من ضرب الفتيات إلى تقييدهّن بالسلاسل.. أشكال العنف الأسري في العراق
حررت قيادة شرطة بغداد، الثلاثاء ١٤/ أبريل، فتاة كانت محتجزة من قبل والدها.
وعُثر على المحتجزة مقيدة بالسلاسل منذ (٢٣) يوماً، بعد أن داهمت الشرطة المنزل بناء على ورود اتصال هاتفي إلى مديرية حماية الأسرة والطفل من العنف الأسري حول وجود فتاة مقيدة بالسلاسل في أحد مناطق بغداد.
وقال مدير إعلام القيادة الرائد عزيز ناصر إن "والدها احتجزها من باب الحرص عليها، وإن سبب هذا التصرف كان -حسب إفادته- بسبب الاستخدام الخاطئ للهاتف النقال".
وأضاف عزيز أنه "تم تدوين الإفادة ورفع الأوراق أمام أنظار القاضي لاتخاذ القرار المناسب".
وكانت آخر إحصائية صدرت عام ٢٠١٤ من مديرية حماية الأسرة والطفل التابعة لوزارة الداخلية العراقية، تقول إن نسب (اعتداء الزوج على زوجته بلغت (٥٤٪)، بينما جاءت نسب اعتداء الزوجة على الزوج (٧٪)، أما الاعتداء ما بين الإخوان والأخوات فبلغت (٥٪)، والأبناء على الأب والأم (٦٪)، واعتداء الأب وإلام على الأبناء (١٢٪).
آباء لا إنسانيون
وترى الخبيرة الاجتماعية وداد زامل أن "الاحتجاز أو الحبس" من الأفعال التي ليس لها علاقة بالواقع الذي نعيشه الآن على الرغم من أن الكثير من الفتيات والنساء في الوقت الراهن يعانين منه.
وتقول لـ (ارفع صوتك) إن "هذه الحادثة تسلط من جديد الضوء على العنف الأسري والسلوك اللاإنساني الذي يتصرف به الآباء مع بناتهم".
وتضيف أن " وصمة العار" هي الدافع الاساسي الذي يقف وراء تعنيف الفتيات والنساء والاساءة لهن، وأن "الاستخدام الخاطئ للهواتف النقالة" ما هي إلاّ موجة جديدة من الاعتداءات ضدهن.
وتعتقد الخبيرة أنه برغم محاولات القضاء على العنف الأسري إلاّ هناك العديد من الذين يقفون ضد ذلك بل ويعتقدون أن "المرأة لا يمكنها العيش ما لم يقترن ذلك بتعنيفها دوماً".
وتشير زامل إلى أن الكثير من الأسر العراقية تُعامل بناتها اللواتي يرتكبن أخطاء بسيطة ويخالفن أوامر رجال العشيرة بدرجة كبيرة من الوحشية.
لست من البشر
بعض الفتيات اعتبرن احتجازهن بغرفهن قسراً، من أساليب العقاب المؤقت الذي يتعرضن له بين الحين والآخر في منازلهن.
وتتعرض سحر خضير (٢٤عاماً) للاحتجاز والضرب والتهديد دوما، كلما تصرفت بشكل لا يرضي أبيها أو أخوتها.
تروي لموقعنا، "كان أبي يحاول من خلال احتجازي منعي من كل شيء أفعله ولا يقتنع به. وكنت عقب كل احتجاز، أخرج مكتئبة وفي أسوأ حالاتي الصحية من الغرفة".
وتضيف "تعودت مع أخواتي الثلاثة على توخي الحذر من أي كلمة ننطقها أو تصرف ما حتى لا نتعرض للضرب والاحتجاز".
كان لحبس سحر أو احتجازها المتواصل "أثراً بشعاً بداخلي، فقد كنت أشعر دوماً وكأنني لست من البشر".
وتتابع "رغم أن الأمور بدأت تتحسن قليلاً عندما توقف أبي عن تعنيفنا بعدما أصيب أبي بحادث سير وفقد إحدى أطرفه السفلى عام ٢٠١٩. ولكن أخي الأكبر مني بدأ في اتباع ذات العنف معنا".
" أشعر بحزن كبير، لأن رجال عائلتي لا يستغنون عن فكرة احتجاز بناتهم لمعاقبتهن حتّى لا يتمكنّ من الهرب"، تقول الفتاة.
وتشير إلى أن آخر مرة خضعت فيها للاحتجاز ليوم كامل بغرفة في الطابق العلوي لمنزلهم كانت الشهر الماضي، تحديداً في بداية حظر التجوال، " ليجبرها أخيها على أن تترك الاتصال هاتفياً بصديقة لها، لدواعي أخلاقية".
رخصة لقتلهن
وتصف المحامية أحلام كاظم عبارة "الاستخدام الخاطئ للهاتف النقال" التي صار يلجأ إلى ذكرها الكثير من الرجال في المحاكم العراقية لعقاب زوجاتهم وأخواتهم وبناتهم بأنها "رخصة لقتلهن".
وتسرد قصة فتاة عوقبت بالحبس والضرب على وجهها بنهاية أخمس البندقية أو السلاح وكسرت بعض من أسنانها لأنها كانت تتحدث مع خطيبها بهاتف نقال بعد منتصف الليل.
وتشير إلى أن الهاتف النقال يعد وجوده الآن بيد الفتاة مصدر قلق للأب أو الأخ وفرصة للعنف الأسري، "هذا العنف الذي يتزايد بشكل بربري دون قوانين رادعة، لأنه عند البعض يُضعف وضع الرجل ومكانته بين أفراد عائلته"، تقول المحامية.
مطالبات برلمانية
وكانت لجنة المرأة والأسرة النيابية، طالبت مؤخراً بالإسراع في إقرار قانون مكافحة العنف الأسري لحماية المرأة ومنع ما تتعرض لها من أعمال عنف.
وقالت اللجنة، إنها "باعتبارها ممثلة عن شريحة المرأة وجزءا من واجبها الرقابي والقانوني والمهني، تطالب الرئاسات الثلاثة والحكومة والمنظمات الدولية والنسوية إلى تبني حملة وطنية واسعة وفعالة لمنع العنف الأسري ضد المرأة باعتبارها نصف المجتمع وتتحمل مسؤوليات وضغوط كبيرة في مختلف شؤون الحياة والأسرة".
ونبهت اللجنة إلى أن "الإجراءات التي اتخذتها خلية الأزمة في فرض حظر التجوال ألقت بظلالها على المرأة وحماية أسرتها من خطر الإصابة بالوباء سواء كانت زوجة أو أم أو أخت أو بنت".
وجددت اللجنة "دعوة الرئاسات الثلاث إلى توفير الدعم القانوني والحكومي للمرأة من خلال إعداد مشروعات من شأنها دعمها واسنادها وحمايتها أسريا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا"، مؤكدة "التزامها بحماية المرأة ووقوفها معها لتحقيق تطلعاتها وحمايتها وتوفير احتياجاتها المشروعة ضمن القانون والدستور في الحصول على فرص عمل ووظائف تمكنها من الاستقلال المالي والاقتصادي لتوفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة والعيش بثقة وكرامة وعز ورخاء".