مشاركة من صديقة (إرفع صوتك) صافيناز زكريا مرشد

 تستهويني مظاهر الاحتفال بالعيد المجيد. أحببتها منذ صغري وتمنيت تزيين أعيادنا مثله. حتى أنه طرأت في رأسي أنا وأختي فكرة مجنونة بتزيين نخلة برطب ملون لتنصيبها في عيد فطرنا!

وفي مثل هذا الوقت من كل عام، تحضرني ذكريات الاحتفال بعيد الميلاد المجيد خلال فترة إقامتي في الولايات المتحدة. حين تتجمل المنازل والكنائس والأماكن العامة بالزينة الخاصة. وتهيمن أجواء روح الأعياد على الجميع. فتتردد عبارات التهنئة والتبريكات بين الأصدقاء والغرباء فتدفئ القلب في الليالي الباردة.

أستمتع بمظاهر البهجة هذه إلى أن تحين عشية عيد الميلاد. حين تقفل المتاجر والمحلات أبوابها بعد حركة شراء جنونية. تنتقل التجمعات البشرية إلى المنازل على مآدب فيها ما لذ وطاب. وتغيب الحركة من الشوارع والطرقات وتستحيل المدن إلى شبه مهجورة.

أصابني في أول عيد لي في أميركا الاكتئاب. نشطت مشاعر الحنين إلى الوطن وتجمعات الأهل. حاولت أن أقنع نفسي الوحيدة بأن ليس هذا بعيدي. واستكملت مشاهدتي لفيلم وحدي في المنزل حتى مضى العيد في سبيله.

شاركت صديقتي باربرا قصتي هذه لغاية غير الفضفضة لا أرجوها. وبعد مرور الحول، اتصلت باربرا لتدعوني للاحتفال بالعيد المجيد مع عائلتها. اعتذرت باربرا النباتية سلفا عن تقديم الديك الرومي كما هو متعارف عليه. كما اعتذرت عن عدم دعوتي في العام السابق احتراما لديني. لم أشأ التطفل فتعذرت بالبرد. ثم أصرت، فقبلت. 

في بيت باربرا الدافئ العامر بأهله غمرني الإطراء. تشيد بشجاعتي على العيش وحدي في الغربة. أبتسم بخجل وأعقب بأني لست الأولى ولا الأخيرة. من بعدها، أضحى احتفالي مع باربرا وعائلتها بالعيد عادة. تصحبني معها لشراء الحاجيات لتشركني بالاحتفال بكل مظاهره. لتبدد بذلك مشاعر الوحدة، هاجسي الأكبر. كم ممتنة أنا لها.

بعد رجوعي، حرصت على إرسال التهاني إلى باربرا وغيرها من الأصدقاء كل عيد. وإن قصرت في سؤالي عنهم خلال العام، أجد في تهنئتي تجديد لعهدي بهم. وفي كل عام، أستعجب من الجدل المتكرر حول تهنئة المسيحيين بأعيادهم، متحججين بأن في ذلك إقرار لهم على دينهم المخالف لديننا وكأن في تهنئتهم خروج من ملتنا، ناسين قول الله تعالى: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين". وقول الله تعالى: "وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها".

فكيف لي ألا أهنئ باربرا الطيبة ومن مثلها؟  


عن الكاتبة: صافيناز زكريا مرشد كاتبة سعودية لها العديد من المقالات المنشورة باللغة الإنجليزية. مصورة  هاوية عرضت أعمالها في السفارة البرازيلية والسفارة الأميركية في الرياض.

الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن رأي موقع (إرفع صوتك) أو شبكة الشرق الأوسط للإرسال، ويتم نشرها إيماناً بحرية التعبير وضرورة فتح الباب أمام نقاش جاد للأسباب التي أدت إلى انتشار التطرف والإرهاب في المنطقة.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

العرض العسكري أقيم في طهران
العرض العسكري أقيم في طهران

قالت وسائل إعلام رسمية إن إيران استعرضت، الجمعة، معداتها العسكرية في ذكرى الحرب مع العراق في الثمانينيات، منها "الطائرة المسيرة الأطول مدى في العالم" وصواريخ باليستية وفرط صوتية، على ما ذكرت رويترز.

وقالت التقارير إن الطائرة المسيرة "تم الكشف عنها" في العرض الذي تم بثه على الهواء مباشرة، وإن الطائرات المسيرة التي ظهرت خلال الفعالية تحمل أسماء مهاجر وشاهد وآرش.

وأعلنت إيران الشهر الماضي أنها صنعت طائرة مسيرة متقدمة تحمل اسم مهاجر-10 بتحسينات في مدى وفترة التحليق مع القدرة على نقل حمولة أكبر.

وذكرت وسائل إعلام رسمية في ذلك الوقت أن مدى الطائرة يصل إلى ألفي كيلومتر ويمكنها الطيران لمدة تصل إلى 24 ساعة، مضيفة أن حمولتها يمكن أن تصل إلى 300 كيلوغرام، أي مثلي الحمولة التي يمكن للطائرة المسيرة مهاجر-6 نقلها.

وتتهم إيران بإمداد روسيا بطائرات مسيرة من طراز مهاجر-6 من بين وحدات جوية أخرى غير مأهولة من أجل الحرب على أوكرانيا.

وفرضت واشنطن، الثلاثاء، المزيد من العقوبات المرتبطة بإيران، عازية ذلك إلى نشر طهران "المستمر والمتعمد" للوحدات الجوية غير المأهولة التي تسهم في تمكين روسيا ووكلاء لها في الشرق الأوسط وأطراف أخرى تزعزع الاستقرار.

وتنفي إيران إمداد روسيا بطائرات مسيرة من أجل استخدامها في الحرب في أوكرانيا.

وقال الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، خلال العرض العسكري الذي أقيم في طهران "تضمن قواتنا الأمن في المنطقة والخليج... يمكننا أن نعلم شعوب المنطقة أن الصمود هو السبيل اليوم. ما يجبر العدو على التراجع ليس الخضوع والتردد، بل المقاومة".

واندلعت الحرب العراقية الإيرانية في 22 سبتمبر 1980 عندما غزت قوات في عهد الرئيس العراقي آنذاك، صدام حسين، إيران.

وانتهى الصراع، الذي كان مدمرا اقتصاديا وخلف ما لا يقل عن نصف مليون قتيل، إلى طريق مسدود في أغسطس 1988.