المرأة

قصة أزيمة.. تفاصيل معارك الكرديات في تحرير كوباني

23 فبراير 2021

قالت صحيفة "تايمز" إن أزيمة دينيز، القيادية في قوات "وحدات حماية المرأة"، لعبت دورا كبيرا في الانتصارات التي أدت إلى هزيمة تنظيم داعش في مدينة كوباني شمالي سوريا، مشيرة إلى بطولات النساء الكرديات في تلك الحرب التي أعلنت عن بدء انحسار التنظيم الإرهابي في سوريا.

وأوضحت الكاتبة الأميركية، غيل ليمون، مؤلفة كتاب "بنات كوباني"، أن دينيز التي تنتمي إلى مدينة القامشلي في محافظة الحسكة، كانت قد حضرت إلى كوباني (عين العرب) لتقود مجموعة من المقاتلات، اللواتي حاربن بشراسة من أجل تحرير مدينتهن.

وبحسب ليمون، فإن أزيمة دينيز، كانت تتمتع باليقين والإرادة لتحرير المدينة رغم صعوبة المهمة، لاسيما في بداية المعارك، وخاصة وأن تنظيم داعش كان قد حقق انتصارات ساحقة عام 2014 قبل أن يستولي على كوباني.

وعن بعض ذكرياتها في تلك المعارك، تقول أزيمة إن إحدى مقاتلات مجموعتها قتلت قنصا على يدي مسلحين من داعش، قبل أن يسحبوا جثتها ليجزو عنقها ويقطعوا رأسها، مضيفة أنها شاهدت رأس صديقتها بشعرها البني وهو يتدحرج بعيدًا عن جسدها وسط بركة من الدماء.

لابد من الانتقام

وأكدت أنه لم يعد لديها شك أن ذك سيكون مصيرها ومصير رفاقها السلاح في حال وقعوا بأيدي عناصر التنظيم الإرهابي، وزادت: "أردت الانتقام.. وكل ما  زاد عدد القتلى منا سواء بالرصاص أو الصواريخ أو قطع الرؤوس كلما زادت حماستنا لطرد الإرهابيين من المدنية وتكبيدهم أول هزيمة عسكرية لهم".

القيادية في قوات "وحدات حماية المرأة" أزيمة دينيز

ورغم اعتيادها على قسوة الحرب ووحشية المعارك وضجيج السلاح وروائح البارود والدم، بيد أنها لم تعتد على موت وفراق صديقاتها، كما تقول أزيمة، التي أشارت إلى أنه خلال المعارك لم يكن لديها وقت للحزن والرثاء، وذلك حتى تحافظ على كامل تركيزها ولاتدع فرصة للدواعش في قتل المزيد منهن.

وعن تفسيرها لدورها في المعارك، توضح أزيمة: "العدو أمامي، هذا الرجل الذي يقف على بعد تسعة أقدام، لقد جاء ليقتلني. لقد ذبح شعبي. وظيفتي هي قتله أولاً، وهذا كل ما في الأمر".

لحظات عصيبة

وعن أصعب موقف واجهته خلال تلك الحرب، تلقيها اتصالا من إحدى مجموعات وحدات حماية الشعب وقد جرى حصارهم في أحد المباني من كل الجهات مما يعني أنهم باتوا على وشك أن يخسروا  حياتهم إذ لم تحدث معجزة تنقذهم.

وعلى الفور انطلقت أزيمة مع فتاة وشاب من كوباني إلى إحدى المدارس القريبة من موقع المجموعة، كما أشار عليهم أحد المحاصرين لصعوبة استخدام أجهزة اللاسلكي التي قد تكون مراقبة من عناصر داعش، ولكن وعند وصولهم لم يستطيعوا التعرف على المبنى المقصود.

وهنا طلبت أزيمة عبر اتصال هاتفي من أحد المقاتلين المحاصرين أن يلوح بخمار أحمر حتى تعرف مكان وجودهم بالضبط وهو ما حصل.

وعندئذ طلبت أزيمة من وحدة للقصف المدفعي التابعة للمقاتلين الأكراد أن تقذف محيط المبنى بالصواريخ وقذائف الهاون لخلق موجة كثيفة من الغبار والدخان تساعد على خروج المحاصرين من المبنى.

ولكن تلك الخطة لم تنجح، حيث سقطت القذائف على منطقة بعيدة من المبنى المطلوب ولم تحقق الغرض المنشود.

ومع مرور الدقائق والثواني بشكل سريع، شعرت أزيمة أن الوضع قد أضحى أكثر خطورة، وأن نحو 20 مقاتلا باتوا مهددين بفقدان حياتهم إذ لم تتصرف بسرعة.

وهنا تقول إن عقلها أسعفها إلى خطة أخرى وأخيرة، إذ استخدمت هاتفها المرتبط بشبكة اتصالات تركية للتواصل مع الأميركيين لإقناعهم بشن غارة جوية في المباني والمواقع التي يتمركز في مسلحو داعش، وكانت تصرخ يلهفة: "هناك 25 من مقاتلي الوحدات الكردية سيفارقون الحياة إذا لم تجر نجدتهم بسرعة".

وبعد سلسلة من الاتصالات والمفاوضات المضنية، شن التحالف الدولي بالفعل غارة جوية عقب حصوله على الإحداثيات المناسبة من أزيمة، مما أدى إلى مقتل وهرب عناصر داعش المتواجدين في المكان، وهنا تقول أزيمة أن القلق بقي يساروها على رفاقها المحاصرين من أن يقضوا عن طريق الخطأ بتلك الغارات،ولكن الأمور جرت على خير ما يرام، وعاد جميع سالمين باستثناء إصابة واحدة.

وعقب أيام من السهر والقتال، قررت أزيمة أخيرا أن تأخذ قسطا من الراحة وهي تردد: "في السابق الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية.. والآن كوباني.. سيتذكر العالم طويلا هذه المعارك".

تجدر الإشارة إلى كتاب "بنات كوباني" سيتحول إلى فيلم سينمائي من إنتاج شركة تملكها وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون مع ابنتها.

الحرة / ترجمات - دبي

مواضيع ذات صلة:

من تظاهرة احتجاجية في العاصمة العراقية بغداد حول تعديلات مقترحة على قانون الأحوال الشخصية
من تظاهرة احتجاجية في العاصمة العراقية بغداد حول تعديلات مقترحة على قانون الأحوال الشخصية- تعبيرية

 في مكتبها وسط العاصمة العراقية بغداد، تجتمع المحامية مروة عبد الرضا مع موكلها الشاب العشريني وزوجته (ابنة خالته)، اللذين يسعيان لتوثيق زواجهما المنعقد خارج المحكمة لصغر سن الزوجة (13 عاما)، وهي طالبة في السادس الابتدائي بمنطقة المدائن على أطراف العاصمة بغداد.

تقول عبد الرضا لـ"ارفع صوتك": "لا يمكن الحديث عن الزواج المبكر من دون أن يتم ربطه بشكل مباشر بالزواج خارج المحاكم لأنهما مرتبطان ببعضهما البعض".

بعد اكتشاف حمل الفتاة، قررت العائلة توكيل محام لتقديم طلب توثيق العقد. تضيف عبد الرضا "الإجراءات الحكومية بسيطة وغير معقدة في مثل هذه الحالات، فالقاضي يجد نفسه أمام الأمر الواقع بسبب حمل الفتاة، فيتم تصديق العقد وفرض غرامة أقصاها 250 ألف دينار على الزوج (نحو 150 دولاراً)".

الزيجة التي تشير إليها المحامية "ليست الأولى ولن تكون الأخيرة" على حدّ تعبيرها، "بل هي حالة اجتماعية متوارثة لاعتقاد سائد أن الرجل يرتبط بفتاة صغيرة ليقوم بتربيتها على ما يحب ويكره، لكن النتيجة كثيرا ما تكون سلبية بحسب القضايا التي تشغل أروقة المحاكم ونراها بشكل يومي. فالفتاة التي تتزوج بعمر الطفولة غير قادرة على استيعاب العلاقة الزوجية، وفي كثير من الحالات يكون الأمر أشبه بالاغتصاب".

تتحدث عبد الرضا عن ارتفاع كبير بنسب الطلاق في المحاكم العراقية: "كثير منها يكون نتيجة الزواج المبكر وتدخّل الأهل بسبب صغر أعمار الطرفين وهو ما يؤثر بشكل كبير على العلاقة الزوجية".

وتشير إلى أنه كثيرا ما يتم التزويج "لعدم وجود فتيات في منزل العائلة للرعاية والعمل المنزلي، فيكون مطلوب منها القيام بأعمال الكبار وهي بعمر الطفولة، وهذا أكبر من قدرة أي فتاة صغيرة".

ما تكشف عنه عبد الرضا تؤيده إحصاءات مجلس القضاء الأعلى، ففي شهر يوليو الماضي كان هناك 2760 عقد زواج خارج المحكمة، و1782 حالة طلاق خارج المحاكم و4562 حالة بتّ فيها، بعد رفع دعاوى قضائية.

وينقل المجلس الأعلى في أحد تقاريره عن القاضي عماد عبد الله قوله إن المحاكم العراقية "شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في حالات الطلاق. وأهم الأسباب ترجع إلى حالات الزواج المبكر التي تفتقر لمتابعة الأهل، وعدم توفر الاستقرار المالي الذي يسمح بإنشاء أسرة بالإضافة إلى التأثر بالسوشيال ميديا".

A woman holds up a sign reading in Arabic "the marriage of minors is a crime in the name of safeguarding (honour)", during a…
"خارج السرب".. رجال دين يعارضون تعديلات "الأحوال الشخصية"
مع أن طرح التعديلات على قانون الأحوال الشخصية العراقي لعام 1959، يحظى بدعم كبير من غالبية رجال الدين الشيعة والسنة في العراق، إلا أن بعض رجال الدين من الطائفتين، غردّوا خارج السرب وسجّلوا مواقف معارضة للتعديلات على القانون.

تداعيات الزواج خارج المحاكم

تتحدث شابة فضّلت عدم الكشف عن اسمها لـ"ارفع صوتك" عن سنوات طويلة حُرمت فيها من أبسط حقوقها، فلم تتعلم القراءة والكتابة، ولم تنل رعاية صحية لائقة، فقط لأن زواج أمها المبكر وإنجابها لها وهي في عمر صغير، جعلها من دون أوراق ثبوتية.

"تزوجت والدتي بعقد خارج المحكمة بعمر صغير، وانفصلت بعد أشهر قليلة عن والدي لعدم انسجامهما معاً، لتكتشف حملها بي"، تروي الشابة.

وضعت الأم حملها وتزوجت مرة ثانية، ورزقت بالمزيد من الذرية. تبين: "لم يتم إصدار أوراق ثبوتية لي، فحُرمت من التعليم ومن الرعاية الصحية، وكنت أحياناً استعين ببطاقة شقيقتي الأصغر للحصول على العلاج في المستشفيات".

توفيت والدتها التي قابلناها لصالح تقرير سابق قبل ثلاث سنوات، وفي أوائل العام الحالي وهي بعمر 23 عاماً تزوجت الشابة بعقد خارج المحكمة، واليوم تسعى لاستخراج هوية الأحوال المدنية لتوثيق زواجها "لا أريد أن تتكرر مأساتي مع أطفالي أيضاً".

من جهته، يقول المحامي خالد الأسدي لـ"ارفع صوتك" إن قضايا الزواج والطلاق خارج المحكمة في أغلبها تكون "بسبب صغر عمر الزوجة أو للزواج الثاني، كون القضاء يطلب موافقة الزوجة الأولى، ونتيجة لذلك أصبح لدينا جيش صغير من الأطفال غير الموثقين رسمياً والمحرومين من أبسط الحقوق".

الزواج المبكر كما يشرح الأسدي "لا يقتصر على الإناث فقط بل يشمل الذكور أيضاً، فقانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 اعتبر سن الثامنة عشرة هو سن الأهلية القانونية لإجراء عقد الزواج".

القانون ذاته وضع استثناءات، يفنّدها الأسدي "فقد منح القاضي صلاحيات تزويج من أكمل الخامسة عشرة من العمر وقدم طلباً بالزواج، وفق شروط تتعلق بالأهلية والقابلية البدنية التي تتحقق بتقارير طبية وموافقة ولي الأمر". 

ستابع الأسدي "هذا الاستثناء لا يشجع زواج القاصرين قدر تعلق الأمر بمعالجة حالة اجتماعية بطريقة قانونية تتيح فيه القرار للسلطة القضائية".

مع ذلك، فما كان مقبولاً في الفترة التي تم تشريع القانون بها، لم يعد مقبولاً في الوقت الحالي؛ كون المسالة تتعلق برؤية اجتماعية جديدة فيها جوانب اقتصادية وتغيرات اجتماعية كبيرة شهدها العراق خلال العقود الستة الأخيرة، بحسب الأسدي.

 

قصص

لم تكن أم علي تتجاوز 14 عاماً حين تم تزويجها إلى ابن عمها، كان ذلك أواخر تسعينيات القرن الماضي. واليوم تواجه "مشكلة"، إذ تم الاتفاق - دون رغبة الأم- على تزويج ابنتها البالغة من العُمر 14 سنة.

عدم رغبة الأم هي نتيجة مباشرة لما تعرضت له خلال رحلة زواجها الطويلة. تقول أم علي لـ"ارفع صوتك": "صحيح أنني أمتلك عائلة وأبناء وبنات أصبح بعضهم بعمر الزواج. لكن، لا أحد يتحدث عن مرارة الرحلة".

وتوضح "أنا وزوجي كنا بعمر متقارب ومن عائلتين فقيرتين. بعد زواجي بشهر واحد حملت بطفلي الأول.. كنا مجرد طفلين نعتمد على مصروف يوفره والده، أو أعمال متقطعة في مجال البناء، ولم يأت الاستقرار إلا بعد عشر سنوات حين تطوع في الجيش، وأصبح لديه راتب ثابت وبات قادراً على الإنفاق".

على الرغم من عدم رغبتها بخضوع ابنتها للتجربة ذاتها، تقول أم علي "التقاليد والأعراف لا تسمح لنا بذلك، لا أريد لابنتي أن تواجه المصير ذاته ولكن ليس بيدي حيلة وليس لنا رأي".

على عكس حكايتها، تقول أم نور  إن أحداً لم يجبرها على الزواج حين كانت بعمر السادسة عشرة، مردفة "كل فكرتي عن الزواج كانت ترتبط برغبتي بارتداء فستان أبيض، وأن الجميع سيرقصون من حولي، لكن سرعان ما اكتشفت أنّي لم أكن مؤهلة لتكوين عائلة".

في العراق كما تشرح أم نور وهي على أعتاب الستين " كثيراً ما يكون الزواج مبكراً، ودون أن تكون هناك فكرة حقيقية عن المسؤولية ومدى قدرتنا على تحملها، أو تربية أطفال والتعامل مع بيئة جديدة مختلفة عن التي تربينا فيها بعد الانتقال إلى منزل الزوجية".

أفكار نمطية                       

الموروث الثقافي كما يرى أستاذ الاجتماع رؤوف رحمان يلعب دوراً كبيراً فيما يتعلق بالزواج المبكر للإناث والذكور بشكل عام في العراق.

يقول لـ"ارفع صوتك" إن البيئة العراقي التقليدية "تربّي الفتاة على أنها غير مؤهلة لإدارة شؤونها، فيكون مصيرها مرهوناً بقرار العائلة التي تفضّل تزويجها مبكرا لأنها مرغوبة اجتماعياً ومطلوبة للزواج ما دامت صغيرة في السن، وتقل حظوظها كلما تقدمت في العُمر".

في حالات كثيرة يذكرها رحمان "تسعى الفتيات للارتباط حين تفتقد الأسرة إلى الانسجام، أو للتخلص من العنف الأسري والفقر، خصوصاً ضمن العائلات الممتدة والريفية أو في أحيان أخرى للحصول على مهرها".

ويرى أن الزواج المبكر في العراق يرتبط أيضاً "بالعنف والصراعات والحروب المستمرة، فعدم الاستقرار الأمني يدفع العوائل لتزويج الفتيات بعمر مبكر للتخلص من مسؤوليتهن".

أما في ما يتعلق بالزواج المبكر للذكور، فيشير رحمان إلى وجود "فكرة خاطئة مفادها أن تزويج الذكر بعمر صغير يقيه من الانحراف أو الوقوع في المشاكل عندما يكون مسؤولاً عن زوجة وأطفال بعمر مبكر".

كل هذه التقاليد والأعراف النمطية المتوارثة تشكّل بحسب رحمن "مواطن الخلل في المجتمع، فنحن اليوم بحاجة إلى ثقافة مختلفة تماماً، في زمن تغيرت طبيعة الحياة فيه من ريفية بسيطة إلى مدنية معقدة، غزتها وسائل التواصل وغيرت الكثير من أساليب العيش وسط أزمة اقتصادية خانقة وزيادة مرعبة بأعداد السكان".

جزء من الحل كما ترى المحامية مروة عبد الرضا، يكمن في "تثقيف الشباب من الإناث والذكور عن الحياة الزوجية والمسؤولية المترتبة عن إنشاء أسرة عبر دروس ضمن مناهج وزارة التربية، ومحاضرات من الباحثين الاجتماعيين ضمن المحاكم العراقية قبل عقد القران، لتأهيل وتوعية المقدمين على الزواج".