تقرير: كورونا فاقم معاناة النساء السوريات
منذ اندلاع جائحة كورونا، أظهرت العديد من البيانات والتقارير المستجدة حول العالم زيادة في جميع أنواع العنف ضد المرأة والفتاة وبخاصة العنف المنزلي.
ولم تكن سوريا بعيدة كل البعد عما يحدث، فكان للأزمة الإنسانية والحرب التي تعيشها سوريا دور كبير في التأثّر بالجائحة، إذ شهِدت سوريا أيضاً ارتفاعاً ملحوظاً في حالات العنف ضد المرأة، لأسباب عديدة تمثلت بتوقف عمل معيل الأسرة وارتفاع الأسعار الشديد في ظل الجائحة.
ويوافق يوم 25 من تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، وتستمر فعالياته لمدة 16 يوماً، وستختتم فعالياته في العاشر من ديسمبر المقبل بالتزامن مع حلول اليوم العالمي لحقوق الإنسان.
وبمناسبة هذا اليوم، نشرت منظمة "صحفيون من أجل حقوق الإنسان JHR" وهي منظمة دولية تعمل على تطوير وسائل الإعلام وخدمة قضايا حقوق الإنسان، ورقة بحثية بعنوان "حكايات بين الجدران، العنف المنزلي على المرأة السورية خلال أزمة كورونا"، تناولت الورقة البحثية العنف الذي تتعرض له المرأة السورية منذ إعلان أول حالة إصابة بفيروس كورونا في سوريا في تموز 2020، حتى 25 من تشرين الثاني الحالي.
ويقول تمام حازم المدير القطري لمؤسسة صحفيون سوريون من أجل حقوق الإنسان إن هذه الدراسة "تم العمل عليها للفت عناية المهتمين بقضايا النساء عموماً والناجيات السوريات"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك)، "الدراسات والتصريحات للأرقام الحقيقية لا تُنشر أو لا يتم التصريح عنها إلا كأرقام فقط وليس كحالات، على الرغم من وجود مراكز متخصصة في ذلك إلا أن البيانات التي تنشر ليست سوى أرقام وبالتالي لم يعد هناك اهتماماً بالحالات وقصصها".
وأشارت المنظمة في بيانها الصحفي أن فكرة كتابة هذه الورقة جاءت نتيجة عدم وجود إحصائيات تدل على زيادة نسبة العنف ضد المرأة خلال فترة جائحة كورونا، بالإضافة إلى وجود ثغرة بين المنظمات التي تعمل على برامج حماية ودعم المرأة والإعلام، ولهذا كان دور هذه الورقة في إيجاد صلة وصل بين الإحصائيات التي تحصلت عليها هذه المنظمات وإيصالها للإعلام، بحسب البيان الصحفي.
وركزت الورقة إلى تداعيات جائحة كورونا على الفئات الأكثر ضعفاً، إذ ظهرت أوجه كثيرة من عدم المساواة داخل المجتمعات وفيما بينها، خاصة بالنسبة للنساء اللواتي تأثرن بانتشار الفيروس من جهة وبالتدابير الوقائية التي اتخذتها الحكومات من جهة أخرى وهذا ما كان واضحاً بالنسبة للنساء المُعيلات.
وأشارت المنظمة إلى أن الأزمة الإنسانية في السياق السوري ضاعفت من معاناة النساء، وأدى التشرد واللجوء الى دول الجوار الى نشوء حالة بالغة التعقيد من العنف المرتكب ضد الفتيات والنساء السوريات، فازداد العنف بشتى انواعه في فترة الحجر تجاه الفتيات والنساء السوريات في تركيا وسوريا، مشيرة إلى ازدياد نسبة العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، وذلك يعود إلى الوضع الاقتصادي المتدهور وعدم الاستقرار وسوء المعيشة والنزوح والحرب وانخفاض أجور العمال.
كما نشرت المنظمة خريطة تفاعلية تحتوي على 79 مركز متخصّص بدعم النساء وتمكينهن شمال غرب سوريا وتركيا، واحتوت الخريطة على مواقع المراكز مع نبذة مختصرة عن الخدمات المتوفرة لديهم، بالإضافة الى أرقام الإحالة الخاصة بكل مركز.
ونشرت المنظمة فيديو يعرض قصص صوتية لنساء يعانون من تداعيات الجائحة، ووصفت إحداهن أضرار المرض بأنها أسوأ من المرض ذاته، وتقول أم عبدو إحدى النازحات في مدينة سرمدا شمال سوريا: " الحمد لله ما انصبنا بالمرض ولكن أضرار المرض أصعب من الإصابة به".
خَلُصت الورقة إلى أن نسبة من الناجيات من العنف المنزلي لم يتمكّن من الإبلاغ عن حالاتهن، وبعضهن لا يعرفن كيفية الوصول إلى مراكز الحماية التي تقدم الدعم.
وأوصت بضرورة العمل مع الأسر وخاصة في حال كانت المرأة هي معيل الأسرة، وتقديم الدعم المباشر إن كان عن طريق مساعدة نقدية أو مهنية، والعمل على إنشاء مراكز حماية مُخدّمة لمساعدة النساء اللواتي يحتجن إلى مأوى، وتوفير الرعاية النفسية والمعنوية للنساء الناجيات من العنف ولأبنائهن.
ونشر موقع "بيانات سورية" المتخصص في البيانات والإحصائيات فيديو عرض فيه أهم التوصيات من منظمة الصحة العالمية، تتوجه بها للنساء اللاتي يتعرضن للعنف المنزلي وخاصة خلال جائحة كورونا.
في ذات السياق، وزعت ناشطات تركيات وسويسريات الورود على النساء المقيمات في المخيمات في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، بحسب وكالة الأناضول.
وأفادت الناشطة تولاي غوكتشيمان في تصريحها للأناضول، أنهن أتين إدلب لإيصال صوت النساء السوريات إلى العالم.
وأضافت الناشطة تولاي "جئنا لنعبر عن مدى تقديرنا للنساء اللواتي يعشن في مخيمات النازحين وجلبنا لهن الورود معنا، ونأمل أن تنتهي هذه المصاعب التي تواجهها النساء".
وانطلقت مسيرة نسائية في مدينة القامشلي بمناسبة هذا اليوم، شارك المئات من النساء في المسيرة التي جاءت تحت شعار "المرأة حياة، لا تقتلوا المرأة"، ورفع المشاركون لافتات كُتبت عليها الشعارات التي تُحيي مقاومة المرأة في المنطقة.
وفي تقرير حديث أصدرته الشبكة السورية لحقوق الإنسان بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، وثقت الشبكة مقتل أكثر من 28 ألف امرأة على يد أطراف النزاع في سوريا، إضافة لانتهاكات أخرى مورست بحق المرأة السورية، وذلك منذ 2011 وحتى 25 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020.
ولفت التقرير إلى ما لا يقل عن 8021 حادثة عنف جنسي، بينها قرابة 879 حادثة حصلت داخل مراكز الاحتجاز، وما لا يقل عن 443 حالة عنف جنسي حصلت لفتيات دون سنِّ الـ18.
وأكدت الشبكة في تقريرها، على ضرورة أن يقوم المجتمع الدولي بتأمين حماية ومساعدة للإناث المشردات قسرياً من نازحات ولاجئات، وخصوصاً الأطفال منهن ومراعاة احتياجاتهم الخاصة في مجال الحماية تحديدا.
وبذلك تكون نسبة النساء اللواتي قتلن في سورية، منذ عام 2011، تشكل 10% من الحصيلة الإجمالية لعدد الضحايا المدنيين، وهي نسبة مرتفعة وتُظهر تعمداً لاستهداف النساء، حسب تقرير الشبكة.
فيما أشارت الأمم المتحدة إلى أن الشكاوى والاتصالات للنساء اللواتي تعرضن للعنف المنزلي في بعض البلدان ازدادت بنسبة خمسة أضعاف خلال انتشار الجائحة.
ووصفت الأمم المتحدة في تقريرها الصادر يوم أمس ما يحدث مع النساء ب "الجائحة الخفية"، بسبب التركيز الدائم على جهود الخدمات الصحية والخدمات الأساسية، وأكدت على الحاجة لجهد جماعي عالمي لوقف هذه الجائحة الخفية.
وقال أنطونيو غوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة في تصريح سابق له، "شهدنا طفرة عالمية مروّعة في العنف المنزلي، وفي بعض البلدان تضاعف عدد النساء اللاتي يطلبن خدمات الدعم".
كما نشرت منظمة الصحة العالمية مع بداية أزمة كورونا وتصاعد العنف ضد المرأة عدداً من الأسئلة والإجابات التي تساعد المرأة على مواجهة العنف.