الأزهر في مصر/وكالة الصحافة الفرنسية
الأزهر في مصر/وكالة الصحافة الفرنسية

في أحد تقاريره، اتهم مرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية التابع لدار الإفتاء المصرية التنظيمات الإرهابية...

بقلم حسن عبّاس:

في أحد تقاريره، اتهم مرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية التابع لدار الإفتاء المصرية التنظيمات الإرهابية بأنها تفسّر آيات الجهاد في القرآن "تفسيراً سقيماً".

وانتقد تضييقها مفهوم الجهاد ليقتصر على القتال، "ثم اختزاله في القتل المحض وقطع الرقاب"، ومذكّراً بأنه وسيلة لا غاية "فإذا صدّت عن الهداية فقد انحرفت عن مسارها، وانعكس أثرها، وتحولت إلى ضرر محض، يصد الناس عن دين الله".

ضوابط للجهاد

ويشرح تقرير بعنوان "الجماعات الإرهابية والفهم الخاطئ لآيات الجهاد"، أرسله مدير المرصد حسن محمد إلى موقع (إرفع صوتك)، كيف ينتزع الإرهابيون الآيات من سياقها وكيف يهملون آيات أخرى لكي يحوّلوا الإسلام إلى دين قتل.

بدايةً، يذكّر التقرير بأن الجهاد العنيف "يمثّل إحدى شعب الجهاد السلمية التي لا تُحصى، وهو الاستثناء المكروه لا القاعدة، والضرورة التي تقدر بقدرها، قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ}".

ويؤكد أنه لا يجوز اللجوء إلى الجهاد "إلا دفاعاً عن حرية المعتقد والوطن الذي بدون حريته يستحيل إقامة المعتقد الديني على النحو الذي أراده الله".

موضوعات متعلقة:

مسيحيون في العراق: يجب فصل الدين عن الدولة

الصراع المذهبي بين الإباضية والمالكية في غرداية

ويعتبر أن منهاج الدعوة جسّد هذا المعنى "ولقد كان الإخراج من الديار، والفتنة في الدين هي الأسباب التي ذكرها القرآن الكريم في كل الآيات التي شَّرعت لهذا القتال".

وأضاف أنه "عندما تطور الأمر من الإذن في القتال إلى الأمر به، جاء القرآن الكريم ليضع الإخراج من الديار (مكّة) سبباً لهذا الأمر"، وهو ما يُفهم من آية {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (البقرة:190).

وتابع أن القتال الذي أذن به الله هو قتال دفاعي ضد الذين أخرجوا المسلمين من ديارهم، لتحرير الوطن الذي سلبه منهم المشركون، فالقرآن يقول {وأخرجوهم من حيث أخرَجوكم} (البقرة:191).

اجتزاء آيات القتال

ولفت التقرير إلى أنه "رغم أن هناك الكثير من آيات الذكر الحكيم تدعو إلى الرحمة والبر والقسط والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة... إلا أن تنظيمات الظلام التي تعشق سفك الدماء وتستبيح الأعراض تأخذ آيات القتال، وتؤوّلها بحسب فهمها السقيم وتفسيرها العقيم"، فهي "تجتزئ آيات القتال وتبترها من سياقها ولا تربطها بالآيات قبلها وبعدها".

وكمثال على ذلك، يقول التقرير إن التنظيمات المتطرفة أوّلت آية السيف (التوبة:5) تأويلاً فاسداً وادعوا أنها وحدها نسخت أكثر من 100 آية من القرآن، "وهو ما يؤصل لدى تلك التنظيمات أن العلاقة مع غير المسلمين هي: السيف والحرب والضرب، وأن كل ما ورد في القرآن من أخلاق العفو والغفران والصفح والصبر والبر والقسط والتسامح في التعامل مع الآخر، ذلك كله منسوخ بآية السيف".

والنسخ معناه "رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر". وبموجب هذا الفهم يصبح التعامل مع غير المسلمين بالتسامح حكما معطَّلاً وقيمة ملغاة، "مع ما يستتبع ذلك، بالضرورة، من إشهار للسيف على الدوام، وتأجيج القتال والقتل أبداً".

الفهم الخاطئ لآيات الجهاد

يضرب التقرير عدّة أمثلة لآيات قتال يفهمها الإرهابيون بطريقة خاطئة ومنها:

الآية: { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (المائدة:44)

 الفهم الخاطئ: يستدلّون بها على مطلق تكفير كل مَن ترك حكماً من أحكام الله.

الفهم الصحيح: إن من ترك الحكم بما أنزل الله كلية بحيث اعتقد أن حكمه أفضل من أحكام الله فقد كفر، أما من أقرّ بأن أحكام الله هي الحكمة والعدل لكنه تعثّر في تطبيقها لضعف في نفسه أو تكاسل أو بسبب معوقات فهو مسلم ومؤمن لكنه عاصٍ بمقدار ما أخل به من الأحكام.

الآية: آيات سورة التوبة  5 و 12 و14 و28 و29 و123.

الفهم الخاطئ: يزعمون أنها تحض على القتال والتربص بالمشركين في كل مكان.

الفهم الصحيح: آيات سورة التوبة تمّيز بين توجهات ثلاثة للمشركين: أولاً: مشركون معاهدون للمسلمين، يحترمون العهود ويجب الوفاء بالعهود لهم (التوبة:4)؛ ثانياً: مشركون محايدون لم يحدّدوا موقفاً ضد أو مع المسلمين ويجب وضع الحقائق أمامهم ثم تركهم أحراراً ليقرروا ما يقرّرون (التوبة:6)؛ ثالثاً: مشركون يقاتلون المسلمين، ويجب قتالهم (التوبة:10).

الآية: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (التوبة:5).

الفهم الخاطئ: يستدلّون بهذه الآية المعروفة بـ"آية السيف" على وجوب قتال الكفار حيث وجدوا، حال رؤيتهم بعد انسلاخ الأشهر الحرم.

الفهم الصحيح: لا يجوز اعتبار أنها تنسخ أحكاماً أخرى واردة في القرآن.

الآية: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} (محمد:4).

الفهم الخاطئ: يستدلون بها على أن ضرب الرقاب هو الذبح وقطع رؤوس العُزّل والأسرى.

الفهم الصحيح: الآية تتحدث عمّا يقع من قتل العدو في المعركة حين يكون هنالك اشتباك معه، كما أن "ضَرْبَ الرِّقَاب" لا تدل على الذبح بل على شدة القتل.

الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ المتقين} (التوبة:123).

الفهم الخاطئ: يستدلّون بها لاستعمال القسوة والوحشية مع مَن يختلفون معهم.

الفهم الصحيح: وردت هذه الآية في سياق الإعداد المعنوي والتعبئة النفسية للجيوش الإسلامية التي تخوض قتالاً عادلاً وتريد صدّ الأعداء.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.