مارك زوكربيرغ / مؤسس موقع فيسبوك
مارك زوكربيرغ / مؤسس موقع فيسبوك

الثلاثاء كان "أسوأ يوم" مر به عملاق التواصل الاجتماعي فيسبوك في سوق الأسهم منذ أربع سنوات.

الشركة التي تدير موقعا يشترك فيه نحو ملياري إنسان تخضع للتحقيق بعد الاشتباه في دور لها بتسهيل الوصول إلى بيانات الملايين من مشتركيها، بهدف التأثير عليهم سياسيا.

وهوت أسهم شركة فيسبوك قرابة سبعة في المئة يوم الاثنين لتنخفض قيمتها السوقية بنحو 40 مليار دولار فيما يشعر المستثمرون بالقلق من أن يؤدي تضرر سمعة أكبر شبكة للتواصل الاجتماعي في العالم إلى انصراف المستخدمين والمعلنين.

وسبب التراجع في قيمة الأسهم خسارة شخصية لمؤسس فيسبوك مارك زوكربيرغ بنحو تسعة مليارات دولار في يومين.

الشركة خضعت إلى تدقيق مكثف بعد أن نشرت جريدتا "نيويورك تايمز" و "ذي غارديان" معلومات عن تورط محتمل لشركة "كامبريدج أناليتيكا" البريطانية في استخدام بيانات فيسبوك، (بما في ذلك تفضيلات المستخدمين للصفحات أو المنشورات)، من أجل التخطيط لحملة انتخابية مصممة بشكل أكثر ارتباطا بالجمهور.

وتقول الغارديان إن شركة أناليتيكا قد يكون لها دور في تعزيز الحملة الإعلامية التي أدت إلى نجاح البريكست (استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي)، وفي فوز حملة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

 الحكومة البريطانية قالت إنها "قلقة للغاية من مزاعم استغلال شركة كمبردج أناليتيكا البريطانية لبيانات الملايين من مستخدمي فيسبوك، دون تصريح منهم، في حملات انتخابية".

وقال داميان كولينز رئيس لجنة البيانات الرقمية والإعلام والرياضة في البرلمان البريطاني إن "ألكسندر نيكس الرئيس التنفيذي لشركة كمبردج أناليتكيا ربما تعمد تضليل لجنته أثناء شهادته أمامها قبل نحو أسبوعين بشأن استخدام شركته لبيانات فيسبوك".

تقوم الفرضية على أن شركة أناليتيكا قامت بخلق "صور نفسية" عن ملايين مستخدمي فيسبوك الأميركيين، لمعرفة تفضيلاتهم وخلق معادلات تهدف إلى التنبؤ بالطريقة الأفضل للتأثير عليهم في انتخابات الرئاسة.

هذه الفكرة ليست جديدة، أثيرت دائما أسئلة عن الطريقة التي يحدد فيها فيسبوك الجمهور المستهدف للإعلانات (إذا بحثت عن معدات صيد أو أعجبت بصفحة لبيع السيارات فستظهر لك إعلانات معدات الصيد وصفحات بيع السيارات والتأمين دائما).

مجلس العموم ومفوضية الاتصالات في بريطانيا بدءا تحقيقات مع الشركة المتخصصة بتحليل المحتوى الموجود على مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى إصدار أمر للبحث عن خوادم الشركة البريطانية، والطلب من مؤسس موقع فيسبوك مارك زوكربيرغ الإدلاء بشهادته أمام البرلمان البريطاني.

وطالب مشرعون أميركيون وأوروبيون بتفسير لكيفية حصول المؤسسة الاستشارية على المعلومات في 2014 ولماذا تقاعست فيسبوك عن إبلاغ مستخدميها الأمر الذي أثار تساؤلات أكبر بشأن خصوصية المستهلك.

وفي واشنطن أرسل رئيس لجنة التجارة والعلوم والنقل بمجلس الشيوخ الأمريكي رسالة إلى مارك زوكربرغ الرئيس التنفيذي لفيسبوك طالبا معلومات وإفادة بشأن بيانات المستخدمين.

وجاء في الرسالة التي وجهت أيضا لنايجل أوكس الرئيس التنفيذي لشركة (إس.سي.إل) التابعة لكمبردج أناليتيكا ”احتمال أن فيسبوك لم تكن شفافة مع المستهلكين أو أنها عجزت عن التحقق من أن طرفا ثالثا من مطوري التطبيقات لم يكن شفافا مع المستهلكين هو أمر مقلق“.

من جهتها قالت المفوضية الاوروبية ان السلطات المكلفة بحماية المعطيات في دول الاتحاد الاوروبي "ستبحث هذا الموضوع في اجتماع الثلاثاء ببروكسل".

واعلن الاثنين ان النواب الاوروبيين "سيحققون بشكل كامل" في هذا "الانتهاك غير المقبول للحق في سرية المعطيات".

وتنفي الشركة البريطانية، وفيسبوك، مزاعم التدخل في الانتخابات أو تسريب تفضيلات المستخدمين بشكل غير قانوني.

لكن رويترز نقلت عن أحد مصادرها خبر مغادرة رئيس أمن المعلومات في فيسبوك أليكس ستاموس الشركة في آب/أغسطس المقبل بسبب خلافات داخلية تتعلق بالطريقة التي يجب أن تتعامل بها شبكة التواصل الاجتماعي مع دورها في نشر معلومات خاطئة.

وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن ستاموس كان متحمسا بقوة للتحقيق وكشف النشاط الروسي على فيسبوك ما تسبب في ذعر لكبار المديرين التنفيذيين بمن فيهم شيريل ساندبيرغ مديرة العمليات في الشركة.

وفي وقت سابق، تعرضت سمعة فيسبوك للهجوم بعد اتهامات بأن روسيا استخدمت أدوات موقع التواصل الاجتماعي الشهير للتأثير في الناخبين الأميركيين وذلك عن طريق نشر أخبار خلافية وزائفة قبل انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة عام 2016 وبعدها.

"ينبغي أن يتحمل شخص ما مسؤولية ذلك، آن الأوان لأن يتوقف مارك زوكربيرغ عن الاختباء وراء صفحته في فيسبوك"، يقول داميان كولينز رئيس لجنة البيانات الرقمية والإعلام والرياضة في البرلمان البريطاني.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

"الرغيف" بالفرنسية بترجمة فيفي أبو ديب
"الرغيف" بالفرنسية بترجمة فيفي أبو ديب

يحتفل العالم في 30 سبتمبر من كل عام باليوم الدولي للترجمة، الذي يراد به، بحسب تعريف الأمم المتحدة، "إتاحة الفرصة للإشادة بعمل المتخصصين في اللغة، الذين يلعبون دورًا مهمًا في التقريب بين الدول، وتسهيل الحوار والتفاهم والتعاون، والمساهمة في التنمية وتعزيز السلام والأمن العالميين". في هذه المناسبة التي تحتفي بالمترجمين الذين يمدّون جسوراً بين اللغات والثقافات، حاور "ارفع صوتك" الكاتبة والمترجمة اللبنانية فيفي أبو ديب التي تفخر بترجمتها لرواية "الرغيف" الشهيرة للأديب اللبناني توفيق يوسف عواد من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية.

ما الذي تعنيه الترجمة بالنسبة للمترجمين العرب؟

يزخر التاريخ العربي بالترجمات التي تركت أثرا مهماً وعابرا للغات سواء من العربية وإليها، أو إلى لغات أخرى لإتاحة المحتوى لأكبر شريحة ممكنة من الناس، وهكذا على سبيل المثال ترجم أرسطو في الأزمنة البعيدة، وعرفت الترجمة عصراً ذهبيا في العصر العباسي. ومن منا لا يعرف الجاحظ الذي ذهب إلى ما هو أبعد من الكلمة ليركز على ضرورة النظر في السياق الذي أتى منه النص الأصلي للوصول إلى انسيابية كاملة في النص.

بناء على تاريخ عريق، تجد الترجمة جذورها في السعي لاستقاء المعرفة من مصادر متنوعة والتعرف أكثر إلى الآخر، فاللغة هي مرآة أيضا للتقاليد والتطلعات. وبالنسبة لنا كمترجمات ومترجمين عرب، الترجمة أبعد من أن تختصر بوظيفة، وإنما هي رسالة، لنحمل الإنتاج من العربية أيضا إلى العالم، وهذا ما شعرت به وأنا أحمل رسالة بوزن "الرغيف" (2015) و"طواحين بيروت" (2012) وبإمضاء عواد العريق من جملة كتب ومنشورات أخرى بصيغ مختلفة.

كيف تتم عملية الترجمة وأين هو المترجم في العمل؟

يبدأ الأمر بالتعرف إلى المادة وهذا لا يعني حكماً أن المترجم يختار مواده. أحيانا، يختارها عملاؤنا وبغض النظر عن الرابط الذي ينشأ بين المترجم أو المادة، تبقى القاعدة نقل الرسالة بدقة وبالأسلوب الذي يتواءم معها. العملية تتم على مراحل عدة أهمها اكتشاف النص وقراءته بتمحّص مراراً وتكراراً والبحث بعمق عن السياق الزمني والمكاني الذي نشأ فيه، والتأكد من الأسماء والمفردات التقنية. هذا يعني الغوص في بحث حول الموضوع المتناول، قبل البدء بالعمل مع كل كلمة وسطر ومقطع وصفحة ثم قراءة ثانية وثالثة للتأكد من الإنسيابية في النص ومن الإتساق على مستوى الأفكار.. وقراءة أخيرة للتأكد من أن كل شيء يبدو جيداً.. أحيانا، نتوقف عند تفصيل صغير لأنه يغير شيئا ما بالنبرة.

خلال عملية الترجمة، يتوخى المترجم الإختفاء تماماً خلف هوية الكاتب، لكن ذلك ليس سهلاً على الدوام. ومع ذلك تبقى الأولوية للوفاء للكاتب ولرسالته بغض النظر عن نوع المادة. لا شك بأن المترجم له بصمته وهذا ما يتّضح جلياص من خلال الأعمال المترجمة على يد أكثر من شخص. لا تتشابه أي ترجمة مع الثانية لأن لكل إنسان بالمطلق بصمته وثقافته ومعرفته بالمواد وهي تختلف بدرجات.

ما الأثر الذي تركته ترجمة "الرغيف" للقارىء الأجنبي في نفسك؟

تسلط رواية "الرغيف" الضوء على فترة وضعت لفترة طويلة في الظل من عمر لبنان وهي فترة المجاعة(1915-1918)، بكل البشاعة والفضائح التي تحملها. بلغة سلسة أصفها "بالسهل الممتنع". يعرف قلة من الناس أن عواد كان على بعد ملايين الكيلومترات من البلاد وكان سفيراً في اليابان حين كتب الرواية وهذا يعني أنه استطاع رؤية الصورة بشكل أكثر شمولا وبأن الحنين للوطن لا بد وأنه كان يعتريه. أما عن الأثر في نفسي، فقد كان كبيراً للغاية. أذكر أني عشت فترة آمنت فيها بأن عواد يسكن جسدي وبات أسلوبي شبيهاً بأسلوبه للغاية. حين نترجم وعلى الرغم من كل محاولتنا "تحصين" أنفسنا بعض الشيء من المضمون، قد نصبح أحيانا مهووسين بكتاب أو بكاتب أو بحبكة.

حين ترجمت "الرغيف"، كنت على يقين بأنني أدين لبلدي أيضاً بنقل الحقيقة بلغة متاحة للقارئ الأجنبي. هذا جزء من المسؤولية الإجتماعية خصوصا وأن غض النظر عن الكتابات الإنسانية يعني التعتيم عليها وبالتالي المساهمة بشكل غير مباشر بإطالة الظلم. الترجمة تعني أيضا رفع الصوت ودعوة جمهور أكبر للإنضمام إلى القضية وهذا ما ينطبق على بعض الكتب ذات الأبعاد الفلسفية والإجتماعية.  

هل تنتهي مهمة المترجم مع تسليم العمل وهل يهدد الذكاء الإصطناعي وجوده؟

على العكس تماماً، في عالم الترجمة لا نتوقف عن اكتساب النضج ولذلك قد يعود البعض لترجماتهم فيغيرون فيها الكثير. تتأثر الترجمة بعوامل ذاتية وخارجية متنوعة أهمها الخبرة المكتسبة والتي نتعلم معها أن نصحح لأنفسنا. هذا لا يعني بأن الترجمة تكون خاطئة لكنه يمنح المساحة لبدائل أجمل. أما بالنسبة للذكاء الإصطناعي، فلا شك بأنه يساعد في تسريع وتيرة الأمور لكني لا أعتقد أنه قادر حتى الساعة على استبدال المترجم بكل ذكائه وإحساسه البشري وتقديره لما خفي بين السطور. لذلك، من الضروري للغاية أن يطور المترجم نفسه ويتقن استثمار أدوات الذكاء الإصطناعي الجديدة لتسهيل مهمته وإثرائها، عوضاً عن أن يفوته ركب التكنولوجيا. لغة التكنولوجيا هي لغة العصر ولا بد من أن تدخل في قائمة اللغات التي يتقنها المترجم الحريص على إدامة وجوده.

هل يحدث أن تتفوق الترجمة على النص الأصلي؟

لم لا؟ طالما أن ذلك يصبّ في مصلحة الكاتب ويروج لأفكاره في قالب أجمل. أحيانا قد يقع المترجم في عشق المادة فيزيد من نفسه ومن سعيه لإبرازها بكل تفاصيلها بأفضل طريقة. وأحياناً أيضا قد ننسى أن من يبحث عن الترجمة قد لا يفقه لغة المصدر، وبالتالي يحمل المترجمون ما يراد قوله إلى جمهور يتوق لقراءته وههنا ندين بالشكر للكتاب وللمترجمين وللقراء!