خاص (ارفع صوتك)
توفر المذكرات والملاحظات التي دونها الزعيم السابق لتنظيم القاعدة أسامة بن لادن بيده، ونشرتها الأربعاء وكالة المخابرات المركزية الأميركية، فرصة لكشف مصادر معرفة الإرهابي السعودي بأحداث المنطقة العربية، لا سيما في مرحلة "الربيع العربي" التي تزامنت مع وجوده شبه معزول في منزله بمنطقة إبت آباد الباكستانية، حيث قتل لاحقا على يد قوة أميركية خاصة في أيار/مايو 2011.
قناة "الجزيرة" لها حضور طاغ في مدونة بن لادن، لا بكونها مصدرا للخبر فقط، بل للأفكار والخطط التي كان يراها مناسبة لـ"تثوير الجماهير المسلمة ضد حكامها الفاسدين"، بل هو يدوّن أن ما تفعله القناة القطرية جعلها "حاملة لواء الثورات"، وأن تنظيمه القاعدة "لو دخل في حرب مع الجزيرة لكان موقفه صعبا".
ليست "الجزيرة" مجرد عين لزعيم القاعدة على أحداث المنطقة، فهي "صاحبة السبق والكلمة". وكانت قناة الجزيرة قد نشرت خطابات لـ"بن لادن"، وقدمته إلى العالم العربي تلفزيونيا للمرة الأولى عبر لقاء خاص من مخبئه في أفغانستان في 1998.
وأفاض بن لادن بالثناء على المضمون وطريقة العرض في الجزيرة، وحاول أحيانا أن يقدم التوجيه والإرشاد والنقد لبرامج القناة، ومنها برنامج "الاتجاه المعاكس" (يكتبه الاتجاه الآخر) في قوله "المفروض أن يظهر الاتجاه الآخر بالطرق على مساوئ الحكام"، بينما ينتقد رجل الدين يوسف القرضاوي الذي كان دائم الظهور في الجزيرة، عبر برنامج "الشريعة والحياة" واصفا إياه بالمنشغل عن "مساوئ الحكام" بالحديث عن نفسه.
وفي ملاحظاته على أداء "الجزيرة" وتقاريرها الإخبارية، يثني بن لادن على تقارير الصحافي السوداني فوزي بشرى التي تخلط الخطابة والتعبئة السياسية بالتحريض على الحكام العرب، ويعرض بالملاحظة الناقدة أحيانا والمؤيدة في أخرى، لما يرد في مداخلات بعض ضيوفها، ومنهم الفلسطيني البريطاني عبد الباري عطوان، واللبناني الأميركي وليد فارس.
المصدر الإعلامي الآخر الذي يبرز في ملاحظات بن لادن ضمن مذكراته، هو قناة "بي بي سي" العربية، لكنها تأتي بعد "الجزيرة" التي هي "أقوى من بي بي سي والإعلام الأميركي"، بل باتت تحتل الموقع ذاته الذي كانت تحتله عربيا "هيئة الإذاعة البريطانية" قبل عقود، حين "كان المواطن العربي يلجأ إليها لمعرفة الحقيقة".
ومن بين برامج بي بي سي العربية يتوقف بن لادن عند "أجندة مفتوحة" وحلقة خاصة منه عن الأوضاع السورية، وأخرى عن الأوضاع في اليمن الذي ظل حاضرا بقوة في مذكراته، فهو يؤيد ما يرد على لسان كاتب بريطاني (لم يذكره بالاسم)، حول التأثير القوي للأحداث في اليمن على جواره الخليجي "إن انتصرت اليمن (سقوط نظام الرئيس علي عبد الله صالح) سيكون سقوط دول الخليج وعلى رأسهم السعودية تحصيل حاصل".
هنا يعود بن لادن إلى الدور الجوهري الذي تلعبه "الجزيرة"، حتى وإن "بدا كلام مراسل الجزيرة (في الأردن) تحريضيا"، فهو "كلام جيد" عن ضرورة إسقاط الحكام العرب، مؤكدا "البديهي أن يتم إسقاط النظام، والجزيرة تعمل على هدم جميع الأنظمة".
ويبلغ اعتقاد بن لادن بتأثيره على "الجزيرة" حد النصيحة التحريرية، بالقول "الجزيرة عرضت صورا صعبة ومروعة. يجب لفت انتباه المشاهدين قبل عرض تلك الصورة صاحبة التأثير".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659