بقلم حسن عبّاس:
يصدم الكثيرين بآرائه غير المألوفة ودائماً ما يثير كلامه سجالات. لا تعجب آراؤه المتطرّفين ولا رجال الدين ممّن يسمّيهم "حرّاس المعبد".
هو الشيخ الدكتور مصطفى راشد الذي يبدأ حديثه بالقول إننا "ما زلنا نقدّس البشر. ما زال عندنا رجال دين وفقهاء يقدّسون البشر. ومن هنا تأتي إشكالية تنقية التراث".
وأضاف العالم الأزهري لموقع (إرفع صوتك) أن "هنالك أشخاص يعتبرون البخاري ومسلم وفقهاء كثيرين مقدّسين، لكنهم في الحقيقة بشر والتقديس لله وحده ثم للنبي بعده، وكل ما عدا ذلك بشر يخطئون".
وفي هذا الإطار، أكّد أن "كلام ابن تيمية وابن القيّم غير صحيح. وابن حنبل أخطأ".
نظرة نقدية إلى التراث
يدخل راشد مباشرة في أعمق ما وصل إلينا من تراث ديني ويقول "البخاري لم يضع كتاباً اسمه "صحيح البخاري". هذا الكتاب غير موجود. ومَن يقول غير ذلك ليأتينا بمخطوطته أو على الأقل بنسخ قديم للمخطوطة. وكذلك الأمر بالنسبة إلى مسلم".
ولفت إلى أنه "لدينا حوالى 600 ألف حديث منسوب للنبي، الصحيح منها هو 2420 فقط. لكن نرى أن علماءً كباراً يستشهدون بأحاديث غير صحيحة".
ورأى أن نقد التراث مسألة ضرورية فـ"داعش يأخذ من الأحاديث المنسوبة للنبي ويستخدمها لتدمير بلادنا وحضارتنا".
يرفض راشد الاكتفاء بالكلام المنمّق للقول إن الإسلام دين الاعتدال. وقال "قد تسمع كلاماً رائعاً من رجل دين يتحدث عن رفض العنف ولكن لا فائدة لكلامه إذا لم يُثبت أن اعتداله قائم على أسس شرعية صحيحة".
وتابع "يستخدم البعض أسلوب التقية فيقول كلاماً يحب المعتدلون سماعه، لكنه في الحقيقة يتمسكن حتى يتمكّن ويحتفظ في داخله بآرائه المتطرّفة".
وأضاف "علينا التفكير بعقلانية وتحرّي جذور المشكلة. الإرهاب يصدر من عندنا والعالم كله يرى ذلك والسؤال الملح هو: هل أنتم قادرون على تقديم رؤية جديدة تغيّر هذه الفكرة؟".
برأيه، "للقضاء على الإرهاب لا يمكن أن نكتفي بقتل "الناموس" (البرغش) بل علينا ردم المستنقع الذي يسبّب الناموس وهذا المستنقع هو كتب التراث".
وخلص إلى أنه "علينا تنقية تراثنا لأن الإرهاب انتشر بسبب الأحاديث والفتاوى القديمة غير الصحيحة".
وحذّر من أن "في المكتبات كتب تدعو إلى قتل غير المسلمين، وأي شخص يقرأ هكذا كتب قد يتأثر بها ويقوم بعملية إرهابية بدعوى الدفاع عن الإسلام وإعلاء شأنه".
كيف نوقف الإرهاب؟
"علينا القيام بأمرين للقضاء على الإرهاب: الأول عنوانه استبعاد المعلّم الشرير والثاني عنوانه استبعاد الكتاب الشرير"، أكّد راشد.
وشرح أن المعلم الشرير هو كل إمام مسجد أو أستاذ شريعة أو واعظ يفتقد إلى المنطق والعقل الراجح ويحمل صفات عنيفة، لأنه سيعلّم الناس العنف. ومن هنا طالب بتشكيل لجنة مهمتها التأكد من الصحة العقلية لأي شخص يشغل وظيفة دينية.
وقال إن "90 في المئة من الأئمة سيفشلون في تجاوز فحص الصحة النفسية. وترك قيادة الناس لمثل هؤلاء ضد الإسلام وضد الإنسانية وضد الضمير".
أما الكتاب الشرير فهو كل كتاب يتضمّن ما يخالف النص القرآني والحديث المتواتر. وبعد تنقية هذه الكتب "من المهم أن تقوم المؤسسات الدينية بتصحيح التراث ونقل ذلك إلى المناهج التعليمية".
المهمة سهلة ولكن...
أساس المشكلة برأي راشد هي أنه "تعلّمنا في المجتمعات العربية والإسلامية بمنهج يقدّم رؤية أحادية. ولم يزودوننا بمناهج نقدية تعلّمنا كيفية النظر إلى الأمور بشكل عقلاني. فالتعليم متوقّف على نمط قديم عمره مئات السنين ولم نتطوّر وتعليمنا لا يواكب العصر".
وقال "من زمن ابن رشد ورجال الدين يسيطرون على الفكر الديني الإسلامي وغالبيتهم متطرفون فكرياً ويحاولون القضاء على أي صوت تنويري، بكل الطرق، وهو ما يظهر من هجومهم على الشيخ محمد عبده وعلى طه حسين وعلي عبد الرازق".
ووصف رافضي التجديد بأنهم "شخصيات مريضة تتخيّل أنها تفهم الدين".
حالياً، يرأس راشد "الاتحاد العالمي لعلماء الإسلام من أجل السلام". وجزء من عمل هذا الاتحاد العمل على تنقية التراث. وبرأيه، "وهذا سهل حين نناقش القضايا بكل حرية".
ومن المسائل التي توصّل إليها علماء الاتحاد والتي أثارت سجالات أنه في الإسلام لا وجود لحدّ الردّة ولا لحدّ شارب الخمر وأن الحجاب ليس فريضة. "وضّحنا ذلك بالأدلة وليس بمجرّد الكلام"، قال راشد، مضيفاً "وأثبتنا أن الأحاديث التي تدعو إلى العنف والقتل لا أساس لها".
فعلى سبيل المثال، إن حديث "لا يُقتل مسلم بكافر" غير صحيح، أكّد راشد كاشفاً أن هذا الحديث الذي يرفض مساواة حياة المسلم بحياة مَن يوصَف بـ"الكافر" اعتمد عليه مفتي مصر أكثر من مرة لرفض توقيع قرارات إعدام مسلمين قتلوا غير مسلمين.
والخلاصة، كما يرى، هي أن "الإرهاب لن ينتهي بدون أن نضع منهجاً جديداً نقدياً ومسالماً، وأن نرصد نصوص العنف في كتب التراث ونكذّبها بالقرآن لأنها مخالفة له".
واعتبر أننا "نحتاج إلى رجحان العقل لدى القيادات الدينية وإرادة سياسية من الحكّام لفعل ذلك"، ولكنه أضاف أنه "طالما الأمور متروكة لرجال الدين النمطيين لن يتغيّر أي شيء فهم حرّاس معبد"، "حافظين ومش فاهمين"، كما وصفهم.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659