بقلم حسن عبّاس:
النقاش حول ما يجب القيام به لحماية المرأة من العنف الأسري، وخاصة من العنف الزوجي، محتدم في كل الدول العربية ما يؤكد أن هنالك مشكلة يجب حلّها عاجلاً.
كثيرة هي الأفكار التي تُطرح في هذا الصدد، لكن مَن يريد فعلاً حماية المرأة من العنف الأسري لن يصعب عليه إيجاد الوسائل الضرورية لذلك.
تعمل منظومة الأمم المتحدة منذ سنوات كثيرة على القضية، وأعدّت تقارير وأدلّة عدّة تشرح للدول ما يجب القيام به لتحقيق الهدف.
على سبيل المثال، يستعرض "دليل التشريعات المتعلقة بالعنف ضد المرأة"، الذي أعدته إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية/شعبة النهوض بالمرأة، الخطوات التي يجب القيام بها على مستويات مختلفة.
اقرأ أيضاً:
في اليمن.. قصص مؤلمة لضحايا عنف أسري
المُعَنفات ومتلازمة ستوكهولم
يقدّم الدليل عشرات التوصيات بهدف مساعدة الدول وغيرها من أصحاب المصلحة على تعزيز القوانين القائمة أو إعداد قوانين جديدة لحماية المرأة.
ويؤكد أن "إصدار تشريعات شاملة شيء أساسي من أجل التصدي الفعَّال والمنسَّق لمواجهة العنف ضد المرأة"، فلا يمكن سد ثغرة وترك ثغرات كثيرة غيرها.
ويوصي بإيجاد "أساس قانوني متين من أجل معالجة آفة العنف ضد المرأة"، من خلال تجريم جميع أشكال العنف ضد المرأة ومحاكمة مرتكبيها، ومن خلال إجراءات لمنع العنف، وتوفير الدعم والحماية للناجيات من العنف.
ولشرح فكرة "التشريع الشامل"، سنقوم بعرض نماذج من توصيات أساسية، على شكل نقاط تتطرّق إلى كل المستويات التي يجب العمل عليها.
الإطار النموذجي للتشريعات
ينبغي أن تتضمن التشريعات:
ـ تعريف التمييز ضد المرأة على أنه أيّ تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه النيل من الاعتراف للمرأة، على أساس تساوي الرجل والمرأة، بحقوق الإنسان والحريات الأساسية.
ـ تجريم جميع أشكال العنف ضد المرأة، وتحديدها بشكل لا يسمح لبعض أنواع العنف بالإفلات من التعريف القانوني.
ـ حسم المسألة في ما يتعلق بحقوق الإنسان للضحية الناجية ووفقاً لمعايير المساواة بين الجنسين، حيثما توجد أوجه تنازع بين القانون العرفي و/أو القانون الديني ونظام العدل الرسمي.
التنفيذ
يجب:
ـ توفير الحكومة ميزانية وافية لتنفيذ البرامج والأنشطة التي توعّي ضد العنف وتحاول الحد منه ومعالجة آثاره.
ـ تدريب الموظفين الرسميين وبناء قدراتهم لضمان أن يكونوا على دراية وأهلية لاستخدام واجباتهم الجديدة بعد صدور تشريعات جديدة.
ـ إنشاء أو تعزيز وحدات شرطة متخصصة ووحدات ادعاء متخصصة بشأن العنف ضد المرأة، وتوفير التمويل الكافي لأعمالها وإجراء تدريب متخصص لموظفيها.
ـ إنشاء محاكم خاصة أو إجراءات خاصة بالمحاكم تكفل معالجة قضايا العنف ضد المرأة في الوقت المناسب وبشكل فعّال.
الرصد والتقييم
ـ يجب أن تنص التشريعات على إنشاء آلية محدَّدة متعددة القطاعات للإشراف على تنفيذ التشريعات ورفع تقرير إلى البرلمان بصفة منتظمة، ويجب أن تُعقد في إطار هذه الآلية لقاءات شخصية مع الشاكيات/الناجيات من العنف لتقييم مدى فعالية سُبل الإنصاف، بما في ذلك العقبات التي تواجهها فئات محدَّدة من النساء.
المنع
يجب:
ـ النص في القوانين على تنظيم أنشطة للتوعية بحقوق الإنسان للمرأة، مع توفير الحكومة الدعم والتمويل لذلك.
ـ تعديل المناهج التعليمية لتغيير الأطُر الاجتماعية والثقافية التمييزية.
ـ تدريب وسائل الإعلام على التعاطي مع قضايا المرأة.
حماية ودعم ومساعدة الضحايا
على الدولة:
ـ توفير الدعم لإنشاء خدمات مساعدة الضحايا الناجيات من العنف، وأطفالهنّ.
ـ توفير الخدمات بشكل عادل للنساء في المناطق الحضرية والريفية.
ـ وضع خط هاتفي ساخن معني بالمرأة على المستوى الوطني.
ـ توفير مكان كمأوى أو ملجأ للمعنّفات، لكل 10000 نسمة من السكان.
التحقيق
ينبغي أن تنص التشريعات على:
ـ استجابة ضباط الشرطة فوراً لكل طلب التماس للمساعدة والحماية في حالات العنف ضد المرأة، وأن يولوا لهذه النداءات نفس الأولوية التي يولونها للنداءات المعنية بأفعال أخرى من العنف.
ـ إقرار أن المسؤولية عن الملاحقة القضائية لمرتكبي أعمال عنف ضد المرأة تقع على سلطات أعضاء النيابة لا على الشاكيات/الضحايا الناجيات من العنف.
الإجراءات القضائية والأدلة
على التشريعات أن:
ـ تحظر بشكل صريح الوساطة في جميع حالات العنف ضد المرأة سواء قبل أو أثناء الإجراءات القضائية.
ـ تكفل أن يكون للشاكيات الحق في العون القانوني المجاني والدعم المجاني في المحكمة، والحصول مجاناً على خدمات مترجم.
ـ تعطي للضحية الحق في عدم مواجهة المتهم أمام المحكمة.
ـ تمنع الأخذ بالتاريخ الجنسي للشاكية في الإجراءات المدنية والجنائية.
أوامر الحماية
يجب:
ـ جعل أوامر الحماية (كمنع المتهم من الاقتراب من الضحية) متاحة للشاكيات دون أيّ اشتراط بأن تقدِّم الشاكية إجراءات قضائية أخرى، مثل الإجراءات الجنائية أو إجراءات الطلاق، ضد المتهم.
ـ عدم اشتراط تقديم دليل مستقل، طبي أو من الشرطة أو غير ذلك، من أجل إصدار أمر حماية عقب الإدلاء بشهادة شفوية مباشرة أو الإدلاء ببيان أو إقرار مشفوع بقسم من جانب الشاكية.
ـ عدم منح حضانة الطفل للجاني.
إصدار الأحكام
ـ ينبغي أن تزيل التشريعات الأحكام التي من شأنها النص على عقوبات مخفَّفة بذريعة "جرائم الشرف" أو عدم العذرية أو إذا ما تزوّج الجاني من ضحيته.
حقوق المرأة المهاجرة
ـ يجب النص على ألاّ يتم ترحيل الضحايا الناجيات من العنف ضد المرأة أو إخضاعهن لإجراءات عقابية أخرى تتصل بوضعهن الخاص بالهجرة عندما يبلّغن عن العنف.
*الصورة: والدة امرأة لبنانية قتلها زوجها، خلال مشاركتها في تظاهرة ضد العنف الأسري/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659