أطفال نازحون في اليمن يتلقون مساعدات إنسانية/وكالة الصحافة الفرنسية
أطفال نازحون في اليمن يتلقون مساعدات إنسانية/وكالة الصحافة الفرنسية

يتحدث فضل (اسم مستعار)، وهو شاب يمني عشريني بحنق كبير عن تجربة مريرة مع التحرش والاستغلال الجنسي تعرض لها عندما كان طفلا من قبل أحد أفراد أسرته.

صالح ناصر، شاب يمني آخر، يروي لنا كيف تعرضت طفلة يتيمة في الـ16 من العمر للتحرش والاستغلال الجنسي، عقب اختطافها من أحد شوارع العاصمة صنعاء، قبل حوالي شهر ونصف الشهر.

“عرفناها كمتسولة مع أربع من شقيقاتها ووالدتهن، اختطفها سائق سيارة أجرة، بعدما ظل يتحرش بها ويعطيها قليلا من المال لأكثر من شهر، وأعادها بعد ثلاثة أيام. كانت حالتها النفسية صعبة”، قال ناصر الذي يعمل في محطة لتنقية مياه الشرب في شارع هائل غربي العاصمة صنعاء.

وأشار إلى أن الطفلة التي تنحدر من محافظة المحويت شمالي غرب العاصمة اليمنية صنعاء، أبلغت أسرتها أنها تعرضت لاستغلال جنسي بشع.

وأكد أن أسرتها الفقيرة لم تبلغ السلطات الرسمية بالحادثة، واكتفت بمنع الطفلة الضحية من الخروج للتسول مرة أخرى.

ومن بين نحو 13 طفلا (لا تتجاوز أعمارهم 15 عاما) يعملون كباعة متجولين أو متسولين في تقاطع رئيس غربي صنعاء، أكد 10 أطفال لمراسل (ارفع صوتك) تعرضهم للتحرش الجنسي بأنواعه المختلفة، سواء من قبل أشخاص في الشارع أو في منازلهم.

تتزايد

وتفتقر السلطات المختصة ومنظمات المجتمع المدني في اليمن إلى إحصائيات حديثة حول حجم ظاهرة التحرش الجنسي بالأطفال، ويرجع المسؤولون ذلك إلى ندرة الإبلاغ عن الحالات.

لكن لمياء الإرياني، وهي أمينة عام المجلس الأعلى للأمومة والطفولة (منظمة حكومية في صنعاء)، تؤكد أن “ظاهرة التحرش والاستغلال الجنسي للأطفال تتزايد بنسب متفاوتة بحسب الريف والحضر والمستوى الاجتماعي والثقافي والاقتصادي للطفل الضحية ومن هم حوله، وخلال الحروب..”.

وقال مسؤولون في منظمات أجنبية وأممية مهتمة بحماية الطفولة تعمل في اليمن، إنهم لا يمتلكون أي معلومات حول هذا الجانب “نتيجة اهتمامهم بالإغاثة للمتضررين من الحرب”.

وحسب لمياء الإرياني، “من خلال دراسات سابقة اتضح في الغالب أن يكون المتحرش من كبار السن ذوي الارتباط الأسري بالطفل مثل الخال والعم وزوج الأم وأحيانا الأب، يلي ذلك التحرش من الأقران والأصحاب بالشارع أو المدرسة”.

وأظهرت دراسات محاولات تحرشات تعرض لها الذكور والإناث من قبل بعض المدرسين في المدارس الحكومية والأهلية.

أرقام

وأشارت دراسة يمنية ميدانية تعود إلى 2008 حول "الإساءة للأطفال"، شملت 1375 شخصا من طلاب الجامعات ذكورا وإناثا في العاصمة صنعاء وعدن وتعز والحديدة، إلى أن 94.4 في المئة من حجم العينة تعرضوا لحالات الإساءة بشتى أنواعها الجسدية والجنسية واللفظية والإهمال أثناء طفولتهم.

ورفض ضابط رفيع في إدارة حماية الأسرة التابعة لوزارة الداخلية في صنعاء الإدلاء بأي معلومات تتعلق بحالات تحرش واعتداء جنسي على الأطفال مسجلة في أقسام الشرطة ووزارة الداخلية.

لكن تقريرا أمميا صادرا عن لجنة حقوق الطفل في كانون الثاني/يناير 2014 كشف أن عدد حالات ضحايا الاستغلال الجنسي للأطفال المبلغ عنها عام 2011 في تسع محافظات يمنية من أصل 22 محافظة بلغ 182 حالة، وأبلغ عن 202 حالة استغلال جنسي لأطفال ما بين الخامسة و18 من العمر في 17 محافظة عام 2012.

رفع مستوى الوعي

ويؤكد الدكتور ناصر الذبحاني، وهو أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء، أن “هذه الظاهرة تندرج ضمن القضايا المسكوت عنها والمعيبة، لأن معظم الحالات تتم في نطاق الأسرة وذوي الأقارب”.

ويحمل الأكاديمي اليمني المؤسسات التعليمية والثقافية والأسرية المسؤولية عن بروز الظواهر السلبية في المجتمع. “هذه المؤسسات لا تتعاطى بشكل صريح مع مثل هذه الظواهر، بمعنى لا يتم تنبيه الأطفال إلا بطريقة غامضة، يفترض أن تكون هذه الأمور ضمن مناهج التربية في الأسرة والمدرسة”.

وبشأن كيفية كسر الصمت والعيب تجاه جرائم التحرش الجنسي والاغتصاب قال الدكتور الذبحاني، “يجب رفع مستوى الوعي، والأهم إجراء دراسات علمية للظاهرة، ما تم إجراؤه حاليا في اليمن في هذا الجانب محدود ومجرد إشارات غير مباشرة وعلى استحياء ولم تكن بشكل صريح”.

لا تطبق

واليمن أحد الدول الموقعة على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل والبروتكول التابع لها بهذا الشأن، والتي تنص على حماية الأطفال من جميع أنواع الاستغلال. كما يجرم قانون حقوق الطفل اليمني فعل التحرش بالأطفال، لكن “للأسف يظل التطبيق كغيره ضعيف وغالبا ما يبقى الجاني حر طليق ليرتكب المزيد من الانتهاكات بحق الطفل، لهذا لا بد من تفعيل القوانين وفرض العقوبات الرادعة للحد من هذه الظاهرة”، بحسب لمياء الإرياني.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

احتجاجات ضد التحرش الجنسي في مصر-أرشيف
احتجاجات ضد التحرش الجنسي في مصر-أرشيف

بقلم ماهر جبره/

فزعتني صورة صديقة على فيسبوك وهي غارقة في دمائها بعد أن تعرضت لحادث مؤلم جدا السبت الماضي. سمية ط. التي تعرضت للتحرش الجسدي والجنسي منذ سنتين، في حادثة شهيرة عرفت وقتها بحادثة "فتاة المول". ففي أكتوبر 2015 كانت سمية تتسوق في الحرية مول في حي مصر الجديدة، عندما اقترب منها الجاني، ودون أي سابق معرفة طلب منها أن تذهب معه إلى منزله، بحسب روايتها. وعندما رفضت وقالت له سأطلب لك الأمن، رد عليها بالصفع والركلات!

وقتها عوقب الجاني بالحبس أسبوعين وكفالة قدرها مئة جنيه! وللأسف، ظهر نفس الشخص مرة أخرى بعد سنتين لينتقم من ضحيته، ويعاقبها على شجاعتها عندما أبلغت عن الحادث. وعندما حاولت سمية الهرب منه، لحق بها وضربها بسلاح أبيض، مما تسبب لها في عاهة مستديمة، عبارة عن جرح غائر في الوجه طوله 20 سم.

سمية لم تستطع أن تحصل على حقها في المرة الأولى. فقد خذلها القانون الذي أعطى للمجرم عقوبة لا تُذكر ولا تتناسب مع ما اقترفه. وقد خذلها أيضا جزء من المجتمع الذي وجه لها اللوم، باعتبار أن البنت دائما هي السبب. أما الإعلام ففي معظمه تضامن معها، إلا أن إحدى مقدمات برامج التوك شو الشهيرة شهّرت بها، بدلا من مساندتها كضحية للعنف والتحرش الجنسي!

اقرأ المقال كاملا