ريانة برناوي أول رائدة فضاء عربية ومسلمة تصل إلى الفضاء.
ريانة برناوي أول رائدة فضاء عربية ومسلمة تصل إلى الفضاء.

حقّقت المملكة العربية السعودية إنجازاً تاريخياً بعدما نجحت رائدة الفضاء ريانة برناوي في الوصول إلى محطة الفضاء الدولية، خلال المهمة " إيه إكس- 2"، التي صاحبها فيها زميلها علي القرني، بعدما خضعا لتدريبٍ دام 9 أشهر.

بهذا الإنجاز، باتت ريانة أول رائدة فضاء عربية ومسلمة تصل إلى الفضاء.

 

تفاصيل الرحلة

 

من قاعدة "كيب كنافيرال" بمركز كينيدي للفضاء التابع لوكالة ناسا في ولاية فلوريدا، انطلق صاروخ "فالكون 9"، الذي أقل رائدة الفضاء السعودية بصحبة زميلها، بالإضافة إلى بيجي ويتسن، رائدة الفضاء المخضرمة صاحبة الخبرة العريضة في العمل مع وكالة ناسا.

وبحسب ما أعلن مسؤولو "ناسا" فلقد تمّت عملية الإطلاق بنجاحٍ كبير. وخلال الساعات التالية، انفصلت عن الصاروخ الكبسولة "دراغون 2"، قبل أن تشرع بعدها في عمليات الالتحام بمحطة الفضاء الدولية.

فور وصولها إلى محطة الفضاء الدولية، حرصت ريانة على تسجيل كلمة عبر تقنية الفيديو قالت فيها: "السلام عليكم من الفضاء.. شرف لنا جدا أن نكون في هذه الرحلة التاريخية كما ترونا نطفو ونحاول أن نثبت نفسنا، ونشكر قيادتنا وصاحب الرؤية ولي العهد لدعمه لهذه المهمة".

وأضافت: "نحن الآن في عصر التمكين والازدهار.. ووصلنا إلى عنان السماء، وكل ما نحتاجه أن نحلم وأن نعمل على أحلامنا وبإذن الله سنصل".

ومن المقرر أن يمضي الطاقم قرابة 10 أيام في الفضاء، ستشرف خلالها ريانة على إجراء 14 تجربة بحثية في بيئة منعدمة الجاذبية، تتعلّق بكيفية مكافحة الالتهابات المزمنة المناعية بهدف القضاء على أمراض الروماتيزم والسرطان.

أيضاً، ستعمل هذه التجارب على استكشاف وسائل جديدة تمكّن البشر من العيش داخل مستعمرات فضائية على سطح القمر والمريخ.

 

ماذا نعرف ريانة؟

 

وُلدت ريانة عام 1990، وهي حاصلة على بكالوريوس في الهندسة الوراثية وتطوير الأنسجة من جامعة أوتاجو بنيوزيلاندا، كما أنها تحمل درجة الماجستير في العلوم الطبية الحيوية من جامعة الملك فيصل. في الوقت الحالي تعمل ريانة أخصائية الأبحاث المختبرية داخل مستشفى الملك فيصل التخصصي.

منذ تخرجها، بذلت ريانة جهوداً كبيرة لتحسين بروتوكولات البحث الطبي، واستكشاف العديد من التقنيات الجديدة، وإدارة العديد من مشاريع أبحاث سرطان الثدي، ونشر العديد من المنشورات في نفس المجال.

بخلاف هذه المؤهلات العلمية، فإن برناوي تعشق الرياضة؛ واعتادت ممارسة الغوص والطيران الشراعي، وكذلك المشي لمسافات طويلة. وفي 2014 شاركت في دبي في تدريب على الطيران بواسطة أجنحة صناعية.

بفضل امتلاكها 9 سنوات من الخبرة البحثية، أُعلن اختيارها في فبراير من هذا العام لتكون ضمن طاقم مهمة AX-2) ) لتكون أول امرأة سعودية ترتاد الفضاء.

وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته قبل انطلاق الرحلة كشفت برناوي أنها عملت على مدى 10 سنوات في مجالات البحوث العلمية والطبية، وأعربت عن سعادتها بأنها خلال رحلته ستصحبها "كل أحلام النساء السعوديات والعرب".

وكشفت أنها فور إعلان اختيارها في المهمة تلقت هدية من جدتها عبارة عن "قرطين" قديمين يزيد عمرهما عن 60 عاماً.

 

حماس سعودي كبير

 

بهذه الرحلة، تكون السعودية هي ثاني دولة عربية توفد رائد فضاء إلى المحطة الدولية بعد الإمارات التي أرسلت هزاع المنصوري في 2019. ومن بعده قام مواطنه سلطان النيادي برحلة فضائية بدأت في مارس الماضي من هذا العام وما تزال مستمرة.

رغم ذلك، تبقى السعودية أول دولة عربية ترسل شخصا إلى الفضاء، هو الأمير سلطان بن سلمان آل سعود أول رائد فضاء عربي، الذي قام برحلة فضائية عام 1985، لكنه لم يتوجه إلى المحطة الفضائية الدولية.

رائد الفضاء الإماراتي النيادي يوجد حالياً داخل محطة الفضاء الدولية، ضمن تجربة مدتها 6 أشهر. لذا استبق الرحلة السعودية بإعلان حماسه لاستقبال برناوي والقرني، قائلاً: "ساعات ويجتمع العَلمان الإماراتي والسعودي جنباً إلى جنب في الفضاء".

في مارس من هذا العام، وخلال إجراء بعض تدريباتها في مركز فضاء بأميركا، تلقّت ريانة برناوي زيارة تشجيعية من الأميرة ريما بنت بندر، سفيرة السعودية لدى واشنطن.

وقبل انطلاق هذه المهمة، أعلنت الهيئة السعودية للفضاء أن الأمير محمد بن سلمان، ولي عهد السعودية ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، اتصلا ببرناوي والقرني، معتبراً أن رحلتهما تُشكل "مصدر إلهام للشباب السعودي والعربي".

وبحسب ما أعلنته الرياض، فإن هذه الرحلة ستكون "بداية" لبرنامج خاص لتأهيل رواد فضاء قادرين على المشاركة في إجراء التجارب العلمية والأبحاث الدولية التي تجري بانتظام في محطة الفضاء الدولية.

سيشمل هذا البرنامج تأهيل رائدة فضاء أخرى، هي الطبيبة مريم فردوس (33 عاماً)، أول امرأة عربية تتمكّن من الغوص تحت جليد القطب الشمالي، وهي عضو في الطاقم الاحتياطي للرحلة، ومن المتوقع أن تخوض تجربة مماثلة قريباً.

المزيد من المقالات:

مواضيع ذات صلة:

من تظاهرة احتجاجية في العاصمة العراقية بغداد حول تعديلات مقترحة على قانون الأحوال الشخصية
من تظاهرة احتجاجية في العاصمة العراقية بغداد حول تعديلات مقترحة على قانون الأحوال الشخصية- تعبيرية

 في مكتبها وسط العاصمة العراقية بغداد، تجتمع المحامية مروة عبد الرضا مع موكلها الشاب العشريني وزوجته (ابنة خالته)، اللذين يسعيان لتوثيق زواجهما المنعقد خارج المحكمة لصغر سن الزوجة (13 عاما)، وهي طالبة في السادس الابتدائي بمنطقة المدائن على أطراف العاصمة بغداد.

تقول عبد الرضا لـ"ارفع صوتك": "لا يمكن الحديث عن الزواج المبكر من دون أن يتم ربطه بشكل مباشر بالزواج خارج المحاكم لأنهما مرتبطان ببعضهما البعض".

بعد اكتشاف حمل الفتاة، قررت العائلة توكيل محام لتقديم طلب توثيق العقد. تضيف عبد الرضا "الإجراءات الحكومية بسيطة وغير معقدة في مثل هذه الحالات، فالقاضي يجد نفسه أمام الأمر الواقع بسبب حمل الفتاة، فيتم تصديق العقد وفرض غرامة أقصاها 250 ألف دينار على الزوج (نحو 150 دولاراً)".

الزيجة التي تشير إليها المحامية "ليست الأولى ولن تكون الأخيرة" على حدّ تعبيرها، "بل هي حالة اجتماعية متوارثة لاعتقاد سائد أن الرجل يرتبط بفتاة صغيرة ليقوم بتربيتها على ما يحب ويكره، لكن النتيجة كثيرا ما تكون سلبية بحسب القضايا التي تشغل أروقة المحاكم ونراها بشكل يومي. فالفتاة التي تتزوج بعمر الطفولة غير قادرة على استيعاب العلاقة الزوجية، وفي كثير من الحالات يكون الأمر أشبه بالاغتصاب".

تتحدث عبد الرضا عن ارتفاع كبير بنسب الطلاق في المحاكم العراقية: "كثير منها يكون نتيجة الزواج المبكر وتدخّل الأهل بسبب صغر أعمار الطرفين وهو ما يؤثر بشكل كبير على العلاقة الزوجية".

وتشير إلى أنه كثيرا ما يتم التزويج "لعدم وجود فتيات في منزل العائلة للرعاية والعمل المنزلي، فيكون مطلوب منها القيام بأعمال الكبار وهي بعمر الطفولة، وهذا أكبر من قدرة أي فتاة صغيرة".

ما تكشف عنه عبد الرضا تؤيده إحصاءات مجلس القضاء الأعلى، ففي شهر يوليو الماضي كان هناك 2760 عقد زواج خارج المحكمة، و1782 حالة طلاق خارج المحاكم و4562 حالة بتّ فيها، بعد رفع دعاوى قضائية.

وينقل المجلس الأعلى في أحد تقاريره عن القاضي عماد عبد الله قوله إن المحاكم العراقية "شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في حالات الطلاق. وأهم الأسباب ترجع إلى حالات الزواج المبكر التي تفتقر لمتابعة الأهل، وعدم توفر الاستقرار المالي الذي يسمح بإنشاء أسرة بالإضافة إلى التأثر بالسوشيال ميديا".

"خارج السرب".. رجال دين يعارضون تعديلات "الأحوال الشخصية"
مع أن طرح التعديلات على قانون الأحوال الشخصية العراقي لعام 1959، يحظى بدعم كبير من غالبية رجال الدين الشيعة والسنة في العراق، إلا أن بعض رجال الدين من الطائفتين، غردّوا خارج السرب وسجّلوا مواقف معارضة للتعديلات على القانون.

تداعيات الزواج خارج المحاكم

تتحدث شابة فضّلت عدم الكشف عن اسمها لـ"ارفع صوتك" عن سنوات طويلة حُرمت فيها من أبسط حقوقها، فلم تتعلم القراءة والكتابة، ولم تنل رعاية صحية لائقة، فقط لأن زواج أمها المبكر وإنجابها لها وهي في عمر صغير، جعلها من دون أوراق ثبوتية.

"تزوجت والدتي بعقد خارج المحكمة بعمر صغير، وانفصلت بعد أشهر قليلة عن والدي لعدم انسجامهما معاً، لتكتشف حملها بي"، تروي الشابة.

وضعت الأم حملها وتزوجت مرة ثانية، ورزقت بالمزيد من الذرية. تبين: "لم يتم إصدار أوراق ثبوتية لي، فحُرمت من التعليم ومن الرعاية الصحية، وكنت أحياناً استعين ببطاقة شقيقتي الأصغر للحصول على العلاج في المستشفيات".

توفيت والدتها التي قابلناها لصالح تقرير سابق قبل ثلاث سنوات، وفي أوائل العام الحالي وهي بعمر 23 عاماً تزوجت الشابة بعقد خارج المحكمة، واليوم تسعى لاستخراج هوية الأحوال المدنية لتوثيق زواجها "لا أريد أن تتكرر مأساتي مع أطفالي أيضاً".

من جهته، يقول المحامي خالد الأسدي لـ"ارفع صوتك" إن قضايا الزواج والطلاق خارج المحكمة في أغلبها تكون "بسبب صغر عمر الزوجة أو للزواج الثاني، كون القضاء يطلب موافقة الزوجة الأولى، ونتيجة لذلك أصبح لدينا جيش صغير من الأطفال غير الموثقين رسمياً والمحرومين من أبسط الحقوق".

الزواج المبكر كما يشرح الأسدي "لا يقتصر على الإناث فقط بل يشمل الذكور أيضاً، فقانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 اعتبر سن الثامنة عشرة هو سن الأهلية القانونية لإجراء عقد الزواج".

القانون ذاته وضع استثناءات، يفنّدها الأسدي "فقد منح القاضي صلاحيات تزويج من أكمل الخامسة عشرة من العمر وقدم طلباً بالزواج، وفق شروط تتعلق بالأهلية والقابلية البدنية التي تتحقق بتقارير طبية وموافقة ولي الأمر". 

ستابع الأسدي "هذا الاستثناء لا يشجع زواج القاصرين قدر تعلق الأمر بمعالجة حالة اجتماعية بطريقة قانونية تتيح فيه القرار للسلطة القضائية".

مع ذلك، فما كان مقبولاً في الفترة التي تم تشريع القانون بها، لم يعد مقبولاً في الوقت الحالي؛ كون المسالة تتعلق برؤية اجتماعية جديدة فيها جوانب اقتصادية وتغيرات اجتماعية كبيرة شهدها العراق خلال العقود الستة الأخيرة، بحسب الأسدي.

 

قصص

لم تكن أم علي تتجاوز 14 عاماً حين تم تزويجها إلى ابن عمها، كان ذلك أواخر تسعينيات القرن الماضي. واليوم تواجه "مشكلة"، إذ تم الاتفاق - دون رغبة الأم- على تزويج ابنتها البالغة من العُمر 14 سنة.

عدم رغبة الأم هي نتيجة مباشرة لما تعرضت له خلال رحلة زواجها الطويلة. تقول أم علي لـ"ارفع صوتك": "صحيح أنني أمتلك عائلة وأبناء وبنات أصبح بعضهم بعمر الزواج. لكن، لا أحد يتحدث عن مرارة الرحلة".

وتوضح "أنا وزوجي كنا بعمر متقارب ومن عائلتين فقيرتين. بعد زواجي بشهر واحد حملت بطفلي الأول.. كنا مجرد طفلين نعتمد على مصروف يوفره والده، أو أعمال متقطعة في مجال البناء، ولم يأت الاستقرار إلا بعد عشر سنوات حين تطوع في الجيش، وأصبح لديه راتب ثابت وبات قادراً على الإنفاق".

على الرغم من عدم رغبتها بخضوع ابنتها للتجربة ذاتها، تقول أم علي "التقاليد والأعراف لا تسمح لنا بذلك، لا أريد لابنتي أن تواجه المصير ذاته ولكن ليس بيدي حيلة وليس لنا رأي".

على عكس حكايتها، تقول أم نور  إن أحداً لم يجبرها على الزواج حين كانت بعمر السادسة عشرة، مردفة "كل فكرتي عن الزواج كانت ترتبط برغبتي بارتداء فستان أبيض، وأن الجميع سيرقصون من حولي، لكن سرعان ما اكتشفت أنّي لم أكن مؤهلة لتكوين عائلة".

في العراق كما تشرح أم نور وهي على أعتاب الستين " كثيراً ما يكون الزواج مبكراً، ودون أن تكون هناك فكرة حقيقية عن المسؤولية ومدى قدرتنا على تحملها، أو تربية أطفال والتعامل مع بيئة جديدة مختلفة عن التي تربينا فيها بعد الانتقال إلى منزل الزوجية".

أفكار نمطية                       

الموروث الثقافي كما يرى أستاذ الاجتماع رؤوف رحمان يلعب دوراً كبيراً فيما يتعلق بالزواج المبكر للإناث والذكور بشكل عام في العراق.

يقول لـ"ارفع صوتك" إن البيئة العراقي التقليدية "تربّي الفتاة على أنها غير مؤهلة لإدارة شؤونها، فيكون مصيرها مرهوناً بقرار العائلة التي تفضّل تزويجها مبكرا لأنها مرغوبة اجتماعياً ومطلوبة للزواج ما دامت صغيرة في السن، وتقل حظوظها كلما تقدمت في العُمر".

في حالات كثيرة يذكرها رحمان "تسعى الفتيات للارتباط حين تفتقد الأسرة إلى الانسجام، أو للتخلص من العنف الأسري والفقر، خصوصاً ضمن العائلات الممتدة والريفية أو في أحيان أخرى للحصول على مهرها".

ويرى أن الزواج المبكر في العراق يرتبط أيضاً "بالعنف والصراعات والحروب المستمرة، فعدم الاستقرار الأمني يدفع العوائل لتزويج الفتيات بعمر مبكر للتخلص من مسؤوليتهن".

أما في ما يتعلق بالزواج المبكر للذكور، فيشير رحمان إلى وجود "فكرة خاطئة مفادها أن تزويج الذكر بعمر صغير يقيه من الانحراف أو الوقوع في المشاكل عندما يكون مسؤولاً عن زوجة وأطفال بعمر مبكر".

كل هذه التقاليد والأعراف النمطية المتوارثة تشكّل بحسب رحمن "مواطن الخلل في المجتمع، فنحن اليوم بحاجة إلى ثقافة مختلفة تماماً، في زمن تغيرت طبيعة الحياة فيه من ريفية بسيطة إلى مدنية معقدة، غزتها وسائل التواصل وغيرت الكثير من أساليب العيش وسط أزمة اقتصادية خانقة وزيادة مرعبة بأعداد السكان".

جزء من الحل كما ترى المحامية مروة عبد الرضا، يكمن في "تثقيف الشباب من الإناث والذكور عن الحياة الزوجية والمسؤولية المترتبة عن إنشاء أسرة عبر دروس ضمن مناهج وزارة التربية، ومحاضرات من الباحثين الاجتماعيين ضمن المحاكم العراقية قبل عقد القران، لتأهيل وتوعية المقدمين على الزواج".