المغرب - عبد العالي زينون:
بعدما أصبحت أيامه معدودة في سورية وما تبقى من جيوب يختبئ فيها مقاتلوه في العراق، لم يجد تنظيم داعش سوى أن ينقل معركته إلى القارة الأوروبية عبر استهداف الدول التي تشارك في التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة ضده منذ 2014.
وبات عدد من الدول الأوروبية مسرحا للكثير من العمليات الإرهابية خلال السنوات الأخيرة، والتي أعلن داعش مسؤوليته عنها، سعيا منه إلى التمدد خارج مناطق سيطرته في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
اقرأ أيضا:
10 إرهابيين صنعوا صورة سيئة للمسلم في الغرب
تنظيم داعش يهدد بتصعيد هجماته ضد فرنسا
استغلال الأزمات
أجبرت الخسائر المادية البشرية التي مني بها داعش خلال السنتين الأخيرتين وسقوط "خلافته" في العراق، إضافة إلى تشديد الخناق عليه وتراجع مناطق سيطرته في سورية وليبيا، على البحث عن منافذ أخرى سعيا تأكيد وجوده.
استهداف المواصلات العامة وخلق الرعب في نفوس المدنيين بعمليات بالدهس والطعن والتفجير سياسة ينتهجها داعش للملمة الجراح ومحاولة إعادة الثقة في المنتمين للتنظيم الذين يبحثون عن فرصة للخلاص والعودة إلى أوطانهم.
عبد الله الرامي، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية يرى أن "داعش يستغل المناطق الرخوة، وهي مناطق حدودية تتسم بضعف المراقبة الأمنية خصوصا بين سورية وتركيا، والحدود التركية الأوروبية، التي تشهد تدفقا للنازحين وبالتالي تتسرب عناصر موالية له في صفوف النازحين للانضمام إلى الخلايا النائمة في بعض الدول".
وتعرف العلاقات التركية الأوروبية توترا منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا في تموز/يوليو 2016. ويعتقد الرامي أن "داعش يستغل هذا التوتر ولجوء تركيا لفتح حدودها لعبور النازحين إلى أوروبا ليقوم بعمليات تسلل واندساس دون لفت للانتباه"، مشيرا إلى أن "أوروبا تبقى مستهدفة بشكل كبير حتى وإن تم القضاء على داعش في مناطق سيطرته، وذلك بفضل توفره على خلايا وأتباع موالين له في عدة دول".
التعويض بالدعاية الإعلامية
العمليات الإرهابية التي تنفذها ذئاب داعش المنفردة في أوربا تكون محددة الأهداف والرسائل حسب الرامي. "ضرباتكم لن تضعفنا، سنضربكم في عقر داركم، ونخلق الهلع فيكم. هكذا يتحدى التنظيم الدول المستهدفة في بياناته، كما أنه ركوبه على أي حادث يجعله في صدارة الاهتمامات"، يضيف المتحدث.
"داعش لا يستهدف أوروبا من أجل الإطاحة بحكومة ما أو تأسيس دولة إسلامية أو إقامة الشريعة، وإنما بغرض تحقيق دعاية إعلامية للتغطية على الخسائر التي مني بها في مناطق سيطرته في العراق وسورية"، يؤكد الرامي.
ويتابع الباحث في الحركات الإسلامية "هجماته في أوربا تحقق له الدعاية المنشودة. بعد كل حادث إرهابي يصبح اسمه متداولا في كبريات الصحف والمؤسسات الإعلامية الدولية، وهذا ما يبحث عنه، أي الظهور في موقع قوة وتأكيد قوته واستمراريته".
أما منتصر حمادة، رئيس مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث، فيرى أن الحركات الإسلامية الجهادية توظف تبعات الماضي الاستعماري في إطار صراعها مع ثنائية "العدو القريب" و"العدو البعيد".
ويضيف المتحدث أن داعش يستهدف كل ما هو صالح للاستهداف من أجل أن يصل مدى العملية إلى أكبر عدد من المتتبعين، مستغلا في ذلك مناخ الحرية وفسح المجال للخطاب السلفي الجهادي لكي ينتشر ويُروج في عدة مساجد ومراكز ثقافية ودينية في أوروبا الغربية، وغياب قرارات سيادية حاسمة تحد من تغلغل الخطاب المتطرف.
انتقام من دول التحالف
ويرى سعيد إدا حسن، رئيس المنتدى المغربي الاسباني لمكافحة الإرهاب، أن داعش يستغل تعاطف الجاليات العربية والإسلامية مع قضايا الأمة الإسلامية وخصوصا اضطهاد السنة في بعض المناطق كسورية والعراق، والقضية الفلسطينية، ليجند ذئابا منفردة تنفذ مخططاته، انتقاما من الدول الأوروبية المشاركة في التحالف الدولي ضده.
ويضيف المتحدث أن "ضربات داعش لا تخلو من أهداف، أبرزها سعيه إلى خلق صدام بين الحضارات والأديان، وخصوصا إذكاء الكراهية والصراع بين الإسلام والغرب، حتى يجد مبررا لوجوده بحجة الدفاع عن الإسلام".
أما الرامي، فيرى أن الهجمات المتزايدة في أوروبا والتي يعلن داعش مسؤوليته عنه تكون من أجل الضغط على الحكومات للتراجع والانسحاب من التحالف، فكلما كانت العمليات الإرهابية مكلفة ماديا وبشريا إلا وكثر الضغط الشعبي على هذه الحكومات.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659