منذ أكثر من عقدين يتبنى محمد بزيك الأطفال الميؤوس من شفائهم/Shutterstock
منذ أكثر من عقدين يتبنى محمد بزيك الأطفال الميؤوس من شفائهم/Shutterstock

متابعة خالد الغالي:

رغم أنه متأكد أنهم سيموتون في كل الأحوال، إلا أن محمد بزيك مستمر منذ أكثر من عقدين في احتضان الأطفال المرضى الميؤوس من شفائهم في مدينة لوس أنجلوس، أكبر مدن ولاية كاليفورنيا.

مات قرابة 10 أطفال حتى اليوم. وهو الآن يحتضن طفلة في السادسة من عمرها تعاني خللا في الدماغ. وهي مكفوفة وصماء، يداها ورجلاها مشلولتان، وتعاني نوبات يومية.

صحافية جريدة "لوس أنجلوس تايمز"، هايلي برانسون بوتس، الفائزة بجائزة البوليتزر سنة 2016 عن تغطيتها لهجوم سان برناندينو، زارت محمد في بيته، وكتبت تقريرا مؤثرا عن هذا الأميركي من أصل ليبي الذي جاء إلى أميركا طالبا سنة 1978.

في الصور، يبدو محمد، ذو 62 عاما، بلحيته الكثة ولباسه القصير. يقول عنه التقرير إنه "مسلم متدين جدا".

​​يقضي محمد ليالي طويلة مستيقظا للاعتناء بالطفلة الصغيرة. يريد فقط أن "تعرف أنها ليست وحيدة في هذه الحياة". "أعرف أنها لا تستطيع أن تسمع أو ترى، لكني أكلمها دائما.. أحملها، ألعب معها، ألامسها... إنها تحس. لديها روح. هي إنسان"، يقول محمد لـ"لوس أنجلوس تايمز"، إحدى أعرق الصحف الأميركية وأوسعها انتشارا.

رجل فريد

من 35 ألف طفل تحت رعاية قسم خدمات الأطفال والأسرة في مقاطعة لوس أنجلوس، هناك حوالي 600 طفل يعيشون وضعية صحية صعبة. ومن الصعب إيجاد عائلات تحتضنهم.

"بمجرد ما يتصل بنا شخص ويقول إن طفلا في حاجة إلى بيت يقدم له الرعاية الصحية، يوجد شخص واحد فقط نفكر فيه"، تقول مليسا تستيرمان الموظفة في قسم خدمات الأطفال والأسرة والمكلفة بإيجاد عائلات للأطفال المرضى. وتضيف متحدثة عن محمد بزيك "إنه الوحيد الذي يمكن أن يتبنى طفلا من المرجح أن لا يبقى حيا".

تعاني الطفلة التي يتبناها محمد مما يعرف طبيا بـ"القيلة الدماغية"، وهي تشوه نادر يحدث خلال المرحلة الجنينية، ويتم خلاله بروز جزء من الدماغ على شكل كيس عبر فتحة من الجمجمة. أزال الأطباء الكيس مباشرة بعد ولادة الطفلة، لكن دماغها ما يزال غير كامل النمو.

واحتاجت الصحيفة لإذن خاص من المحكمة لدخول بيت محمد بزيك وتمضية بعض الوقت معه ومع الطفلة. في البيت "تجلس مسنودة إلى وسائد على الأريكة في غرفة معيشة محمد بزيك، شعرها بني طويل دقيق مشدود على شكل ذيل حصان. وحواجبها المقوسة بدقة تعلو عيونا رمادية لا تكاد ترى". رأسها صغير جدا مقارنة بجسمها الذي يزن أكثر من 15 كيلوغراما بقليل، وهو وزن صغير بالمقارنة مع عمرها (الوزن العادي لطفلة في عمر ست سنوات هو 19.5 كلغ).

تبناها محمد منذ كان عمرها شهرا واحدا، وقبلها تبنى ثلاثة أطفال آخرين يعانون نفس المرض نفسه.

أجيال بعد أجيال

سنوات بعد مجيئه إلى أميركا، التقى محمد بفتاة تدعى داون، صارت زوجته لاحقا. ومنها ورث "شغف" احتضان الأطفال. شرعت داون في تبني الأطفال منذ بدايات الثمانينات قبل لقائها بمحمد. والداها قبلها كانا يفعلان الشيء نفسه.

في سنة 1989 التحق محمد بداون في مهمة تبني الأطفال، المرضى في الغالب. تلقى الزوجان دروسا في الجامعة عن تبني الأطفال والتعامل مع مرضهم ووفاتهم. وفي منتصف التسعينيات، قررا أن يحتضنا بشكل خاص الأطفال الميؤوس من شفائهم، لأن لا أحد يقبل تبنيهم. ورغم انفصال الزوجين سنة 2013 ووفاة داون سنة واحدة بعد ذلك، ما يزال محمد يتابع نفس المهمة.

يحكي محمد للصحيفة قصة وفاة أول طفل متبنى. كان ذلك سنة 1991، وكانت طفلة لم تبلغ سنتها الأولى بعد، استنشقت أمها العاملة في الحقول مبيدات سامة عندما كانت حاملا بها.

يتذكر محمد التاريخ جيدا: 4 تموز/يوليوز 1991. "وفاتها آلمتني بشدة"، يقول الرجل الليبي للصحيفة وهو يحمل صورة الطفلة.

بعدها، احتضن محمد طفلا آخر يعاني من متلازمة الأمعاء القصيرة. توفي بدوره، إذ لا يمكن للمصابين بهذا المرض أن يتناولوا أطعمة صلبة، ويظلون معتمدين دائما على التغذية الصناعية عن طريق الوريد. زار هذا الطفل المستشفى 167 مرة خلال سنوات عمره الثمانية.

لدى محمد طفل وحيد، اسمه آدم، ولد سنة 1997. وهو يعاني بدوره مرض هشاشة العظام وقصر القامة. يبلغ آدم حاليا 19 عاما وهو طالب في علوم الحاسوب في الجامعة. يقود كرسيه المتحرك يوميا إلى الجامعة. يصفه والده بأنه "مقاتل".

تقدم مقاطعة لوس أنجلوس 1700 دولار شهريا لمحمد من أجل مساعدته على تحمل مصاريف الطفلة الصغيرة. لكن، بعد أقل من 18 ساعة على نشر مقال لوس أنجلوس تايمز، فتح أحد القراء حسابا لتلقي التبرعات من أجل محمد، جمع لحد الساعة أكثر 82 ألف دولار شارك فيه 1800 متبرع.

​​​

* عن لوس أنجلوس تايمز (بتصرف)

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.