بعد مرحلة "الجهاد الأفغاني" والحرب في سورية والعراق، صارت ليبيا رابع أكبر تجمع للمقاتلين الأجانب في العالم
بعد مرحلة "الجهاد الأفغاني" والحرب في سورية والعراق، صارت ليبيا رابع أكبر تجمع للمقاتلين الأجانب في العالم

الأزمة الليبية تراوح مكانها. غياب حل سياسي واستمرار الانفلات الأمني جعلا من هذه الدولة الغارقة في الفوضى مركزا أساسيا لتجمع المقاتلين الأجانب خلال السنوات الثلاث الماضية. كم أعداد هؤلاء؟ من أين جاؤوا؟ دراسة أمريكية حديثة تكشف التفاصيل.

 المغاربيون في الصدارة

الدراسة المطولة التي أصدرها معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، ومقره في واشنطن، كشفت أن مقاتلي داعش في ليبيا كانوا خلال السنوات الثلاث الماضية خليطا من المقاتلين القادمين من دول شمال أفريقيا (قرابة 2000 مقاتل) ومنطقتي القرن الأفريقي وغرب أفريقيا، والشرق الأوسط، إضافة إلى آخرين قدموا من دول أوروبا الغربية والبلقان وأمريكا الشمالية وجنوب شرق آسيا.

تربعت تونس على قائمة البلدان التي التحق مقاتلوها بالأراضي الليبية، بحوالي 1500 مقاتل بحكم عامل القرب الجغرافي بين الدولتين والأوضاع غير المستقرة في تونس نفسها. وحل المغرب في المركز الثاني بـ300 مقاتل، والجزائر ثالثة بحوالي 130، ثم مصر والسودان بـ122 و100 مقاتل على التوالي.

إحصائيات الدراسة، وهي الأولى من نوعها حول عدد المقاتلين الأجانب في ليبيا، كشفت وجود جنسيات أخرى من دول أفريقية من شرق وغرب القارة، فيما غابت معطيات دول أفريقية أخرى.

إعلان داعش "للخلافة" في سورية والعراق حفز الكثيرين على الالتحاق بليبيا بعد إعلانه وجود فرع له بها. وكان لأوضاع ما بعد الربيع العربي دور ملفت في تزايد إقبال المقاتلين على ليبيا.

ويقاتل عشرات الأفارقة ضمن مجموعات مسلحة في ليبيا. وتصرح الجهات الرسمية في السنغال بوجود 30 مقاتلا سنغاليا في ليبيا. ومن نيجيريا رصدت الدراسة وجود 21 مقاتلا، ومن كينيا 16 مقاتلا. ولا تتجاوز الحصيلة 10 مقاتلين من كل من مالي والصومال وغانا.

خريطة الجهاديين في ليبيا لم تقتصر على المقاتلين من القارة السمراء، بل يوجد ضمنهم عشرات الجهاديين القادمين من بلدان الشرق الأوسط، كالسعودية (18 مقاتلا) وفلسطين (11) إضافة إلى سورية واليمن بأعداد أقل.

ويوجد أيضا مقاتلون قدموا من أوروبا وأميركا الشمالية: فرنسا (66 مقاتلا)، بريطانيا (36)، بلجيكا (21)، الولايات المتحدة الأمريكية (9) وكندا (5).

تجمع جهادي محتمل

تعيش ليبيا انقساما سياسيا وفوضى أمنية منذ سقوط نظام الزعيم السابق معمر القذافي. وتتصارع حكومتان على الحكم، حكومة الوفاق الوطني المدعومة أمميا وحكومة طبرق التي يدعمها الجنرال المتقاعد خليفة حفتر في شرق البلاد.

"لييبا أصبحت اليوم رابع تجمع للمقاتلين الأجانب في التاريخ الجهادي العالمي بعد الحرب في سورية، والجهاد الأفغاني في ثمانينات القرن الماضي، وحرب العراق عام 2003"، تقول الدراسة التي أشارت إلى احتمال أن تصبح ليبيا مركزا للتنظيمات الإرهابية في المستقبل، بعدما كان التركيز منصبا خلال السنوات الماضية على تدفق المقاتلين صوب مناطق سيطرة داعش بسورية والعراق.

وتعزي الدراسة، المعنونة بـ"الآخرون: المقاتلون الأجانب في ليبيا"، أسباب تدفق المقاتلين الأجانب إلى هذا البلد إلى ما خلفته الحرب الأهلية التي أعقبت إسقاط القذافي، لتُشرع أبواب البلاد أمام الجهاديين، خصوصا من تونس التي شهدت بدورها أوضاعا غير مستقرة عقب ثورة الياسمين، نهاية 2010 وبداية 2011.

الطريق نحو ليبيا

يوجد في أفريقيا حوالي 64 تنظيما جهاديا، يتركز أغلبها في منطقة القرن الأفريقي ودول الساحل والصحراء، ما يجعل الطريق معبدا أمام المقاتلين الراغبين في الانضمام إلى الجماعات الإرهابية بليبيا.

وأدى التنافس بين الغريمين في المنطقة داعش وتنظيم القاعدة، خلال السنوات الثلاث الماضية، إلى الإسراع في تجنيد وإرسال المقاتلين نحو ليبيا.

ويسلك هؤلاء، حسب الدراسة، الطرق الرئيسية التي يتخذها المهاجرون السريون نحو ليبيا، مستغلين الانفلات الأمني ونشاط عمليات التهريب في تأمين تنقلاتهم، خصوصا في الجانب التونسي والجزائري غربا، وتشاد والسودان جنوبا، ومصر في الشرق.

وينطلق المقاتلون القادمون من غرب أفريقيا من داكار السنغالية في اتجاه باماكو (مالي) ونيامي (عاصمة النيجر) وصولا إلى تمنراست في الصحراء الجزائرية، ثم ليبيا التي يدخلونها عبر الصحراء.

أما القادمون من منطقة القرن الأفريقي (شرق) فينطلقون من بلدانهم نحو الخرطوم بالسودان، ثم دولة التشاد والصحراء المصرية في اتجاه المدن الصحراوية الليبية.

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.