من أجل صورة على فيسبوك هددوا بحرقي بالأسيد!
تشكو الشابة منال شرف (23 عاما)، وهي إعلامية يمنية، من التنمر والتعليقات المسيئة على صورها التي تنشرها في وسائل التواصل الاجتماعي.
وتقول إنها تعرضت للتهديد من حسابات وهمية بسبب نشر صورها على صفحات التواصل، رغم أنها صور عادية وغير خادشه للحياء، على حد تعبيرها.
"قالوا لي إما أن أتوقف عن نشر صوري أو أنهم سيعرفون كيف يوقفوني"، قالت منال لموقع "ارفع صوتك".
قبل أشهر شاركت منال، في مسرحية "الخلاص" بمدينة المكلا شرقي اليمن ومثلت دور "المجنونة" ونشرت صورها على وسائل التواصل الاجتماعي لتنهال عليها الكثير من التعليقات. من بينها "بهذه الصور خرجت من الأنوثة ووقارها"، و "بنات جاهزات لإفساد بناتنا".
وفازت منال إثر مشاركتها تلك بجائزة أفضل ممثلة صاعدة في مهرجان المسرح الوطني الذي أقيم في حضرموت (شرقي اليمن)، رغم أن الكثير لم يتقبلوا دورها بالطبع.
تقول منال: "تجاهلت الأمر، ربما لأني أكثر انخراطا بالمجتمع ومدركة جيدا من وراء هذه الأفعال والمغزى منها، لكنّ مثل هذه الأمور غالبا ما تؤذي الفتاة اليمنية نفسيا وربما بدنيا نظرا لطبيعة المجتمع وأعرافه".
وتضيف: "ليس بإمكاننا أن نوقف التنمر حاليا. ولكن بإمكاننا، كمجتمع مدني، أن نخضع المتنمر عليه لجلسات توعوية تساعده على تجاوز هذه التصرفات أو كيف تتصدى له".
وحتى خارج نطاق صفحات التواصل الاجتماعي تعرضت منال شرف للتنمر والعنصرية والقذف والشتم.
تقول: "لمجرد أني دخلت منطقة باب موسى (بمدينة تعز جنوبي غرب اليمن) بزي شعبي، كنت أعمل على برنامج تلفزيوني، تعرضوا للطاقم مرتين بدعوى أني متبرجة، ولا يصح دخولي المسجد. وقال أحدهم: "هذه واحدة ينبغي التقرب بها لله"".
عالم مخيف
تتعرض اليمنيات على الإنترنت للإساءة اللفظية بكافة أشكالها، إذ تجد العقليات الذكورية في نشر اليمنية لصورها الخاصة على صفحات التواصل الاجتماعي ذريعة لمهاجمتها والحطّ من شأنها، باعتبارها مجرد عار وخطيئة على المجتمع.
لم تكن نهاد (اسم مستعار) تتوقع أن نشرها لصورها الخاصة على صفحات التواصل الاجتماعي سيعرضها لوابل من الشتائم والإهانات، ثم التهديد لاحقا برشها بمادة الأسيد.
تقول نهاد: "عالم مخيف! يتجول فيه عدد لا يستهان به من المتنمرين بأسماء وهمية، وبدون ضوابط أو عقوبات. هددوني بحرقي بالأسيد".
وتضيف: "لم يكن بوسعي فعل شيء، استمروا في مضايقتي وشتمي، استدعوا أصدقاءهم أيضاً؛ وكل ذلك كان لمجرد صورة لي نشرتها على فيسبوك".
باسم الدين
اليمن بلد محافظ تلعب فيه الهيمنة الذكورية دورا بارزا في انتشار أشكال التنمر ضد النساء اللواتي يحاولن الخروج عن صورتهن النمطية.
وصوت المرأة عورة في اليمن ولا يسمح للكثيرات بالغناء على العلن أو الظهور بفيديوهات غنائية حيث تتعرض من تقدم على ذلك للنقد العنيف.
وأعلنت اليمن يوم الجمعة الماضية تسجيل أول حالة إصابة مؤكدة بكورونا في محافظة حضرموت شرقي البلاد.
وتعرضت كل من حنين وهاجر اللتين تصدرتا واجهة فيديو فريق مشاقر تعز "بكر غبش" وهي أغنية يمنية شهيرة، لتنمر إلكتروني عنيف. ففي حين عمل البعض على تقليدهما بأسلوب مزعج وساخر، كان آخرون يتداولون منشورات شاتمة لهما باسم الدين.
تؤكد حنين الإغواني أن ما تعرضت له من تنمر وشتم عرضها للإيذاء النفسي.
وتضيف لموقع "ارفع صوتك": "على المستوى الأسري أمرت بالتوقف عن مواصلة مشواري الفني. أصبح الناس يغنون لي، بتهكم، كلما مررت بالشارع: بكر غبش".
وتقول حنين إنها ربما لا تستطيع مواصلة مشوارها الفني بعد الذي تعرضت له مؤخرا.
ثقة بالنفس وجرأة
تقول مروى العريقي، وهي باحثة يمنية في الشؤون الإنسانية والاجتماعية، إن "نشر الصور الشخصية أو الصور برفقه الأهل أو الأصدقاء بوسائل التواصل الاجتماعي يندرج تحت ثقافة العيب في مجتمعنا اليمني، على عكس المجتمعات التي أنشأت تلك الوسائل لهدف خلق بيئة اجتماعية إلكترونية واتساع دائرة الأصدقاء والمعاريف..".
وتعتقد مروى أن رجال وعلماء دين في اليمن يدفعون لناحية التنمر ضد الفتيات والنيل منهن على وسائل التواصل الاجتماعي. "لا أبرئ علماء الدين أو كل من يتحدث باسم الدين.. لكن المجتمع المحافظ لا يحتاج إلى دافع حتى يمارس التنمر لكل ما هو حديث بالنسبة له".
وتؤكد مروى لموقع "ارفع صوتك" أن الفتيات اللواتي ينشرن صورهن على صفحاتهن الشخصية أو يظهرن بمقاطع فيديو يتسمن بـ"ثقة النفس العالية، والجرأة، وأحيانا عنيدات نوعا ما، فلا يهتمن بالتنمر، بل قبلن أن يكنّ هنّ خط الدفاع الأول لفتيات الأجيال القادمة، بمحاربتهن للمتنمرين".
وفي ردها على سؤال كيف يمكن معالجة هذه الاشكالية؟، تقول مروى العريقي "الأمر يحتاج إلى وقت طويل حتى يترسخ لدى المجتمع ثقافة الحرية الشخصية، ربما نحتاج إلى عقود طويلة من الزمن لنصل إلى الوعي الكافي بعدم التفكير بأمور بسيطة كنشر صورة شخصية لمرأة في الشارع!".