بقلم صالح قشطة:
أثارت اتهامات وجهها وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط أليستر بيرت لجماعة الإخوان المسلمين بـ"إخفاء أجندتها المتطرفة" في مصر جدلاً في الأوساط السياسية والدينية المصرية، لا سيما بتأكيد الوزير خلال زيارته الأخيرة التي بدأها الأربعاء، 23 آب/أغسطس، إلى مصر أن بريطانيا ستفرض رقابة مشددة على سلوك التنظيم الذي صنفته القاهرة "إرهابيا".
وقال بيرت في مقال نشرته صحيفة "الأهرام" المصرية، الخميس، 24 آب/أغسطس، "في بريطانيا الآن، أصبح أي شخص، وفي أي منظمة، يثبت تحريضه على الكراهية وتسامحه مع أو دعمه أو تبريره للإرهاب، مخالفاً للقانون ومعرضاً للملاحقة القضائية والعقاب، وهذه الرسالة موجهة أيضاً إلى الإخوان المسلمين"، في إشارة إلى توجه الحكومة البريطانية إلى انتهاج تعامل جديد مع منظمة الإخوان، التي وجد قياديون فيها من المملكة المتحدة ملاذاً آمنا لهم وبخاصة بعد اغتيال الرئيس الأسبق أنور السادات عام 1981.
اقرأ أيضاً:
كتاب وفنانون عرب تم تكفيرهم واغتيالهم
حماس في قائمة الإرهاب الأوروبية
الدراجة النارية والطعن سلاح الإرهاب الجديد في مصر
وفي موضع آخر من مقاله، قال الوزير "أصبح من الواضح فعلاً أن هذا التنظيم (الإخوان المسلمون) يلجأ إلى استخدام الغموض لإخفاء أجندته المتطرفة في مصر".
كما أكد الوزير أنه "سيتم فرض رقابة مشددة على سلوك جماعة الإخوان المسلمين وأنشطتهم (في بريطانيا) بما في ذلك طلبات استخراج التأشيرات لهم، مصادر تمويل الجمعيات الخيرية، وعلاقات التنظيم الدولية".
عادل درويش: لا جدل في علاقة الإخوان بالإرهاب
وفي حديث إلى موقع (إرفع صوتك)، يعلق المؤرخ والمحلل السياسي والكاتب المصري البريطاني عادل درويش على تصريحات بيرت، مؤكداً "ليس هناك جدل في علاقة الإخوان بالإرهاب". إلّا أنه يرى تلك العلاقة "من الصعب إثباتها في المحكمة والقانون في بريطانيا".
ويعتبر درويش أن تصرفات الإخوان في بريطانيا من الصعب إثباتها بالأدلة الجنائية الشرعية، كون التنظيمات لا تحاكم في بريطانيا، إنما تتم محاكمة الأفراد.
ويقول المؤرخ "بعد أن مارس الإخوان إرهابهم لأكثر من 25 سنة في مصر، ضبطوا متلبسين في قضيتين: الأولى قضية اغتيال القاضي خازندار، عندما قال حسن البنا: خلصونا من هذا القاضي"، مبيناً أن البصمات والأدلة الشرعية ظهرت آنذاك وثبت على ثلاثة منهم اغتيال القاضي.
ويشير إلى أن "القضية الأخرى تتمثل باغتيال النقراشي باشا 1984، رئيس وزراء مصر آنذاك، وأثبت وجود البصمات والأدلة الشرعية على مفاتيح السيارة الخاصة بمدير مكتب حسن البنا التي استخدمها القاتل وهو عضو في الجماعة، ومسدسه كان مرخصاً بحسب أوراق كانت مودعة في مكتب مرشد الإخوان".
ويعتبر درويش الموقف داخل الحكومة البريطانية من حركة الإخوان "غامضاً ازدواجياً"، مؤكداً أن تصريح الوزير بيرت الأخير "يبين الاتجاه الجديد".
داعش والقاعدة ولدا من رحم الإخوان
وبحسب الخبير، فهناك رأي داخل المؤسسة البريطانية، ظهر خاصة بعد "الربيع العربي"، يقول إن الإخوان تنظيم يمكن ترويضه ليكون هناك شيء اسمه "إسلام إسلامي معتدل"، ويمكن التعامل معه في هذه الحالة. بينما كان الرأي الآخر أنهم جماعة إرهابية يجب مقاضاتها، وأن داعش والقاعدة ولدا من رحم الإخوان.
ويتطرق خلال حديثه إلى أن "الإخوان" ساعدوا الشرطة البريطانية على التخلص من مجموعة أبو حمزة المصري (الموجهة إليه تهماً متعلقة بالإرهاب).
ويردف "أصبحوا مجموعة تستغلها قوات الأمن المختلفة في بريطانيا للتخلص من التنظيمات المتطرفة، لعبوا دور "البلطجي" لصالحهم"، بينما تعهدوا ألا يقوموا بأية أعمال إرهابية على الأراضي البريطانية، "وهنا تكمن الإشكالية".
وعلى حد قوله، فهناك "جماعة أخرى" في بريطانيا تريد أن تحتفظ بورقة الإخوان، ويوضح "تأسيس الإخوان أصلاً كان عندما أنهى كمال أتاتورك الخلافة، وعندما اتخذت مصر طريق العلمانية في دستور عام 1923.. كان هناك دعم من المخابرات البريطانية لفكرة حسن البنا"، مشيراً إلى استخدام الإخوان منذ ذلك الوقت في تحقيق بعض المصالح للحكومة البريطانية ومخابراتها.
تضليل العدالة
ويشير إلى استجواب أعضاء من الإخوان في بريطانيا من قبل لجنة تحقيق نظرت في أمر الإخوان، بالتزامن مع فترة "سقوط" مرسي "أرى أن اللجنة لم تتمكن من توجيه أسئلة جيدة لهم، فقد كذب الإخوان تحت غطاء ما يسمونه "التقية"، ولم تحتوِ اللجنة متخصصين (ليكشفوا الكذب)".
ويضيف "سألوا محمد منير رئيس الإخوان هنا عن رأيهم بالمثليين جنسياً، فأجابهم بطريقة توحي بأنهم حزب ليبرالي، وكانوا يترجمون لبعضهم البعض بدلاً من استخدام مترجم محايد"، مؤكداً أن ذلك سبب وراء خروج اللجنة بتقرير يقول إنها جماعة غير إرهابية.
ويشير خلال حديثه إلى قانون الإرهاب الذي تم تعديله عام 2003 على يد حكومة توني بلير، والذي أصبح بموجبه ارتكاب جريمة خارج الأراضي البريطانية يعتبر أيضاً جريمة في داخلها.
ويردف "أي أنه إذا نفذ الإخوان عملاً إرهابياً في مصر أو المغرب أو بغداد، فستعتبر هذه جريمة في بريطانيا أيضاً، لذا تجدهم الآن يتلمسون الحذر من هذا الجانب".
وعلى حد تعبير المحلل فإن "الإخوان هم الجسر الواصل الذي يمهد عمل الجماعات الإرهابية وهم المبرر الأيديولوجي لهم، فلو نظرت إلى داعش والقاعدة فستجد أن فكرهم منسوخ من فكر سيد قطب، كلها ولدت من رحم الإخوان".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659