يمنيات يتدربن على حرف يدوية من أجل تحسين معيشة أسرهن/إرفع صوتك
يمنيات يتدربن على حرف يدوية من أجل تحسين معيشة أسرهن/إرفع صوتك

صنعاء- بقلم غمدان الدقيمي:

منذ حوالي عام ونصف، تقضي الطفلتان نسيم وسماح مقبل، قرابة ست ساعات بشكل شبه يومي بالعمل في التطريز (وضع حلي أو فصوص على فساتين نسائية)، لمساعدة والديهما في نفقات منزلهم الصغير شمالي العاصمة اليمنية صنعاء.

وقذفت الحرب الدائرة في البلاد منذ أكثر من 19 شهراً بعشرات الآلاف من الأسر اليمنية إلى دائرة الفقر، حيث تذهب تقديرات الأمم المتحدة إلى أن هناك نحو 14 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، نصفهم لا يعلمون ما إذا كانوا سيأكلون وجبة غذائية قادمة أم لا.

تنجز الفتاتان 10 فساتين في الشهر مقابل دخل يعادل ثلاثة آلاف ريال (10 دولارات). “نشتري بالنقود جزءا من متطلبات دراستنا، أو الطعام، نساعد والدنا”، تقول نسيم، 11 عاما، وهي طالبة في الصف الخامس الأساسي، لموقع (إرفع صوتك).

ودفعت الظروف المعيشية الصعبة آلاف النساء اليمنيات للبحث عن فرص عمل والقيام بمهمات شاقة في ظل انشغال الرجال بالحرب، لإعالة أسرهن.

وتُشكل النساء حوالي نصف إجمالي سكان اليمن (أكثر من 26.5 مليون نسمة)، حسب إحصاءات رسمية.

وضع سيء

“نحن النساء أكثر من ندفع ثمن هذه الحرب” تقول أحلام سعيد، 40 عاما، وهي أم لخمس بنات وربة منزل، تعيش في العاصمة صنعاء.

تتابع “ابنتي (ست سنوات)، لا تزال مرعوبة من أصوات الانفجارات الناتجة عن الغارات الجوية، غالباً ما تصحى من نومها منتصف الليل ترتجف خوفاً وتبكي”.

لا يحسد عليه

وضاعف من تفاقم الوضع الإنساني عجز سلطات الأطراف المتصارعة عن دفع رواتب الموظفين العموميين للشهر الثالث على التوالي، حيث وجد غالبية موظفي الدولة أنفسهم عاجزين عن دفع إيجارات مساكنهم والإيفاء بأبسط متطلبات الحياة.

تقول أحلام “نحن في وضع لا يحسد عليه، انقطاع راتب زوجي 50 ألف ريال (حوالي 170 دولار أمريكي) منذ ثلاثة أشهر، تسبب لنا بأزمة معيشية”.

ومنذ حوالي عام تتنقل أحلام بين منازل صديقاتها لمساعدتهن في أعمالهن المنزلية مقابل الحصول على عائد مالي بسيط لتأمين وجبات طعام بناتها.

اكتشفت قدراتها

أم يوسف، سيدة يمنية في منتصف العشرينيات من عمرها، هي الأخرى نجحت في مساعدة زوجها (بائع متجول) بإعالة اسرتهما المكونة من ستة أفراد.

تقول لموقع (إرفع صوتك) الذي التقاها في مركز خاص بتدريب وتأهيل النساء على حرف يدوية، غربي العاصمة صنعاء، “التحقت بهذا المركز (في آذار/مارس 2016) وتدربت لمدة شهر في مجال الخياطة، وأصبحت الآن خياطة محترفة”.

“أحقق عائدا ماديا يكفيني وأطفالي الأربعة وزوجي لعدة أيام”، تتابع أم يوسف.

مساعي

إلى جوارها في المركز ذاته كانت تجلس منيرة أحمد، منشغلة بالحديث لإحدى النساء، وعرفنا لاحقاً أن لديها طفلة في السابعة من عمرها مصابة بشلل دماغي، جعلها طريحة الفراش على الدوام.

في حديثها لموقع (إرفع صوتك) ذكرت منيرة، أنها التحقت بعدد من الدورات تدريبية أبرزها التجميل وصناعة الإكسسوارات.

“التدريب غيّر حياتي. انشغالي في المنزل بصناعة الإكسسوارات من مواد تقليدية، ساعدني كثيراً في الخروج من الحالة النفسية الصعبة”، أضافت منيرة، التي تبيع منتجاتها في بازارات مخصصة لبيع الإكسسوارات.

تطوع

من جانبها تقول فادية أبو غانم إن مبادرتها “لأجلهم” التي أطلقتها هي وعدد من زميلاتها مطلع آب/أغسطس 2012، وفرت بجهود شخصية، مواداً غذائية لأكثر من 70 أسرة فقيرة في العاصمة صنعاء منذ آذار/مارس 2015، وأكثر من 350 أسرة منذ تأسيسها.

وغالبية مؤسسي المبادة التي يقول القائمين عليها إن شعارهم هو (نؤهل، لنُمكن، فنبني وطن) فتيات. وفادية، إحدى مؤسسيها، تخرجت عام 2012 من كلية الهندسة بجامعة صنعاء تخصص اتصالات وإلكترونيات، تقول إن هدف المبادرة كان أساساً تأهيل وتمكين الأسر اقتصادياً. “لكن بسبب الحرب الأخيرة تم إيقاف العمل بهذا الهدف وتوجيه النشاط إلى توزيع سلات غذائية للفقراء”.

وأضافت فادية، التي قالت لموقع (إرفع صوتك) “مصادر هذا الدعم الذي نقدمه هي اشتراكات شهرية لأعضاء المبادرة وعددهم حوالي 23 عضواً بعضهم يقيمون خارج البلد، وعدد قليل من التجار. حتى نفقات أنشطتنا الميدانية نغطيها على حسابنا الخاص”.

وتشير فادية إلى أنهن  حالياً بصدد اعداد دراسة جدوى خاصة بإطلاق مشروع “المخبز الخيري”، سيتم من خلاله توزيع الخبز مجاناً للفقراء في العاصمة صنعاء.

*الصورة: يمنيات يتدربن على حرف يدوية من أجل تحسين معيشة أسرهن/إرفع صوتك

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات:

مواضيع ذات صلة:

The name of 22-year-old woman Mahsa Amini who died in the September 2022, while in the custody of the country's morality police…
اسم مهسا (جينا) أميني على حائط في طهران- تعبيرية

لم تكن سياسة منع الكرد في إيران من تسمية أطفالهم بأسمائهم القومية وليدة اليوم، بل كانت موجودة في عهد الشاه وواظب نظام الخميني منذ توليه الحكم بعد الثورة الإيرانية على تنفيذها بشدة، ضمن سياسة القومية الواحدة التي يسعى النظام إلى فرضها على المكونات العرقية والثقافية والدينية في إيران.

وكشف مقتل الفتاة الكردية، جينا(مهسا) أميني، على يد شرطة الآداب الإيرانية العام الماضي بحجة عدم التزامها بالحجاب عن تنفيذ النظام الإيراني لسياسة منع تسمية الاكراد بأسمائهم في بطاقات الهوية، وكانت عائلة جينا إحدى العائلات الكردية التي لم تتمكن من تسمية ابنتها باسمها الكردي "جينا" في الوثائق الرسمية، لأن النظام في إيران فرض عليها اسم مهسا، وهو اسم فارسي، كأقرانها الآخرين من الكرد وأبناء القوميات الأخرى غير الفارسية.

شيرين، مواطنة كردية من كردستان إيران، واجهت قبل نحو عامين رفضاً من قبل السلطات الإيرانية لتسمية ابنها "راسان" ويعني النهوض، فالاسم يدخل ضمن قائمة الممنوعات لدى النظام واستبدلت السلطات اسم الطفل فورا في الوثيقة الرسمية الى "سهراب" وهو اسم فارسي.

وتقول شيرين لـ"ارفع صوتك": "عند مراجعتنا دائرة الأحوال المدنية لإصدار الوثيقة الرسمية لابننا ابلغنا الموظفون، أن الاسم مرفوض وممنوع وفرضوا علينا اسما فارسياً، لكننا مازلنا ننادي ابننا في البيت باسمه الكردي راسان فنحن كرد ولنا الحق في تسمية أطفالنا بأسمائنا، هم يمنعوننا من ذلك رسميا لكننا لا نستخدم الاسم الرسمي لأنه لا يمثلنا".

ويعتبر الخبير بالشأن الإيراني، سوران بالاني، أن منع الأسماء الكردية سواء في عهد نظام الشاه او عهد النظام الإيراني الحالي، يأتي ضمن سياسة استخدمها النظامان لمسح وإلغاء الكرد وهويتهم، وجزء من سياسة القومية والهوية واللغة الواحدة التي يسعى النظام في طهران الى تطبيقها.

ولا تقتصر سياسة منع الأسماء على الكرد في إيران فحسب، بل تشمل القوميات الأخرى أيضا كالبلوش والعرب والتركمان.

ويضيف بالاني لـ"ارفع صوتك": "يخشى النظام من الأسماء الكردية ومن أسماء القوميات الأخرى، لذلك يستبدلها تلقائيا خلال تسجيل بيان ولادة الطفل بمجموعة من الأسماء الفارسية التي يفرضها على الأهالي، مثلا اذا سمت العائلة مولودها بأسماء كردية مثل آزاد او جينا او شيلان او هيرش وهلمت وهلو، خاصة الأسماء ذات الطابع الثوري، حينها ستستبدلها دائرة الاحوال الإيرانية بأسماء فارسية، لذلك لدى جميع الكرد في ايران اسمان اسم في الوثيقة الرسمية واسم ينادى به الشخص من قبل عائلته واقاربه وأصدقائه".

ويتهم نظام ولي الفقيه في إيران منذ سيطرته على الحكم عام 1979وحتى الآن، بارتكابه عمليات قتل واعتقالات وتقييد متواصل ضد الكرد، كما تطاله اتهامات بأنه ارتكب بعد توليه الحكم بفترة قصيرة مجازر ضد الأكراد بفتوى من المرشد الأعلى في حينه، روح الله الخميني، الذي اعتبر الأكراد "كفارا"، وأفتى بالجهاد ضدهم رداً على مطالباتهم بالديمقراطية والحكم الذاتي وحقوقهم المشروعة الأخرى.

وتشير منظمة "هانا" الكردية الإيرانية لحقوق الإنسان الى وجود نوعين من القوانين الخاصة بتسمية الأطفال في إيران: الأول هو القانون المعلن والثاني هو القانون غير المعلن.

ويوضح رئيس المنظمة، حميد بهرامي، لـ"ارفع صوتك"، أن "القانون المعلن ينص في المادة 20 من قانون الأحوال في ايران على أن الاسم يجب ألا يتعارض مع جنس الشخص والثقافة الإيرانية والإسلامية، وفي الوقت نفسه، لا ينبغي أن يكون الاسم غربياً، بموجب هذا القانون، لا يمكن للوالدين اختيار أي اسم يريدانه، ويجب أن يكون ضمن هذا الإطار".

ويشير بهرامي الى أن دائرة الأحوال المدنية جمعت الآلاف من أسماء الأولاد والبنات في كتاب وهي المتاحة للاستخدام، ومعظمها أسماء فارسية وعربية، مضيفاً "إذا اختار شخص ما اسمًا آخر غير موجود في القائمة، حينها يجب عليه أن يثبت لدائرة الاحوال ما هو الاسم ومن أين يأتي وما جذوره ومعناه وأنه لا يتعارض مع القانون".

أما القانون الثاني، غير المعلن، معمول به في جميع المحافظات والمناطق في ايران التي تتواجد فيها "الجماعات المضطهدة" كما يقول بهرامي، و"ينص على منع الأسماء التي تثير المشاعر القومية والثورية وتكون ظاهرة وهذه الأسماء المحظورة غير مثبتة بشكل واضح"، مشيرا الى أن منع الأسماء الكردية يمارس من قبل النظام بشدة في محافظتي كرمانشاه وارومية.

ويؤكد بهرامي على أن منع الأشخاص من اختيار أسمائهم وأسماء أبنائهم بحرية يعتبر أحد أبرز انتهاكات حقوق الانسان في ظل نظام ولي الفقيه الإيراني، لافتا الى أن "هذا الانتهاك لم يلق حتى الآن الاهتمام المطلوب للانشغال بتسجيل الانتهاكات الأخرى، التي ينفذها النظام ضد الكرد والشعوب الأخرى في ايران كالاعتقالات والسجن والقتل والإعدامات".