الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند يضع إكليلا من الزهور بمناسبة الذكرى الأولى لهجمات باريس/وكالة الصحافة الفرنسية
الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند يضع إكليلا من الزهور بمناسبة الذكرى الأولى لهجمات باريس/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم خالد الغالي:

في حزيران/يونيو 2016، عبَر كيفن غيافارش رفقة زوجاته الأربع وأطفاله الستة الحدود السورية التركية، وسلم نفسه للسلطات التركية. قبل العبور، كتب كيفن إلى حكومة بلاده فرنسا، معلنا "توبته" من القتال في صفوف تنظيم داعش ورغبته في العودة. استغرقت الإجراءات عاما كاملا قبل أن تمنحه القنصلية الفرنسية في إسطنبول الضوء الأخضر للعبور إلى تركيا.

لا يتجاوز عمر كيفن 24 سنة. ومع ذلك، فهو الإرهابي الأشهر في فرنسا، وقد أدرجته الأمم المتحدة في اللائحة السوداء ضمن الإرهابيين الأكثر خطورة منذ 2014. وغادر هذا الشاب، الذي دخل الإسلام في سن 14 وسقط في أحضان التطرف مبكرا، إلى سورية نهاية سنة 2012 للالتحاق بصفوف جبهة النصرة، قبل أن ينضم إلى داعش.

وُضع كيفن غيافارش وزوجاته في السجن مدة أربعة أشهر، قبل أن تسلم تركيا زوجاته الأربع لفرنسا، حيث وضعت ثلاث منهن رهن الاعتقال والرابعة تحت المراقبة القضائية. أما كيفن، فلم يتم تسليمه لباريس إلا يوم الجمعة، 20 كانون الثاني/يناير 2017. وأعلن القضاء الفرنسي مباشرة وضعه في السجن ومتابعته بتهمة تكوين عصابة إرهابية.

فرنسيو داعش

فتحت قصة كيفن غيافارش مجددا النقاش حول الفرنسيين الذين يقاتلون على الأراضي العراقية والسورية، في ظل المخاوف المتزايدة من عودتهم إلى بلادهم نتيجة الهزائم المتتالية لتنظيم داعش.

ويوجد حاليا أكثر من 700 فرنسي، من بين 5000 مقاتل أوروبي، في ساحات القتال في العراق وسورية، لتحتل بذلك فرنسا الرتبة الأولى بين الدول الأوروبية. ويتخوف الفرنسيون بشدة من تكرار سيناريو هجمات باريس، في تشرين الأول/نوفمبر 2015، التي كان العقل المدبر خلفها هو عبد الحميد أباعود، المواطن المغربي البلجيكي الذي التحق بصفوف داعش، قبل أن يعود إلى بلجيكا ومنها إلى فرنسا ليقود العملية الأكثر دموية فوق التراب الفرنسي منذ الحرب العالمية الثانية، موديا بحياة 130 شخصا.

وبحلول منتصف العام 2016، كان قرابة 250 فرنسي عادوا إلى بلدهم. يقول الإعلامي والمحلل سياسي مصطفى الطوسة "أصبحت ظاهرة الإرهابيين العائدين من مسارح القتال في سورية والعراق وليبيا الكابوس الأمني الذي يؤرق مراكز القرار السياسي الفرنسي. هناك تخوف كبير من أن يقوم هؤلاء الشباب المشحونون بروح المواجهة العنيفة بعمليات إرهابية استعراضية للانتقام من الهزائم العسكرية التي عرفها تنظيم داعش في مختلف المناطق". ويضيف الصحافي المغربي المقيم في باريس "هناك أيضا خشية أمنية من أن تساهم هذه العناصر التي لها خبرة عسكرية وجهادية في زرع خلايا نائمة في المجتمع الفرنسي تستيقظ وقت الحاجة".

ورغم الرقابة الشديدة التي يفرضها داعش وعقوبة السجن التي تنتظر العائدين، صار عدد من المقاتلين الفرنسيين لا يترددون في الاتصال بشكل مباشر بقنصليات بلادهم في تركيا لتدبير طريقة للعودة، خاصة المقاتلون الذي اصطحبوا معهم عائلاتهم. ويوجد في مناطق القتال في سورية والعراق أكثر من 300 امرأة فرنسية و400 طفل نصفهم عمره أقل من خمس سنوات.

 الزنزانة في الانتظار

بمجرد مغادرة أول المقاتلين الفرنسيين إلى سورية والعراق، بادرت فرنسا في سنة 2012 إلى سن قانون يتيح مقاضاة الفرنسيين الذين ينفذون أعمالا إرهابية في الخارج أو يلتحقون بتنظيمات إرهابية. ونصّ القانون على ملاحقة هؤلاء بتهمة تشكيل "عصابة إجرامية"، وهي جريمة يعاقب عليها بالسجن 10 سنوات.

لكن مع هجمات باريس 2015، أدخلت فرنسا تعديلات جديدة على قانون الإرهاب. يقول مصطفى الطوسة "اتخذت السلطات الفرنسية عدة خطوات، بينها تشديد العقوبات القانونية حيث تم رفع عقوبة الانتماء إلى مجموعة إرهابية من 10 سنوات سجن نافذة إلى ما بين 20 و30 سنة".

وصارت الشرطة توجه بشكل تلقائي استدعاء لكل العائدين من مناطق الصراع، ليتم بناء على قرار القاضي وضعهم رهن الاعتقال أو المراقبة القضائية. وحتى الذين لم تكف الأدلة لمتابعتهم قضائيا، نصّ تعديل جديد على وضعهم رهن الإقامة الجبرية لمدة شهر (رفعت لاحقا إلى ثلاثة أشهر). ومن 236 فرنسيا تم التحقيق معهم بحلول أيار/مايو 2016، خضغ 93 للإقامة الجبرية.

إضافة إلى هذه التعديلات، التي جعلت صحيفة "لوموند" تصف قانون الإرهاب الفرنسي بأنه الأشد في أوروبا، لجأت فرنسا إلى اتخاذ إجراء مثير للجدل تسبب حتى في استقالة وزيرة العدل كريستين توبيرا. يتعلق الأمر بنزع الجنسية لمزدوجي الجنسية المتورطين في أعمال إرهابية. ويمهد هذا الإجراء لطردهم من البلاد بعد قضاء فترة عقوبتهم.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.