مصلون مسلمون في مدينة كيب تاون الأفريقية/وكالة الصحافة الفرنسية
مصلون مسلمون في مدينة كيب تاون الأفريقية/وكالة الصحافة الفرنسية

المغرب – عبد العالي زينون:

لم يقتصر صراع النفوذ بين الغريمين السنّي والشيعي الذي تتزعمه كل من المملكة العربية السعودية وإيران، على منطقة الشرق الأوسط، بل امتد إلى القارة الإفريقية التي أصبحت ساحة مواجهة غير مباشرة بين الطرفين الراغبين في ترسيخ وجودهما، فيما ظهر المغرب كطرف ثالث يسعى إلى التأثير على تلك القارة عبر استغلال روابطه الدينية وسياسة الانفتاح على إفريقيا التي يقودها عاهل البلاد.

 ارتكز المغرب في تعزيز نفوذه الإفريقي على سعيه إلى إيجاد موطئ قدم له في المنطقة عبر الحصول على عضوية منظمة دول غرب أفريقيا

​​

وقد كشف تقرير استخباراتي صادر مؤخرا عن مديرية الأمن الخارجي الفرنسي، خريطة الصراع الدائر في أفريقيا، وسعي بعض الدول ضمنها المغرب إلى التأثير وكسب النفوذ في أفريقيا عبر استثمار الدين إلى جانب السياسة والاقتصاد والثقافة، في محيط يطغى عليه انتشار مذاهب دينية إسلامية لم تكن موجودة في المنطقة من قبل، في إشارة إلى التمدد السعودي والإيراني.

التمدد الإيراني الشيعي

في أبريل/نيسان 2010، استضافت طهران القمة الإفريقية الإيرانية، وشاركت فيها نحو 40 دولة أفريقية، وهو ما اعتبر آنذاك اختراقا دبلوماسيا إيرانيا في إفريقيا، تلاه بعد ذلك حضور على المستوى الاقتصادي والتجاري الثقافي والسياسي، تعزز بالزيارات التي قام بها الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد لعدة بلدان في الغرب الأفريقي، وفتح سفارات إيرانية في أكثر من 30 دولة.

إذكاء الصراع بين التيارات الإسلامية وتأليب بعضها البعض، كان ضمن سياسية إيران في إفريقيا لكسب تبعية المسلمين للمذهب الشيعي

​​

الحضور السلفي الوهابي والشيعي كانا وما زالا حاضرين بقوة في إفريقيا، حسب ما يقول الموساوي العجلاوي، أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة محمد الخامس بالرباط والباحث في معهد الدراسات الإفريقية، خصوصا في شرق وغرب القارة، "فإيران توظف ورقة التشيع في المشرق العربي ومثل ذلك تفعل في إفريقيا، خصوصا في نيجيريا ذات الغالبية السنية وساحل العاج".

من جهته، يعيد الباحث في الشؤون الإفريقية رشيد بلباه الاهتمام الإيراني بإفريقيا إلى عقلية نظام الفقيه الإيرانية القائمة على تصدير الثورة، فمنذ 1979 عملت إيران على "استغلال الفقر والأمية المنتشرة في إفريقيا لتعزز تمدها الشيعي المغلف بغطاء خيري من خلال المساعدات الانسانية والإغاثية وبناء المدارس والمراكز الثقافية".

إذكاء الصراع بين التيارات الإسلامية وتأليب بعضها ضد بعضها الآخر، كان ضمن سياسة إيران في إفريقيا لكسب تبعية المسلمين للمذهب الشيعي، يقول بلباه، مشيرا إلى أن إيران استغلت الصراع بين الجماعات الصوفية المتواجدة في بعض الدول الإفريقية، واستغلت العداء التقليدي بينها وبين التيارات الفقهية والعقدية التي توالي المرجعية السلفية الوهابية لتوطيد وجودها.

المغرب.. طريق ثالث

ووفق تقرير المخابرات الفرنسية، ارتكز المغرب في تعزيز نفوذه الإفريقي على سعيه إلى إيجاد موطئ قدم له في المنطقة عبر الحصول على عضوية منظمة دول غرب إفريقيا، إضافة إلى تثبيث وجوده عبر دعم البنيات التحيتة الدينية وخاصة المساجد، وتكوين العلماء الأفارقة بالمغرب وفق المنهج المغربي المعتدل، من خلال إحداث مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة.  

إضافة إلى ما سبق، يشير العجلاوي إلى أن كثيرا من الدول الإفريقية التي يشكل فيها الإسلام نسبة مهمة، تتخوف من نقل صراع المحور السني الوهابي الشيعي إلى إفريقيا. وأمام هذا الصراع، ظهر طرح المغرب كطريق ثالث يمثل الإسلام المعتدل، مستغلا في ذلك موقعه القديم في إفريقيا قبل ظهور الصراع السني الشيعي هناك، فهو كان حاضرا عن طريق المذهب المالكي السني في غرب القارة.

انتشار المذهب الذي يعتمده المغرب في إفريقيا أسند بطريقتين صوفيتين لهما انتشار واسع في القارة، وهما التيجانية والقادرية. ولذلك فإن عددا من دول شرق القارة الإفريقية التي يوجد بها حضور مسلم وازن تهتم بهذا التوجه الديني للمغرب الذي يمكن أن يجلب طريقا ثالثا في المنطقة في ظل الصراع الثنائي بين الوهابية والشيعة، حسب العجلاوي.

ويردف المتحدث "إذا كان التواجد المعتدل الذي يرعاه المغرب في إفريقيا يقتصر على المساجد ودعم التكوين العلمي للأئمة والعلماء، فإن التوغل الوهابي الذي رعته دول الخليج وما زالت ترعاه السعودية يعتبر وسيلة بحث عن النفوذ ونشر الوهابية، ليس فقط عبر المساعدات الإنسانية بل حتى في بناء المدارس، وجعلها تابعة للسعودية، إضافة إلى تمويل عدد من البعتات الدراسية وتقديم المنح المالية المجتمع المدني".

تنافس سعودي إيراني

وأشار تقرير لمركز الجزيرة للدارسات، صدر في تشرين الأول/نوفمبر 2015، إلى أن الصراع بين السعودية وإيران "وصل إلى حد المقارعة غير العسكرية على أكثر من صعيد"، مشيرا إلى أن إيران استطاعت أن تحقق  تقدما على حساب الوجود السعودي في إفريقيا، خلال العقود الثلاثة الأخيرة، حيت استطاعت تحويل 7 ملايين مسلم في منطقة الساحل وغرب القارة من المذهب السني المالكي إلى المذهب الشيعي الاثني عشري.

وأورد التقرير أن السعودية كانت قد أنفقت حوالي 84 مليار دولار لدعم أنشطة ذات توجه ديني ودعوي، غير أنها لم تفصح عن هذا الدعم الذي يشكل شريان حياة المذهب السني بالدول المشمولة بالدعم.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.