المرأة

تحكمها نساء.. أفضل الدول استجابة لأزمة كورونا

رحمة حجة
18 أبريل 2020

نشرت مجلّة فوربس الأميركية للأعمال، مقالاً بعنوان "ما القاسم المشترك بين أفضل الدول استجابة لأزمة فيروس كورونا؟ القيادات النسوية".

توضح من خلاله الفرق الذي أحدثته النساء الحاكمات في تجاوبهن مع أزمة جائحة كورونا داخل بلدانهن، وهن: أنجيلا ميركل في ألمانيا، وكاترين جاكوبسدوتير في آيسلندا، و إيرنا سولبرغ في النرويج، وتساي إنغ ون في تايوان، وسانا مارين في فنلندا، وجاسيندا أرديرن في نيوزلندا، وميتي فريدريكسون في الدنمارك.

وحسب المجلة، كانت أسباب نجاح رئيسات حكومات البلدان المذكورة، أربعة أمور هي: الحقيقة والحب والتكنولوجيا والحسم.

ألمانيا

وقفت أنجيلا ميركل، مستشارة ألمانيا، في وقت مبكر وأخبرت مواطنيها بهدوء عن فيروس كورونا، الذي من شأنه إصابة قرابة 70% من سكان البلاد، وقالت "إنه أمر خطير، خذوا الأمر على محمل الجد". لقد فعلت ذلك والسكان كذلك. 

 عدد الإصابات= 133,830 الوفيات= 3,868 (منظمة الصحة العالمية)

بدأ الاختبار مباشرة، لتقفز ألمانيا بعيداً عن مرحلة الإنكار والغضب والخداع التي حصلت في دول أخرى، وبدت أرقامها (الإصابات والوفيات) أقل من جاراتها في أوروبا، وتوجد مؤشرات إلى أنها ستشهد قريباً تقليلاً من الإجراءات المشددة.

 تايوان

من بين الاستجابات الأولى والأسرع كانت لتساي تساي إنغ ون في تايوان، في يناير، عندما ظهرت أول علامة على حلول مرض جديد. حيث قدمت 124 إجراءً  لمنع انتشار المرض دون الحاجة إلى اللجوء للإغلاق،  ومؤخراً أرسلت 10 ملايين كمّامة إلى الوالايات المتحدة وأوروبا.

عدد الإصابات= 393 الوفيات= ٦ (شبكة جاما)

 

تمكنت تساي من إدارة الأزمة، حيث أبقت على الوباء تحت السيطرة. واتخذت شعاراً "تايوان تستطيع المساعدة، تايوان تساعد".

ووفقاً لتحليل نشرته مجلة الجمعية الطبية الأميركية (جاما) كان يفترض أن تكون تايوان شهدت أكبر تفشّي لمرض كوفيد-19، حيث تقع على بعد 81 ميلاً فقط عن الساحل الصيني، ولديها 2.7 مليون زائر من البر الرئيسي العام الماضي 2019، وحوالي 1.25 مليون مواطن يقيمون في الصين أو يعملون فيها، ومع ذلك شهدت إصابة 55 فقط محلياً، فيما سُجلت باقي الإصابات لأشخاص وافدين. (واشنطن بوست)

نيوزلندا

اتخذت رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن إجراء مبكراً في الإغلاق ووضعت البلاد في أقصى الدرجات الاحترازية، وحين كان هناك ست إصابات فقط داخل نيوزلندا، قامت بفرض الحجر الصحي على الوافدين،  وحظرت على الأجانب بالكامل دخولها بعد فترة وجيزة.

تقول كاتبة المقال في "فوربس" أفيفا ويتنبرغ،  إن "الوضوح والحسم أنقذا نيوزيلندا من العاصفة، وحتى منتصف أبريل، لم يتجاوز عدد الوفيات أربعة أشخاص".

عدد الإصابات= 1,086 الوفيات= ١١ (ويكيبيديا)

 

وفي منشور للباحثة د. نجمة علي، التي عاشت في نيوزلندا سابقاً، رأت تميّز تجربة أرديرن من خلال عدة أمور، هي: 

* اتباع سياسة الشرح البسيط (دون كلمات كبيرة) وبشكل واضح ومباشر من خلال فيديوهات قصيرة تنشرها على صفحة خاصة، وتحافظ من خلالها على اتصال مباشر مع المواطنين بشكل يومي وفي ساعات محددة.

* الالتزام، مثلاً قام وزير الصحة النيوزلندي ديفيد كلارك بكسر الحجر وخرج في جولة على شاطىء البحر، ممّا اضطره لتقديم استقالته ونشر اعتذار علني أيضاً على وسائل التواصل الاجتماعي، من الطبيعي أن تقوم أرديرن بقبول استقالته، لكنها رفضتها، لأنها لا تريد الانشغال بأمر آخر غير مجابهة الكورونا حاليا، ومع هذا لم تتجاهل الحادثة.

* التماهي الحقيقي مع شعبها وخصوصا الفئة المتضررة اقتصادياً، واتخاذ خطوات عملية، حيث أعلنت حكومتها عن  قطع 20% من راتبها ورواتب الوزراء، بالتوازي مع منح المساعدات.

* الخطاب السياسي الجامع الذي تستعمله  أرديرن ويعطي المواطنين شعوراً بالمسؤولية،
تجاه أنفسهم وبلادهم.

آيسلندا

قدمت الحكومة برئاسة كاترين جاكوبسدوتير، فحصاً مجانياً (فيروس كورونا) لجميع المواطنين، في الوقت الذي حددت دول عديدة الحالات التي تستوجب إجراء الفحص.

ومقارنة بكوريا الجنوبية مثلاً، قامت آيسلندا بفحص خمسة أضعاف عدد الذين تم فحصهم في الأولى، كما أنشأت نظام تتبع للإصابات، ما حال دون حظر التجوّل وإغلاق المدارس.

عدد الإصابات= 1,745  الوفيات= 9 التعافي= 1,224 

 

وفي مقال آخر لمجلة "فوربس" بعنوان "الدروس المستفادة من تجربة آيسلندا"، يقول كاتبه "تم تسجيل الإصابات الأربعة الأولى في أيسلندا في 1 مارس. وبلغ عدد الإصابات النشطة ذروته بعد شهر تقريباً،  وانخفض بشكل مطرد خلال الأسبوعين الماضيين، حيث ازداد عدد حالات التعافي ازداد، كما أعلنت جاكوبسدوتير  ووزراء آخرون عن تخفيف القيود الاجتماعية القائمة في 4 مايو المقبل".

باختصار ، يقول "تجاوزت آيسلندا الآن ذروة معدل الإصابة بها، وكان اقتصادها أقل تضرراً بشدة بسبب قيودها الأخف على الحركة من -على سبيل المثال- عمليات الإغلاق الأثقل بكثير في إيطاليا أو بريطانيا والعواقب الاقتصادية من الاضطرار إلى إغلاق الشركات الصغيرة والكبيرة".

و الجهود المكثفة والمبكرة لإعداد البنية التحتية الطبية، حيث كانت الأخبار العاجلة في فبراير، وضعت آيسلندا في في طليعة البلدان التي يعتقد الآن أنها كانت أكثر استعداداً  لاقتحام المعركة، حسب المقال.

فنلندا

أصبحت سانا مارين أصغر رئيسة دولة في العالم عندما تم انتخابها في ديسمبر 2019، في فنلندا.

ولعبت التقنية دوراً هاماً في مجابهة فيروس كورونا، حيث استعانت الحكومة بالمؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي، بأعمار مختلفة، لنشر المعلومات القائمة على الحقائق حول إدارة الأزمة، فليس الجميع متابعاً للصحافة.

عدد الإصابات= 3,489 الوفيات= 82 التعافي= 1,700

 

النرويج

استدعت الحكومة سلطات الطوارئ لإغلاق مجموعة واسعة من المؤسسات العامة والخاصة، بما في ذلك المدارس ورياض الأطفال، في محاولة لمكافحة انتشار فيروس كورونا.

وكانت لدى رئيسة وزراء النرويج، إيرنا سولبرغ، فكرة مبتكرة لاستخدام التلفزيون للتحدث مباشرة مع أطفال بلادها، حيث عقدت مؤتمراً صحافياً خاصاً بهم..

أجابت سولبرغ فيه عن كل تساؤلات الأطفال من جميع أنحاء البلاد، واستغرقت وقتاً لتوضيح فكرة "من الطبيعي الشعور بالخوف". 

وقالت سولبرغ "حتى لو كانت مدرستك ملوثة، فسوف تسير على ما يرام مع الجميع تقريباً ونفس الشيء مع أمك وأبيك إذا كانا مصابين" (رويترز).

عدد الإصابات= 6,937 الوفيات= 161

الدنمارك

قبل أيام فتحت أبواب المدارس ودور الحضانة للأطفال من سن الحادية عشرة وأقل في الدنمارك، بعد شهر واحد من الإغلاق، في خطوات أولية -على ما يبدو- لاستعادة الحياة الطبيعية قبل إجراءات مواجهة جائحة كورونا.

واتخذت الحكومة الدنماركية برئاسة ميتي فريدريكسون، مبكراً الإجراءات الوقائية من انتقال عدوى فيروس كورونا.

وفي خطابها قبل أيام، قالت فريدريكسون "من المهم ألا نبقي الدنمارك مغلقة لفترة أطول مما نحتاج  إليه". لكن خطوات إعادة الحياة لمجراها سكون بطيئة وحذرة.

عدد الإصابات= 7,073 الوفيات= 336  التعافي= 3,389

وكانت "سي ان ان" نشرت أواخر مارس الماضي حول التجربة الدنماركية، بالقول "ينظر إلى الدنمارك على أنها مثال في التعامل مع الصدمة الاقتصادية التي سببها انشار فيروس كورونا، بعد تأمين نحو 90% من رواتب الموظفين".

وأعلنت  الحكومة الدنماركية، الجمعة، بالسماح لأعمال تجارية صغيرة، مثل صالونات الحلاقة والتجميل ومدارس القيادة، بإعادة فتح أبوابها 20 أبريل، بعدما أمرت بإغلاق عام للبلاد الشهر الماضي.

رحمة حجة

مواضيع ذات صلة:

من تظاهرة احتجاجية في العاصمة العراقية بغداد حول تعديلات مقترحة على قانون الأحوال الشخصية
من تظاهرة احتجاجية في العاصمة العراقية بغداد حول تعديلات مقترحة على قانون الأحوال الشخصية- تعبيرية

 في مكتبها وسط العاصمة العراقية بغداد، تجتمع المحامية مروة عبد الرضا مع موكلها الشاب العشريني وزوجته (ابنة خالته)، اللذين يسعيان لتوثيق زواجهما المنعقد خارج المحكمة لصغر سن الزوجة (13 عاما)، وهي طالبة في السادس الابتدائي بمنطقة المدائن على أطراف العاصمة بغداد.

تقول عبد الرضا لـ"ارفع صوتك": "لا يمكن الحديث عن الزواج المبكر من دون أن يتم ربطه بشكل مباشر بالزواج خارج المحاكم لأنهما مرتبطان ببعضهما البعض".

بعد اكتشاف حمل الفتاة، قررت العائلة توكيل محام لتقديم طلب توثيق العقد. تضيف عبد الرضا "الإجراءات الحكومية بسيطة وغير معقدة في مثل هذه الحالات، فالقاضي يجد نفسه أمام الأمر الواقع بسبب حمل الفتاة، فيتم تصديق العقد وفرض غرامة أقصاها 250 ألف دينار على الزوج (نحو 150 دولاراً)".

الزيجة التي تشير إليها المحامية "ليست الأولى ولن تكون الأخيرة" على حدّ تعبيرها، "بل هي حالة اجتماعية متوارثة لاعتقاد سائد أن الرجل يرتبط بفتاة صغيرة ليقوم بتربيتها على ما يحب ويكره، لكن النتيجة كثيرا ما تكون سلبية بحسب القضايا التي تشغل أروقة المحاكم ونراها بشكل يومي. فالفتاة التي تتزوج بعمر الطفولة غير قادرة على استيعاب العلاقة الزوجية، وفي كثير من الحالات يكون الأمر أشبه بالاغتصاب".

تتحدث عبد الرضا عن ارتفاع كبير بنسب الطلاق في المحاكم العراقية: "كثير منها يكون نتيجة الزواج المبكر وتدخّل الأهل بسبب صغر أعمار الطرفين وهو ما يؤثر بشكل كبير على العلاقة الزوجية".

وتشير إلى أنه كثيرا ما يتم التزويج "لعدم وجود فتيات في منزل العائلة للرعاية والعمل المنزلي، فيكون مطلوب منها القيام بأعمال الكبار وهي بعمر الطفولة، وهذا أكبر من قدرة أي فتاة صغيرة".

ما تكشف عنه عبد الرضا تؤيده إحصاءات مجلس القضاء الأعلى، ففي شهر يوليو الماضي كان هناك 2760 عقد زواج خارج المحكمة، و1782 حالة طلاق خارج المحاكم و4562 حالة بتّ فيها، بعد رفع دعاوى قضائية.

وينقل المجلس الأعلى في أحد تقاريره عن القاضي عماد عبد الله قوله إن المحاكم العراقية "شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في حالات الطلاق. وأهم الأسباب ترجع إلى حالات الزواج المبكر التي تفتقر لمتابعة الأهل، وعدم توفر الاستقرار المالي الذي يسمح بإنشاء أسرة بالإضافة إلى التأثر بالسوشيال ميديا".

"خارج السرب".. رجال دين يعارضون تعديلات "الأحوال الشخصية"
مع أن طرح التعديلات على قانون الأحوال الشخصية العراقي لعام 1959، يحظى بدعم كبير من غالبية رجال الدين الشيعة والسنة في العراق، إلا أن بعض رجال الدين من الطائفتين، غردّوا خارج السرب وسجّلوا مواقف معارضة للتعديلات على القانون.

تداعيات الزواج خارج المحاكم

تتحدث شابة فضّلت عدم الكشف عن اسمها لـ"ارفع صوتك" عن سنوات طويلة حُرمت فيها من أبسط حقوقها، فلم تتعلم القراءة والكتابة، ولم تنل رعاية صحية لائقة، فقط لأن زواج أمها المبكر وإنجابها لها وهي في عمر صغير، جعلها من دون أوراق ثبوتية.

"تزوجت والدتي بعقد خارج المحكمة بعمر صغير، وانفصلت بعد أشهر قليلة عن والدي لعدم انسجامهما معاً، لتكتشف حملها بي"، تروي الشابة.

وضعت الأم حملها وتزوجت مرة ثانية، ورزقت بالمزيد من الذرية. تبين: "لم يتم إصدار أوراق ثبوتية لي، فحُرمت من التعليم ومن الرعاية الصحية، وكنت أحياناً استعين ببطاقة شقيقتي الأصغر للحصول على العلاج في المستشفيات".

توفيت والدتها التي قابلناها لصالح تقرير سابق قبل ثلاث سنوات، وفي أوائل العام الحالي وهي بعمر 23 عاماً تزوجت الشابة بعقد خارج المحكمة، واليوم تسعى لاستخراج هوية الأحوال المدنية لتوثيق زواجها "لا أريد أن تتكرر مأساتي مع أطفالي أيضاً".

من جهته، يقول المحامي خالد الأسدي لـ"ارفع صوتك" إن قضايا الزواج والطلاق خارج المحكمة في أغلبها تكون "بسبب صغر عمر الزوجة أو للزواج الثاني، كون القضاء يطلب موافقة الزوجة الأولى، ونتيجة لذلك أصبح لدينا جيش صغير من الأطفال غير الموثقين رسمياً والمحرومين من أبسط الحقوق".

الزواج المبكر كما يشرح الأسدي "لا يقتصر على الإناث فقط بل يشمل الذكور أيضاً، فقانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 اعتبر سن الثامنة عشرة هو سن الأهلية القانونية لإجراء عقد الزواج".

القانون ذاته وضع استثناءات، يفنّدها الأسدي "فقد منح القاضي صلاحيات تزويج من أكمل الخامسة عشرة من العمر وقدم طلباً بالزواج، وفق شروط تتعلق بالأهلية والقابلية البدنية التي تتحقق بتقارير طبية وموافقة ولي الأمر". 

ستابع الأسدي "هذا الاستثناء لا يشجع زواج القاصرين قدر تعلق الأمر بمعالجة حالة اجتماعية بطريقة قانونية تتيح فيه القرار للسلطة القضائية".

مع ذلك، فما كان مقبولاً في الفترة التي تم تشريع القانون بها، لم يعد مقبولاً في الوقت الحالي؛ كون المسالة تتعلق برؤية اجتماعية جديدة فيها جوانب اقتصادية وتغيرات اجتماعية كبيرة شهدها العراق خلال العقود الستة الأخيرة، بحسب الأسدي.

 

قصص

لم تكن أم علي تتجاوز 14 عاماً حين تم تزويجها إلى ابن عمها، كان ذلك أواخر تسعينيات القرن الماضي. واليوم تواجه "مشكلة"، إذ تم الاتفاق - دون رغبة الأم- على تزويج ابنتها البالغة من العُمر 14 سنة.

عدم رغبة الأم هي نتيجة مباشرة لما تعرضت له خلال رحلة زواجها الطويلة. تقول أم علي لـ"ارفع صوتك": "صحيح أنني أمتلك عائلة وأبناء وبنات أصبح بعضهم بعمر الزواج. لكن، لا أحد يتحدث عن مرارة الرحلة".

وتوضح "أنا وزوجي كنا بعمر متقارب ومن عائلتين فقيرتين. بعد زواجي بشهر واحد حملت بطفلي الأول.. كنا مجرد طفلين نعتمد على مصروف يوفره والده، أو أعمال متقطعة في مجال البناء، ولم يأت الاستقرار إلا بعد عشر سنوات حين تطوع في الجيش، وأصبح لديه راتب ثابت وبات قادراً على الإنفاق".

على الرغم من عدم رغبتها بخضوع ابنتها للتجربة ذاتها، تقول أم علي "التقاليد والأعراف لا تسمح لنا بذلك، لا أريد لابنتي أن تواجه المصير ذاته ولكن ليس بيدي حيلة وليس لنا رأي".

على عكس حكايتها، تقول أم نور  إن أحداً لم يجبرها على الزواج حين كانت بعمر السادسة عشرة، مردفة "كل فكرتي عن الزواج كانت ترتبط برغبتي بارتداء فستان أبيض، وأن الجميع سيرقصون من حولي، لكن سرعان ما اكتشفت أنّي لم أكن مؤهلة لتكوين عائلة".

في العراق كما تشرح أم نور وهي على أعتاب الستين " كثيراً ما يكون الزواج مبكراً، ودون أن تكون هناك فكرة حقيقية عن المسؤولية ومدى قدرتنا على تحملها، أو تربية أطفال والتعامل مع بيئة جديدة مختلفة عن التي تربينا فيها بعد الانتقال إلى منزل الزوجية".

أفكار نمطية                       

الموروث الثقافي كما يرى أستاذ الاجتماع رؤوف رحمان يلعب دوراً كبيراً فيما يتعلق بالزواج المبكر للإناث والذكور بشكل عام في العراق.

يقول لـ"ارفع صوتك" إن البيئة العراقي التقليدية "تربّي الفتاة على أنها غير مؤهلة لإدارة شؤونها، فيكون مصيرها مرهوناً بقرار العائلة التي تفضّل تزويجها مبكرا لأنها مرغوبة اجتماعياً ومطلوبة للزواج ما دامت صغيرة في السن، وتقل حظوظها كلما تقدمت في العُمر".

في حالات كثيرة يذكرها رحمان "تسعى الفتيات للارتباط حين تفتقد الأسرة إلى الانسجام، أو للتخلص من العنف الأسري والفقر، خصوصاً ضمن العائلات الممتدة والريفية أو في أحيان أخرى للحصول على مهرها".

ويرى أن الزواج المبكر في العراق يرتبط أيضاً "بالعنف والصراعات والحروب المستمرة، فعدم الاستقرار الأمني يدفع العوائل لتزويج الفتيات بعمر مبكر للتخلص من مسؤوليتهن".

أما في ما يتعلق بالزواج المبكر للذكور، فيشير رحمان إلى وجود "فكرة خاطئة مفادها أن تزويج الذكر بعمر صغير يقيه من الانحراف أو الوقوع في المشاكل عندما يكون مسؤولاً عن زوجة وأطفال بعمر مبكر".

كل هذه التقاليد والأعراف النمطية المتوارثة تشكّل بحسب رحمن "مواطن الخلل في المجتمع، فنحن اليوم بحاجة إلى ثقافة مختلفة تماماً، في زمن تغيرت طبيعة الحياة فيه من ريفية بسيطة إلى مدنية معقدة، غزتها وسائل التواصل وغيرت الكثير من أساليب العيش وسط أزمة اقتصادية خانقة وزيادة مرعبة بأعداد السكان".

جزء من الحل كما ترى المحامية مروة عبد الرضا، يكمن في "تثقيف الشباب من الإناث والذكور عن الحياة الزوجية والمسؤولية المترتبة عن إنشاء أسرة عبر دروس ضمن مناهج وزارة التربية، ومحاضرات من الباحثين الاجتماعيين ضمن المحاكم العراقية قبل عقد القران، لتأهيل وتوعية المقدمين على الزواج".