تدفع حوالي 5 آلاف امرأة سنويا حياتها ثمنا في جرائم تتعلق بقضايا "الشرف" و"العار".
تدفع حوالي 5 آلاف امرأة سنويا حياتها ثمنا في جرائم تتعلق بقضايا "الشرف" و"العار".

تدفع حوالي 5 آلاف امرأة سنويا حياتها ثمنا في جرائم تتعلق بقضايا "الشرف" و"العار"، حسب الأمم المتحدة. عدد كبير من هذه الجرائم يقع في منطقة الشرق الأوسط.

هذا الرقم يعود في الواقع إلى سنة 2000. ورغم أنه لم يتم تحيينه منذئذ، إلا أن تقارير صحافية وحقوقية تتوقع أن يكون الرقم أكبر من ذلك، خاصة أن الكثير من جرائم "الشرف" تسجل كـ"حالات وفاة عادية".

في سنة 2010، تحدث صحافي جريدة "الإندبندنت" البريطانية المعروف روبيرت فيسك عن 20 ألف حالة سنويا، بناء على تحقيقات أجرتها صحيفته في أكثر من دولة على امتداد 10 أشهر!

متحدث رسمي باسم الأمم المتحدة نفسها قال العام الماضي لمجلة نيوزويك الأميركية إن جرائم الشرف تقع غالبا "في مناطق تقبل فيها المؤسسة الاجتماعية والثقافية هذا النوع من الأفعال". وهي جرائم لا يتم عادة الإبلاغ عنها أو تسجل كوفاة طبيعية.

وسجلت جرائم الشرف خلال السنوات الأخيرة في كل من أميركا وكندا وبريطانيا، وفرنسا والسويد، لكن أغلبها نفذت في جنوب آسيا (أساسا الهند وباكستان) ومنطقة الشرق الأوسط.

جريمة قتل = غرامة!

تسمح القوانين في كثير من الدول العربية بالإفلات من العقاب في جرائم الشرف.

في بعض الدول، لا تتجاوز عقوبة القتل ثلاث سنوات سجنا، كما في العراق مثلا. وأحيانا سنة واحدة، أو الغرامة فقط كما في اليمن.

​​تقول المادة 232 من قانون الجرائم والعقوبات اليمني "إذا قتل الزوج زوجته هي ومن يزني بها حال تلبسهما بالزنا.. فلا قصاص في ذلك. وإنما يعزر الزوج بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة".

وفي مصر، ينص قانون العقوبات (المادة 237) على أن عقوبة قتل الزوج لزوجته عندما يتعلق الأمر بجريمة شرف هي الحبس، أي أقل من ثلاث سنوات.

لكن القانون المصري يربط تمتيع الزوج بشروط التخفيف بحدوث عملية القتل لحظة التلبس وخلال فورة الغضب.

أما في حالة نفذ الزوج جريمته لاحقا، فإنه يحاكم بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد (تصل عقوبتها إلى الإعدام).

ورغم ربط القانون شروط التخفيف بحالة التلبس، تقول دراسة مصرية، صدرت عام 2006، إن 9 في المئة فقط من جرائم الشرف تمت بسبب اكتشاف الخيانة، فيما 79 في المئة كانت بسبب شك الزوج في سلوكه.

وإلى وقت قريب، كانت جريمة الشرف في سورية تعفى من العقوبة بالكامل (العذر المُحِل)، قبل أن يصدر الرئيس السوري بشار الأسد، سنة 2009، مرسوما تشريعيا يلغي الإعفاء من العقوبة، ويبقى على العذر المخفف فقط.

وفي سنة 2011، أصدر الأسد مرسوما ثانيا يرفع الحد الأدنى لعقوبة القتل في جرائم الشرف من سنتين إلى خمس سنوات.

عقوبة المرأة كاملة!

تمنح القوانين تمييزا واضحا لصالح الرجل في جرائم الشرف (عذر التخفيف). في المقابل، لا تمنح مثل هذا العذر للمرأة التي عليها مواجهة عقوبتها كاملة.

في سورية مثلا، تؤكد المحامية والناشطة الحقوقية رهادة عبدوش بأنه في حال قتلت المرأة زوجها لدى ضبطه متلبسا "بجريمة الزنا"، فإنها تنال العقوبة كاملة.

​​وحاولت بعض الدول تجاوز هذا التمييز.

في المغرب، نصت التعديلات التي أجريت على القانون الجنائي سنة 2003 على نفس أعذار التخفيف للمرأة والرجل في حالة جرائم الشرف.

في الإمارات أيضا يمنح القانون (المادة 334 من قانون العقوبات) الزوجة عذر التخفيف مساواة بالرجل، “إذا ما فاجأت زوجها حال تلبسه بجريمة الزنا في مسكن الزوجية فقتلته في الحال”.

وكذلك الحال في البحرين والجزائر، حيث تكفل الدولتان مساواة الرجل والمرأة في أعذار التخفيف.

لا عذر لجريمة الشرف

لا يفرق القانون التونسي بين الجرائم الواقعة "دفاعا عن الشرف" وبين الجرائم الأخرى. ولا ينص على أية أعذار تخفيف.

ويحاول المغرب بدوره السير في هذا الاتجاه. في أيار/مايو الماضي، طالب المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو مؤسسة رسمية، بحذف الفصل 418 من القانون الجنائي الذي ينص على أنه "يتوفر عذر مخفض للعقوبة في جرائم القتل أو الجرح أو الضرب، إذا ارتكبها أحد الزوجين ضد الزوج الآخر وشريكه عند مفاجأتهما متلبسين بجريمة الخيانة الزوجية".

أما في الأردن، فتوجت جهود النشطاء والمنظمات الحقوقية في دفع الحكومة الأردنية إلى حصر العذر المخفف في جرائم الشرف بـ"حالة التلبس" فقط.

​​وصوت النواب الأردنيون، منتصف العام الماضي، على تعديلات على المادة 98 من القانون الجنائي.  وكانت تنص على أنه "يستفيد من العذر المخفف فاعل الجريمة الذي أقدم عليها بسورة غضب شديد..."

وأصبح القضاء الأردني بدوره يشدد الأحكام في قضايا جرائم الشرف. ففي آذار/مارس 2017، ضاعفت المحكمة التمييز الأردنية حكم السجن على شقيقين قتلا شقيقتهما، من 7 سنوات ونصف إلى 15 عاما لأحدهما ومن 10 سنوات إلى 20 سنة للثاني.

وقال قاضي في المحكمة "نريد توجيه رسالة قوية إلى الشعب بأن قتل النساء باسم شرف العائلة لن تقبله المحكمة بعد الآن". وهي الخطوة التي أشادت بها منظمة هيومن رايتس ووتش.

ويشهد الأردن ما بين 15 و20 جريمة كل عام تحت ذريعة "الشرف".

حرام شرعا

دفع تفشي جرائم الشرف في الأردن دار الإفتاء إلى إصدار فتوى، في ديسمبر/كانون الأول 2016، قالت فيها إن "ما يسمى بجرائم الشرف واحدة من أبشع الجرائم".

​​ودعت دار الإفتاء إلى محاسبة القاتل. وأكدت أن "قيام الشخص بقتل قريبته بدعوى حماية الشرف وصيانة العرض فعل محرم شرعا".

​​وفي مصر، قال مفتي الجمهورية السابق علي جمعة إن الزوج إذا "قتل زوجته أثناء ممارستها الرذيلة يرتكب بذلك جريمة يحاسب عليها".

وكان المفتي السابق يتحدث خلال برنامج تلفزيوني على فضائية سي بي سي المصرية.

 

المزيد من المقالات:

مواضيع ذات صلة:

The name of 22-year-old woman Mahsa Amini who died in the September 2022, while in the custody of the country's morality police…
اسم مهسا (جينا) أميني على حائط في طهران- تعبيرية

لم تكن سياسة منع الكرد في إيران من تسمية أطفالهم بأسمائهم القومية وليدة اليوم، بل كانت موجودة في عهد الشاه وواظب نظام الخميني منذ توليه الحكم بعد الثورة الإيرانية على تنفيذها بشدة، ضمن سياسة القومية الواحدة التي يسعى النظام إلى فرضها على المكونات العرقية والثقافية والدينية في إيران.

وكشف مقتل الفتاة الكردية، جينا(مهسا) أميني، على يد شرطة الآداب الإيرانية العام الماضي بحجة عدم التزامها بالحجاب عن تنفيذ النظام الإيراني لسياسة منع تسمية الاكراد بأسمائهم في بطاقات الهوية، وكانت عائلة جينا إحدى العائلات الكردية التي لم تتمكن من تسمية ابنتها باسمها الكردي "جينا" في الوثائق الرسمية، لأن النظام في إيران فرض عليها اسم مهسا، وهو اسم فارسي، كأقرانها الآخرين من الكرد وأبناء القوميات الأخرى غير الفارسية.

شيرين، مواطنة كردية من كردستان إيران، واجهت قبل نحو عامين رفضاً من قبل السلطات الإيرانية لتسمية ابنها "راسان" ويعني النهوض، فالاسم يدخل ضمن قائمة الممنوعات لدى النظام واستبدلت السلطات اسم الطفل فورا في الوثيقة الرسمية الى "سهراب" وهو اسم فارسي.

وتقول شيرين لـ"ارفع صوتك": "عند مراجعتنا دائرة الأحوال المدنية لإصدار الوثيقة الرسمية لابننا ابلغنا الموظفون، أن الاسم مرفوض وممنوع وفرضوا علينا اسما فارسياً، لكننا مازلنا ننادي ابننا في البيت باسمه الكردي راسان فنحن كرد ولنا الحق في تسمية أطفالنا بأسمائنا، هم يمنعوننا من ذلك رسميا لكننا لا نستخدم الاسم الرسمي لأنه لا يمثلنا".

ويعتبر الخبير بالشأن الإيراني، سوران بالاني، أن منع الأسماء الكردية سواء في عهد نظام الشاه او عهد النظام الإيراني الحالي، يأتي ضمن سياسة استخدمها النظامان لمسح وإلغاء الكرد وهويتهم، وجزء من سياسة القومية والهوية واللغة الواحدة التي يسعى النظام في طهران الى تطبيقها.

ولا تقتصر سياسة منع الأسماء على الكرد في إيران فحسب، بل تشمل القوميات الأخرى أيضا كالبلوش والعرب والتركمان.

ويضيف بالاني لـ"ارفع صوتك": "يخشى النظام من الأسماء الكردية ومن أسماء القوميات الأخرى، لذلك يستبدلها تلقائيا خلال تسجيل بيان ولادة الطفل بمجموعة من الأسماء الفارسية التي يفرضها على الأهالي، مثلا اذا سمت العائلة مولودها بأسماء كردية مثل آزاد او جينا او شيلان او هيرش وهلمت وهلو، خاصة الأسماء ذات الطابع الثوري، حينها ستستبدلها دائرة الاحوال الإيرانية بأسماء فارسية، لذلك لدى جميع الكرد في ايران اسمان اسم في الوثيقة الرسمية واسم ينادى به الشخص من قبل عائلته واقاربه وأصدقائه".

ويتهم نظام ولي الفقيه في إيران منذ سيطرته على الحكم عام 1979وحتى الآن، بارتكابه عمليات قتل واعتقالات وتقييد متواصل ضد الكرد، كما تطاله اتهامات بأنه ارتكب بعد توليه الحكم بفترة قصيرة مجازر ضد الأكراد بفتوى من المرشد الأعلى في حينه، روح الله الخميني، الذي اعتبر الأكراد "كفارا"، وأفتى بالجهاد ضدهم رداً على مطالباتهم بالديمقراطية والحكم الذاتي وحقوقهم المشروعة الأخرى.

وتشير منظمة "هانا" الكردية الإيرانية لحقوق الإنسان الى وجود نوعين من القوانين الخاصة بتسمية الأطفال في إيران: الأول هو القانون المعلن والثاني هو القانون غير المعلن.

ويوضح رئيس المنظمة، حميد بهرامي، لـ"ارفع صوتك"، أن "القانون المعلن ينص في المادة 20 من قانون الأحوال في ايران على أن الاسم يجب ألا يتعارض مع جنس الشخص والثقافة الإيرانية والإسلامية، وفي الوقت نفسه، لا ينبغي أن يكون الاسم غربياً، بموجب هذا القانون، لا يمكن للوالدين اختيار أي اسم يريدانه، ويجب أن يكون ضمن هذا الإطار".

ويشير بهرامي الى أن دائرة الأحوال المدنية جمعت الآلاف من أسماء الأولاد والبنات في كتاب وهي المتاحة للاستخدام، ومعظمها أسماء فارسية وعربية، مضيفاً "إذا اختار شخص ما اسمًا آخر غير موجود في القائمة، حينها يجب عليه أن يثبت لدائرة الاحوال ما هو الاسم ومن أين يأتي وما جذوره ومعناه وأنه لا يتعارض مع القانون".

أما القانون الثاني، غير المعلن، معمول به في جميع المحافظات والمناطق في ايران التي تتواجد فيها "الجماعات المضطهدة" كما يقول بهرامي، و"ينص على منع الأسماء التي تثير المشاعر القومية والثورية وتكون ظاهرة وهذه الأسماء المحظورة غير مثبتة بشكل واضح"، مشيرا الى أن منع الأسماء الكردية يمارس من قبل النظام بشدة في محافظتي كرمانشاه وارومية.

ويؤكد بهرامي على أن منع الأشخاص من اختيار أسمائهم وأسماء أبنائهم بحرية يعتبر أحد أبرز انتهاكات حقوق الانسان في ظل نظام ولي الفقيه الإيراني، لافتا الى أن "هذا الانتهاك لم يلق حتى الآن الاهتمام المطلوب للانشغال بتسجيل الانتهاكات الأخرى، التي ينفذها النظام ضد الكرد والشعوب الأخرى في ايران كالاعتقالات والسجن والقتل والإعدامات".