بقلم حسن عبّاس:
عام 1995، اعتمد مؤتمر الأمم المتحدة العالمي الرابع حول المرأة منهاج عمل بيجينغ، في العاصمة الصينية، ليشكّل إطاراً عالمياً لتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات. ومنذ ذلك الحين، تحاول الحكومات العربية تحقيق الأهداف التي رسمها المنهاج.
ويدعو منهاج بيجينغ إلى اتخاذ إجراءات استراتيجية في 12 مجالاً هي: الفقر، التعليم والتدريب، الصحة، العنف، النزاع المسلح، الاقتصاد، مواقع السلطة وصنع القرار، الآليات المؤسسية للنهوض بالمرأة، حقوق الإنسان، وسائل الإعلام، البيئة والطفولة.
ويعرض أحوال الدول العربية في هذه المجالات تقرير بعنوان "التقرير العربي الموحد حول تنفيذ منهاج بيجين (بيجينغ) بعد عشرين عاماً" صدر عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) وهيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة وجامعة الدول العربية.
ويصف التقرير تجارب التقدّم الذي أحرزته الدول العربية في مجال تمكين المرأة ومساواتها بالرجل بأنها متفاوتة. ويعزو ذلك إلى جملة أسباب منها الاقتصادية إذ تتفاوت البلدان العربية في معدل الدخل وفي القدرة على الإنفاق وأولويات الإنفاق، ومنها الأمنية في ظل اضطرابات تعاني منها بعض الدول، ومنها الثقافية المرتبطة بدرجة محافظة المجتمع، ومنها أيضاً السياسية ذات الصلة بطبيعة النظام السياسي ودرجة التشاركية فيه وما يعانيه من أزمات.
وهنا أبرز الوقائع والأرقام التي تعكس واقع المرأة، بحسب التقرير المذكور:
المرأة والتعليم
حققت الدول العربية تقدماً ملحوظاً على صعيد تعليم المرأة. فجرى تقليص الفجوة النوعية بين الجنسين وبين المناطق وتطورت وتوسعت برامج تدريب النساء على مهارات إنتاجية وبرامج محو الأمية وفُرضت قوانين إلزامية التعليم ومجانيته في المرحلة الأساسية ووُضعت برامج للحؤول دون تسرّب النساء من مقاعد الدراسة.
ويوضح الجدول التالي نسبة التحاق الإناث في مرحلة التعليم الأساسي:
في دول عربية عدّة، ضاقت الفجوة بين الجنسين في مرحلة التعليم الأساسي ولكنها استمرت في مراحل التعليم الثانوي والعالي. ومن أبرز العقبات التي تعيق المساواة، المفاهيم الثقافية السائدة حول تعليم المرأة وخاصة في الأوساط الريفية، والمناهج التربوية التي لا تزال تنقل إلى الطلاب أن للمرأة أدواراً نمطية في المجتمع.
المرأة والصحة
حققت بعض الدول العربية تقدماً في مجالات التوعية الصحية وتحسين ظروف التوليد ورعاية الأمومة وتحسين الخدمات الصحية الخاصة بالمرأة.
ويوضح الجدول التالي معدّل وفيات الأمهات في الدول العربية:
ومن أبرز العقبات التي لا تزال تحول دون الارتقاء بمستوى العناية الطبية بالنساء محدودية الموارد المالية والنقص في الكفاءات، واقتصار فلسفة النظام الصحي على الأمومة والطفولة ما يؤدي إلى إهمال تلبية الاحتياجات الصحية المتنوّعة للنساء.
المرأة والاقتصاد
أطلقت بعض الدول العربية مبادرات هادفة إلى دعم المرأة في ريادة الأعمال وإلى تمكين النساء ذوات الدخل المحدود من إقامة مشاريع صغيرة من خلال تأمين قروض ميسّرة لهنّ.
ويوضح الجدول التالي نسبة البطالة لدى الإناث في الدول العربية:
كما يوضح هذا الجدول معدّل المشاركة الاقتصادية للمرأة في الدول العربية:
ومن أبرز العقبات أمام تطوّر النشاط الاقتصادي للنساء بشكل كبير المفاهيم التقليدية السائدة حول عمل المرأة وممارسات التمييز على أساس النوع الاجتماعي عند التوظيف وعند ترقية الموظفين، ومعاناة المرأة للحصول على قروض، إذ تُطلب منها ضمانات عقارية في بيئة يندر فيها تملّك النساء.
مشاركة المرأة
دخلت بعض النساء العربيات بعض المجالات التي كانت تُعَدّ حكراً على الرجال، وتشارك النساء في الحراكات السياسية والمطلبية، وتَصدر تشريعات تحفّز على تمثيل المرأة كالكوتا النسائية التي اعتمدتها دول عدّة في توزيع مقاعد برلماناتها ومجالسها المحلية.
ولكن لا تزال نسب مشاركة المرأة في الوظائف العليا تعكس واقع التفاوت بين الجنسين:
ومما يحول دون التمكين السياسي للمرأة سياسياً وإدارياً الثقافة الشعبية التي تفضّل أن يمثّلها ذكور وهو ما تعكسه النتائج التي تحققها المترشحات النساء في الانتخابات النيابية، إضافة إلى محدودية الموارد الداعمة للدراسات المتخصصة في قضايا المرأة.
الصورة: نساء إماراتيات في أحد مراكز التسوق في دبي/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659