المرأة

أُنس جابر.. بطلة ويمبلدون غير المتوجة

09 يوليو 2022

نقلا عن موقع الحرة

في يونيو 2021 دخلت التونسية أنس جابر التاريخ بعدما أصبحت أول عربية تفوز بإحدى بطولات اتحاد لاعبات التنس المحترفات، واليوم كانت قريبة جدا من تعزيز هذا الإنجاز عندما اقتربت من تحقيق أول ألقابها في إحدى البطولات الأربع الكبرى، لكنها خسرت نهائي بطولة ويمبلدون أمام الكازاخستانية إيلينا ريباكينا لمجموعتين لواحدة.

وعلى الرغم من خسارة نهائي ويمبلدون، ينظر العرب إلى أنس جابر على أنها البطلة غير المتوجة، فمنذ أيام أصبحت أول عربية وأفريقية تصل لنهائي إحدى البطولات الأربع الكبرى لمحترفات التنس.

وقالت جابر في تصريحات بعد الخسارة إنها "حزينة جدا، ولكن في مباريات التنس لا يوجد فيها سوى فائز واحد، كنت أرغب في تحقيق الفوز".

وحققت التونسية المصنفة ثانية عالميا إنجازا غير مسبوق للتنس العربي والأفريقي بتأهلها لنهائي بطولة ويمبلدون الإنكليزية لكرة المضرب، بعد تغلبها على الألمانية ماريا تاتيانا.

خاضت جابر (27 عاما) بطولة ويمبلدون بمعنويات عالية بعد أن توجت بطلة في دورة برلين على الملاعب العشبية في 19 يونيو الماضي.

بدأت جابر تشد الأنظار نحوها خلال بطولة أستراليا المفتوحة في العام 2020 (78 عالميا وكانت أول لاعبة عربية تتأهل لربع النهائي في دورة غراند سلام).

وفي يونيو 2021 (24 عالميا)، فازت بدورة برمنغهام لتكون تبعا لذلك أول لاعبة مغاربية تحقق هذا الإنجاز.

شيئا فشيئا حصدت التونسية المتحدرة من مدينة قصر هلال الساحلية (شرق) "تجربة وثقة والعديد من اللاعبات أصبحت تخشين مواجهتي" في تقديرها.

وُلدت أنس أو "وزيرة السعادة" كما يلقبها التونسيون في مدينة قصر هلال (شرق) في 28 أغسطس 1994، في عائلة تتكون من شابين وفتاتين هي أصغرهم.

وانطلقت في لعب كرة المضرب منذ الصغر في مدينة حمّام سوسة (شرق). بدأت خطواتها الأولى بمركز النهوض بلعبة كرة المضرب في المدرسة مع مدربها آنذاك نبيل مليكة.

انتقلت جابر في سن الثانية عشرة إلى العاصمة تونس للتدرب في المعهد الرياضي بالمنزه (حكومي يضم نخبة الرياضيين) لتبدأ مشوارا جديدا في حياتها.

ويُعرف عن أنس أن لديها أسلوب لعب خاص في طريقة التعامل مع منافساتها خلال المباراة وتبحث عن تقديم العروض الجميلة "هي تكره اللعب بنسق واحد، تبحث دائما على خلق الفرجة بتنويع اللعب بتسديدات تفاجئ بها الخصم، وخصوصا منها عبر الكرات الساقطة"، حسب مليكة الذي يؤكد أنها "فعلا ملكة الدروب شوت منذ زمن".

في تصريحات قبل نهائي ويمبلدون رأت جابر أن تتويجها بأول لقب كبير في مسيرتها أمام ريباكينا ستكون فرحته مزدوجة "لإن السبت هو العيد (الاضحى)، وهو إجازتي المفضلة. هو بمثابة عيد الميلاد لنا".

وكشفت المصنفة ثانية عالميا أن التتويج في ويمبلدون لم يكن حلمها "لن أكذب عليكم، الفوز في ويمبلدون لم يكن حلم طفولتي. كان حلم طفولتي دوما الفوز في بطولة فرنسا المفتوحة (على أرض ترابية في رولان غاروس)".

وتابعت ابنة قصر هلال التونسية البالغة 27 عاما "لم يكن لدينا ملاعب عشبية في تونس، فلم اتصور نفسي في ويمبلدون في طفولتي. لكنه أصبح حلما عندما بلغت ربع النهائي العام الماضي، لأني احببت كل شيء في ما يتعلق بويمبلدون".

ويأتي وصولها إلى نهائي ويمبلدون بعد مشاركة مخيبة في بطولة رولان غاروس الفرنسية، ثانية بطولات الـ"غراند سلام"، حيث انتهى مشوارها عند الدور الأول، وبعد غيابها عن بطولة أستراليا المفتوحة بسبب الإصابة.

وكانت جابر من أبرز المرشحات للفوز بلقب رولان غاروس، لاسيما أنها كانت قادمة من تتويج بلقب دورة مدريد الألف على الملاعب الترابية ووصول الى نهائي دورة روما الألف أيضاً حيث خسرت أمام شفيونتيك.

يعرف عن جابر جرأة وصرامة في اللعب ولا تتردّد في أن تتوقف عن اللعب في المباراة لتطلب من أحد المشجعين التزام الصمت لتتمكن من التركيز.

مرحة وتسعى دائما إلى التعليق بطريقتها الخاصة، حيث تملك جرأة لطلب الاستماع إلى ايقاعات وأغاني تونسية بعد كل مباراة انتصرت فيها خلال دورة برلين التي أحرزت لقبها الشهر الفائت. وتفاعل معها المسؤول عن التنشيط في الملعب وبث لها خصيصا مقطعا من أغنية لفنان الراب التونسي "بلطي".

كثيرة النشاط على مواقع التواصل الاجتماعي وتنشر مقاطع فيديو وصور لجزء من حياتها العائلية الخاصة مع زوجها المعد البدني كريم كمّون وكذلك باحتفالها بانتصاراتها بعد كل دورة.  

يبلغ طولها 1.67 م وترتكز في لعبها على يدها اليمنى. هي متزوجة منذ عام 2015 من لاعب المبارزة السابق ومعدها البدني حالياً كريم كمّون.

مواضيع ذات صلة:

Paris 2024 Paralympics - Table Tennis
نجلاء عماد متوّجة بالميدالية الذهبية في بارالمبياد باريس

بفوز  أفرح ملايين العراقيين، حصدت لاعبة كرة تنس الطاولة نجلة عماد الميدالية الذهبية في بارالمبياد باريس، فأصبحت أول عراقية تحقق هذا الإنجاز الرياضي الرفيع، رغم فقدانها ثلاثة أطراف بانفجار عبوة ناسفة عندما كانت بعمر ثلاث سنوات.

وفي مشهد كان الأكثر تداولا على منصات التواصل الاجتماعي في العراق عقب إعلان فوزها، راقب العراقيون تتويجها بالميدالية الذهبية في احتفالية رفُع فيها العلم العراقي، وعُزف النشيد الوطني لأول امرأة عراقية تفوز بوسام في تاريخ اللجنة البارالمبية العراقية منذ أولى مشاركتها في العام 1992 .

وأختتمت فعاليات دورة الألعاب البارالمبية  في العاصمة الفرنسية باريس  يوم الأحد الماضي بحصول العراق على 5 ميداليات (ذهبية وفضية و3 برونزيات).

 

عبوة ناسفة

في الأول من يوليو الماضي، وفي جلسة للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، ألقت عماد كلمة في حلقة النقاش الموضوعية التي تعقد كل أربع سنوات، حول تعزيز حقوق الإنسان من خلال الرياضة.

في تلك الجلسة روت قصتها مع تنس الطاولة التي "بدأت في العام 2008 عندما كانت محافظة ديالى تعاني من إرهاب القاعدة، وكان والدها جندياً يعمل لساعات طويلة في الجيش لحمايتهم" على حد تعبيرها.

في ذلك العام "كان عمري ثلاث سنوات، وكنت أنتظر عودة والدي من العمل ليأخذني في جولة بسيارته، وضعني والدي في السيارة وأثناء وصوله إلى مقعد السائق انفجرت عبوة كانت مزروعة في سيارته".

فقدت الطفلة الصغيرة وعيها وهرعت بها عائلتها إلى المستشفى "استيقظتُ بعد أسابيع وأصبت بصدمة عندما علمت أنني فقدتُ ساقيّ الاثنتين ويدي اليمنى بعدما طارت أطرافي واستقرت فوق سطوح الجيران". 

تقول عماد بألم "جزء كبير من روحي وجسدي سُلب مني إلى الأبد، هذا ما تفعله الحروب بالأطفال".

منذ ذلك اليوم تغيرت حياتها، وواجهت صعوبات كثيرة، ليس بسبب الإعاقة فحسب بل بسبب "نظرة التمييز التي كنت أتعرض لها كل يوم" حسب قولها.

وروت خلال الجلسة مشاعر الألم والحزن وهي ترى الأطفال من حولها يركضون ويلعبون، فيما كانت عاجزة عن ذلك، "كان مستقبلي مليء بعدم اليقين والتحديات التي لا يمكن التغلب عليها".

نقطة تحول محورية

في العاشرة من عمرها كما روت نجلة في تصريحات صحفية "كان تركيزي في البداية منصباً على الدراسة".

إلا أن نقطة التحول المركزية في حياتها كانت "حين زار منزلنا مدرب على معرفة بوالدي، كان يريد تشكيل فريق بارالمبي. وبعد فترة تدريب استمرت ستة أشهر، حقّقت أول فوز لي في بطولة محلية لمحافظات العراق في بغداد"، وفقاً لقولها.

في البداية كانت عماد تتدرب على جدار المنزل لعدم توفر طاولة مخصصة للعب "لكن، تبرع لي أحد الأشخاص بطاولة، وبدأت بالتمرن في المنزل طوال الوقت".

كان توجهها إلى مقر اللجنة البارالمبية على فقر تجهيزاته وضعف تمويله، حافزاً قوياً لها في إكمال مشوارها الرياضي، كما تروي: "رأيت لاعبين آخرين من ذوي الإعاقة يمارسون الرياضة. كان لديهم الكثير من الطاقة الإيجابية، وقد شجّعني ذلك".

الرياضة التي تعلقت بها عماد وشجعها عليها والدها ورافقها في كل خطوات رحلتها "مكنتني من تجاوز إعاقتي، وجعلتني أنظر إلى الحياة من زاوية أخرى".

الرياضة مهمة جداً لذوي الإعاقة في جميع أنحاء العالم، بحسب عماد التي تحثّ "جميع الدول على الاهتمام بذوي الإعاقة وتوفير بيئة داعمة لحقوق الأطفال، وبالأخص ذوي الإعاقة، فمن الضروري توفير التمويل وضمان الوصول السهل وتكافؤ الفرص".

دعم الرياضة لهذه الفئة كما تشرح، "يتيح فوائد نفسية وجسدية واجتماعية لهؤلاء الأفراد، ما يعزز شعورهم بالإنجاز والانتماء، ونحن مدينون للأجيال القادمة بخلق عالم يمكن فيه لكل إنسان بغض النظر عن قدرته وهويته أن يزدهر ويعيش في عدل ومساواة".

طريق معبّد بالذهب

شاركت نجلة عماد في أول بطولة لها في العراق بعد ستة أشهر فقط على خوض تجربة التمرين على يد مدرب، وحققت المركز الثاني في لعبة تنس الطاولة على مقعد متحرك، لتصبح لاعبة المنتخب الوطني العراقي لكرة الطاولة في اللجنة البارالمبية.

وفي العام 2016 بدأت أولى خطواتها باتجاه العالمية التي كانت تسعى إليها، لتحصل على المركز الثالث في بطولتي الأردن 2016 وتايلند 2018، لتبدأ عملية التحول من المنافسة على كرسي متحرك إلى اللعب وقوفاً، بقرار من رئيس اتحاد تنس الطاولة للمعوّقين سمير الكردي.

أدخلت عماد إلى إحدى مستشفيات بغداد المختصة بالعلاج التأهيلي والأطراف الصناعية، ورُكبت لها ثلاثة أطراف صناعية، ووصفت فيه ذلك اليوم بتصريحات صحفية بأنه "أسعد أيام حياتي، فقد تمكنت من الوقوف من جديد بعد عشر سنوات قضيتها جالسة على كرسي".

وبعد تمرينات مكثفة شاركت نجلة في بطولة غرب آسيا التي أقيمت في الصين وحصلت على المركز الثاني: "كانت أول مرة ألعب بالأطراف الصناعية وتنافست مع لاعبات عمرهن الرياضي أكبر من عمري". يأتي هذا الإنجاز رغم أن الأطراف التي كانت تتنافس بها "غير مخصصة للرياضة، وكانت تسبب لها آلاماً وجروحاً".

تلاحقت الانتصارات التي حققتها فحصدت الذهب ببطولة القاهرة في العام 2019. وتوجت في الصين بالمركز الأول، تبعها المركز الأول ببطولة إسبانيا في العام 2020. ثم تبعتها أول مشاركة في دورة الألعاب البارالمبية العام 2021 في طوكيو، ولم تتمكن حينها من إحراز أي ميدالية، إلا أن ذلك كان دافعاً لها للمزيد من التدريب، لتحقق الذهب في دورة الألعاب الآسيوية التي أُقيمت في الصين عام 2023.

وبعد تأهلها لدورة الألعاب البارالمبية بباريس، عبّرت عن سعادتها في تصريحات صحفية بالقول إن "الطموح ليس فقط المشاركة إنما تحقيق الألقاب، ورفع اسم العراق عالياً".

وهو بالفعل ما حققته، فسجّلت اسمها في تاريخ الرياضة العراقية لتصبح أول لاعبة عراقية تحصل على ميدالية ذهبية في تاريخ اللجنة البارالمبية العراقية.