كيف نعرف الاعتداء الجنسي؟ متى ينتهي الغزل ويبدأ التحرش؟
جدل تضج به الولايات المتحدة، والعالم، بعد شهادات عديدة لنساء قلن إنهن تعرضهن للاعتداء والتحرش من أشخاص مشهورين.
لكن واقعة واحدة أثارت الجدل أكثر من غيرها بين من يعتقد أن حركة "أنا أيضا MeToo# تجذب اتهامات انتقامية ضد المشاهير ومن يعتبر أن الحركة فرصة لتغيير ثقافتنا الجنسية نحو مساواة أكبر.
أبطال الواقعة هم الممثل الكوميدي الأميركي من أصل هندي، عزيز أنصاري، ومصورة أميركية شابة.
القصة
بدأت القصة بعد لقاء بين الممثل (35 عاماً) والشابة (23 عاماً) على هامش الاحتفال بجوائز إيمي للمسلسلات والبرامج التلفزيونية في ولاية نيويورك منذ حوالي خمسة أشهر. قام بعدها الممثل بدعوة الشابة إلى العشاء في مطعم، تلتها دعوة أخرى لزيارته في المنزل، ثم تحرش بها جنسياً، وفق ما تقول، مع أنها عبرت له بالكلام وبالكناية عن رفضها إقامة علاقة معه. لكن مع ذلك تغاضى الرجل عن تلميحات المصورة وأقام علاقة معها. وانتهت الليلة بطلب سيارة أجرة، أوصلت الشابة إلى منزلها باكية، والتفاصيل وفق روايتها هي لما حدث.
في اليوم التالي أرسلت الشابة رسالة نصية معاتبة أنصاري على فعلته تقول فيها "أريدك أن تفكر بسلوكك للحظة وكم أنه أزعجني". فيرد الممثل برسالة أخرى يقول فيها "من الواضح أنني لم أفهم قصدك (رفضك) للموضوع في وقتها. أنا آسف".
ليلة مواعدة أنصاري للشابة ليست جديدة، لكن خبرها انتشر الأسبوع الماضي، إثر قيام الشابة بنشر القصة على موقع babe.net بعنوان "ذهبت لمواعدة عزيز أنصاري، لكنها كانت أسوأ ليلة في حياتي". واختار الموقع إغفال ذكر اسمها لأنها ليست من المشهورين كأنصاري.
نحو تشخيص الضحية والمذنب
تقول صحيفة "واشنطن بوست" إن رفض أحد طرفي العلاقة تطويرها جسدياً أو لفظياً، يحول الطرف الثاني إذا أصر إلى "متحرش".
ولكن آخرين يرون أن المشكلة تنحصر بمن يفتعل أموراً تقود للتحرش. تقول الممثلة أنجيلا لانسبيري إن المشكلة أحيانا هي في طريقة اختيار النساء لملابسهن، وبذلك يجب توجيه اللوم لهن وتحميلهن المسؤولية.
بالمقابل، تشير صحيفة "لوس أنجلس تايمز" الأميركية في نقاش حول هذا الموضوع إلى أن المسؤول عن الأمر هو الفاعل أي "المتحرش"، بمعنى أنه لا يجوز إلقاء اللوم في حوادث الاغتصاب أو التحرش الجنسي على الضحية لأي سبب من الأسباب، والجهة الوحيدة المسؤولة عن منع هكذا واقعة من حدوثها هو المتحرش حصراً.
سجالات نسوية: بين السكوت والمواجهة
وفي كتاب نشرته كيت هاردنينغ بعنوان "طالب بحقك: تصاعد ثقافة الاغتصاب... وما الذي يمكننا فعله"، تقول الكاتبة: "هناك فشل إنساني في مواجهة قضايا التحرش لأنها ليست مجرد غلطة، بل إنها قصد متعمد لنعامل الطرف الآخر على أنه جماد، بلا روح".
ولمواجهة المتحرشين ووقفهم عند حدهم، دعت ناشطات إلى الإفصاح عن حوادث التحرش ضمن الهاشتاغ الشهير #me_too الذي انطلق منذ حوالي خمسة شهور على أعقاب استقالة المنتج الشهير هارفي وينستين من عمله بعد أن اتهمته أزيد من 80 سيدة بالتحرش بهن.
الهاشتاغ ما زال مستمراً على مواقع التواصل الاجتماعي من تويتر وفيسبوك وانستغرام وانتقل إلى العالمية، حيث تقوم الضحايا بفضح المتحرشين بهن عبر مشاركة قصصهن كنوع من أنواع رفع الوعي.
ودعم الحملة مشاركة نجمات وممثلات عالميات مثل أليسا ميلانو وليدي غاغا وغيرهن حتى اعتبرت مجلة التايم الأميركية الحملة "شخصية العام 2017".
وانطلقت حملات مشابهة في دول عربية عدة بهدف تشجيع النساء على الإبلاغ عن قضايا التحرش. منها النسخة العربيةme_too تصبح #أنا_أيضاً و #Mesh_Basita #مش_بسيطة في لبنان وشفت تحرش في مصر.
بالمقابل تفضل أخريات الصمت وعدم الإفصاح عما تعرضن له بسبب ما قد يسببه ذلك من إحراج مجتمعي.
مثال ذلك ما حدث مع وزير الدفاع البريطاني السابق، مايكل فالون، الذي حاول تقبيل الصحفية، جين ميريك، بعد غداء عمل معها في 2003. فهربت مذعورة وأبقت القصة طي الكتمان.
وبعد 14 عاماً، استجمعت ميريك شجاعتها وأبلغت السلطات المعنية عن الحادثة بعد أن سمعت بنساء أخريات تحرش بهن فالون.
استقال الوزير البريطاني في تشرين الثاني/نوفمبر 2017 معترفاً أن "تصرفاته مع النساء في الماضي أقل من معايير وزارة الدفاع البريطانية"، حسب ما نقلته صحيفة الغارديان البريطانية.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659