الإسلام بالتأكيد هو الشرط الأول لتولي رئاسة الدولة، أو ما يطلق عليه شرعيا "الإمامة العظمى"، في الدولة الإسلامية. ويستحيل فقهيا أن يحتل هذا المنصب شخص من دين آخر مهما كانت مكانة هذا الشخص وأهليته للمنصب. ويضع الفقهاء آية "ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا" (النساء 141) في وجه كل غير مسلم يرغب في الوصول إلى أعلى منصب في الدولة.
ويرتبط الإسلام بالحاكم لدرجة أن الوسيلة الوحيدة، من الناحية الشرعية، للإطاحة به هي نفي الإسلام عنه، أي الحكم بكفره. وهو ما تفعله الجماعات الجهادية اليوم. فهي تقدم تبرر خروجها على الحكام المسلمين بأنهم كفار لإخلالهم بمبدأي "حاكمية الشريعة" و"الولاء والبراء".
لكن قائمة المقصيين من رئاسة الدولة لا تشمل غير المسلمين فقط ، بل تمتد إلى فئات أخرى.
- المرأة
يشترط الفقهاء في رئيس الدولة أن يكون رجلا. ويرفضون قطعا تولي المرأة لهذا المنصب، محتجين بآية "الرجال قوامون على النساء" (النساء: 34) وبحديث "لن يُفلح قوم ولوا أمرهم امرأة".
يقول ابن كثير معلقا على آية القوامة: "الرجال أفضل من النساء، والرجل خير من المرأة، ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال، وكذلك المُلك الأعظم".
ويقول الشوكاني عن حديث "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" إن "فيه دليلا على أن المرأة ليست من أهل الولايات، ولا يحل لقوم توليتها".
وهذه الولاية لا تشمل فقط رئاسة الدولة بل حتى المناصب الأقل شأنا، مثل رئاسة الأقاليم (منصب محافظ مثلا) أو الوزارة وحتى القضاء. فكلها يُحرم الفقهاء تولي المرأة لها.
رغم ذلك، شهد التاريخ الإسلامي تولي نساء لمنصب الزعامة في دول وأقاليم معينة، أشهرهن شجرة الدر التي تولت حكم مصر والشام لفترة وجيزة عقب وفاة زوجها السلطان نجم الدين أيوب.
وحتى من الناحية الفقهية، يشير المؤرخون إلى فرقة من "الخوارج" تجيز تولي المرأة لرئاسة الدولة. هذه الفرقة هي "الشبيبة" نسبة إلى شبيب بن يزيد الشيباني. وقد آمن أتباعها بجواز تولي المرأة لمنصب الإمامة، بل إنهم نصبوا غزالة أم زعيمهم شبيب إماما عليهم بعد مقتل ابنها. يقول عبد القادر البغدادي في كتابه "الفرق بين الفرق": "استدلوا على ذلك بأن شبيباً لما دخل الكوفة أقام أمه على منبر الكوفة حتى خطبت".
وفي الآونة الأخيرة، بدأت فكرة تولي المرأة لرئاسة الدولة تتلقى القبول لدى كثير من الدعاة والباحثين الإسلاميين أنفسهم. وحاول بعض هؤلاء تقديم تفسيرات جديدة للآيات وأحاديث الواردة في هذا الشأن.
العبد
انتهى زمن العبودية، لكن الفقهاء وضعوا تاريخيا العبد ضمن الممنوعين من تولي الخلافة، رغم وجود أحاديث تشدد على السمع والطاعة "وإن تأمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة".
وشدد الفقهاء أنه "لا يصح عقد الإمامة لمن فيه رق؛ لأنه مشغول بخدمة سيده". يقول أبو حامد الغزالي في "فضائح الباطنية": "فلا تنعقد الإمامة لرقيق، فإن منصب الإمامة يستدعي استغراق الأوقات في مهمات الخلق فكيف يُنتدب لها من هو كالمفقود في حق نفسه، الموجود لمالك يتصرف تحت تدبيره وتسخيره".
ويشترط الفقهاء أيضا الانتساب لقريش لتولي منصب الخلافة. "وليس يتصور الرق في نسب قريش بحال من الأحوال"، يقول الغزالي.
لكن التاريخ الإسلامي يشير إلى أن المماليك، الذين حكموا مصر مدة 267 سنة، كانوا في بدايتهم مملوكين للدولة اشتراهم السلطان الأيوبي نجم الدين أيوب ليكونوا جنودا ضمن جيشه، قبل أن يتسع نفوذهم ويصلوا إلى المناصب القيادية في الجيش والدولة (بما في ذلك منصب نائب السلطان).
لذا، عندما تولى العز بن عبد السلام منصب قاضي القضاة في مصر، اعتبر أنهم ما يزالون عبيدا بعقد شرائهم الأول ولا يحق لهم تولي أي منصب. فعقد مجالس لبيعهم، وهم أمراء، واشتراهم السلطان من ماله الخاص حتى يتمكن من أن يعتقهم، ووضع الثمن في خزينة الدولة.
- الأسير
يعتبر الفقهاء أن الأسير ساقط الولاية لفقدان شرط الحرية والقدرة على التصرف، خاصة إذا كان الأسير ميؤوسا من خلاصه.
ورغم أن وقوع مثل هذه الحالات نادر جدا، إلا أن تأثيرها كان ملفتا جدا في تاريخ الحركات الإسلامية، بما فيها الجهادية. وأحيانا تتسبب في أزمات داخلها.
فعقب اغتيال الرئيس المصري أنور السادات سنة 1981، نشبت خلافات حادة بين المعتقلين من تنظيمي الجماعة الإسلامية والجهاد حول قيادة عبود الزمر الذي كان من بين المعتقلين. وتشبث حينها تنظيم الجهاد بولاية عبود الزمور في حين تشبثت الجماعة الإسلامية بولاية عمر عبد الرحمن وكان ضريرا. واندلعت حينها الأزمة الشهيرة بـ"ولاية الأسير" مقابل "ولاية الضرير".
وبعد 33 عاما على هذه الأزمة، عادت "ولاية الأسير" مرة أخرى لتسبب خلافات جديدة داخل التيار الإسلامي عقب سجن الرئيس المصري محمد مرسي. فقد استعمل طارق الزمر، وهو شقيق عبود الزمور، نفس الحجة لدعوة الإخوان إلى تجاوز مرحلة مرسي وكتب مقالا بعنوان "الأسير لا يقود والجريح لا يقرر" قال فيه ""إذا وقع الأمير أو الرئيس في الأسر، ومنع من مزاولة سلطاته، فإنه يتم انتداب من يقوم مقامه، حتى يرجع، فإن لم يتمكن أحد من إنقاذه، فإن الواجب هو اختيار رئيس جديد".
- الضرير
قد يبدو غريبا، وحتى تمييزيا، أن يكون الضرير ضمن الفئات الممنوعة من تولي رئيسا الدولة. ومع ذلك، فإن الفقهاء يضعون سلامة البصر ضمن الشروط التي يجب أن تتوفر في رئيس الدولة.
تقول إحدى الفتاوى في موقع إسلام ويب المعروف: "ذهب جمهور الفقهاء إلى أنها شروط انعقاد، فلا تصح إمامة الأعمى، والأصم، ومقطوع اليدين، والرجلين ابتداءً، وينعزل إذا طرأت عليه؛ لأنه غير قادرٍ على القيام بمصالح المسلمين على وجه الكمال".
وتمت الإشارة سابقا إلى أن كون عمر عبد الرحمن ضريرا هو ما دفع أعضاء جماعة الجهاد إلى رفض رئاسته للتنظيم الموحد بينهما وبين الجماعة الإسلامية، وكان أحد أسباب انفصالهما.
وما ينسحب على فقدان البصر، ينسحب على الإعاقات الجسدية أيضا مثل فقدان اليدين أو الرجلين.