الأمم المتحدة: العنف الأسري في العراق يدق ناقوس الخطر
ازدادت مؤخرا حالات الانتحار بين النساء في العراق، إضافة إلى حالات الاغتصاب.
آخرها مساء الأربعاء، شنقت امرأة نفسها داخل غرفة نومها، بحسب ما تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي.
الأمم المتحدة تدخلت هذه المرة، وحثت البرلمان العراقي على الإسراع في إقرار قانون مناهضة العنف الاسري.
وقال مكتبها في العراق "وسط تقارير مثيرة للقلق عن ارتفاع في حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي والعنف الأسري في جميع أنحاء البلاد، وخاصة مع تزايد وتيرة التّوتر بين أفراد الأسرة نتيجة للحجر المنزلي بسبب جائحة الكوفيد".
وعبّر صندوق الأمم المتحدة للسكان ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) وهيئة الأمم المتحدة للمرأة في العراق عن قلقهم من إرتفاع وتيرة العنف الأسري في ظل جائحة الكوفيد مع نشر تقارير إعلامية عن العديد من حالات العنف هذه خلال الأسبوع المنصرم، منها تقارير عن اغتصاب امرأة من ذوي الاحتياجات الخاصة، واعتداء زوجي، وانتحار امرأة جراء العنف الاسري، و قيام امرأة بإشعال النار بنفسها للسبب ذاته، وكذلك أذية النفس بسبب الإساءة الزوجية المتكررة، والتحرش الجنسي بشخص قاصر، وغيرها من الجرائم ذات الصلة.
ووفقا لبيان مكتب الأمم المتحدة فأن التصاعد في عدد مثل هذه الجرائم "يثير القلق، ويسلط الضوء على الضرورة الملحة لقيام البرلمان بإقرار قانون مناهضة العنف الاسري".
وأضاف "عليه تدعو الأمم المتحدة في العراق السلطات إلى ضمان استمرار السلطة القضائية في ملاحقة المعتدين، وزيادة الاستثمار في خدمات الخط الساخن والخدمات عبر الإنترنت الداعمة للناجين من العنف القائم على النوع الاجتماعي، ودعم دور منظمات المجتمع المدني، وإبقاء أبواب الملاذات الآمنة مفتوحة للنساء الهاربات من العنف، ومعاقبة مرتكبي أي نوع من أنواع العنف الاسري والعنف القائم على النوع الاجتماعي".
الخلل في مجلس النواب
وقدّم مجلس البرلمان العراقي في دورته السابقة مسودة لقانون العنف الأسري عام 2015، إلا أن بعض الكتل السياسية العراقية اعترضت على عدد من فقرات القانون وتم تأجيل التصويت عليه وطالبت بإدخال تعديلات جوهرية قبل تبني القانون وتمريره.
وفي تصريحات سابقة لموقع (ارفع صوتك)، أكّدت النائبة السابقة ومقررة لجنة المرأة والأسرة والطفولة في مجلس النواب بدورته السابقة، ريزان الشيخ، "ضعف الجانب التشريعي في موضوع حماية الأسرة من العنف".
وقالت إنّ المسؤول الأول عن واقع ملف العنف الأسري هي السلطة التشريعية وخاصة لجنة المرأة والأسرة والطفولة. "لدينا محكمة العنف الأسري وجهاز الشرطة المجتمعية لكنها لا تمتلك قوانين تعمل على أساسها".
واتهمت "كتلا سياسية دينية بعرقلة مسودة مسوّدة القانون لتشريعه".
ضرورة العقاب
ويكرّر صندوق الأمم المتحدة للسكان ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة وهيئة الأمم المتحدة للمرأة نداء الأمين العام داعين السلطات في العراق لجعل حماية النساء والأطفال إحدى أبرز أولويات الخطة الوطنيّة للاستجابة لجائحة كوفيد.
وذكر بيان للصندوق إن من شأن إقرار قانون مناهضة العنف الأسري أن يضمن محاسبة مرتكبي جرائم العنف القائم على النوع الاجتماعي في العراق، بما فيهم أولئك مسببي الأحداث البشعة مثل تلك التي شهدناها مؤخرا.
وشدد على إن "العنف ضد النساء والفتيات جريمة لا يجب أن تمر دون عقاب. فنساء وفتيات العراق يستحققن الأفضل".
تعنيف
من جانبها، تذهب أستاذة القانون بجامعة بغداد والعضوة السابقة في مفوضية حقوق الإنسان العراقية بشرى العبيدي إلى أن القوانين العراقية عنّفت في بعض موادها المرأة بشكل مباشر وغير مباشر، مستعرضة بعضها في حديث لموقعنا:
أولا- الدستور العراقي:
*مخاطبة دستور العراق الدائم لأبناء العراق بلغة ذكورية، فهو يستخدم لفظ عراقي، عراقيين، مواطن ومواطنين، وكما هو معروف في اللغة، فإن هذه الألفاظ للمخاطبة الذكورية دون الإشارة إلى الأنثى.
ثانيا- قانون العقوبات العراقي رقم (111):
*المادة (41) وتمنح الزوج حق تأديب زوجته في حدود ما هو مقرر شرعاً أو قانوناً أو عرفاً، وهذه المادة تهدد السلامة الجسدية وتهدر كرامتها وإنسانيتها.
*المادة (377) تعاقب "بالحبس الزوجة الزانية ومن زنى بها (...) ويعاقب بالعقوبة ذاتها الزوج إذا زنى في منزل الزوجية"، أي أن الزوج إذا ما زنى في مكان آخر غير منزل الزوجية فلا يعد جانياً أو أن عمله مشروع، في حين أن الزوجة أينما زنت فإنها تعد جانية ومرتكبة لجريمة الزنى.
*المادة (380)" كل زوج حرّض زوجته على الزنى فزنت بناءً على هذا التحريض يعاقب بالحبس". وفي هذه المادة لن يعاقب الزوج على تحريض زوجته على الزنى إلا إذا وقع فعل الزنى، فإذا ما أرادت أن تشتكي على الزوج وهو يضيق عليها الخناق لتفعل ذلك، فلن يسمع منها الشكوى لأنها يجب أن تزني أولا ثم تشتكي.
وتشدد العبيدي على الحاجة إلى "تشريع بعض النصوص القانونية الجديدة، تخص جريمة التحرش الجنسي والعنف الأسري وتنظيم عمل المرأة في القطاع الخاص".