ندى حافظ (يمين) وأخريات شاركن في بطولات رياضية أثناء الحمل
ندى حافظ (يمين) وأخريات شاركن في بطولات رياضية أثناء الحمل | Source: MBN

كشفت لاعبة السلاح المصرية في دورة الألعاب الأولمبية، ندى حافظ، الثلاثاء، عن مشاركتها في المنافسات وهي حامل، مما أثار جدلا واسعا، وطرح تساؤلات عن مدى خطوة ذلك صحيا ومدى تأثير الحمل على أداء الرياضيات، خاصة بالنسبة للألعاب العنيفة. 

وكتبت حافظ على "إنستغرام" أنها "تحمل طفلا أوليمبيا صغيرا"، وذلك بعد ساعات من خسارتها بدور الـ16 في منافسات مبارزة الشيش للسيدات، يوم الاثنين، في أولمبياد باريس.

وتغلبت ندى، البالغة من العمر 26 عاما، وهي طبيبة من القاهرة، على الأميركية إليزابيث تارتاكوفسكي قبل أن تخسر أمام الكورية الجنوبية جون هايونغ وتودع البطولة. 

وقالت اللاعبة المصرية: "لقد واجهت أنا وطفلي نصيبنا العادل من التحديات، سواء كانت جسدية أو عاطفية... إن رحلة الحمل صعبة في حد ذاتها، لكن الاضطرار إلى القتال للحفاظ على التوازن بين الحياة والرياضة لم يكن أقل من شاق، مهما كان الأمر يستحق ذلك. أكتب هذا المنشور لأقول إن الفخر يملأ كياني لضمان مكاني في دور الـ16". 

وخلال السنوات الماضية، شاركت رياضيات محترفات في بطولات أثناء الحمل، في تحد للمخاطر المعترف بها على نطاق واسع المرتبطة بنشاط المرأة أثناء الحمل. 

وفازت الأميركية، سيرينا ويليامز، ببطولة أستراليا المفتوحة للتنس عام 2017 خلال الأشهر الثلاثة الأولى من حملها، بعدما كشفت أنها حامل بطفلها الأول قبل يومين فقط من البطولة.

وفازت لاعبة الكرة الطائرة الشاطئية، كيري والش غينينجز، بميداليتها الذهبية الثالثة في أولمبياد لندن 2012 وهي حامل في الشهر الخامس. 

وتنافست لاعبة الرماية الماليزية، نور سورياني محمد طيبي، في أولمبياد 2012 وهي حامل في الشهر الثامن.

وركضت العداءة، أليشيا مونتانو، في سباق 800 متر في بطولة الولايات المتحدة لألعاب القوى في عام 2014 وهي حامل في الشهر الثامن.

وهؤلاء ضمن سلسلة طويلة من نساء خضن هذه المغامرة. 

وفي مقابلة لها على برنامج "تيد توك" قالت نجمة التنس ويليامز، عن تجربتها في 2017 إنها كانت "متوترة" ولكنها تمكنت من التركيز، مضيفة: "لم يكن الأمر سهلا للغاية. تسمع كل هذه القصص عن الأشخاص أثناء الحمل: يمرضن، ويشعرن بالتعب الشديد، والتوتر الشديد.. كان علي حقا أن أجمع كل هذه الطاقة وألقي بها بعيدًا". 

وتشير بعض الدراسات إلى أن التمرينات شديدة الكثافة قد لا تكون ضارة بالجنين أو الأم الحامل التي تمارس الرياضة.

وفي دراسة أجريت عام 2018، نشرت في المجلة البريطانية للطب الرياضي، وأجراها باحثون من جامعة أيسلندا، تم فحص النتائج الصحية لـ130 رياضية قبل ثلاث سنوات من الحمل وأثناءه، وتمت مقارنة النتائج بمجموعة ضابطة مكونة من 118 أما أيسلندية لم تمارس أنشطة أثناء الحمل. 

ولم تجد الدراسة أي فرق كبير بطول فترة الولادة أو مضاعفات الحمل بين الرياضيات والمجموعة الضابطة. 

وقال ثورغيردور سيغورداردوتير، أحد الباحثين في التقرير: "هناك الكثير من الوصمة تتعلق بالرياضات القوية والحمل" لكنه أشار إلى أن الدراسة  صغيرة النطاق للغاية بحيث لا يمكن التوصل إلى استنتاجات شاملة.

وأثار خبر فوز ويليامز بنهائي بطولة أستراليا المفتوحة ضجة، في 2017، وكتب أحد المعلقين الذكور : "فازت سيرينا ويليامز وهي حامل، لذا يجب على كل رجل أن يصمت عن كل شيء إلى الأبد". 

وبعدما تم الإعلان عن مشاركة المصرية حافظ، في أولمبياد باريس وهي حامل، تباينت ردود الفعل في مصر. 

وبينما اعتبر البعض أن ما فعلته "ليس شطارة" ويعبر عن "المحسوبية" في اختيار اللاعبين المشاركين في البطولات، اعتبر آخرون أن ما فعلته يعبر عن صلابتها.

واعتبرت هذه المعلقة أن ندى حافظ "فخر مصر":

 ووجه معلق آخر سؤالا افتراضيا للساخرين منها رغم وصولها إلى دور الـ16 في البطولة: "ما هو إنجازاك رغم أنك لست حاملا في الشهر السابع؟". 

ولا تمنع قوانين اللجنة الأولمبية الدولية مشاركة الحوامل في البطولات، وفق الخبير في القانون الرياضي، رئيس لجنة الانضباط والأخلاق في السعودية سابقا، أيمن الرفاعي.

وقال الرفاعي لموقع الحرة إن اللجنة لا تمنع مشاركة المرأة الحامل، وتترك لها وطبيبها تحديد مدى سلامة مشاركتها على أن تتحمل اللاعبة المسؤولية.

ويؤكد وليد عطا أحمد، رئيس اتحاد ألعاب القوى في مصر سابقا، أن اللوائح لا تمنع مشاركة المرأة الحامل، لكنه اعتبر ما فعلته حافظ "غريبا"، وتساءل عما إذا "كان طبيبها كان يعلم بحملها وما رأيه الطبي".

 واعتبر عطا أحمد في تصريحاته لموقع الحرة أن "لكل لعبة طبيعتها ولعبة المبارزة ليست رياضة بسيطة وللتدريب على بطولة احترافية، يحتاج اللاعب إلى تدريبات التوافق والسرعة والرشاقة والمرونة". 

ويضيف أن "بإمكان المرأة التدريب وهي حامل لكن ليست لبطولة احترافية، وهي بهذه الطريقة تخاطر بالتعرض لأي حركة مفاجئة أثناء المنازلة، ما يؤثر عليها في اللعب وعلى حياتها الشخصية أيضا". 

وتوضح طبية النساء والتوليد المقيمة في الإمارات، هدى سليمان، في تصريحات لموقع الحرة أنها تشجع على ممارسة الرياضة للحوامل بعد الشهر الثالث، لكن هذا لا يطبق على الرياضات العنيفة، التي يحدث فيها ضرب أو سقوط.

 وتضيف في تصريحاتها لموقع الحرة أن المخاطر التي تعرضت لها ويليامز أثناء ممارسة لعبة التنس أقل لأن رياضة التنس لا تعرض اللاعبة للأذى بشكل عام، وإن كانت معرضة للسقوط، وهو ما يعرضها للخطر لو كانت حاملا.

وتقول سليمان إن التعرض للعنف أو السقوط يمكن أن يؤدي إلى انفصال المشيمة. 

وهذا الأمر ينطبق على الجري وهي تنصح بالركض بشكل عام لكن ليس الجري السريع ولمسافات طويلة، لأنه قد يسبب مشاكل صحية. 

وتشير أيضا إلى الناحية النفسية للاعبة المبارزة حافظ، لأنها ربما مارست المنازلات وهي تشعر بالخوف على جنينها. 

وتتفق مع ذلك الدكتورة، حنان زيادة، اختصاصية الصحة النسائية والتوليد، التي قالت لموقع الحرة، إن المرأة الحامل التي تمارس رياضات عنيفة تعرض نفسها والجنين للخطر، لأنها قد تتعرض لحركات سريعة مفاجئة أو السقوط ما يؤدي إلى انفصال المشيمة أو النزيف ما يؤدي إلى وفاة الجنين.

ويقول الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، إن رياضة المبارزة يمكن أن تعرض اللاعبة لحركات مفاجئة أو قد تحدث لها لنوبة أو انخفاض في ضغط الدم، ما يمكن أن يعرضها والجنين للإيذاء، وفق تصريحاته لموقع الحرة.

ويصف فرويز ما قامت به حافظ بأنه "مغامرة غير محسوبة". 

ويشير الطبيب النفسي إلى الأذى النفسي الذي ربما تتعرض له بسبب ارتفاع مستوى هرمون الأستروجين، وحدوث خلل في الهرمونات التي يطلق عليها هرومونات السعادة، وهي "الدوبامين و"السريتونين" وهو ما يؤثر على مستوى الطاقة والتركيز والانتباه وأدائها في المنازلات. 

وقالت رشما راثود، أخصائية العلاج الطبيعي في ماريلاند لصحيفة واشنطن بوست إن "إدراك متى يصبح المستوى الطبيعي للنشاط البدني أكثر من اللازم هو مفتاح الحمل الصحي... الفكرة هي الاستمرار في ما كنت تفعلينه قبل الحمل مع مراعاة الاحتياطات". 

وأضافت أن "التوقف عن النشاط البدني أثناء الحمل لم يعد وصفة عالمية، بل هو أكثر من مجرد احتياط".

المزيد من المقالات:

مواضيع ذات صلة:

من تظاهرة احتجاجية في العاصمة العراقية بغداد حول تعديلات مقترحة على قانون الأحوال الشخصية
من تظاهرة احتجاجية في العاصمة العراقية بغداد حول تعديلات مقترحة على قانون الأحوال الشخصية- تعبيرية

 في مكتبها وسط العاصمة العراقية بغداد، تجتمع المحامية مروة عبد الرضا مع موكلها الشاب العشريني وزوجته (ابنة خالته)، اللذين يسعيان لتوثيق زواجهما المنعقد خارج المحكمة لصغر سن الزوجة (13 عاما)، وهي طالبة في السادس الابتدائي بمنطقة المدائن على أطراف العاصمة بغداد.

تقول عبد الرضا لـ"ارفع صوتك": "لا يمكن الحديث عن الزواج المبكر من دون أن يتم ربطه بشكل مباشر بالزواج خارج المحاكم لأنهما مرتبطان ببعضهما البعض".

بعد اكتشاف حمل الفتاة، قررت العائلة توكيل محام لتقديم طلب توثيق العقد. تضيف عبد الرضا "الإجراءات الحكومية بسيطة وغير معقدة في مثل هذه الحالات، فالقاضي يجد نفسه أمام الأمر الواقع بسبب حمل الفتاة، فيتم تصديق العقد وفرض غرامة أقصاها 250 ألف دينار على الزوج (نحو 150 دولاراً)".

الزيجة التي تشير إليها المحامية "ليست الأولى ولن تكون الأخيرة" على حدّ تعبيرها، "بل هي حالة اجتماعية متوارثة لاعتقاد سائد أن الرجل يرتبط بفتاة صغيرة ليقوم بتربيتها على ما يحب ويكره، لكن النتيجة كثيرا ما تكون سلبية بحسب القضايا التي تشغل أروقة المحاكم ونراها بشكل يومي. فالفتاة التي تتزوج بعمر الطفولة غير قادرة على استيعاب العلاقة الزوجية، وفي كثير من الحالات يكون الأمر أشبه بالاغتصاب".

تتحدث عبد الرضا عن ارتفاع كبير بنسب الطلاق في المحاكم العراقية: "كثير منها يكون نتيجة الزواج المبكر وتدخّل الأهل بسبب صغر أعمار الطرفين وهو ما يؤثر بشكل كبير على العلاقة الزوجية".

وتشير إلى أنه كثيرا ما يتم التزويج "لعدم وجود فتيات في منزل العائلة للرعاية والعمل المنزلي، فيكون مطلوب منها القيام بأعمال الكبار وهي بعمر الطفولة، وهذا أكبر من قدرة أي فتاة صغيرة".

ما تكشف عنه عبد الرضا تؤيده إحصاءات مجلس القضاء الأعلى، ففي شهر يوليو الماضي كان هناك 2760 عقد زواج خارج المحكمة، و1782 حالة طلاق خارج المحاكم و4562 حالة بتّ فيها، بعد رفع دعاوى قضائية.

وينقل المجلس الأعلى في أحد تقاريره عن القاضي عماد عبد الله قوله إن المحاكم العراقية "شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في حالات الطلاق. وأهم الأسباب ترجع إلى حالات الزواج المبكر التي تفتقر لمتابعة الأهل، وعدم توفر الاستقرار المالي الذي يسمح بإنشاء أسرة بالإضافة إلى التأثر بالسوشيال ميديا".

"خارج السرب".. رجال دين يعارضون تعديلات "الأحوال الشخصية"
مع أن طرح التعديلات على قانون الأحوال الشخصية العراقي لعام 1959، يحظى بدعم كبير من غالبية رجال الدين الشيعة والسنة في العراق، إلا أن بعض رجال الدين من الطائفتين، غردّوا خارج السرب وسجّلوا مواقف معارضة للتعديلات على القانون.

تداعيات الزواج خارج المحاكم

تتحدث شابة فضّلت عدم الكشف عن اسمها لـ"ارفع صوتك" عن سنوات طويلة حُرمت فيها من أبسط حقوقها، فلم تتعلم القراءة والكتابة، ولم تنل رعاية صحية لائقة، فقط لأن زواج أمها المبكر وإنجابها لها وهي في عمر صغير، جعلها من دون أوراق ثبوتية.

"تزوجت والدتي بعقد خارج المحكمة بعمر صغير، وانفصلت بعد أشهر قليلة عن والدي لعدم انسجامهما معاً، لتكتشف حملها بي"، تروي الشابة.

وضعت الأم حملها وتزوجت مرة ثانية، ورزقت بالمزيد من الذرية. تبين: "لم يتم إصدار أوراق ثبوتية لي، فحُرمت من التعليم ومن الرعاية الصحية، وكنت أحياناً استعين ببطاقة شقيقتي الأصغر للحصول على العلاج في المستشفيات".

توفيت والدتها التي قابلناها لصالح تقرير سابق قبل ثلاث سنوات، وفي أوائل العام الحالي وهي بعمر 23 عاماً تزوجت الشابة بعقد خارج المحكمة، واليوم تسعى لاستخراج هوية الأحوال المدنية لتوثيق زواجها "لا أريد أن تتكرر مأساتي مع أطفالي أيضاً".

من جهته، يقول المحامي خالد الأسدي لـ"ارفع صوتك" إن قضايا الزواج والطلاق خارج المحكمة في أغلبها تكون "بسبب صغر عمر الزوجة أو للزواج الثاني، كون القضاء يطلب موافقة الزوجة الأولى، ونتيجة لذلك أصبح لدينا جيش صغير من الأطفال غير الموثقين رسمياً والمحرومين من أبسط الحقوق".

الزواج المبكر كما يشرح الأسدي "لا يقتصر على الإناث فقط بل يشمل الذكور أيضاً، فقانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 اعتبر سن الثامنة عشرة هو سن الأهلية القانونية لإجراء عقد الزواج".

القانون ذاته وضع استثناءات، يفنّدها الأسدي "فقد منح القاضي صلاحيات تزويج من أكمل الخامسة عشرة من العمر وقدم طلباً بالزواج، وفق شروط تتعلق بالأهلية والقابلية البدنية التي تتحقق بتقارير طبية وموافقة ولي الأمر". 

ستابع الأسدي "هذا الاستثناء لا يشجع زواج القاصرين قدر تعلق الأمر بمعالجة حالة اجتماعية بطريقة قانونية تتيح فيه القرار للسلطة القضائية".

مع ذلك، فما كان مقبولاً في الفترة التي تم تشريع القانون بها، لم يعد مقبولاً في الوقت الحالي؛ كون المسالة تتعلق برؤية اجتماعية جديدة فيها جوانب اقتصادية وتغيرات اجتماعية كبيرة شهدها العراق خلال العقود الستة الأخيرة، بحسب الأسدي.

 

قصص

لم تكن أم علي تتجاوز 14 عاماً حين تم تزويجها إلى ابن عمها، كان ذلك أواخر تسعينيات القرن الماضي. واليوم تواجه "مشكلة"، إذ تم الاتفاق - دون رغبة الأم- على تزويج ابنتها البالغة من العُمر 14 سنة.

عدم رغبة الأم هي نتيجة مباشرة لما تعرضت له خلال رحلة زواجها الطويلة. تقول أم علي لـ"ارفع صوتك": "صحيح أنني أمتلك عائلة وأبناء وبنات أصبح بعضهم بعمر الزواج. لكن، لا أحد يتحدث عن مرارة الرحلة".

وتوضح "أنا وزوجي كنا بعمر متقارب ومن عائلتين فقيرتين. بعد زواجي بشهر واحد حملت بطفلي الأول.. كنا مجرد طفلين نعتمد على مصروف يوفره والده، أو أعمال متقطعة في مجال البناء، ولم يأت الاستقرار إلا بعد عشر سنوات حين تطوع في الجيش، وأصبح لديه راتب ثابت وبات قادراً على الإنفاق".

على الرغم من عدم رغبتها بخضوع ابنتها للتجربة ذاتها، تقول أم علي "التقاليد والأعراف لا تسمح لنا بذلك، لا أريد لابنتي أن تواجه المصير ذاته ولكن ليس بيدي حيلة وليس لنا رأي".

على عكس حكايتها، تقول أم نور  إن أحداً لم يجبرها على الزواج حين كانت بعمر السادسة عشرة، مردفة "كل فكرتي عن الزواج كانت ترتبط برغبتي بارتداء فستان أبيض، وأن الجميع سيرقصون من حولي، لكن سرعان ما اكتشفت أنّي لم أكن مؤهلة لتكوين عائلة".

في العراق كما تشرح أم نور وهي على أعتاب الستين " كثيراً ما يكون الزواج مبكراً، ودون أن تكون هناك فكرة حقيقية عن المسؤولية ومدى قدرتنا على تحملها، أو تربية أطفال والتعامل مع بيئة جديدة مختلفة عن التي تربينا فيها بعد الانتقال إلى منزل الزوجية".

أفكار نمطية                       

الموروث الثقافي كما يرى أستاذ الاجتماع رؤوف رحمان يلعب دوراً كبيراً فيما يتعلق بالزواج المبكر للإناث والذكور بشكل عام في العراق.

يقول لـ"ارفع صوتك" إن البيئة العراقي التقليدية "تربّي الفتاة على أنها غير مؤهلة لإدارة شؤونها، فيكون مصيرها مرهوناً بقرار العائلة التي تفضّل تزويجها مبكرا لأنها مرغوبة اجتماعياً ومطلوبة للزواج ما دامت صغيرة في السن، وتقل حظوظها كلما تقدمت في العُمر".

في حالات كثيرة يذكرها رحمان "تسعى الفتيات للارتباط حين تفتقد الأسرة إلى الانسجام، أو للتخلص من العنف الأسري والفقر، خصوصاً ضمن العائلات الممتدة والريفية أو في أحيان أخرى للحصول على مهرها".

ويرى أن الزواج المبكر في العراق يرتبط أيضاً "بالعنف والصراعات والحروب المستمرة، فعدم الاستقرار الأمني يدفع العوائل لتزويج الفتيات بعمر مبكر للتخلص من مسؤوليتهن".

أما في ما يتعلق بالزواج المبكر للذكور، فيشير رحمان إلى وجود "فكرة خاطئة مفادها أن تزويج الذكر بعمر صغير يقيه من الانحراف أو الوقوع في المشاكل عندما يكون مسؤولاً عن زوجة وأطفال بعمر مبكر".

كل هذه التقاليد والأعراف النمطية المتوارثة تشكّل بحسب رحمن "مواطن الخلل في المجتمع، فنحن اليوم بحاجة إلى ثقافة مختلفة تماماً، في زمن تغيرت طبيعة الحياة فيه من ريفية بسيطة إلى مدنية معقدة، غزتها وسائل التواصل وغيرت الكثير من أساليب العيش وسط أزمة اقتصادية خانقة وزيادة مرعبة بأعداد السكان".

جزء من الحل كما ترى المحامية مروة عبد الرضا، يكمن في "تثقيف الشباب من الإناث والذكور عن الحياة الزوجية والمسؤولية المترتبة عن إنشاء أسرة عبر دروس ضمن مناهج وزارة التربية، ومحاضرات من الباحثين الاجتماعيين ضمن المحاكم العراقية قبل عقد القران، لتأهيل وتوعية المقدمين على الزواج".