منذ عامين اتخذت الجمعية العامة قرارًا بإعلان 24 يونيو يوماً للاحتفاء بإسهامات المرأة في العمل الدبلوماسي.
وصلت عشرات النساء العربيات إلى منصب السفير فيما ارتقت أربع نساء إلى منصب وزارة الخارجية؛ وهنّ: الناهة بنت حمدي ولد مكناس وفاطمة فال بنت اصوينع في موريتانيا، وأسماء محمد عبد الله في السودان، ثم نجلاء المنقوش من ليبيا.
في الوقت الحالي تشكّل النساء العربيات نسبة ضعيفة في التمثيل الخارجي لبلدانهن رغم أن بعض الدول العربية ضمّت النساء إلى بعثاتها الخارجية منذ منتصف القرن الماضي.
زيادة حجم تمثيل النساء في العمل الدبلوماسي ليست فقط مؤشراً على تقدم الدولة واتباعها نهجاً مناصراً لحقوق المرأة، إنما له تأثير على كفاءة إدارة علاقاتها الخارجية مع دول العالم.
مثال عليه، ما ذكرته الدكتورة سارة شهاب في بحثها "مؤشر المرأة في السلك الدبلوماسي 2023"، من أن النساء عندما يشاركن في مفاوضات السلام تزيد احتمالات إنهاء الصراعات وتسريع معدلات الاستقرار بشكلٍ ملحوظ.
أوروبا: تحسن ملحوظ
في بحثها، وثّقت شهاب ضعف الوجود النسائي في العمل الدبلوماسي حول العالم خلال 2023 بعدما بلغت نسبة النساء 21% تقريباً من السفراء والممثلين الدائمين، ما يمثّل نقلة ضخمة، مقارنة بعام 1968 حيث اقتصر الوجود النسائي على 0,9%.
واحتلت أوروبا المركز الأول في الاعتماد على النساء بنسبة 29%، ما يشير إلى تحسن طفيف شهدته هذه القضية بعدما كانت نسبة النساء 26% في 2018 ثم هوت بعدها إلى 23% في 2021 و2022.
بحسب الإحصائيات المعلنة، نجد تبايناً تعيشه القارة العجوز من دولة لأخرى في نسبة السفيرات مقارنةً بنظرائهن من الرجال؛ فبينما وصلت إلى 49.5% في فنلندا و38% في دول الشمال الأوروبي مثل الدنمارك والنرويج والسويد، لا تشكل النساء في بلجيكا إلا 11.5% من إجمالي السفراء.
على الجانب الآخر حققت بعض الدول خارج الاتحاد الأوروبي نجاحاً مطرداً في زيادة عدد السفيرات؛ فكندا رفعت نسبتهن من 35.6% في 2018 إلى 51% في 2023، أيضاً المملكة المتحدة نجحت في الوصول إلى نسبة بلغت 43% بعدما كانت 28.8% في 2018، وفي الولايات المتحدة بلغت نسبة السفيرات 41% بعدما كانت 33.1% في 2018.
هذا النجاح امتدَّ إلى دولٍ أخرى في أفريقيا وآسيا التي وصلت بعضها إلى نسب تمثيل متساوية بين الرجال والنساء مثلما حدث في غانا (49%) والمالديف (50%) وجنوب أفريقيا (39%).
الدول العربية: مراكز متأخرة
في ما يخصُّ إجمال عدد السفيرات فإن أغلب الدول العربية تحتلُّ مراكز متأخرة في هذا السباق، إذ مثلت النساء عام 2022 قرابة 10% من السفراء العرب بالخارج.
أتى لبنان في المقدمة بـ24% يليه المغرب بـ22% ثم الأردن 14% فالإمارات وسوريا بـ12%، واحتلّت بقية الدول العربية مراكز أكثر تأخراً في هذا السباق: العراق (9.5%) والجزائر (8%) ومصر (7.5%) والسعودية (5%) وقطر (2%) والكويت (1.4%).
في ذيل القائمة كانت جزر القمر وجيبوتي، ولا تعتمد أي منهما على سفيرات نساء.
هذه الأرقام لا تعني أن الأوضاع في البلاد العربية لا تتحسن، إنما شهدت بعضاً من التطور؛ ففي 2018 لم تكن السعودية تمتلك سفيرات بالأساس والآن بات 5% من حجم سفرائها حول العالم نساء، من بينهن الأميرة ريما بنت بندر آل سعود التي أصبحت أول سفيرة في تاريخ السعودية بعدما تم تعيينها ممثلة للملكة في الولايات المتحدة 2019 لتتزامل مع الشيخة الزين الصباح سفيرة الكويت بأميركا منذ أبريل 2023.
وسوريا مثلاً كانت صاحبة الريادة في هذا الشأن بعدما كانت أليس قزما أول سيدة عربية تعمل في السلك الدبلوماسي، وأيضاً كانت أول امرأة تمثّل سوريا وقت تأسيس الأمم المتحدة عام 1945.
مصر والبحرين والإمارات: على طريق التمكين
رغم أن مصر سمحت للنساء بدخول العمل الدبلوماسي منذ عام 1956 إلا أن البداية الحقيقية حدثت في يناير 1962، عندما التحقت بوزارة الخارجية السيدة بهيجة عرفة ابنة المهندس موسى عرفة وزير الري والسد العالي، وبعدها بعامين لحقت بها مي أبو الدهب التي أثبتت كفاءة كبيرة في عملها حتى باتت أول امرأة تُعيّن مديراً لمكتب مساعد وزير الخارجية، بحسب بحث "الدبلوماسية المصريات: هدى المراسي نموذجاً" لأستاذة التاريخ أسماء عبد العزيز.
بمرور الوقت تزايد عدد النساء حتى بلغ 80 امرأة في 1983 (من بينهن سفيرة واحدة) بنسبة تمثيل بلغت 7.8% زادت إلى 9.6% خلال 1987 بعدما بلغ عدد النساء 91 امرأة من بين 947 عضواً في السلك الدبلوماسي، وفي 1992 وصلت النسبة إلى 12.3%.
وأفاد تقرير لوزارة الخارجية المصرية في 2012، أنه منذ تعيين أول امرأة في العمل الدبلوماسي عام 1961، التحقت 195 سيدة بالعمل في وزارة الخارجية بنسبة 20.5% بلغت 37 واحدة منهن منصب السفير.
خلال عامي 2022 و2023 بلغت نسبة السفيرات ضمن التمثيل الخارجي المصري 7.5%، فيما وصل إجمالي نسبة التمثيل في مختلف المناصب الدبلوماسية 56%، بحسب تقرير صادر عن المركز القومي للمرأة في أكتوبر 2021، وهو ما تناقض مع نسبة تمثيل لم تتجاوز 30% فقط عطفاً على بيانات هيئة الاستعلامات الحكومية.
وفي البحرين، بدأت مسيرة النساء في العمل الدبلوماسي عام 1972، حيث تم توظيف نساء للعمل في وزارة الخارجية، وعُينت كمستشارة في بعثة البحرين لدى الأمم المتحدة 1988.
وفي 1999 جرى تعيين الشيخة هيا بنت راشد أول سفيرة للمملكة في فرنسا، ولاحقاً في عام 2017 وصلت امرأة بحرينية لمنصب وكيل وزارة الخارجية للمرة الأولى.
رغم هذا التقدم فإن نسبة البحرينيات العاملات في السلك الدبلوماسي لم تتجاوز 31% بينما مثّلت السيدات قرابة 9% من إجمالي السفراء، بحسب تقرير نشره المجلس الأعلى للمرأة في ديسمبر 2020.
على الجانب الآخر شهد عام 2020 إعلان الإمارات أنها وصلت بنسبة تمكين المرأة في جميع وظائف السلك الدبلوماسي إلى 37%، التي وصلت لاحقاً إلى 42.5% من العاملين بوزارة الخارجية من بينهن 11 سفيرة.