بقلم إلسي مِلكونيان:
مع ازدياد وتيرة العمليات العسكرية للقضاء على الجماعات الإرهابية كداعش في سورية والعراق وليبيا وغيرها، ظهرت معركة مجتمعية تهدف لتوعية الناس من مخاطر الانخراط في صفوف الجماعات المتشددة وتبعات الإرهاب.
هذا الحراك يمكن ملاحظته في المجتمعات الغربية والعربية على حد سواء. لكن أساليب توظيفه تباينت بسبب اختلاف الظروف والتطبيق بين المجتمعات.
الشباب العراقي ومواقع التواصل الاجتماعي
وجد نشطاء عرب في مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة فاعلة لمواجهة حملات الدعاية وتجنيد الشباب التي تتولاها التنظيمات المتشددة. وفي العراق، أطلق عدد من الشباب المدونين والناشطين حملات (وسوم) على فيسبوك وتويتر بالتزامن مع العمليات العسكرية لتحرير المدن من قبضة داعش، منها معركة تحرير الفلوجة، والتي بدأت في أواخر شهر أيار/مايو، ومعركة تحرير الموصل والتي بدأت في شهر تشرين الأول/أكتوبر.
ومن أمثلة هذه الوسوم #جنودك_ياوطن_حراس و#جيشنا_دائما_منتصر، لكن جهود الناشطين الذين يشرفون على نشاط هذه الوسوم لم تستمر بوتيرة واحدة.
ويعلل مصطفى ناصر، رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافيين العراقيين، لموقع (إرفع صوتك) السبب في ذلك قائلاً إن معركة تحرير المدن العراقية من داعش معركة طويلة. “انشغل كثير من الناشطين عنها بقضايا سياسية عراقية رافقت عملية التحرير خلال هذه المدة. كما اتخذ البعض من هذه الوسوم ذريعة للترويج لانتماءات طائفية، حوّرت مسار الوسم والهدف الذي خلق من أجله”.
وبرأي ناصر، هناك عوامل تساعد المجتمع بشكل أكبر على هزيمة داعش، أبرزها وجود مراكز أو مؤسسات ملحقة بالجامعات، تصدر تقارير وأوراق بحثية حول هذ الظاهرة وتشجع المجتمع للحديث عنها.
وفي المغرب، برزت مبادرات أخرى عبر الإنترنت لمواجهة داعش، من ضمنها صفحة #مغاربة_ضد_داعش التي أطلقها الشاب المغربي حمزة الزبادي على فيسبوك عبر مشاركة الصور والمنشورات التي تظهر التبعات السيئة للإرهاب وحصل على أكثر من 500 متابع خلال شهرين.
ماذا يفعل المجتمع الغربي؟
وتتبع المجتمعات الغربية طريقة مختلفة في التصدي للإرهاب، إذ أن جهودها لا تنحصر بمواقع التواصل الاجتماعي فقط، وإنما بمراكز بحث متخصصة تصدر تقارير دورية حول ظاهرة الإرهاب التي تفاقمت في دول عدة. وتصدر هذه المراكز أوراق بحثية وتقارير هدفها توعية الشباب والمجتمع بشكل عام حول قضية الإرهاب وتبعاته وتجنيد عناصره والجماعات المنخرطة فيه.
ويدل بحث مبسط عبر “غوغل” إلى انتشار هذه المراكز في الدول الأوروبية والولايات الأميركية وأستراليا والصين، بلغ عددها 100 مركز في 2010.
ولا توجد إحصائية دقيقة حول عدد هذ المراكز في الوقت الحالي، إلا أن نشاطها لا يتركز على داعش فقط، وإنما على الظاهرة وتطوراتها على الأرض.
وفي العالم العربي أقيمت مراكز مشابهة ومثالها “مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة” في مصر و”مركز الإمارات للدراسات” في الإمارات العربية.
لكن بالنسبة للعالم العربي ما زال موضوع أبحاث الإرهاب ضمن مؤسسات متخصصة أمراً ناشئاً، وذلك لأسباب عدة يتحدث عنها لموقع (إرفع صوتك) عبد الله بوحبيب، السفير اللبناني السابق في واشنطن ورئيس مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية في الجامعة الأميركية في لبنان الذي أقفل منذ عدة أشهر بعد تسع سنوات من افتتاحه لأسباب مالية.
يشير بوحبيب إلى وجود جهود خجولة في الوطن العربي لإنشاء مراكز متخصصة بالإرهاب “وذلك بسبب الالتباس حول توصيف الإرهاب والجماعات المنخرطة في الأعمال الإرهابية، ومحدودية التمويل الذي يتيح لهذه الأمور أن تتم بشكل منظم، وحتى في حال وجود التمويل فهو موجه لخدمة الأمور التي وجد من شأنها”.
من نجح بالتصدي لداعش مجتمعياً؟
يعتقد البعض أن المجتمعات الغربية بذلت جهداً أكبر للتصدي لظاهرة الإرهاب ونجحت بتوعية مجتمعاتها عبر التقارير والأبحاث التي تصدر باستمرار.
ويقول إدموند غريب أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جورج تاون في العاصمة الأميركية واشنطن لموقع (إرفع صوتك) “من الصعب أن نقول إن المؤسسات التي تقوم بأبحاث الإرهاب هي ناجحة لأن كل واحدة منها تتبع أجندات معينة. وعندما نقوم بالحديث عن داعش وغيره في دول الشرق الأوسط فتلك المؤسسات لا تملك الدراية الكافية بخصائص المجتمعات العربية”.
ولكي تنجح الحرب المجتمعية في الدول العربية في التصدي للإرهاب، يجب أن يكون هناك دور فاعل وأكبر لمنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام لكي تقوم بتوعية مختلف شرائح المجتمع حول الإرهاب وتبعاته، بحسب الأستاذ غريب.
الصورة: ظهرت معركة مجتمعية في الدول العربية والغربية تهدف لتوعية الناس من مخاطر الانخراط في صفوف الجماعات المتشددة وتبعات الإرهاب/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659