بقلم عبد العالي زينون:
داهمت الشرطة الفرنسية الثلاثاء الماضي مقر عملاق الإسمنت الفرنسي "لافارج"، في إطار التحقيق بوجود علاقة بين الشركة وجماعات مسلحة في سورية، من بينها تنظيم داعش.
تفاصيل القضية تعود إلى ربيع 2013، إذ بدأت الشكوك تحوم حول لجوء مصنع الإسمنت الذي تملكه الشركة في قرية الجلبية السورية إلى دفع ضرائب لداعش من أجل ضمان استمرار أعماله بين سنتي 2013 و2014.
في سنة 2015، انصهرت الشركة الفرنسية مع شركة هولسيم السويسرية لتكوين "لافارج-هوليسم".
رشوة من أجل الاستمرار
افتتحت لافارج مصنع الجلبية في شمال شرق سورية سنة 2010. وظل يشتغل بشكل طبيعي رغم الاضطرابات التي شهدتها البلاد عام 2011.
كان رجال الأمن السوري يحرسونه إلى منتصف 2012 قبل أن ينسحبوا، لتتولى وحدات حماية الشعب الكردية المهمة في إطار اتفاق بين الشركة والجماعة الكردية المسلحة.
ومع سيطرة تنظيم داعش على مدينة منبج سنة 2013، لم تجد لافارج غير الاتفاق معه لضمان حماية عمالها واستمرار التصنيع، مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 80 ألف و100 ألف دولار شهريا، وهو ما اعتبر تمويلا غير مباشر للإرهاب.
حسب تحقيق لجريدة لوموند الفرنسية، في يونيو/حزيران 2016، لم يقتصر اتفاق لافارج على تنظيم داعش فقط، بل شمل مجموعات أخرى أهمها "جبهة النصرة" و"أحرار والشام"، ووحدات حماية الشعب الكردية.
وحصلت الشركة الفرنسية على تصاريح من أمراء داعش في الرقة تسمح بتنقل شاحنات الوقود والإسمنت الخاصة بالشركة من وإلى المصنع عبر الحواجز العسكرية التي يقيمها التنظيم.
وقالت "لوموند" إن الاتفاق بين الطرفين كان يتم عبر ثلاثة وسطاء، هم، حسب الصحيفة، أردني يدعى أحمد جلودي أرسلته الشركة إلى مدينة منبج عام 2013 لتأمين الاتصالات مع مسؤولي داعش، وآخر يدعى أحمد جمال وكان صلة وصل بين الجلودي وأمراء داعش في الرقة، ومسؤول عن الإنتاج في الشركة يدعى محمود الخالد.
أكثر من هذا، تزودت لافارج أيضا خلال هذه الفترة بالنفط من حقول تقع تحت سيطرة تنظيم داعش.
واستمر الوضع حتى سيطرة داعش على موقع مصنع الجلبية في 19 أيلول/سبتمبر 2014. عندها أوقفت لافارج أنشطتها بالكامل.
لافارج تعترف
أقرت الشركة بأنها ارتكبت "أخطاء كبيرة وغير مقبولة"، فضلا عن "ترتيبات مالية غير مشروعة مع جماعات مسلحة بينها تنظيمت محظورة" بهدف ضمان استمرارية فرعها في سورية.
اتهامات تمويل الإرهاب التي أطلقتها جمعيات حقوقية فرنسية حاصرت الشركة، ما حذا بالقضاء الفرنسي إلى فتح تحقيق في القضية في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2016. من جهتها، تقدمت وزارة الاقتصاد الفرنسية بشكوى حول احتمال ارتكاب لافارج لتجاوزات في سورية.
وواصل القضاء الفرنسي التحقيق مع الشركة في حزيران/يونيو الماضي، وشمل التحقيق تهم "تمويل منظمة إرهابية" و"تعريض حياة آخرين للخطر"، ولم تعلن نتائج التحقيقات الأولية بعد.
وما زالت التحقيقات مستمرة بعد مداهمة الشرطة الفرنسية مقر الشركة في باريس وفرعها في العاصمة البلجيكية بروكسيل.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659