بقلم إلسي مِلكونيان:
هل سبق وسمعت بـ"أكثر الأقليات اضطهاداً" في العالم؟ إنه اللقب الذي أطلقته الصحافة العالمية على الأقلية المسلمة أو "الروهينغا" الذين يعيشون في إقليم راخين الواقع على الساحل الغربي لجمهورية ماينمار (تسمى أيضاً بورما)، بسبب انتهاكات يتعرضون لها.
خلفية النزاع
وتشهد بورما، الواقعة جنوب شرق آسيا، توترات دينية بين البورميين (54 مليون نسمة يدين غالبيتهم بالديانة البوذية حسب موقع "سي أي آي فاكتبوك") والمسلمين (مليون و300 ألف مواطن حسب صحيفة نيوزويك الأميركية، غالبيتهم يعيشون تحت خط الفقر) في ولاية راخين، وطوال فترة تتجاوز نصف قرن كانت تخف أحيانا وتتصاعد أخرى.
ويعود السبب في ذلك إلى أن الأغلبية البوذية ترى في الأقلية المسلمة "مهاجرين غير شرعيين"، أصلهم من بنغلادش. وبذلك ترفض السلطات في بورما منحهم الجنسية (حسب نصوص تضمنها قانون الجنسية المعتمد في البلاد منذ 1982) برغم إثبات نسبهم البورمي، إلى جانب وضع قيود على حقوقهم بالتعليم والزواج والسفر.
وتأخذ مجموعة تحمل اسم "969" على عاتقها التحريض على اضطهاد المسلمين وتضم عددا من النسّاك البوذيين يبثون خطابات الكراهية ويدعون إلى رحيل المسلمين.
انتهاكات جسيمة
وبلغ التوتر الديني ذروته في تشرين الأول/أكتوبر 2016، حين تم اتهام الأقلية المسلمة في بورما بمقتل تسعة من حرس الحدود البورميين، مما أدى إلى مجازر واغتصاب وانتهاكات فظيعة تعرضت لها على يد القوات البورمية، حسبما يقوله الروهينغا الفارين إلى بنغلادش المجاورة، بينما تنفي السلطات البورمية هذه الادعاءات.
من جهتها، أكدت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة مقتل المئات من أقلية الروهينغا المسلمة عقب الحادثة في تقرير لها في 3 شباط/فبراير 2017.
وجاء في التقرير الذي حمل عنوان "وحشية مفرطة ضد أطفال ونساء ورجال الروهينغا" أنه "تم تسجيل حالات اغتصاب جماعية وحالات قتل، بما فيه قتل الرضع والأطفال الصغار، وضرب عنيف، وحالات اختفاء وانتهاكات خطيرة أخرى لحقوق الإنسان على يد قوات الأمن البورمية في منطقة مغلقة في شمال مانغداو في ولاية راخين".
وسبق ذلك توترات محورية أخرى بين الطائفتين في 2012، إذ قامت مجموعة من القرويين في شهر تموز/يوليو (يقدر عددهم بـ 200 شخص) بهدم مسجد وقتلت رجلاً وسط البلاد بعد مشاحنات حول بناء مدرسة إسلامية. وفي حادثة مشابهة في الشهر عينه، قام 500 بوذي بهدم قاعة صلاة تابعة للمسلمين. فردت السلطات باعتقال خمسة أشخاص لهم صلة بهذا الحادثة. وتوسعت رقعة التوتر حتى شملت مناطق أخرى من البلاد في 2013 و2014.
بين فكي اللجوء والعودة
واستقبلت بنغلادش آلاف المسلمين من الروهينغا حتى بلغ عددهم 350 ألف شخص، حسب تقارير نشرت مطلع هذا العام.
وطالبت السلطات البنغالية من بورما أن تعيد مواطنيها المهاجرين، لكن المسلمين اللاجئين يخشون العودة إلى بلادهم. ويسعى زعماؤهم إلى طلب المساعدة من دول داعمة أو"مرحبة بهم" ليذهبوا إليها ويكملوا حياتهم هناك.
يقول كوكو لين، أحد الزعماء، لموقع "صوت أميركا" أن "الحياة في بورما أصبحت لا تطاق. إنهم لا يرغبون (المسلمون البورميون) بالعودة إلى الوطن".
الأمل بإنقاذ المظلومين
وطالب كبار الحائزين على جائزة نوبل للسلام من الأمم المتحدة أن تبذل جهداً لإيقاف "المأساة الإنسانية والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية شمال إقليم راخين".
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي تطالب جهات عدة بحماية الروهينغا وإعادتهم إلى ديارهم، كما تطالب السلطات بالكف عن اضطهادهم وإعادة حقوقهم المسلوبة. ومنهم "المجلس الأوروبي لشؤون الروهينغا" الذي طالب الهند بمنح الحماية لهذه الفئة المضطهدة:
بينما تقول حملة "حماية الروهينغا" ،والتي نشرت كتاباً حول هذه الفئة في تغريدة، إن العالم يقف ويتفرج على هذه المجزرة بصمت وسط تصاعد مشاعر الإسلاموفوبيا العالمية:
* تم إنجاز هذا التقرير استجابة لمقترحات متابعينا على صفحة موقعنا على الفيسبوك.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 001202277365