على جانب الطرقات في المناطق المقرّبة لحزب الله في لبنان، نشر الحزب مؤخرا إعلانات عن لعبة فيديو حربية جديدة باتت "الآن في الأسواق".
ملصق الإعلان يظهر صورة مقاتل يحمل بندقية واللعبة مطروحة تحت اسم "الدفاع المقدّس – حماية الوطن والمقدّسات".
اللعبة ليست الأولى بالنسبة للحزب الذي عمل سابقاً على إطلاق عدد من ألعاب الفيديو حملت أسماء على غرار "الصبح القريب"، و"العدو في المرمى".
وفي كتاب حول وسائل الإعلام في يومنا هذا للمؤلف "جوزيف تورو"، يتفحّص الكاتب أنظمة الإعلام والدعاية اليوم وشركات الإنتاج والقوى وراء هذه الأنظمة ويحث على ضرورة الوعي للتأثير السياسي والاستهلاكي.
في جزء من الكتاب، يتحدّث الكاتب عن دخول حزب الله في مجال الألعاب الإلكترونية وتحديدا أنواع الألعاب التي تعتمد على من يطلق النار أولا والتي هي من أنجح أنواع الألعاب في يومنا الحالي.
ويشير إلى أن الحزب أطلق لعبته "القوات الخاصة 2" تحديدا بعد حرب تموز، حين كانت الذاكرة الجماعية في لبنان لا تزال مسكونة بالدم والعنف.
الهدف من ذلك، بحسب الكاتب، التجنيد. فبهذه الطريقة، يمكن للحزب الذي خسر عددا من مقاتليه في الحرب تجنيد المزيد من الشباب اليافعين بدلا من القتلى الذين خسرهم في الحرب.
خطر التجسس..
التجنيد ليس الخطر الوحيد الذي يترافق مع هذه الألعاب، ولا حتى انعكاس العنف على اللاعب، إذ تضع هذه الألعاب المستخدم وجهازه. في بعض الأحيان تحمل ألعاب الفيديو غير الموثوقة بين طيات ملفاتها برامج تجسسية وأخرى قادرة على اختراق ملفات جهاز المستخدم، بل ونقلها إلى أجهزة أخرى لصالح المتجسس.
ومن جهته، يؤكد خبير البرمجيات الأردني حسن الحلبي وجود احتمالية كبيرة لوقوع الأضرار من استخدام هذه البرمجيات، سواء على الجهاز المشغل للعبة، أو على المستخدم نفسه فيما لو تمت سرقة معلوماته وبياناته الخاصة، أو مراقبته من خلال الأجهزة التي يستخدمها.
كما ينصح الحلبي بالابتعاد عن جميع البرامج والألعاب غير الموثوقة، والحرص على استخدام أخرى ذات مصادر معروفة وموثوقة ومتخصصة.
وعلى جانب آخر، يستخدم أنصار بعض الجماعات الإرهابية ألعاب الفيديو للتواصل فيما بينهم والتخطيط لاجتماعاتهم وعملياتهم على حد سواء. وليس من المستبعد أن يستخدم أنصار الحزب تلك الألعاب لتسهيل تواصله.
عناصر داعش قعلوا هذا سابقاً في التخطيط لتنفيذ بعض عملياتهم، كتفجير الطائرة الروسية التي أقلعت من شرم الشيخ في تشرين الأول/أكتوبر 2015، ولم تصل وجهتها.
مقام السيدة زينب
يبني حزب الله لعبته الجديدة على أساس الحرب ضد "التكفير" وضد داعش. ساحات المعارك ليست بعيدة عن الواقع، مدينة القصير السورية ومنطقة رأس بعلبك في الهرمل. ويظهر لمشاهد الفيديو الترويجي مقام السيدة زينب في سورية، تظهر عليه عبارة "السلام عليك يا زينب الكبرى". لاحقاً، يظهر مقام السيدة زينب في منظار أحد إرهابيي داعش كهدف سيتم قصفه، متبوعاً بصوت راوي الفيديو الذي يقول "إنها حكاية التصدي للعدوان التكفيري".
وإن كان تنظيم داعش هو "العدو" في اللعبة الجديدة، فإن داعش أيضا لجأ إلى ألعاب الفيديو كوسيلة للدعاية والتجنيد والترويج لنفسه و"للجهاد" و"الاستشهاد".
ويستخدم ألعاب الفيديو ملايين الأشخاص في العالم من أعمار مختلفة، لكن الفئة العمرية الأكثر استخداما هي التي تتراوح ما بين الثالثة عشر والخامسة عشر.
المؤثرات البصرية
وتؤكد دراسات عدة أن ألعاب الفيديو تترك أثراً في نفس وشخصية لاعبها، لا سيما إن كان مدمناً عليها. فألعاب الفيديو العنيفة، تساهم في رفع وتيرة العنف لدى نسبة من المراهقين الذين يصبون كل حواسهم تجاه تفاصيلها.
وتشير إلى أن التفكير والتأمل في العنف يبقي على المشاعر والأفكار العدوانية لدى الشخص، وتنشط نزعته نحوها.
بدوره، يؤكد المخرج خالد الدرباشي، المتخصص بالمؤثرات البصرية والجرافيكية أن المشاهد والتصاميم التي تقدمها اللعبة الأخيرة لحزب الله تعمل على ربط مصطلح "الدفاع المقدس" بالفصائل الشيعية وحدها، وإظهارها كما لو كانت القوة الوحيدة القادرة على تغيير قواعد الصراع الدائر في سورية.
كما يشير إلى أن استخدام شعار "حماية الوطن والمقدسات" يعمل على إثارة المشاعر الوطنية لدى الفرد، ما يسهّل تعبئته.
كما ينوه المخرج إلى أن التركيز على إظهار عبارات مثل "يا زينب" يعطي رسالة بأن القتال ليس تجاه التكفيريين فقط، بل جميع من سواهم. ويؤكد أن هذه اللعبة، وتصميماتها المقصودة، تشكل خطراً على الشباب والمراهقين.