق الرسمية، لأن النظام في إيران فرض عليها اسم مهسا، وهو اسم فارسي، كأقرانها الآخرين من الكرد وأبناء القوميات الأخرى غير الفارسية.

شيرين، مواطنة كردية من كردستان إيران، واجهت قبل نحو عامين رفضاً من قبل السلطات الإيرانية لتسمية ابنها "راسان" ويعني النهوض، فالاسم يدخل ضمن قائمة الممنوعات لدى النظام واستبدلت السلطات اسم الطفل فورا في الوثيقة الرسمية الى "سهراب" وهو اسم فارسي.

وتقول شيرين لـ"ارفع صوتك": "عند مراجعتنا دائرة الأحوال المدنية لإصدار الوثيقة الرسمية لابننا ابلغنا الموظفون، أن الاسم مرفوض وممنوع وفرضوا علينا اسما فارسياً، لكننا مازلنا ننادي ابننا في البيت باسمه الكردي راسان فنحن كرد ولنا الحق في تسمية أطفالنا بأسمائنا، هم يمنعوننا من ذلك رسميا لكننا لا نستخدم الاسم الرسمي لأنه لا يمثلنا".

ويعتبر الخبير بالشأن الإيراني، سوران بالاني، أن منع الأسماء الكردية سواء في عهد نظام الشاه او عهد النظام الإيراني الحالي، يأتي ضمن سياسة استخدمها النظامان لمسح وإلغاء الكرد وهويتهم، وجزء من سياسة القومية والهوية واللغة الواحدة التي يسعى النظام في طهران الى تطبيقها.

ولا تقتصر سياسة منع الأسماء على الكرد في إيران فحسب، بل تشمل القوميات الأخرى أيضا كالبلوش والعرب والتركمان.

ويضيف بالاني لـ"ارفع صوتك": "يخشى النظام من الأسماء الكردية ومن أسماء القوميات الأخرى، لذلك يستبدلها تلقائيا خلال تسجيل بيان ولادة الطفل بمجموعة من الأسماء الفارسية التي يفرضها على الأهالي، مثلا اذا سمت العائلة مولودها بأسماء كردية مثل آزاد او جينا او شيلان او هيرش وهلمت وهلو، خاصة الأسماء ذات الطابع الثوري، حينها ستستبدلها دائرة الاحوال الإيرانية بأسماء فارسية، لذلك لدى جميع الكرد في ايران اسمان اسم في الوثيقة الرسمية واسم ينادى به الشخص من قبل عائلته واقاربه وأصدقائه".

ويتهم نظام ولي الفقيه في إيران منذ سيطرته على الحكم عام 1979وحتى الآن، بارتكابه عمليات قتل واعتقالات وتقييد متواصل ضد الكرد، كما تطاله اتهامات بأنه ارتكب بعد توليه الحكم بفترة قصيرة مجازر ضد الأكراد بفتوى من المرشد الأعلى في حينه، روح الله الخميني، الذي اعتبر الأكراد "كفارا"، وأفتى بالجهاد ضدهم رداً على مطالباتهم بالديمقراطية والحكم الذاتي وحقوقهم المشروعة الأخرى.

وتشير منظمة "هانا" الكردية الإيرانية لحقوق الإنسان الى وجود نوعين من القوانين الخاصة بتسمية الأطفال في إيران: الأول هو القانون المعلن والثاني هو القانون غير المعلن.

ويوضح رئيس المنظمة، حميد بهرامي، لـ"ارفع صوتك"، أن "القانون المعلن ينص في المادة 20 من قانون الأحوال في ايران على أن الاسم يجب ألا يتعارض مع جنس الشخص والثقافة الإيرانية والإسلامية، وفي الوقت نفسه، لا ينبغي أن يكون الاسم غربياً، بموجب هذا القانون، لا يمكن للوالدين اختيار أي اسم يريدانه، ويجب أن يكون ضمن هذا الإطار".

ويشير بهرامي الى أن دائرة الأحوال المدنية جمعت الآلاف من أسماء الأولاد والبنات في كتاب وهي المتاحة للاستخدام، ومعظمها أسماء فارسية وعربية، مضيفاً "إذا اختار شخص ما اسمًا آخر غير موجود في القائمة، حينها يجب عليه أن يثبت لدائرة الاحوال ما هو الاسم ومن أين يأتي وما جذوره ومعناه وأنه لا يتعارض مع القانون".

أما القانون الثاني، غير المعلن، معمول به في جميع المحافظات والمناطق في ايران التي تتواجد فيها "الجماعات المضطهدة" كما يقول بهرامي، و"ينص على منع الأسماء التي تثير المشاعر القومية والثورية وتكون ظاهرة وهذه الأسماء المحظورة غير مثبتة بشكل واضح"، مشيرا الى أن منع الأسماء الكردية يمارس من قبل النظام بشدة في محافظتي كرمانشاه وارومية.

ويؤكد بهرامي على أن منع الأشخاص من اختيار أسمائهم وأسماء أبنائهم بحرية يعتبر أحد أبرز انتهاكات حقوق الانسان في ظل نظام ولي الفقيه الإيراني، لافتا الى أن "هذا الانتهاك لم يلق حتى الآن الاهتمام المطلوب للانشغال بتسجيل الانتهاكات الأخرى، التي ينفذها النظام ضد الكرد والشعوب الأخرى في ايران كالاعتقالات والسجن والقتل والإعدامات".