قبيل عودة التلاميذ للمدارس مع بدء العام الدراسي 2022-2023 المقرر في الرابع من سبتمبر الجاري، ونتيجة الأزمة الاقتصادية التي يعيشها السوريون في بلدهم، أطلقت ثلاث نساء من قرية نجران في الريف الغربي لمحافظة السويداء، مبادرة خيرية، لتأمين ملابس ومستلزمات المدرسة للطلبة الأكثر حاجة وبشكل مجاني.
ولاقت الحملة تجاوبا لافتا وتعاونا بين أهالي القرية والمغتربين وأصحاب فعاليات اقتصادية في المنطقة.
هذه ليست المرة الأولى، إذ وفرن في يوليو الماضي ملابس العيد للكثير من الأطفال، مجاناً.
شملت المرحلة الأولى تقديم الملابس لـ 80 طالبا في المرحلة الابتدائية من الأسر الأشد حاجة، ستليها عملية توزيع القرطاسية والشنط لطلاب المرحلتين الإعدادية والمتوسطة.
أم يوسف (40 عاماً)، لديها ثلاثة أطفال، وهي مستفيدة من المبادرة، تقول لـ"ارفع صوتك"، إن "التكافل الأهلي مهم جدا في هذه الظروف المترافقة مع تدني الرواتب وموجة الغلاء وارتفاع أسعار ملابس المدرسة ومستلزماتها، وجاءت مبادرة شباب نجران لتزيل حملاً ثقيلا عن كاهل الأهالي".
وتضيف: "هي مبادرة مهمة جدا نتمنى تعميمها على كافة المناطق في سوريا، وأُثني على قيام الفريق بعدم استغلال حاجة الأهالي وتقدير ظروفهم وتعففهم، يتصلون بنا للحضور ويتم التعامل معنا بكل ود واحترام ويساعدوننا على اختيار المقاس المناسب".
فريق نجران الخيري
وفاء عبد الخالق صاحبة الفكرة وإحدى المتطوعات المشرفات على المبادرة، تقول لـ"ارفع صوتك": "في عيد الأضحى الماضي انطلقت مبادرة فريق نجران الخيري بهدف توزيع الملابس والأحذية مجانا للأسر المحتاجة، التي شهدت دعما كبيرا من الأهالي، والآن مع في موسم العودة للمدارس، قمنا بتوزيع الألبسة المدرسية والأحذية على الطلبة".
وعن كيفية تحديد الفئات المحتاجة، توضح عبد الخالق: "نحن على مستوى القرية نعلم من هي الأسر المحتاجة، كما نقوم بالتواصل مع مدراء المدارس بشكل دائم لتأمين لوائح بأسماء الطلبة، ونحصل على قائمة الأسر المحتاجة من لوائح الهلال الأحمر ومن المراكز وسجلات المدارس".
وشهدة المبادرة "تجاوبا وشكرا كبيرا من قبل الأهالي لمساهمتها بتخفيف العبء عن كاهلهم، وخاصة الأسر التي تضم عدة أطفال في المدرسة"، حسب عبد الخالق.
وتضيف أنهن "استطعن التوفير على الأسر بشكل كبير، إذ تبلغ كلفة ملابس طالب المرحلة الإعدادية حوالي 200 ألف ليرة سورية كحد أدنى للطالب الواحد"، متسائلة "كيف ستتمكن أسرة لديها عدة أطفال من تأمين كافة مستلزمات المدرسة لأبنائها؟"، علماً بأن متوسط الرواتب في سوريا 100 ألف ليرة.
التكافل المجتمعي
تتابع عبد الخالق حديثها، مشيرةً إلى أن أصحاب محلات الأحذية "قدموا مجموعة أحذية جديدة بالكامل، وفعل مثلهم أصحاب محلات الألبسة".
كما قدم شبان مغتربون في فنزويلا وليبيا والكويت ستاندات وعلاّقات للملابس، ومن الأهالي تبرع كل شخص حسب قدرته، إذ قدم البعض نسخا من الكتب، وآخرون أرسلوا ملابس جديدة وأخرى مستعملة، تم غسلها وكيّها من قبل المتطوعات.
تقول عبد الخالق "الملابس المستعملة شبه جديدة، وجميعها كانت صالحة تماما للاستخدام من دون الحاجة لأي تعديلات".
وتبيّن: "تم استئجار ثلاثة محلات مفتوحة على بعضها البعض، عرضنا فيها الملابس والقرطاسية بشكل مرتب ومنظم، من أجل توزيعها".
وعن عملية التوزيع، تقول عبد الخالق "قمنا بالاتصال بالمستفيدين وإبلاغهم للحضور، وهناك مكان للاستراحة والانتظار بغية القياس وإعطاء كل شخص حاجته، وفي قسم الأحذية تتواجد شابة متطوعة للمساعدة والتأكد من المقاسات".
"الآن تغطي مبادرتنا جميع الطلاب من الأسر المحتاجة، ويحصل الطالب بدءا من الصف الأول حتى الصف الرابع على مريول وحذاء وبنطال، وتؤمن لصفوف الخامس والسادس القمصان والحقائب المدرسية والقرطاسية"، تشرح عبد الخالق.
كما أنشأ فريق نجران بدعم من المغتربين صندوقا لدعم الطلبة الجامعيين ممن يدرسون في كليات الطب والهندسة خارج المحافظة، للمساهمة بتغطية تكاليف الذهاب والعودة، وتأمين كلفة المواصلات من وإلى المحافظة.
ثلاث نساء
تقول وفاء عبد الخالق لـ"ارفع صوتك": "نحن ثلاث فتيات، إلى جانبي أماني دارب نصر ورحاب السلامي، وجميعنا نعمل بشكل متكاتف وبيد واحدة لتحقيق الهدف من العمل الخيري. نقسّم الأدوار ونوزع المهام ونقوم بعملنا دون مقابل، ولدينا التزام كامل بافتتاح المحل، والمداومة به خلال يومي الأحد والثلاثاء من كل أسبوع من التاسعة حتى الواحدة، ورغم أشغالنا الخاصة، نقفل محالنا ونأتي للمداومة في المركز التطوعي".
وتلفت إلى وجود أسر متعففة تتحرج من المجيء لأخذ حاجتها رغم إبلاغها، مردفةً "نقوم بإرسال الأغراض إلى منازلهم متضمنة أسماء المستفيدين وممهورة باسم فاعل خير دون ذكر اسم المتبرع، وأحيانا نتصل بهم ليأتوا في أوقات مختلفة عندما يخف الازدحام".
وتؤكد عبد الخالق أن مبادرة الفريق "أول مبادرة على مستوى المحافظة تنطلق بشكل تطوعي بالكامل، وهي مستمرة بفضل دعم وتشجيع الأهالي والمغتربين وأصحاب الفعاليات الاقتصادية" حسب تعبيرها.