تستعد أجهزة مكافحة الإرهاب الأوروبية لعملية الإفراج قريبا عن مئات المحكومين في قضايا إرهاب، بعد أن أنهوا محكومياتهم.
لكن السجناء السابقين سيطرحون مشكلة مراقبة إضافية.
وسيضاف "الخارجون" من السجن في الأشهر والسنوات المقبلة إلى قائمة الأفراد الخطيرين "العائدين" من "الجهاد" في سورية والعراق أو الخلايا النائمة أو المتشددين.
ويخشى المحققون الأوروبيون أن ينفذ هؤلاء الخارجون من السجون عملا إرهابيا في أي لحظة.
يقول مسؤول فرنسي في جهاز مكافحة الإرهاب لوكالة الصحافة الفرنسية "نتوقع أن تخرج من السجن أول دفعة من المحكومين في قضايا إرهاب الربيع المقبل".
ويضيف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه "يطرحون تهديدا محتملا ومقلقا نأخذه على محمل الجد".
"السجون أكاديميات للإرهاب"
ويرى الخبير في شؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي أن دور الإصلاحيات، سواء في دول الشرق الأوسط أو أوروبا، لم يعد يؤدي إلى الواقع الذي أسست من أجله.
ويقول في حديث لموقع (ارفع صوتك) إن السجون أصبحت "بعيدة كل البعد عن الإصلاح بل أصبحت أكاديميات ترسخ لدى الجماعات الإرهابية تلك الأفكار والعقائد"، مضيفا أنها فرصة لـ"ترسيخ التجارب وتبادل الخبرات واجراء حوارات تشجعهم وتحفزهم على المضي قدما".
ويقدر عدد العناصر المزمع مغادرتهم للسجون في فرنسا بـ500 محكوم بعقوبات قاسية، وسيفرج عنهم بحلول العام 2020.
يضاف إليهم 1500 من سجناء الحق العام، يشتبه في أنهم أصبحوا متشددين بمستويات مختلفة من خلال تواصلهم مع الدفعة الأولى في السجن.
ويعلق الهاشمي "يكفي ثلاثة منهم أن يصنعوا تنظيما متكاملا ويهددوا معظم قارة أوروبا فكيف بألفي شخص".
ويضيف أن معظم من يخرج من تلك السجون، وإن كان قد اعترف بضلوعه في الإرهاب، يعود إلى ممارسة الاعمال الإرهابية بل و"يصبح قياديا لأنه أصبح محل تزكية لدى الجماعات".
ويوضح الهاشمي "السجن بتهمة الإرهاب أصبحت درجة رفعة لدى هؤلاء العناصر".
حديث الهاشمي يشابه ما جاء على لسان المسؤول في جهاز مكافحة الإرهاب الفرنسي، إذ يقول الأخير "غالبا ما يقال إن السجن مدرسة الجريمة، وهي أيضا مدرسة الجهاد، إنه المكان الذي يتشدد فيه الأفراد حيث سيتعلمون أشياء من قبل مسجونين سابقين".
من المسؤول؟
خطر هؤلاء المسجونين يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية الحذر في التعامل مع هذا الملف، حتى وان كان بعضهم قد طوى صفحة الإرهاب.
يقول المسؤول الفرنسي "الحل الوحيد هو أن نبدأ فورا بالعمل على الشبكات. من يلتقي بمن؟ من يتصل بمن؟ من يتحدث عن هذا الأمر أو ذاك؟ من يتلقى هذه الرسالة النصية القصيرة؟ لنكون فكرة عن اتصالاتهم (...)".
ويشدد الخبير الهاشمي على أن الخطر لا يقتصر على دول أوروبا، بل للعراق وبعض الدول العربية نصيب كبير في هذا الخطر.
وهذا ما يتطلب برأيه "حراكا حكوميا عراقيا استباقيا، لضمان عدم خسارة منجزات التحرير التي حققها العراق".
هل العراق مستعد؟
وفي هذا السياق، يتساءل المتحدث باسم جهاز مكافحة الإرهاب صباح النعمان "المشكلة الآن هي كيف ستتعامل تلك الدول (الأوروبية) مع الحالة؟".
يقول النعمان في حديث لموقع (ارفع صوتك) إن العراق قدم "خدمة كبيرة للعالم عندما خلصه من التنظيم الإرهابي"، فيما تظل مسؤولية "البقايا المتفرقة للعناصر الإرهابية مسؤولية المجتمع الدولي".
ويرى المتحدث باسم جهاز مكافحة الإرهاب أن علاج تلك البقايا يتم من خلال:
- إعادة النظر في القوانين التي تسمح بحرية التعبير، لكي تمنع نشر الفكر التكفيري والترويج للعمل الجهادي.
- إقامة منظومة مراقبة للشباب الذين يقومون بعمليات نشر الفكر التكفيري أو الإرهابي.
- التنسيق مع جهاز مكافحة الإرهاب العراقي الذي يمتلك قاعدة معلومات استخبارية وبيانات كبيرة جدا، لأسماء الإرهابيين، ليس فقط العراقيين بل حتى الأجانب.
ويؤكد النعام "تتضمن قاعدة البيانات النشاطات التي يمارسها العناصر في الدول الأخرى بما فيها الأوربية".
ويلفت إلى استعداد رئيس جهاز مكافحة الإرهاب العراقي لعقد "مذكرات تفاهم مع الأجهزة الدولية فيما يخص التعاون والتنسيق وتبادل المعلومات".
ويخلص النعمان إلى أنه على الحكومة العراقية استثمار تحركها الدبلوماسي وانفتاحها على المحفل الدولي في "عمل مذكرات وتفاهمات مع الدول للوصول إلى حلول تحد من تحرك ونشاط الجماعات الإرهابية".
بدوره، يقول المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد محجوب "على حد معلوماتنا لن نسمح لأي شخص أدين بالإرهاب سابقا بالدخول إلى العراق".
ويوضح في حديث لموقع (ارفع صوتك) "هذا ما تسمح به الصلاحيات والسياقات القانونية الدولية".