واشنطن - بقلم إلسي مِلكونيان:

"العوامل التي تساعد الشباب على النجاح باعتقادي هي طموحهم وأسرهم الصالحة التي أحاطتهم بدعمها كعائلة الناشط الحقوقي المصري علاء عبد الفتاح. هذا يفسر أن الحكومة ليست وحدها مسؤولة عن تطوير مواطنيها الشباب"، هكذا قال كريم جرجس، وهو طالب مصري في الجامعة الأميركية في واشنطن، في مداخلة لموقع (إرفع صوتك).

من جهتها، ترى فاطمة وهي طالبة مصرية في واشنطن، أن الأسرة التي تربي أطفالها بعيداً عن العنف تلعب دوراً فاعلاً في تهيئة أطفالها ليكونوا ناجحين في المستقبل، وهذا لا يتعلق بالمستوى المادي أو العلمي للعائلة.

وتقول فاطمة إنّ عمّتها اضطرت لترك المدرسة في سن مبكر لتساعد والدتها، وعندما أصبحت مسؤولة عن عائلة كان تفكيرها المنفتح وتربيتها الصالحة لأولادها من العوامل التي ساعدتهم على النجاح والوصول إلى تحصيل علمي مرتفع.

اقرأ أيضاً:

في اليمن.. قصص مؤلمة لضحايا عنف أسري

المُعَنفات ومتلازمة ستوكهولم

هذا كان جزءاً من النقاش الذي دار بين مجموعة من الشباب العرب الذين أتوا إلى الولايات المتحدة لإكمال دراستهم والذين كانوا يحاولون معرفة العوامل التي ساعدت عددا قليلا من أقرانهم في الدول العربية على النجاح على الرغم من تيارات الإرهاب وتبعات الثورات العربية: هل هي الأسرة الصالحة أو الشباب أنفسهم؟

لكن يبدو أن هناك عدداً من العوامل التي تتخطى نطاق الأسرة، إذ أنها تنحصر بالسياسات القائمة في عدد من الدول العربية. كانت هذه السياسات الخاطئة محوراً لنقاش بعض الخبراء في هذا الشأن في جلسة حوارية عقدها المجلس الأطلسي في مقره بواشنطن تحت عنونا "كتابة المستقبل عبر تسخير طاقات الشباب في الشرق الأوسط" في 1 أيلول/سبتمبر. وكان من بين المشاركين في الجلسة وزيرة الإمارات للشباب شما المزروعي، وماتياس لوندبرغ رئيس الشراكات في البنك الدولي، ووليام ريز رئيس الفدرالية الدولية للشباب، وياسمين الجمل الباحثة في المجلس الأطلسي. طرح المشاركون من خلال نقاشهم تغيير السياسات القائمة في الدول العربية على النحو التالي:

ضرورة الحوار بين الشباب وحكوماتهم

إن وضع السياسات المناسبة أو حتى ترتيب أولوياتها للاستفادة من قدرات الشباب يجب أن يكون نابعاً منهم. طرحت وزيرة الشباب الإماراتية شما المزروعي مثالاً من دولتها. بينما يحصل الشباب في كل من دبي وأبو ظبي على فرص من حاضنات الأعمال لتدعم مشاريعهم الناشئة، يواجه أقرانهم في عجمان وضعاً مختلفاً.

وقالت المزروعي "يفتقر الشباب في إمارة عجمان الصغيرة إلى حاضنة للأعمال وعبروا عن رأيهم في جلسة حوارية مع عدد من المسؤولين في هذه الإمارة، فقررنا أن نلبي طلبهم ونؤسس حاضنة أعمال تباشر عملها في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. لا يعني أنها المشروع الأفضل لكنها بالتأكيد ستساعد الشاب على حل مشكلتهم".

atlantic council

اكتساب المهارات المناسبة

تتشابه نظم التدريس في البلاد العربية بخاصية دفع الطلاب على الحفظ، ما يجعلهم مفتقرين لبعض المهارات العامة (أي ما يعرف بالقدرة على حل المشاكل، والعمل ضمن المجموعة، والقدرة على التواصل). يقول وليام ريز، رئيس الفيدرالية الدولية للشباب، إن "المشكلة لا تنحصر بتحصيل الشهادات. ففي مصر مثلاً هناك الكثير من الخريجين الذين يواجهون قلة فرص العمل بسبب عدم الاكتراث بتطوير المهارات العامة وهذا ما تحتاجه الشركات".

ويضيف ريز أن عدم امتلاك المهارات التي يتطلع إليها أصحاب الشركات يضطر الخريجين "إلى بذل الكثير من الجهد للحصول على عمل ويسبب لهم الإحباط وهذه مشكلة عالمية. وينصح منظمات المجتمع المدني التي أصبحت فاعلة في الدول العربية إلى لعب دور أكبر لتطوير مهارات الشباب لتتماشى مع متطلبات التوظيف الجديدة.

تغيير سياسات قيادة الشركات

من خلال عمل منظمته وتمويلها لمشاريع حيوية في الشرق الأوسط، يلاحظ ماتياس لوندبرغ أن الشركات في الدول العربية تدار من قبل أشخاص متقدمين في السن أكثر من الدول الغربية والسياسات الحالية تحمي هؤلاء الأشخاص في مراكزهم، ما يصعّب الأمور على الشباب للوصول أو الولوج إلى سوق العمل ويؤدي إلى وجود عدد أكبر من الشباب العاطل عن العمل بالمقارنة مع دول أخرى من الشباب.

تقليص الفجوة بين طاقات الشباب والمستقبل

يتوجب على الحكومات العربية العمل على ردم الفجوة بين معاناة الشباب حالياً وأغلبها الحصول على فرصة عمل مستدامة منعاً من أن تتحول إلى مآزق يصعب حلها في المستقبل.

يقول ماتياس لوندبرغ "من خلال بحثنا، لم نجد إجابة موحدة لتحدد العوامل المساعدة على إيجاد فرص عمل. لكننا وجدنا أن ما ينجح فعلاً هو أن ينشئ الشباب فرصهم الخاصة لهم ويعملوا على تطويرها".

وأجمع الخبراء على أن قيام الحكومات بتغيير بعضاً من السياسات القائمة يمنح الشباب الشعور بالانتماء والمواطنة الفاعلة يحفز الشباب على التطور والنجاح في بناء مجتمعاتهم.

*الصورة: "المشكلة لا تنحصر بتحصيل الشهادات"/Shutterstock

*الصورة الثانية: من الجلسة الحوارية في المجلس الأطلسي/على موقع المجلس على يوتيوب

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات:

مواضيع ذات صلة:

The name of 22-year-old woman Mahsa Amini who died in the September 2022, while in the custody of the country's morality police…
اسم مهسا (جينا) أميني على حائط في طهران- تعبيرية

لم تكن سياسة منع الكرد في إيران من تسمية أطفالهم بأسمائهم القومية وليدة اليوم، بل كانت موجودة في عهد الشاه وواظب نظام الخميني منذ توليه الحكم بعد الثورة الإيرانية على تنفيذها بشدة، ضمن سياسة القومية الواحدة التي يسعى النظام إلى فرضها على المكونات العرقية والثقافية والدينية في إيران.

وكشف مقتل الفتاة الكردية، جينا(مهسا) أميني، على يد شرطة الآداب الإيرانية العام الماضي بحجة عدم التزامها بالحجاب عن تنفيذ النظام الإيراني لسياسة منع تسمية الاكراد بأسمائهم في بطاقات الهوية، وكانت عائلة جينا إحدى العائلات الكردية التي لم تتمكن من تسمية ابنتها باسمها الكردي "جينا" في الوثائق الرسمية، لأن النظام في إيران فرض عليها اسم مهسا، وهو اسم فارسي، كأقرانها الآخرين من الكرد وأبناء القوميات الأخرى غير الفارسية.

شيرين، مواطنة كردية من كردستان إيران، واجهت قبل نحو عامين رفضاً من قبل السلطات الإيرانية لتسمية ابنها "راسان" ويعني النهوض، فالاسم يدخل ضمن قائمة الممنوعات لدى النظام واستبدلت السلطات اسم الطفل فورا في الوثيقة الرسمية الى "سهراب" وهو اسم فارسي.

وتقول شيرين لـ"ارفع صوتك": "عند مراجعتنا دائرة الأحوال المدنية لإصدار الوثيقة الرسمية لابننا ابلغنا الموظفون، أن الاسم مرفوض وممنوع وفرضوا علينا اسما فارسياً، لكننا مازلنا ننادي ابننا في البيت باسمه الكردي راسان فنحن كرد ولنا الحق في تسمية أطفالنا بأسمائنا، هم يمنعوننا من ذلك رسميا لكننا لا نستخدم الاسم الرسمي لأنه لا يمثلنا".

ويعتبر الخبير بالشأن الإيراني، سوران بالاني، أن منع الأسماء الكردية سواء في عهد نظام الشاه او عهد النظام الإيراني الحالي، يأتي ضمن سياسة استخدمها النظامان لمسح وإلغاء الكرد وهويتهم، وجزء من سياسة القومية والهوية واللغة الواحدة التي يسعى النظام في طهران الى تطبيقها.

ولا تقتصر سياسة منع الأسماء على الكرد في إيران فحسب، بل تشمل القوميات الأخرى أيضا كالبلوش والعرب والتركمان.

ويضيف بالاني لـ"ارفع صوتك": "يخشى النظام من الأسماء الكردية ومن أسماء القوميات الأخرى، لذلك يستبدلها تلقائيا خلال تسجيل بيان ولادة الطفل بمجموعة من الأسماء الفارسية التي يفرضها على الأهالي، مثلا اذا سمت العائلة مولودها بأسماء كردية مثل آزاد او جينا او شيلان او هيرش وهلمت وهلو، خاصة الأسماء ذات الطابع الثوري، حينها ستستبدلها دائرة الاحوال الإيرانية بأسماء فارسية، لذلك لدى جميع الكرد في ايران اسمان اسم في الوثيقة الرسمية واسم ينادى به الشخص من قبل عائلته واقاربه وأصدقائه".

ويتهم نظام ولي الفقيه في إيران منذ سيطرته على الحكم عام 1979وحتى الآن، بارتكابه عمليات قتل واعتقالات وتقييد متواصل ضد الكرد، كما تطاله اتهامات بأنه ارتكب بعد توليه الحكم بفترة قصيرة مجازر ضد الأكراد بفتوى من المرشد الأعلى في حينه، روح الله الخميني، الذي اعتبر الأكراد "كفارا"، وأفتى بالجهاد ضدهم رداً على مطالباتهم بالديمقراطية والحكم الذاتي وحقوقهم المشروعة الأخرى.

وتشير منظمة "هانا" الكردية الإيرانية لحقوق الإنسان الى وجود نوعين من القوانين الخاصة بتسمية الأطفال في إيران: الأول هو القانون المعلن والثاني هو القانون غير المعلن.

ويوضح رئيس المنظمة، حميد بهرامي، لـ"ارفع صوتك"، أن "القانون المعلن ينص في المادة 20 من قانون الأحوال في ايران على أن الاسم يجب ألا يتعارض مع جنس الشخص والثقافة الإيرانية والإسلامية، وفي الوقت نفسه، لا ينبغي أن يكون الاسم غربياً، بموجب هذا القانون، لا يمكن للوالدين اختيار أي اسم يريدانه، ويجب أن يكون ضمن هذا الإطار".

ويشير بهرامي الى أن دائرة الأحوال المدنية جمعت الآلاف من أسماء الأولاد والبنات في كتاب وهي المتاحة للاستخدام، ومعظمها أسماء فارسية وعربية، مضيفاً "إذا اختار شخص ما اسمًا آخر غير موجود في القائمة، حينها يجب عليه أن يثبت لدائرة الاحوال ما هو الاسم ومن أين يأتي وما جذوره ومعناه وأنه لا يتعارض مع القانون".

أما القانون الثاني، غير المعلن، معمول به في جميع المحافظات والمناطق في ايران التي تتواجد فيها "الجماعات المضطهدة" كما يقول بهرامي، و"ينص على منع الأسماء التي تثير المشاعر القومية والثورية وتكون ظاهرة وهذه الأسماء المحظورة غير مثبتة بشكل واضح"، مشيرا الى أن منع الأسماء الكردية يمارس من قبل النظام بشدة في محافظتي كرمانشاه وارومية.

ويؤكد بهرامي على أن منع الأشخاص من اختيار أسمائهم وأسماء أبنائهم بحرية يعتبر أحد أبرز انتهاكات حقوق الانسان في ظل نظام ولي الفقيه الإيراني، لافتا الى أن "هذا الانتهاك لم يلق حتى الآن الاهتمام المطلوب للانشغال بتسجيل الانتهاكات الأخرى، التي ينفذها النظام ضد الكرد والشعوب الأخرى في ايران كالاعتقالات والسجن والقتل والإعدامات".