المغرب – زينون عبد العالي:
"نجحت في تحقيق نصف الحلم والوصول إلى أوروبا، لكن ما طعم الحياة إذا فقدت فيها وطني وأهلي وفلذة كبدي، وأنتظر هبات الدولة الفرنسية"، هكذا يعبر اللاجئ السوري إياد القرحاني عن مآساته في فرنسا التي وصلها عن طريق الهجرة السرية انطلاق من السواحل الشمالية للمغرب.
فقدان الأمل
إياد القرحاني (45 عاما)، لاجئ سوري فر هاربا رفقة عائلته المكونة من ثمانية أفراد في آذار/مارس 2014 باتجاه ليبيا التي مكث فيها حوالي سنتين في انتظار فرصة الرحيل إلى الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط، لكنه لم يوفق في ذلك، فشدّ الرحال صوب المغرب بعدما ساءت الأوضاع في ليبيا، وانعدمت فرص الهجرة.
اقرأ أيضاً:
لاجئون سورين بالمغرب.. سوف نبقى هنا
رياضي سوري: لولا الأزمة في سورية...
"تركت كل شيء ورائي في إدلب. قُتل أربعة من إخوتي وعدد كبير من أفراد عائلتي بسبب الحرب التي دمرت بلادنا دون أن تتوقف. كنا نعيش حياة الهناء والغنى، وصرنا نتسول ونستجدي لقمة العيش لنظل على قيد الحياة"، يحكي إياد واصفا المعاناة التي يشترك فيها رفقة ملايين السوريين الذين نزحوا هربا من الحرب.
"لا نفكر في العودة إلى الديار في ظل الوضع الراهن الذي لا يشجع على الحلم بسورية موحدة وآمنة كما كانت في السابق، لقد فقدنا الأمل في العيش فوق تراب أرضنا بسبب صراع لا نعلم نهايته"، يقول إياد متحدثا عن استحالة رجوعه إلى سورية.
موجة نزوح تاريخية
وحسب أرقام منظمة الهجرة العالمية، فإن حوالي ستة ملايين سوري ما زالوا نازحين داخل بلدهم، إضافة إلى أزيد من خمسة ملايين آخرين غادروا البلاد، وهي أكبر موجة نزوح تشهدها البلاد في تاريخها حسب الأمم المتحدة.
وذكرت المنظمة أن أزيد من 600 ألف نازح ممن غادوا ديارهم بسبب الحرب تمكنوا من العودة خلال السبعة أشهر الأولى من السنة الجارية، فيما لا يزال الصراع محتدا بين أطراف الأزمة.
ويتخوف أغلب اللاجئين السوريين من العودة إلى مناطقهم بسبب الأوضاع الأمنية والاقتصادية التي تعرفها سورية بعد أكثر من ست سنوات على اندلاع الأزمة. "لماذا سنعود؟ هل لنواجه الموت من جديد، إذا لم يكن بالحرب فبالجوع والعطش. لقد دمروا كل أساسيات العيش"، يقول إياد.
رحلة المخاطر
يحكي إياد تفاصل رحلة مرعبة عاشها رفقة أزيد من 100 شخص هاجروا سرا إلى أوروبا عبر قارب مطاطين مقابل أزيد من ألفي دولار أميركي، انطلاقا من سواحل بني انصار شمال المغرب، حيث تنشط جماعات التهريب.
"دخلنا المغرب بداية العام الجاري بعد رحلة طويلة من ليبيا عبر تونس والجزائر، بعدما ضاقت بنا الدنيا في ليبيا وانتشار الشائعات التي تقول إن المهربين يلقون بالناس فر عرض البحر"، يقول اللاجئ السوري.
فقد إياد ابنته رغد ذات التسع سنوات بعدما سقطت في البحر بسبب ارتطام القارب الذي كان يحمل أزيد من 100 مهاجر سري، مغاربة وسوريين وآخرين من دول أفريقا جنوب الصحراء. "سقطت ابنتي من بين ذراعي أمها، كادت لتلحق بها لولا تدخل المهاجرين"، يقول إياد.
صعوبة الاندماج
اصطدم إياد بعدة عوائق حالت دون إمكانية تأقلمه في فرنسا، فهو غير ملم باللغة الفرنسية ولا يعرف الحديث بها كما هو حال باقي أفراد عائلته، مما جعلهم عرضة للاعتقال والتحقيق من قبل السلطات الفرنسية التي وضعتهم في مركز اللاجئين في انتظار تسوية وضعيتهم القانونية ومن ثم البحث عن عمل حسب إياد.
"وجدنا صعوبة في الاندماج هنا، كما أن كثرة عدد اللاجئين العرب وغيرهم يجعل من الحصول على فرصة عمل مجرد حلم يراود رب أسرة تمنىي النفس بحياة جديدة بعيدة عن المعاناة والمآسي التي عاشتها".
وتستضيف فرنسا أكثر من 10 آلاف لاجئ سوري، وهو رقم يقل عن ما أعلنته في السابق، حيث تعهدت باستقبال 30 ألف لاجئ خلال العام الجاري.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659