تأسس أول نادٍ للمرأة العراقية عام 1923.

خاضت المرأة العراقية نضالاً طويلاً من أجل نيل حقوقها، وهو نضال تعدّدت جبهاته، فهو ضد السلطة المعادية لحقوق المرأة، وضد العادات والتقاليد الاجتماعية التي أعاقت تطورها في شتى المجالات.

وخلال مسيرة النضال الطويلة برزت المئات من الناشطات العراقيات في شتى المجالات. في هذا التقرير نستعرض مسيرة عدد من الناشطات الذي فتح نضالهن الباب أمام نيل العراقيات المزيد من الحقوق.  

 

"مدرسة زهرة".. عندما تلكأ الانتداب

 

شهد العام 1899، افتتاح أوّل مدرسة للإناث في العراق، وهي مدرسة "إناث رشدية مكتبي" في بغداد. ورغم "تقاليد المجتمع العراقي وعاداته المترسخة التي كانت ترى في خروج الفتاة من بيتها من أجل التعليم أمراً يؤدي إلى إفسادها"، كما يورد علي الوردي، في كتابه"دراسة في طبيعة المجتمع العراقي"، عُدّ افتتاح المدرسة نقطة انطلاق في حركة تعليم الإناث تبعها توسع محدود في إنشاء مدارس الإناث خلال فترة الحكم العثماني.

من "تعليم البنات" إلى "المشاركة السياسية".. كيف تطورت حركة تحرير المرأة العراقية؟
في سنة 1899، نشر المفكر المصري قاسم أمين كتابه الشهير "تحرير المرأة". دعا أمين في الكتاب للاهتمام بتعليم المرأة المصرية، وطالب بتحريرها من الأغلال التراثية التي قيدتها وعطلت نهضتها. بعد ذلك بسنوات قلائل، صدرت بعض الدعوات المماثلة في أرض الرافدين. ما هي أهم تلك الدعوات؟ وكيف انخرطت المرأة العراقية في السلك التعليمي في عشرينات القرن العشرين؟ وما هي أهم المحطات التي مرت بها العراقيات في طريقهن للمشاركة الاجتماعية والسياسية؟

تعتبر زهرة خضر من الرائدات الأُولَيات في الدفاع عن تعليم الإناث. وفي مواجهة تلكؤ حكومة الانتداب البريطاني في الرد على الدعوات التي وجهتها مع عدد من السيدات لإنشاء مدارس للفتيات، أقدمت في العام 1918، على تأسيس مدرسة خاصة، بلغ عدد الطالبات المنضمات إليها نحو 40 طالبة.

وصفت خطوة زهرة خضر بـ"الثورة". وفي الوقت الذي قوبلت فيه بالإعجاب والتشجيع، تعرضت للنقد من قبل المجتمع المحافظ الذي كان يتماهى مع موقف حكومة الانتداب غير المتحمسة لتعليم الفتيات، والتي لم تقدم بدورها أي دعم يذكر لـ"مدرسة زهرة"، وفقاً لكتاب "رائدات الحركة النسوية في العراق".

استمر الوضع على حاله حتى عام 1920، عندما اضطرت حكومة الانتداب لإنشاء مدرسة رسمية للإناث استجابة للمطالبات التي لم تتوقف، إلى جانب ما شكلته "مدرسة زهرة" من إحراج.

بعد تأسيس المدرسة الرسمية أغلقت زهرة مدرستها وانضمّت إلى الكادر التعليمي، لتواصل إلى جانب المعلمات في المدرسة الجديدة النضال من أجل التوسع في إنشاء مدارس الإناث، وهو ما استجابت له حكومة الانتداب التي شَرعت في تأسيس مدارس الإناث في مختلف محافظات العراق.

 

بولينا حسون.. "على طريق نهضة المرأة العراقية"

 

صدر العدد الأوّل من مجلة "ليلى" في 15 أكتوبر 1923، مؤسسة بذلك لنشوء الصحافة النسوية في العراق، على يد بولينا حسون.

نشطت بولينا قبل إصدار المجلة في الحياة العامة، حيث كانت من العضوات المؤسسات لنادي "النهضة النسائية" الذي أعلن عن ولادته في 24 نوفمبر 1923، وبرزت صاحبة صوت عالٍ في الدفاع عن حقوق المرأة والمطالبة بمساواتها مع الرجال في جميع المجالات والمشاركة الكاملة للمرأة في بناء العراق ونهضته.

اختزلت بولينا أفكارها وموافقها تجاه قضية تحرير المرأة في شعار المجلة الذي كان "على طريق نهضة المرأة العراقية"، كما جاءت موضوعات المجلة منسجمة مع الخط التحريري الذي حمله الشعار، فدعت مقالاتها إلى منح المرأة حقوقاً سياسية مساوية للرجال، وانتقدت ضعف المشاركة الاقتصادية للمرأة، كما فتحت النار على بعض العادات الاجتماعية التي تؤثر سلباً على نهضة المرأة وتهضم حقوقها.

يصف أستاذ التاريخ الحديث في جامعة الموصل، إيراهيم العلاف، الفترة التي ظهرت فيها مجلة "ليلى" بأنه "بالغة الصعوبة"، حيث احتدم الصراع بين المدافعين عن الالتزام بالحجاب وخلعه.

تعرضت لولينا حسون إلى حملة شديدة قادها محافظون رفضاً لطروحات المجلة،  ما أدى في النهاية إلى توقف المجلة بعد عامين من الصدور. ومع توقفها توقفت الصحافة النسائية في العراق لنحو 15 عاماً، حتى صدر في عام 1936 العدد الأوّل من مجلة "المرأة الحديثة".

 

الجمعيات النسوية.. فتاوى التحريم تعيق النضال

 

يعود تاريخ تنظيم العمل النسوي في العراق إلى العام 1923، حين أسست الناشطة أسماء الزهاوي أوّل نادٍ للمرأة العراقية، وهو "نادي النهضة النسائية"، الذي كان محل ترحيب المجددين وغضب المحافظين الذين وصل بهم الأمر في بعض الأحيان إلى التهديد والوعيد بالقتل.

وفيما حدد النادي أهدافه بتعليم الفتيات الأميات، وخياطة الملابس للنساء الفقيرات، وتربية الفتيات اليتيمات، إلا أنه خاض نضالاً كبيراً في سبيل تحرير المرأة ومساواتها مع الرجال، كما أعلن انحيازه الصريح إلى دعوات نزع الحجاب.

أصبح النادي الجهة التمثيلية للمرأة العراقية في المحافل العربية، فشارك في المؤتمر النسائي العربي  الذي عقد في مصر عام 1929 برسالة تشرح واقع المرأة العراقية والصعوبات التي تعيشها في نضالها ضد التعصب الذكوري.

بعدها بعام شارك النادي في المؤتمر النسائي الشرقي الأول في دمشق ممثلا بالعضوين أمينة الرحال ( أول سيدة عراقية تحصل على رخصة قيادة سيارة وأوّل محامية عراقية)، وجميلة الجبوري.

وكان العام 1932 فارقاً في تاريخ النادي، فهو العام الذي استضاف فيه العراق المؤتمر النسائي العربي، والعام الذي شهد إغلاقه أيضا بأمر من الملك فيصل الأول.

قرار الإغلاق جاء في أعقاب اجتماع عقده وفد من رجال الدين مع الملك، عدوا فيه إنشاء النادي أمراً مخالفاً لتعاليم الدين الإسلامي، فما كان منه إلا الموافقة على طلبهم وتصدير أمر الإغلاق.  

شكل القرار ضربة كبيرة للحركة النسوية في العراق، وانتصاراً للتيار المحافظ الذي واصل وضع العراقيل أمام محاولات العراقيات تنظيم أنفسهن، قبل أن يشهد عام 1944، عودة العمل النسوي المنظم من خلال تأسيس الاتحاد النسائي العراقي، الذي استكمل مسيرة "نادي النهضة النسائية".

 

جلثومة العارضيّة.. "صوت المرأة ثورة"

 

عندما اندلعت ثورة العشرين في العراق ضد الاحتلال البريطاني، لم تمنع الطبيعة العشائرية المحافظة من لعب المرأة العراقية دوراً في الثورة. ورغم أنها لم تلعب دوراً مباشراً في المعارك، إلا انها تحملت  أعباء الإسناد وإعداد المؤونة وبعض عمليات الرصد والاستطلاع.

إلى جانب تلك الأدوار، برز دور المرأة في شحذ همم المقاتلين من خلال الأشعار والأهازيج الثورية، ومن أبرز النساء في هذا المجال كانت جلثومة العارضيّة التي لقبت بـ"شاعرة ثورة العشرين الكبرى".

رافقت جلثومة المقاتلين إلى ساحات المعارك التي شارك فيها زوجها وأولادها الثلاثة. ووفقاً لكتاب "رائدات الحركة النسوية في العراق"، فإنها كانت تقف في ساحة المعركة وتنشد أشعاراً حماسية لحثّ الثوار على الاستبسال في القتال.

وحتى بعد مقتل زوجها واثنين من أولادها في المعارك، لم تتوقف جلثومة عن مرافقة المقاتلين وحثّهم على مواصلة القتال ضد الاحتلال.

المزيد من المقالات:

مواضيع ذات صلة:

من تظاهرة احتجاجية في العاصمة العراقية بغداد حول تعديلات مقترحة على قانون الأحوال الشخصية
من تظاهرة احتجاجية في العاصمة العراقية بغداد حول تعديلات مقترحة على قانون الأحوال الشخصية- تعبيرية

 في مكتبها وسط العاصمة العراقية بغداد، تجتمع المحامية مروة عبد الرضا مع موكلها الشاب العشريني وزوجته (ابنة خالته)، اللذين يسعيان لتوثيق زواجهما المنعقد خارج المحكمة لصغر سن الزوجة (13 عاما)، وهي طالبة في السادس الابتدائي بمنطقة المدائن على أطراف العاصمة بغداد.

تقول عبد الرضا لـ"ارفع صوتك": "لا يمكن الحديث عن الزواج المبكر من دون أن يتم ربطه بشكل مباشر بالزواج خارج المحاكم لأنهما مرتبطان ببعضهما البعض".

بعد اكتشاف حمل الفتاة، قررت العائلة توكيل محام لتقديم طلب توثيق العقد. تضيف عبد الرضا "الإجراءات الحكومية بسيطة وغير معقدة في مثل هذه الحالات، فالقاضي يجد نفسه أمام الأمر الواقع بسبب حمل الفتاة، فيتم تصديق العقد وفرض غرامة أقصاها 250 ألف دينار على الزوج (نحو 150 دولاراً)".

الزيجة التي تشير إليها المحامية "ليست الأولى ولن تكون الأخيرة" على حدّ تعبيرها، "بل هي حالة اجتماعية متوارثة لاعتقاد سائد أن الرجل يرتبط بفتاة صغيرة ليقوم بتربيتها على ما يحب ويكره، لكن النتيجة كثيرا ما تكون سلبية بحسب القضايا التي تشغل أروقة المحاكم ونراها بشكل يومي. فالفتاة التي تتزوج بعمر الطفولة غير قادرة على استيعاب العلاقة الزوجية، وفي كثير من الحالات يكون الأمر أشبه بالاغتصاب".

تتحدث عبد الرضا عن ارتفاع كبير بنسب الطلاق في المحاكم العراقية: "كثير منها يكون نتيجة الزواج المبكر وتدخّل الأهل بسبب صغر أعمار الطرفين وهو ما يؤثر بشكل كبير على العلاقة الزوجية".

وتشير إلى أنه كثيرا ما يتم التزويج "لعدم وجود فتيات في منزل العائلة للرعاية والعمل المنزلي، فيكون مطلوب منها القيام بأعمال الكبار وهي بعمر الطفولة، وهذا أكبر من قدرة أي فتاة صغيرة".

ما تكشف عنه عبد الرضا تؤيده إحصاءات مجلس القضاء الأعلى، ففي شهر يوليو الماضي كان هناك 2760 عقد زواج خارج المحكمة، و1782 حالة طلاق خارج المحاكم و4562 حالة بتّ فيها، بعد رفع دعاوى قضائية.

وينقل المجلس الأعلى في أحد تقاريره عن القاضي عماد عبد الله قوله إن المحاكم العراقية "شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في حالات الطلاق. وأهم الأسباب ترجع إلى حالات الزواج المبكر التي تفتقر لمتابعة الأهل، وعدم توفر الاستقرار المالي الذي يسمح بإنشاء أسرة بالإضافة إلى التأثر بالسوشيال ميديا".

"خارج السرب".. رجال دين يعارضون تعديلات "الأحوال الشخصية"
مع أن طرح التعديلات على قانون الأحوال الشخصية العراقي لعام 1959، يحظى بدعم كبير من غالبية رجال الدين الشيعة والسنة في العراق، إلا أن بعض رجال الدين من الطائفتين، غردّوا خارج السرب وسجّلوا مواقف معارضة للتعديلات على القانون.

تداعيات الزواج خارج المحاكم

تتحدث شابة فضّلت عدم الكشف عن اسمها لـ"ارفع صوتك" عن سنوات طويلة حُرمت فيها من أبسط حقوقها، فلم تتعلم القراءة والكتابة، ولم تنل رعاية صحية لائقة، فقط لأن زواج أمها المبكر وإنجابها لها وهي في عمر صغير، جعلها من دون أوراق ثبوتية.

"تزوجت والدتي بعقد خارج المحكمة بعمر صغير، وانفصلت بعد أشهر قليلة عن والدي لعدم انسجامهما معاً، لتكتشف حملها بي"، تروي الشابة.

وضعت الأم حملها وتزوجت مرة ثانية، ورزقت بالمزيد من الذرية. تبين: "لم يتم إصدار أوراق ثبوتية لي، فحُرمت من التعليم ومن الرعاية الصحية، وكنت أحياناً استعين ببطاقة شقيقتي الأصغر للحصول على العلاج في المستشفيات".

توفيت والدتها التي قابلناها لصالح تقرير سابق قبل ثلاث سنوات، وفي أوائل العام الحالي وهي بعمر 23 عاماً تزوجت الشابة بعقد خارج المحكمة، واليوم تسعى لاستخراج هوية الأحوال المدنية لتوثيق زواجها "لا أريد أن تتكرر مأساتي مع أطفالي أيضاً".

من جهته، يقول المحامي خالد الأسدي لـ"ارفع صوتك" إن قضايا الزواج والطلاق خارج المحكمة في أغلبها تكون "بسبب صغر عمر الزوجة أو للزواج الثاني، كون القضاء يطلب موافقة الزوجة الأولى، ونتيجة لذلك أصبح لدينا جيش صغير من الأطفال غير الموثقين رسمياً والمحرومين من أبسط الحقوق".

الزواج المبكر كما يشرح الأسدي "لا يقتصر على الإناث فقط بل يشمل الذكور أيضاً، فقانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 اعتبر سن الثامنة عشرة هو سن الأهلية القانونية لإجراء عقد الزواج".

القانون ذاته وضع استثناءات، يفنّدها الأسدي "فقد منح القاضي صلاحيات تزويج من أكمل الخامسة عشرة من العمر وقدم طلباً بالزواج، وفق شروط تتعلق بالأهلية والقابلية البدنية التي تتحقق بتقارير طبية وموافقة ولي الأمر". 

ستابع الأسدي "هذا الاستثناء لا يشجع زواج القاصرين قدر تعلق الأمر بمعالجة حالة اجتماعية بطريقة قانونية تتيح فيه القرار للسلطة القضائية".

مع ذلك، فما كان مقبولاً في الفترة التي تم تشريع القانون بها، لم يعد مقبولاً في الوقت الحالي؛ كون المسالة تتعلق برؤية اجتماعية جديدة فيها جوانب اقتصادية وتغيرات اجتماعية كبيرة شهدها العراق خلال العقود الستة الأخيرة، بحسب الأسدي.

 

قصص

لم تكن أم علي تتجاوز 14 عاماً حين تم تزويجها إلى ابن عمها، كان ذلك أواخر تسعينيات القرن الماضي. واليوم تواجه "مشكلة"، إذ تم الاتفاق - دون رغبة الأم- على تزويج ابنتها البالغة من العُمر 14 سنة.

عدم رغبة الأم هي نتيجة مباشرة لما تعرضت له خلال رحلة زواجها الطويلة. تقول أم علي لـ"ارفع صوتك": "صحيح أنني أمتلك عائلة وأبناء وبنات أصبح بعضهم بعمر الزواج. لكن، لا أحد يتحدث عن مرارة الرحلة".

وتوضح "أنا وزوجي كنا بعمر متقارب ومن عائلتين فقيرتين. بعد زواجي بشهر واحد حملت بطفلي الأول.. كنا مجرد طفلين نعتمد على مصروف يوفره والده، أو أعمال متقطعة في مجال البناء، ولم يأت الاستقرار إلا بعد عشر سنوات حين تطوع في الجيش، وأصبح لديه راتب ثابت وبات قادراً على الإنفاق".

على الرغم من عدم رغبتها بخضوع ابنتها للتجربة ذاتها، تقول أم علي "التقاليد والأعراف لا تسمح لنا بذلك، لا أريد لابنتي أن تواجه المصير ذاته ولكن ليس بيدي حيلة وليس لنا رأي".

على عكس حكايتها، تقول أم نور  إن أحداً لم يجبرها على الزواج حين كانت بعمر السادسة عشرة، مردفة "كل فكرتي عن الزواج كانت ترتبط برغبتي بارتداء فستان أبيض، وأن الجميع سيرقصون من حولي، لكن سرعان ما اكتشفت أنّي لم أكن مؤهلة لتكوين عائلة".

في العراق كما تشرح أم نور وهي على أعتاب الستين " كثيراً ما يكون الزواج مبكراً، ودون أن تكون هناك فكرة حقيقية عن المسؤولية ومدى قدرتنا على تحملها، أو تربية أطفال والتعامل مع بيئة جديدة مختلفة عن التي تربينا فيها بعد الانتقال إلى منزل الزوجية".

أفكار نمطية                       

الموروث الثقافي كما يرى أستاذ الاجتماع رؤوف رحمان يلعب دوراً كبيراً فيما يتعلق بالزواج المبكر للإناث والذكور بشكل عام في العراق.

يقول لـ"ارفع صوتك" إن البيئة العراقي التقليدية "تربّي الفتاة على أنها غير مؤهلة لإدارة شؤونها، فيكون مصيرها مرهوناً بقرار العائلة التي تفضّل تزويجها مبكرا لأنها مرغوبة اجتماعياً ومطلوبة للزواج ما دامت صغيرة في السن، وتقل حظوظها كلما تقدمت في العُمر".

في حالات كثيرة يذكرها رحمان "تسعى الفتيات للارتباط حين تفتقد الأسرة إلى الانسجام، أو للتخلص من العنف الأسري والفقر، خصوصاً ضمن العائلات الممتدة والريفية أو في أحيان أخرى للحصول على مهرها".

ويرى أن الزواج المبكر في العراق يرتبط أيضاً "بالعنف والصراعات والحروب المستمرة، فعدم الاستقرار الأمني يدفع العوائل لتزويج الفتيات بعمر مبكر للتخلص من مسؤوليتهن".

أما في ما يتعلق بالزواج المبكر للذكور، فيشير رحمان إلى وجود "فكرة خاطئة مفادها أن تزويج الذكر بعمر صغير يقيه من الانحراف أو الوقوع في المشاكل عندما يكون مسؤولاً عن زوجة وأطفال بعمر مبكر".

كل هذه التقاليد والأعراف النمطية المتوارثة تشكّل بحسب رحمن "مواطن الخلل في المجتمع، فنحن اليوم بحاجة إلى ثقافة مختلفة تماماً، في زمن تغيرت طبيعة الحياة فيه من ريفية بسيطة إلى مدنية معقدة، غزتها وسائل التواصل وغيرت الكثير من أساليب العيش وسط أزمة اقتصادية خانقة وزيادة مرعبة بأعداد السكان".

جزء من الحل كما ترى المحامية مروة عبد الرضا، يكمن في "تثقيف الشباب من الإناث والذكور عن الحياة الزوجية والمسؤولية المترتبة عن إنشاء أسرة عبر دروس ضمن مناهج وزارة التربية، ومحاضرات من الباحثين الاجتماعيين ضمن المحاكم العراقية قبل عقد القران، لتأهيل وتوعية المقدمين على الزواج".