حاورتها إلسي مِلكونيان:
في الدنمارك، البلد الذي حصل على لقب "الأكثر سعادة" في تقرير السعادة العالمي لسنوات عدة، تستعد مواطنته شيرين خانكان (المولودة من أب سوري وأم فنلندية) لافتتاح "أكاديمية ذِكْر" لتخريج أئمة من النساء في شهر آب/أغسطس المقبل، في "مسجد مريم" للنساء الذي أسسته بالعاصمة كوبنهاغن.
ومنذ افتتاحه في شباط/فبراير 2016، أشرف المسجد على 11 عقدا للزواج وأربع حالات طلاق إلى جانب إقامة جلسات روحية وصلوات يوم الجمعة -كان أولها في آب/ أغسطس 2016- واليوم تحضرها حوالي 40-50 سيدة وفتاة.
وترد خانكان على الانتقادات الموجهة لإمامة النساء بالقول إن هذه الإمامة شرعية وتعود إلى أحاديث نبوية سمحت بإمامة النساء لغيرهن في الصلاة.
ولمعرفة المزيد من التفاصيل عن هذه السابقة الأوروبية، كان لموقع (إرفع صوتك) الحديث التالي مع السيدة خانكان، مؤسسة المسجد:
ما هي قصة "مسجد مريم"؟
كانت فكرة تأسيس مسجد للنساء تراودني منذ زمن بعيد. في البداية، أي في آب/أغسطس 2001، عملت على تأسيس أول جمعية للمسلمين في الدنمارك تحت اسم "جمعية المسلمين الانتقاديين" وسبب التسمية هو انتقادنا للنظام الأبوي (سلطة الرجال) في المؤسسات الدينية، قالت خانكان. بعدها أطلقت بياناً يدعى "مسلم مانيفستو" شرحت فيه فكرة إقامة مسجد لأئمة نساء يساعد على فهم القرآن ويعزز مشاعر المساواة لتنمو وتتطور في إطار الديانة الإسلامية.
وبعد مرور 15 عاماً نجحتُ في إقامة المسجد فعلاً في 2016 بهدف محاربة الإسلاموفوبيا المتنامية في أوروبا والعالم وتغيير السلطة الأبوية في المؤسسات الدينية والتعليمية والتأكيد على أن الإسلام هو دين سلام ومحبة وتشجيع الأفكار التقدمية ضمن الإطار الإسلامي.
والأهم من هذا كله أننا لم نستنبط شيئاً جديداً. فالأئمة النساء وجدوا من أيام الرسول الذي سمح لهم أن يقيموا الصلاة للنساء. ومن يعارض هذا فإنما يعود إلى الخليفة عمر الذي حرّم ذلك، لكننا نعتمد الأصل في الدين الذي أقرّ بالمساواة بين الرجال والنساء.
هل تعتقدين أن المرأة في الغرب ما زالت تشكو انتقاصاً في الحقوق الدينية وعدم مساواة مع الرجل؟
في الدنمارك وغيرها من الدول الأوروبية، أعتقد أن النساء تتساوى مع الرجال في الحياة المدنية كالتعليم والسياسة وغيرها. لكن دينياً، يختلف الأمر بسبب النظام الأبوي المعتمد، حتى في المسيحية. فقد تم اختيار الكاهنة الأولى ضمن الكنيسة البروتستانتية في الدنمارك في عام 1948، وهذا ليس بوقت بعيد. بعدها بدأت الأمور بالتحسن. في كليات علم اللاهوت اليوم تشكل النساء حوالي 60 في المئة من طلاب هذا البلد. أما في الشرق الأوسط لا يزال التمثيل النسائي في الكنائس غائب تماماً.
كيف يتم اختيار الإمامات في "مسجد مريم" وماذا عن الأكاديمية التي تنوين تأسيسها؟
يتم ذلك بالتعيين. ونشترط أن تكون الإمامة حاصلة على شهادة الماجستير في الدراسات الإسلامية واللغة العربية. وأنا نفسي أحمل شهادة الماجستير في الدين واللغة العربية وفي المرحلة الأخيرة من دراسات علم النفس الإدراكي. وبذلك أجمع بين علم النفس والعناية الروحية عندما أتحدث إلى الناس. وتعاونني في الوقت الراهن في إدارة المسجد، أربع إمامات من أصول مختلفة، ثلاث منهن يلبسن الحجاب بشكل دائم.
ولتأهيل المزيد من الأئمة، سنقوم بافتتاح أكاديمية ضمن المسجد ابتداء من شهر آب/ أغسطس المقبل اعتمدنا فيها منهجاً مؤلفاً من 17 مادة. واستقدمنا أفضل خبراء الدين من مسلمين وغير مسلمين في الدنمارك لاعتماد المواد التدريسية وحصصها ضمن هذا المنهج، والذي يضم الدراسات الصوفية والإسلام وكيفية إقامة الصلوات ومراسم الزواج والطلاق وغيرها.
وفي مرحلة لاحقة، تنتقل الطالبات لدراسة قانون العائلة وفق الشريعة الإسلامية. وهذا للراغبات في التخصص في الفقه إضافة إلى دراسات علم النفس الإدراكي لأن الإمامة يجب أن تتقن فنون الحديث مع الناس وأن تعتني بهم روحياً. وهذا يعني القدرة على الإستماع إليهم دون إطلاق أحكام شخصية ودون أن تملي عليهم ما يفعلوه، بل أن تأخذ الحكمة من القرآن وتحولها لما يناسب حياتنا في 2017.
ما الذي يقدمه المسجد ليمنع الشباب المسلم في الغرب من الوقوع في براثن الجماعات الإرهابية كداعش؟
أشدد على المسلمين في الدنمارك هم أناس مسالمون ولا تشدهم الأفكار التي يروج لها داعش. ومن انضم إلى التنظيم المتطرف منهم لا يشكل إلا نسبة بسيطة.
علاوة على ذلك، أعتقد أن مسجد مريم يؤمن مجتمعاً للأشخاص الذين دخلوا الإسلام ليشعروا بالانتماء إليه وهم لم يشعروا بذلك في أي مسجد آخر هنا. ونعمل على استقطاب الشابات اللاتي يتطلعن إلى التقرب من الله بأسلوب روحي. وقد تتنوع خلفية المصليات فيه: من عربية أو باكستانية أو إيرانية أو أفغانية.
ماذا تقولين للمسلمات في الدول الغربية ممن لا يعرفن الكثير عن الدين أو كيفية ممارسته؟
أقول لهن أن الإسلام هو دين سلام، وأنه دين متغير وليس ثابتا، ويمكن تفسيره بناء على وقتنا الراهن. كما يجب على الشباب المسلم أن يتحلى بالشجاعة وألا يقيد نفسه بمفاهيم الانتماء الوطني أو عادات المجتمع المبنية على التخلف أو مشاعر الإسلاموفوبيا المتصاعدة في الغرب. يجب أن نظهر للجميع عكس هذه الأمور وأن نكرر رسالة السلام التي يحملها الإسلام.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659