أين تُدفن النساء ضحايا جرائم "غسل العار" في ذي قار العراق؟
"تل المخطئات" هل هو حقيقة أم خيال؟
نشر الشاب العراقي مجتبى على حسابه في تويتر مجموعة تغريدات تتحدث عن تل في محافظة ذي قار جنوب العراق، وتحديداً شمال غرب الناصرية اسمه "تل المخطئات"، وهو مكان مخصّص لدفن النساء اللواتي يُقتلن على أيدي أفراد من عائلتهن تحت مسميات "غسل العار وجرائم الشرف".
ويأتي نشره بالتزامن مع الحملة العراقية الإلكترونية المستمرة منذ نحو 40 يوماً للضغط باتجاه تشريع قانون مكافحة العنف الأسري.
يقول مجتبى لـ"ارفع صوتك" إنه لا يعلم شيئاً حول هذا التل على أرض الواقع، وقرأه لتوّه قبل نقله لصفحته.
ولخّص الموضوع شاب مصري يدعى أحمد، في تويتر، بهذه التغريدة، التي لاقت ردود فعل مصدومة من الأمر من الفتيات عليها، فيما اتهمه عراقيون بالكذب وأكدّوا أن هذا التل ليس موجوداً في العراق.
ومن تعليقات الفتيات على تغريدته، قالت ريفن: "أنا لو انتحرت هيبقا مكتوب فرساله انتحاري ان الوداع دا بسبب اللي بسمعه وبشوفه من كتر م الناس كرهتني فالعالم بسلوكها وتصرفاتها".
وكتبت أحلام "هم من داخلهم عارفين انهم عنصريين تجاة المرأة وعارفين انهم ما كرموا المرأة يحبون يستخدمون هالكلام حتى يسيطرون على ثقافة القطيع اللي معيشة الذكر مَلك والانثى مملوكة مثل إدعاء نقصان عقل المرأة لعاطفتها بينما الواقع يقول الذكر مايتحمل يشوف صايم يفطر بينما المرأة هي تطبخ للذكر علفه".
فيما علقت مروى "البنت بتنظلم من يوم ميلادها وطول حياتها لحد ما تموت وده بسبب انها بنت".
إلا أن تعليقاً ملفتاً لمغرّد عراقي يُدعى حسوني البغدادي "حتى لوكان صحيح برأيك ماذا نفعل معها نعطيها ورد مثلا؟ فقدت شرفها وسمعة أهلها وسودت وجوهم فمصيرها واحد كما ذكرت انت".
سألنا العديد من أهالي مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار، وأغلبهم لا يعلمون شيئاً حول هذا التل، لكن الأمر ليس كذبة.
إكرام الميت "ليس دفنه"
النص الذي تم تناقله عبر تطبيق تلغرام ثم مواقع تواصل اجتماعي أخرى، يعود فعلياً لتحقيق نُشر عام 2012، أعدّته جنات الغزّي لجريدة المساواة العراقية، بعنوان "تل المخطئات.. المثوى الأخير للأنثى الشرقية باسم الشرف".
والجريدة أسبوعية مطبوعة مختصة بالقضايا النسوية، تصدر عن منظمة "حرية المرأة في العراق".
وجاء في نص التحقيق، أن التل "يقع في الشمال الغربي لمدينة الناصرية وفي المناطق العائدة لناحية البطحاء (40 كلم شمال غرب الناصرية) وبالقرب من مدينة أور الأثرية حيث تكثر هناك التلال الأثرية مما يجعلها منطقة ملائمة لتكون مدفناً لمن يتم قتلها باسم غسل العار، بعيداً عن أعين الناس والقانون".
وتضيف الكاتبة "عند تحرّينا عن تلك التلال التي يسميها الأهل (الايشان) اكتشفنا أنها تلال أثرية وهي بقايا معابد لحضارات قامت في هذه المناطق قبل آلاف السنين بل إن كلمة (ايشان) المستخدمة حاليا من قبل السكان المحليين هي كلمة سومرية وتعني التل".
"ذلك التل وكثيرُ على شاكلته يُعد مرتعا للذئاب والكلاب السائبة أو الثعالب وغيرها من الحيوانات التي تنبش القبور أو بالأصح الحفر التي تُدفن بها المغدورات دون مراعاة حق الميت بدفن لائق من ناحية الطقوس الدينية المتعارف عليها وهناك أيضا من يحرق جثثهن أو يُمثل بهاٍ، حيث يُدفّن –إن دُفّن- بملابسهن دون تكفين أو تلقين" تتابع الغزّي.
أما سبب دفن النساء في تلك التلال، فيعود إلى الاعتقاد بأن "المجني عليهن لا يستحققن الدفن في المناطق المخصصة لبقية الموتى ويعتبرونها مناطق مقدسة لا ينبغي تدنيسها بجثث (المخطئات)، وأيضاً لأنها مناطق اعتادت بعض العشائر على دفن الأطفال فيها ووجود الناس قربها لن يثير الشك بوجود جريمة، بالإضافة إلى أنها مرتفعة ستكون بمأمن من الغرق في حالة حدوث فيضان قد يفضح وجود الجثث فيها".
ويؤكد الباحث التاريخي من الناصرية، محمد الحسيني لـ"ارفع صوتك" ما ورد أعلاه، مضيفاً أن القبائل عادة وحين تتم حالة قتل باسم "الشرف" يتم دفن النساء في التلال الأثرية، لتجنب المحاسبة القانونية".
وينفي أن يكون هناك تل بعينه يحمل اسم "تل المخطئات".
من الشطرة شمال الناصرية، يؤكد مصدر خاص لـ"ارفع صوتك" تحفّظ على ذكر اسمه، أن النساء اللواتي يُقتلن تحت مسمى "غسل العار" لا يتم دفنهن عادة.
يقول "يتم قطع رأس الضحية كي لا تُعرف هويتها وتُرمى في الأراضي الزراعية أو على الطرق الخارجية".
ويضيف "الحكم العشائري أقوى من سلطة الدولة".