FILE- In this March 21, 2004 file picture, Iraqi-British architect Zaha Hadid poses in West Hollywood, Calif. Hadid, whose…
المعمارية العراقية الراحلة زهاء حديد

لم تتوان المرأة العراقية منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 عن خوض كافة أنواع النضال لنيل حقوقها والحصول على المساواة مع الرجال والمساهمة بفاعلية في كافة مجالات الحياة وخدمة المجتمع، متحدية كافة العوائق السياسية والمجتمعية التي تقف في طريقها.

وانطلقت الحركة النسوية العراقية بشكل رسمي مع عام 1923، عبر تنظيم العديد من النشاطات الاجتماعية والثقافية التي قادتها آنذاك عدد من النساء المتعلمات خارج العراق، اللائي كن من العائلات الميسورة وانضمت إليهن زوجات وبنات وشقيقات كبار القادة السياسيين والعسكريين حينها، كزوجة رئيس الوزراء نوري سعيد باشا وزوجة وزير الدفاع جعفر العسكري والصحفية بولينا حسون وأسماء الزهاوي وغيرهن من سيدات المجتمع، وتمخضت جهودهن عن تأسيس أول ناد نسوي في بغداد باسم "نادي النهضة النسائية".

ومنذ عشرينات القرن الماضي برزت العديد من النساء العراقيات الرائدات في شتى المجالات، وكانت لهن دور رئيسي في بناء الدولة العراقية وتطويرها وترسيخ مبادئ حقوق المرأة وفسح المجال أمام النساء والفتيات لتلعبن دورهن في قيادة المجتمع.

 

سانحة محمد أمين زكي

 

تعتبر الدكتورة سانحة بلقيس محمد أمين زكي واحدة من النساء العراقيات الرائدات في مجال الطب. ولدت عام 1920 وهي ابنة المؤرخ الكردي محمد أمين زكي أحد مؤسسي الجيش العراقي وقادته الأوائل.

كانت سانحة بلقيس أول فتاة عراقية تدرس الطب في جامعة بغداد وتخرجت منها عام 1943، ثم سافرت بعدها إلى خارج العراق لاستكمال دراساتها العليا في بريطانيا، وحصلت على شهادة الماجستير من جامعة لندن عام 1965، وعادت إلى العراق بعد إكمال الدراسة. عملت كأستاذة في جامعة بغداد وطبيبة أطفال.

ألفت كتاب "مذكرات طبيبة عراقية"أرخت فيه للعديد من الأحداث المحلية في العراق وعرفت خلاله عددا من الشخصيات العراقية آنذاك.

 

رينيه دنكور

 

في مجال الجمال، برزت رينيه دنكور وهي يهودية عراقية ولدت عام 1925.

نشأت في بغداد وأقامت في لندن، وهي من عائلة بغدادية عريقة والدها كان من أشهر أطباء بغداد، وكان جدها أحد حاخامات بغداد. ساهمت عائلتها في تجارة الورق والطباعة في العراق.

فازت رينيه دنكور بلقب ملكة جمال بغداد عام 1946، وفي عام 1947، توجت بلقب أول ملكة جمال في تاريخ العراق الحديث وكان عمرها 21 عاما.

 تزوجت رينيه 1947 من ابن عمها الدكتور نعيم دنكور. وغادرت أسرتها العراق عام 1968 ضمن حملات تهجير اليهود، التي نفذتها السلطات العراقية آنذاك بعد أن استولت على أموالهم وممتلكاتهم، فاضطرت رينيه وعائلتها الى الاستقرار في لندن، وتوفيت في 9 يوليو 2008.

 

نزيهة الدليمي

 

لا يمكن للقارئ في تاريخ العراق الحديث أن يغفل دور نزيهة الدليمي، أول امرأة تسلمت منصب وزيرة في العراق والشرق الأوسط خلال القرن الماضي.

ولدت نزيهة الدليمي في محلة الباب المعظم بمدينة بغداد 1923 في عائلة متوسطة الحال. دخلت الكلية الطبية العراقية وتخرجت منها عام 1947، ومارست مهنة الطب في العديد من المستشفيات العراقية.

كانت الدليمي من المشاركات في "الجمعية النسوية لمكافحة الفاشية والنازية"، التي تأسست في بغداد خلال الحرب العالمية الثانية وكانت مناهضة للنظامين النازي في ألمانيا والفاشي في إيطاليا.

قررت الجمعية تغيير اسمها عام 1945 إلى " رابطة النساء العراقيات "، ومن ثم إلى "رابطة المرأة العراقية " عام 1952. تولت الدليمي رئاستها وكان لهذه الرابطة علاقات مع التنظيمات النسائية في العالم.

كانت الدليمي في مقدمة النساء العراقيات المدافعات عن حقوق المرأة وانتقدت في كتابها "المرأة العراقية" واقع المرأة العراقية وسيطرة التقاليد على المجتمع، وطالبت النساء بالثورة على الواقع والتحرر من القيود.

تولت الدليمي وزارة البلديات في أول حكومة برئاسة عبد الكريم قاسم في النظام الجهوري عام 1959. ولعبت دورا بارزا في تشريع قانون الأحوال الشخصية المرقم 188 لسنة 1959، الذي ضمن جزءً من حقوق المرأة العراقية واعتبر قانونا متقدما على مستوى الشرق الأوسط في ذلك الوقت.

هاجرت الدليمي في سبعينات القرن الماضي إلى ألمانيا بعد تدهور الأوضاع السياسية في العراق وعاشت قرب العاصمة برلين حتى وفاتها عام 2007، حيث نقل جثمانها إلى العراق ودفنت في بغداد.

 

زهاء حديد

 

لعل أبرز من عرفت العالم بفن الهندسة الحديث والطابع العراقي في البناء الحديث هي المعمارية العراقية زهاء حديد، التي تنتشر تصاميمها المعمارية في العديد من دول العالم. وما يزال يتم تنفيذ ما صممته قبل وفاتها في عدد من المدن خاصة في دول الخليج.

ولدت حديد في مدينة الموصل عام 1950، وهي ابنة السياسي العراقي محمد حديد الذي شغل منصب وزير المالية في حكومة عبد الكريم قاسم بعد انقلاب عام 1958 الذي أنهى النظام الملكي في العراق.

أكملت حديد دراستها الأولية في العراق، والتحقت بالجامعة الأميركية في بيروت عام 1971. سافرت بعدها إلى لندن، حيث حصلت على شهادة عالية في الهندسة المعمارية وتدربت في مدرسة التجمع المعماري في لندن.

عملت بعد تخرجها عام 1977 مع مكتب عمارة الميترو بوليتان في لندن، قبل أن تفتتح بنفسها مكتبا استشاريا معماريا عام 1987 في لندن. واستمرت في التألق في مجال العمارة والتصميم، حيث عرفت بتصاميمها الفريدة في الغرب والشرق، وكانت تتلقى حتى وفاتها عام 2016 العروض لإلقاء محاضرات في كليات الهندسة في جامعات الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا.

 

بولينا حسون

 

لم يكن المجال الصحفي والإعلامي بمنأى عن النساء الرائدات في العراق، فبرزت الصحفية بولينا حسون كأول صحفية ميدانية ومناصرة للنساء خلال العشرينات، وأسست أول مجلة نسائية باسم "ليلى" عام 1933 وكانت هي رئيسة تحريرها.

طالبت بولينا حسون من خلال المجلة ننح المرأة حقوقها السياسية، وساهمت في تأسيس المنظمات النسائية الخيرية مثل الهلال الأحمر وجمعية حماية الأطفال وجمعية بيوت الأمة وجمعية البيت العربي.

 

أمينة الرحال

 

احتلت المحامية أمينة الرحال قائمة أولى النساء العاملات في مجال المحاماة في العراق. ولدت أمينة الرحال عام 1919 في منطقة الدليم بمحافظة الأنبار في بيئة محافظة، وهي ابنة علي صائب، أحد الضابط العراقيين في الجيش العثماني.

درست الرحال القانون وتخرجت من كلية الحقوق عام 1943، وكانت أول امرأة تعرف بأنها تقود سيارة في العراق، وعملت في الدفاع عن حقوق النساء وتحدي العادات والتقاليد، وكذلك كانت من رائدات العمل التطوعي في العراق والشرق الأوسط.

 

نازك الملائكة

 

تعتبر الشاعرة العراقية نازك الملائكة أحد رواد حركة الشعر الحر، وأبرز النساء الشاعرات في العراق والشرق الأوسط خلال القرن الماضي.

ولدت الملائكة في بغداد عام 1923 ونشأت في عائلة من الشعراء والأدباء. تخرجت نازك الملائكة من دار المعلمين العالية في بغداد عام 1944 بدرجة امتياز، وسافرت إلى الولايات المتحدة الأميركية لدراسة اللغة الإنجليزية وآدابها عام 1950، وكانت تجيد إلى جانب اللغة العربية اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية واللاتينية.

 

أحلام منصور

 

تعد أحلام منصور، القاصة والروائية الكردية العراقية، واحدة من رائدات القصة والرواية خلال سبعينات وثمانينات القرن الماضي في العراق.

ولدت أحلام عام 1951 في مدينة خانقين شمال شرق العراق، وتخرجت من كلية الآداب قسم اللغة والأدب الكردي في جامعة بغداد. تزخر الحياة الأدبية لمنصور بعطاء أدبي غني باللغتين الكردية والعربية، وعرضت في رواياتها وقصصها الحياة الاجتماعية في مدينتها، وكانت من المدافعات عن حرية المرأة.

سافرت في بدايات الثمانينيات إلى باريس لنيل رسالة الماجستير في جامعة السوربون، ومن ثم عادت إلى العراق لممارسة حياتها كأديبة وكاتبة ومن ثم أستاذة في كلية الإعلام في جامعة السليمانية، واستمرت في نتاجاتها الأدبية والأكاديمية حتي وفاتها عام 2013.

 

المزيد من المقالات:

مواضيع ذات صلة:

من تظاهرة احتجاجية في العاصمة العراقية بغداد حول تعديلات مقترحة على قانون الأحوال الشخصية
من تظاهرة احتجاجية في العاصمة العراقية بغداد حول تعديلات مقترحة على قانون الأحوال الشخصية- تعبيرية

 في مكتبها وسط العاصمة العراقية بغداد، تجتمع المحامية مروة عبد الرضا مع موكلها الشاب العشريني وزوجته (ابنة خالته)، اللذين يسعيان لتوثيق زواجهما المنعقد خارج المحكمة لصغر سن الزوجة (13 عاما)، وهي طالبة في السادس الابتدائي بمنطقة المدائن على أطراف العاصمة بغداد.

تقول عبد الرضا لـ"ارفع صوتك": "لا يمكن الحديث عن الزواج المبكر من دون أن يتم ربطه بشكل مباشر بالزواج خارج المحاكم لأنهما مرتبطان ببعضهما البعض".

بعد اكتشاف حمل الفتاة، قررت العائلة توكيل محام لتقديم طلب توثيق العقد. تضيف عبد الرضا "الإجراءات الحكومية بسيطة وغير معقدة في مثل هذه الحالات، فالقاضي يجد نفسه أمام الأمر الواقع بسبب حمل الفتاة، فيتم تصديق العقد وفرض غرامة أقصاها 250 ألف دينار على الزوج (نحو 150 دولاراً)".

الزيجة التي تشير إليها المحامية "ليست الأولى ولن تكون الأخيرة" على حدّ تعبيرها، "بل هي حالة اجتماعية متوارثة لاعتقاد سائد أن الرجل يرتبط بفتاة صغيرة ليقوم بتربيتها على ما يحب ويكره، لكن النتيجة كثيرا ما تكون سلبية بحسب القضايا التي تشغل أروقة المحاكم ونراها بشكل يومي. فالفتاة التي تتزوج بعمر الطفولة غير قادرة على استيعاب العلاقة الزوجية، وفي كثير من الحالات يكون الأمر أشبه بالاغتصاب".

تتحدث عبد الرضا عن ارتفاع كبير بنسب الطلاق في المحاكم العراقية: "كثير منها يكون نتيجة الزواج المبكر وتدخّل الأهل بسبب صغر أعمار الطرفين وهو ما يؤثر بشكل كبير على العلاقة الزوجية".

وتشير إلى أنه كثيرا ما يتم التزويج "لعدم وجود فتيات في منزل العائلة للرعاية والعمل المنزلي، فيكون مطلوب منها القيام بأعمال الكبار وهي بعمر الطفولة، وهذا أكبر من قدرة أي فتاة صغيرة".

ما تكشف عنه عبد الرضا تؤيده إحصاءات مجلس القضاء الأعلى، ففي شهر يوليو الماضي كان هناك 2760 عقد زواج خارج المحكمة، و1782 حالة طلاق خارج المحاكم و4562 حالة بتّ فيها، بعد رفع دعاوى قضائية.

وينقل المجلس الأعلى في أحد تقاريره عن القاضي عماد عبد الله قوله إن المحاكم العراقية "شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في حالات الطلاق. وأهم الأسباب ترجع إلى حالات الزواج المبكر التي تفتقر لمتابعة الأهل، وعدم توفر الاستقرار المالي الذي يسمح بإنشاء أسرة بالإضافة إلى التأثر بالسوشيال ميديا".

A woman holds up a sign reading in Arabic "the marriage of minors is a crime in the name of safeguarding (honour)", during a…
"خارج السرب".. رجال دين يعارضون تعديلات "الأحوال الشخصية"
مع أن طرح التعديلات على قانون الأحوال الشخصية العراقي لعام 1959، يحظى بدعم كبير من غالبية رجال الدين الشيعة والسنة في العراق، إلا أن بعض رجال الدين من الطائفتين، غردّوا خارج السرب وسجّلوا مواقف معارضة للتعديلات على القانون.

تداعيات الزواج خارج المحاكم

تتحدث شابة فضّلت عدم الكشف عن اسمها لـ"ارفع صوتك" عن سنوات طويلة حُرمت فيها من أبسط حقوقها، فلم تتعلم القراءة والكتابة، ولم تنل رعاية صحية لائقة، فقط لأن زواج أمها المبكر وإنجابها لها وهي في عمر صغير، جعلها من دون أوراق ثبوتية.

"تزوجت والدتي بعقد خارج المحكمة بعمر صغير، وانفصلت بعد أشهر قليلة عن والدي لعدم انسجامهما معاً، لتكتشف حملها بي"، تروي الشابة.

وضعت الأم حملها وتزوجت مرة ثانية، ورزقت بالمزيد من الذرية. تبين: "لم يتم إصدار أوراق ثبوتية لي، فحُرمت من التعليم ومن الرعاية الصحية، وكنت أحياناً استعين ببطاقة شقيقتي الأصغر للحصول على العلاج في المستشفيات".

توفيت والدتها التي قابلناها لصالح تقرير سابق قبل ثلاث سنوات، وفي أوائل العام الحالي وهي بعمر 23 عاماً تزوجت الشابة بعقد خارج المحكمة، واليوم تسعى لاستخراج هوية الأحوال المدنية لتوثيق زواجها "لا أريد أن تتكرر مأساتي مع أطفالي أيضاً".

من جهته، يقول المحامي خالد الأسدي لـ"ارفع صوتك" إن قضايا الزواج والطلاق خارج المحكمة في أغلبها تكون "بسبب صغر عمر الزوجة أو للزواج الثاني، كون القضاء يطلب موافقة الزوجة الأولى، ونتيجة لذلك أصبح لدينا جيش صغير من الأطفال غير الموثقين رسمياً والمحرومين من أبسط الحقوق".

الزواج المبكر كما يشرح الأسدي "لا يقتصر على الإناث فقط بل يشمل الذكور أيضاً، فقانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 اعتبر سن الثامنة عشرة هو سن الأهلية القانونية لإجراء عقد الزواج".

القانون ذاته وضع استثناءات، يفنّدها الأسدي "فقد منح القاضي صلاحيات تزويج من أكمل الخامسة عشرة من العمر وقدم طلباً بالزواج، وفق شروط تتعلق بالأهلية والقابلية البدنية التي تتحقق بتقارير طبية وموافقة ولي الأمر". 

ستابع الأسدي "هذا الاستثناء لا يشجع زواج القاصرين قدر تعلق الأمر بمعالجة حالة اجتماعية بطريقة قانونية تتيح فيه القرار للسلطة القضائية".

مع ذلك، فما كان مقبولاً في الفترة التي تم تشريع القانون بها، لم يعد مقبولاً في الوقت الحالي؛ كون المسالة تتعلق برؤية اجتماعية جديدة فيها جوانب اقتصادية وتغيرات اجتماعية كبيرة شهدها العراق خلال العقود الستة الأخيرة، بحسب الأسدي.

 

قصص

لم تكن أم علي تتجاوز 14 عاماً حين تم تزويجها إلى ابن عمها، كان ذلك أواخر تسعينيات القرن الماضي. واليوم تواجه "مشكلة"، إذ تم الاتفاق - دون رغبة الأم- على تزويج ابنتها البالغة من العُمر 14 سنة.

عدم رغبة الأم هي نتيجة مباشرة لما تعرضت له خلال رحلة زواجها الطويلة. تقول أم علي لـ"ارفع صوتك": "صحيح أنني أمتلك عائلة وأبناء وبنات أصبح بعضهم بعمر الزواج. لكن، لا أحد يتحدث عن مرارة الرحلة".

وتوضح "أنا وزوجي كنا بعمر متقارب ومن عائلتين فقيرتين. بعد زواجي بشهر واحد حملت بطفلي الأول.. كنا مجرد طفلين نعتمد على مصروف يوفره والده، أو أعمال متقطعة في مجال البناء، ولم يأت الاستقرار إلا بعد عشر سنوات حين تطوع في الجيش، وأصبح لديه راتب ثابت وبات قادراً على الإنفاق".

على الرغم من عدم رغبتها بخضوع ابنتها للتجربة ذاتها، تقول أم علي "التقاليد والأعراف لا تسمح لنا بذلك، لا أريد لابنتي أن تواجه المصير ذاته ولكن ليس بيدي حيلة وليس لنا رأي".

على عكس حكايتها، تقول أم نور  إن أحداً لم يجبرها على الزواج حين كانت بعمر السادسة عشرة، مردفة "كل فكرتي عن الزواج كانت ترتبط برغبتي بارتداء فستان أبيض، وأن الجميع سيرقصون من حولي، لكن سرعان ما اكتشفت أنّي لم أكن مؤهلة لتكوين عائلة".

في العراق كما تشرح أم نور وهي على أعتاب الستين " كثيراً ما يكون الزواج مبكراً، ودون أن تكون هناك فكرة حقيقية عن المسؤولية ومدى قدرتنا على تحملها، أو تربية أطفال والتعامل مع بيئة جديدة مختلفة عن التي تربينا فيها بعد الانتقال إلى منزل الزوجية".

أفكار نمطية                       

الموروث الثقافي كما يرى أستاذ الاجتماع رؤوف رحمان يلعب دوراً كبيراً فيما يتعلق بالزواج المبكر للإناث والذكور بشكل عام في العراق.

يقول لـ"ارفع صوتك" إن البيئة العراقي التقليدية "تربّي الفتاة على أنها غير مؤهلة لإدارة شؤونها، فيكون مصيرها مرهوناً بقرار العائلة التي تفضّل تزويجها مبكرا لأنها مرغوبة اجتماعياً ومطلوبة للزواج ما دامت صغيرة في السن، وتقل حظوظها كلما تقدمت في العُمر".

في حالات كثيرة يذكرها رحمان "تسعى الفتيات للارتباط حين تفتقد الأسرة إلى الانسجام، أو للتخلص من العنف الأسري والفقر، خصوصاً ضمن العائلات الممتدة والريفية أو في أحيان أخرى للحصول على مهرها".

ويرى أن الزواج المبكر في العراق يرتبط أيضاً "بالعنف والصراعات والحروب المستمرة، فعدم الاستقرار الأمني يدفع العوائل لتزويج الفتيات بعمر مبكر للتخلص من مسؤوليتهن".

أما في ما يتعلق بالزواج المبكر للذكور، فيشير رحمان إلى وجود "فكرة خاطئة مفادها أن تزويج الذكر بعمر صغير يقيه من الانحراف أو الوقوع في المشاكل عندما يكون مسؤولاً عن زوجة وأطفال بعمر مبكر".

كل هذه التقاليد والأعراف النمطية المتوارثة تشكّل بحسب رحمن "مواطن الخلل في المجتمع، فنحن اليوم بحاجة إلى ثقافة مختلفة تماماً، في زمن تغيرت طبيعة الحياة فيه من ريفية بسيطة إلى مدنية معقدة، غزتها وسائل التواصل وغيرت الكثير من أساليب العيش وسط أزمة اقتصادية خانقة وزيادة مرعبة بأعداد السكان".

جزء من الحل كما ترى المحامية مروة عبد الرضا، يكمن في "تثقيف الشباب من الإناث والذكور عن الحياة الزوجية والمسؤولية المترتبة عن إنشاء أسرة عبر دروس ضمن مناهج وزارة التربية، ومحاضرات من الباحثين الاجتماعيين ضمن المحاكم العراقية قبل عقد القران، لتأهيل وتوعية المقدمين على الزواج".