صنعاء- بقلم غمدان الدقيمي:
"هناك حالات عنف أسري ضد الأطفال تفوق الخيال"، تقول أمل الرباعي، وهي أخصائية يمنية في مجال الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال ضحايا العنف، بينما كانت تتحدث لموقع (إرفع صوتك) عن تجربتها في التعامل مع قضايا من هذا النوع.
وتمكنت الرباعي بحكم طبيعة عملها من التعرف على قصص كثيرة لأطفال كانوا ضحية للعنف الأسري، "يعاني بعضهم آثاراً خطيرة من قبيل شعورهم بالإحباط والوصمة السيئة، والرغبة في الانتقام"، على حد قولها.
فتاة مسترجلة
وسردت حكاية شابه يمنية تعرضت لأشكال مختلفة من العنف في طفولتها، بدءاً بالضرب مروراً بانفصال والديها، وصولاً إلى target="_blank">الاغتصاب في منزل لأحد معارفها أُجبرت على العمل فيه من قبل أسرتها لمساعدتهم في توفير لقمة العيش.
اقرأ أيضاً:
المُعَنفات ومتلازمة ستوكهولم
خطوات لحماية المرأة من العنف
"تحولت إلى فتاة مسترجلة"، تقول أمل الرباعي.
وتابعت "بإمكانك اليوم مشاهدتها تتجول في شوارع مدينة الحديدة بملابس وشعر مقصوص كالرجال، تتعاطى القات والسجائر، وتقضي معظم وقتها في الشارع".
عصابة وفوضى
وتروي أخصائية الدعم النفسي قصه طفل آخر في الـ15 من العمر، تعرض منذ نعومة أظافره وما يزال للضرب من قبل والده الذي يعتقد أن الضرب "سيثمر إيجاباً في حياة ابنه البكر".
وحسب أمل الرباعي، أصبح هذا الطفل عصبياً وعدوانياً مع أقرانه والآخرين، لا ينتظم في المدرسة ومستواه الدراسي ضعيف، وتحول مؤخراً إلى شخص غير سوي، حيث شكل عصابة من أصدقائه، ويقومون بزرع الفوضى ومضايقة الناس.
وتذكرُ أنه من خلال جلوسها المحدود مع الطفل الذي ينحدر من مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر غربي اليمن، لاحظت أنه يمتلك “حساً فكاهيا، ويجيد حركات الجمباز والرقص الاستعراضي”، ولدية “نزعة قيادية”.
وتشير إلى أنه كان يشكو تعرضه للضرب من والده.
“للأسف رفض مواصلة جلسات الدعم النفسي، بل اعتدى على زميلاتي بالشتم والسب كما هو الحال مع مدرساته”، تضيف الرباعي التي تعمل في مجال الدعم النفسي لضحايا العنف من الأطفال منذ عدة سنوات.
وأعربت عن خشيتها من تسرب الفتى من التعليم كوالده الذي يعمل بالأجر اليومي في مجال الصيد.
تقول “سيكون عدوانياً أكثر، وربما ينضم للجماعات المسلحة”.
لكن في حال استثمرت مواهبه قد يصبح “فناناً متميزا”، توضح الرباعي.
ندرة الإبلاغ
ولاحظت الرباعي أن ممارسة العنف الأسري ضد الأطفال تضاعفت بشكل كبير في ظل الحرب والتردي المريع للوضع المعيشي والاقتصادي في البلاد.
وتفتقر السلطات المختصة في اليمن إلى إحصائيات دقيقة حول حجم هذه الظاهرة، وهو ما ينطبق أيضاً على منظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الطفل.
ويرجع نائب مدير عام حماية الأسرة في وزارة الداخلية اليمنية (بصنعاء) العقيد نبيل الغزالي، ذلك إلى ندرة الإبلاغ عن الحالات.
وأضاف لموقع (إرفع صوتك) “نتلقى ما بين خمسة إلى ثمانية بلاغات فقط عن حالات ممارسة عنف أسري ضد الأطفال شهرياً”.
خيبة أمل
ومع ذلك يشعر العقيد الغزالي بخيبة أمل إزاء تعامل السلطات القضائية مع الحالات النادرة التي تصل إلى المحاكم.
ويضرب مثالاً على ذلك أن أحد رباب الأسر القاطنة شرقي العاصمة صنعاء، كان يعاقب أطفاله الثلاثة بعنف، “مستخدماً وسائل قاسية، ما اضطرنا لنقلهم إلى مركز للطفولة الآمنة لإعادة تأهيلهم، وإحالة والدهم إلى النيابة، لكن للأسف تم الإفراج عنه ولا نعلم على أي أساس”.
استغلال
ورغم المخاوف الجادة من استغلال الجماعات المسلحة لضحايا العنف الأسري من الأطفال في الصراع المتصاعد في البلاد، لم يتسن لمراسل (إرفع صوتك) التأكد من حالات موثقة كان العنف الأسري سبباً في انخراطها ضمن الجماعات الإرهابية.
ورفض ثلاثة من كبار رجال الدين الذين قادوا حواراً فكرياً برعاية الحكومة قبل سنوات لإقناع متطرفين بالتخلي عن العنف، التعليق على هذا الامر.
لكن مدير عام الدفاع الاجتماعي في وزارة الشؤون الاجتماعية، عادل دبوان، يؤكد أن العنف الأسري أحد الأسباب التي تدفع بالأطفال لاحقاً للانخراط في صفوف تلك الجماعات.
وقال لموقع (إرفع صوتك) “إذا تتبعنا التاريخ الاجتماعي لأي إرهابي أو شخص فجر نفسه، سنجد أنه وأسرته كانوا ضحايا عنف في يوم من الأيام”.
ضعف
ويسرد عادل دبوان قائمة طويلة من الأسباب التي قال إنها وراء ممارسة العنف الأسري ضد الأطفال من بينها “غياب الوعي لدى الأسر والمجتمع، وضعف التشريع القانوني الخاص بحماية الأطفال من العنف الأسري”، على حد تعبيره.
ويؤكد أن دور المؤسسات الحكومية والجهات الضبطية لا يزال ضعيفاً.
*الصورة: ممارسة العنف الأسري ضد الأطفال تضاعفت بشكل كبير في ظل الحرب/إرفع صوتك
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659