بقلم علي عبد الأمير:
ما انفكت قضية التدمير الواسع الذي تتعرض له بيئة كوكب الأرض اليوم، تكسب اهتماما واسعا ومتزايدا، فاستخدام الوقود الأحفوري وما يطلقه من غاز ثاني أوكسيد الكاربون إلى الغلاف الجوي بوتائر قياسية تتسبب بذوبان الصفائح الجليدية، مما يؤدي إلى إرتفاع منسوب المياه فضلا عن رفع درجة حرارتها وهو ما يدمّر العمل الذي تقوم به لتبريد الكوكب.
وهذا الاندفاع وراء أنواع من الوقود الأحفوري يؤدي إلى حالات لا تحصى من التكسير والحفر في بر الأرض، مثلما يؤدي التنقيب عن النفط إلى تدمير بحرها، مثلما هو الأمر مع تجريف الغابات لإفساح الطريق لمزارع زيت النخيل والمراعي للماشية في صناعة الإنتاج الواسع للحوم، وهو ما زاد من ثاني أوكسيد الكاربون في الهواء بينما محا تقريبا الحياة النباتية تلك التي تعمل على تبريد الأرض وتنقية الهواء.
دي كابريو وحرائق العالم
والفيلم الوثائقي “قبل الطوفان“، والمنتج حديثا من قبل “ناشيونال جيوغرافيك”، يقدم مثالا على استثمار النفوذ الواسع لشخصية معروفة عالميا من أجل تركيز الاهتمام على قضية فكرية، وهو هنا يعتمد على الممثل الحائز على جائزة الأوسكار ورسول الأمم المتحدة للسلام وممثلها لشؤون البيئة، ليوناردو دي كابريو، كمحور شخصي مؤثر لقضية تتعلق ببيت العالم (بيئته) وقد صار مختنقا بسبب السلوك البشري النفعي والأناني، ومن هنا تأتي بداية الفيلم التي أرادها المخرج الحائز على جائزة الأوسكار فيشر ستيفنز. ففي متحف برادو بالعاصمة الإسبانية مدريد، نتطلع إلى واحدة من أشهر اللوحات في تاريخ الفن الغربي، وتظهر سقوط الجنس البشري، عبر سفر من الملذات وعالم معقد من الفضيلة والرذيلة، وصولا إلى الجحيم حيث الدمار المطلق.
وعن الفيلم ورسالته، يقول الكاتب العراقي شاكر الناصري إن التغييرات المناخيّة هي الخطر الذي يهدد العالم الذي نعيش فيه، والتي ستجعلنا نواجه كوارث كبيرة لا يمكن السيطرة عليها. وهذه هي الرسالة التي يطرحها الفيلم الوثائقي” قبل الطوفان” بمساهمة من الممثل ليوناردو دي كابريو، الحائز على أوسكار أفضل ممثل عن فيلم “العائد”.
ويرى الناصري، في مداخلة مع موقعنا، أن الفيلم يظهر ليوناردو دي كابريو بشخصية عميقة ومهمومة بقضايا لم يلتفت إليها أحد وتم إهمالها لأسباب سياسية وبضغط الشركات الكبرى ورجال السياسية، “فالرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب وأعضاء الكونغرس، الذين ينكرون قضية التغيرات المناخية، ويعتبرونها قضية مبالغا فيها، ومن نسج خيال أهل العلم والنظرة المتشائمة التي يطرحونها حول المناخ والبيئة، يديرون شركات وقود كبرى تتعامل بالوقود الأحفوري ويتسترون على المخاطر التي تنتج عنه”.
ويشير إلى أنّه في نفس الوقت يقدم الفيلم الأدلة على مقدار التلوث البيئي والتغييرات المناخيّة وما ينتج عنه من أمراض، وارتفاع درجات الحرارة، وهطول الأمطار بشكل كبير، وهو يتطلب منّا تغيير طريقة حياتنا وعيشنا.
تقدم صناعي أكثر .. تلوث أكثر؟
ويخلص الكاتب العراقي إلى القول “تحولت قضية البيئة ومخاطر التغييرات المناخية إلى مجال شاسع لتبادل الإتهامات بين الدول المتقدمة الكبرى التي تحتكر الصناعة والتصدير، وتقديم الأدلة على انها لم تكن المتسبب في التلوث وبالتالي التغييرات المناخية. إن صراع الصين وأميركا، حول البيئة والوقود الأحفوري، والتغييرات المناخية، هو الدرس الذي يجب أن نجد فيه أسباب المخاطر الحقيقيّة التي تهدد العالم”.
*الصورة: النجم دي كابريو وخلفه بوستر الفيلم الوثائقي “قبل الطوفان” في العرض الأول له بولاية كاليفورنيا 24 تشرين الأول/أكتوبر 2016/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659