الجزائر – بقلم أميل عمراوي:
أحدثت التعديلات الأخيرة على قانون العقوبات (10 تشرين الأول/أكتوبر 2015) الخاصة بعلاقة الرجل بالمرأة عموما وداخل الأسرة على وجه الخصوص نقاشات حادة داخل قبة البرلمان وفي أوساط المجتمع الجزائري على وجه عام.
وفيما رحبت جمعيات نسائية بنص القانون المعدل، شهدت جلسات مناقشته جدلا واسعا، خصوصا من قبل الإسلاميين الذين اعتبروه "تدخلا في العلاقات الزوجية" وقالوا إنّ هذا القانون "مستنسخ من قوانين الدول الغربية".
محاصرة العنف
وحسب التعديل الذي طرأ على قانون العقوبات، فإن كل من أحدث جرحا أو ضربا بزوجه يعاقب بالسجن من سنة واحدة إلى 20 سنة حسب درجة خطورة الإصابة. وفي حالة الوفاة تصل العقوبة إلى السجن المؤبد.
اقرأ أيضاً:
أسئلة وأجوبة حول الإسلام والعنف الأسري
عراقيات يروين تجاربهن مع الخوف والاستغلال
كما نصّ التشريع المعدل على معاقبة الزوج بالسجن من ستة أشهر إلى سنتين "لكل من يمارس على زوجته أي شكل من أشكال الإكراه أو التخويف قصد التصرف في ممتلكاتها ومواردها المالية".
وفي سابقة، تم إدراج التحرش بالنساء ضمن قانون العقوبات ونص التشريع على السجن من شهرين إلى ستة أشهر أو دفع غرامة مالية.
وترى صبرينة ريغي، وهي محامية لدى محكمة الشراقة غربي العاصمة الجزائر، أن القانون "أتى ليعزز الترسانة التشريعية التي تهدف من خلالها السلطات إلى كبح التطرف ومحاصرة العنف الممارس خلال الحياة اليومية".
وتضيف "لا يمكن إلا أن نبارك هذه الخطوة التي ترمي إلى إضفاء إطار قانوني صلب يحدد مسؤوليات كل من الرجل و المرأة و يضع خطوطا حمراء طالما تعداها البعض حينما كان القانون يحوي بعض الفراغات".
نسيمة جعدي، امرأة جزائرية، تؤكد لموقع (إرفع صوتك) أنها كثيرا ما كانت تحاول الخروج من "المأساة" مع طليقها عندما كانا تحت سقف واحد، لكن القوانين الجديدة خصوصا قانوني الأسرة والعقوبات اللذين صودق عليهما مؤخرا، ساعداها في المطالبة بحقوقها كاملة وفرض الخلع على زوجها السابق الذي كان يسيء معاملتها.
"إنه أمر جيّد بالنسبة لمثيلاتي. لم يكن بمقدوري المطالبة بحقي فيما مضى لكن اليوم الحمد لله، أخذت حقي بل وتعهد منه بعدم اعتراضي مجددا"، تؤكد المرأة. "اليوم أنا حرة نفسي ولا أحد يمكنه المساس بكرامتي".
صمت
وتقول الدكتورة عبلة محرز خان لموقع (إرفع صوتك)، وهي أستاذة بقسم علم النفس بجامعة الجزائر، إن العنف ضد المرأة من أخطر مظاهر انتهاكات حقوق الإنسان.
لكن أستاذة علم النفس تؤكد أن المرأة نفسها أحد العوامل الرئيسية في قهرها لتقبلها العنف وصمتها واعتبار التسامح والخضوع والرضوخ وعدم الإعلان عما تتعرض له صوناً لها وتمسكا بحرمتها.
وتعتقد أن سكوت المرأة عن الظاهرة لضعف تأهيلها العلمي وقلة استقلاليتها المادية عوامل تجعلها دائما في موضع ضعف وبالتالي احتمال التعدي يكون أكبر "لذا يجب أن نركز على التعليم والتأهيل"، تؤكد المتحدثة ذاتها.
ولعل التشريعات والقوانين المستحدثة في الجزائر أكثر ردعية واستعجالية من السابق وإمكانية تنفيذها تميزت بالمرونة والتكيف مما يخيف الطرف المتعدي ويساهم في الحد من الظاهرة، حسب محرز خان، "لكن ربما تبقى النساء اللواتي يخترن الاستفادة من صلاحياتهن القانونية قليلات مقارنة باللواتي يعانين في صمت".
وهو ذات ما ذهبت إليه السيدة مريم (وقد فضلت استخدام اسمها الأول فقط) التي لم تشتك زوجها حتى تمادى في تعنيفها كما تروي لموقع (إرفع صوتك).
"لم يكن بمقدوري البوح بما كان يجري بيننا. لقد كان يجبرني على المبيت على الأرض... كان يضربني ليل نهار ومن دون سبب"، تقول مريم.
وتشير إلى أنّها قررت أن تشتكي زوجها لدى الشرطة لما بلغ به العنف حد رفع السلاح الأبيض في وجه ابنتها. "عندها قررت اللجوء إلى العدالة لأن المنزل أصبح من حقي والخلع حق كذلك يكفله لي القانون فلماذا أبقى مع شخص كهذا؟".
10 آلاف حالة!
وفيما يخصه، يرى البروفيسور مصطفى خياطي، وهو رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث العلمي أن الجزائر تحصي ما يضاهي الـ 10 آلاف حالة لتعنيف النساء سواء من الزوج أو الأب أو الابن أو الأخ سنويا.
"الظاهرة كانت في تفاقم مستمر والقانون من هذا المنظور ضروري بل ملزم، لقد أحصينا زهاء 10 آلاف حالة، إنه رقم مخيف ولا بد من تطبيق القانون الجديد لاستئصال جميع أشكال العنف".
*الصورة: هل استفادت المرأة الجزائرية من قانون تجريم العنف ضدها؟/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659