الإسلام قام على ثورة علمية، وهناك آيات كثيرة شجعت وأعطت...
بقلم علي قيس:
يعرّف المؤرخون وباحثون في مجال الفلسفة الحضارةَ الإسلامية بأنها مصطلح يحمل جانبين: مادي وفكري. الحضارة بشقها المادي: هي العمران والبناء. أما الجانب الفكري فيشمل العلوم والمنجزات التي تحققت على خلفية تنظيرات فكرية سبقتها، سواء الرياضية أو الهندسية أو الطبية أو الفلسفية أو الإنسانية، مؤكدين أن الحضارة الإسلامية "لا تقتصر على الجوانب الدينية والمسائل الفقهية"، وإن كان ذلك مكملا وضاغطا اجتماعيا وأخلاقيا ساهم في تكوين الإنسان.
داعش: الإسلام المشوّه في بلاط السياسة
ويقول أستاذ فلسفة التأريخ الإسلامي في الجامعة المستنصرية ببغداد، صالح العلوي، إن "الإسلام قام على ثورة علمية، وهناك آيات كثيرة شجعت وأعطت فضلا للعلم والعلماء، ويكاد يكون جهاد الإنسان العالم أكبر من جهاد العابد".
ويضيف في حوار مع موقع (إرفع صوتك) أن "الحضارة الإسلامية فتحت بابا للتأليف والبحث عن المعرفة، وكان فضل الإسلام إمتدّ الى أوروبا في القرن السادس الهجري (الـ14 ميلادي)، وهو ما تعترف به اليوم".
ويتابع العلوي "لو تصفحنا القرون الأولى للحضارة الإسلامية، لوجدنا سفرا كبيرا من العلماء الذين منحوا العالم والإنسانية، لم تمنحه حضارة بشرية أخرى".
ويرى أستاذ فلسفة التاريخ الإسلامي أن ما وصل إليه المسلمون اليوم من مستوى ثقافي هو نتيجة إرادات سياسية لمن حكموا البلدان العربية على مدى القرون السابقة، موضحا "عبر التاريخ الإسلامي كان هناك من يستهدف العقل والعلم، وكان الخطر على العلماء من الساسة الذين يخشون النور، كثير من العلماء أطيح بهم، نتيجة مثل هؤلاء الساسة، الذين كان عدوّهم الإنسان العالِم".
ويضيف العلوي أن خير مثال على تلك الأخطار التي ضربت الحضارة الإسلامية هو "تنظيم داعش"، مشيرا إلى أن "هذا التنظيم استفرد بتطبيق الإسلام المشوه، القائم على أساس اجتزاء الفتاوى المنحرفة، وما تنفس عنه التاريخ الإسلامي السياسي من تشوهات في بلاط السياسة. داعش اليوم يتحرك بإطار فقهي مشوه، لكن أهدافه سياسية، بدليل أن سلوكه الواقعي لا يمثل مبادئ الإسلام".
علماء المسلمين وسيف داعش؟
ويذهب الكاتب غالب الشابندر إلى أن المعنى الجوهري للحضارة الإسلامية التي تستند للقرآن، هو العقل، لأن هذه الكلمة جاءت في القاموس العربي تعني "الحجر والحبس"، لكنها في القرآن حُرر وضعها المغلق إلى "التفكير".
ويقول الشابندر في حديث لموقع (إرفع صوتك) إن "عدم انتباه العلماء المسلمين إلى معنى النقلة الدلالية لهذه الكلمة، جعلهم يفتشون عن عقلٍ ثانٍ، فهم غرقوا في التاريخ، وتركوا الفعالية والنشاط، وهذا أدخل الحضارة الاسلامية في معرجات خطرة أدت إلى استنفاذ العقل فيما لا ينفع".
ويتابع الكاتب أن العلماء المسلمين بما تركوه من معارف ونتاجات علمية في جوانب متعددة، لو كانوا موجودين في الوقت الحاضر، لما سلموا من سيف داعش، موضحا "داعش ينفي الآخر، هو عبارة عن رجوع إلى القرون الوسطى في تفسير الدين وتفسير الحياة، لذلك فإنه من المستحيل أن يتفق مع ابن سينا وابن رشد أو الغزالي أو السهروردي أو غيرهم".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659